أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - بعد أن مسكت أمريكا بملف الصحراء واشنطن بدأت تخطط لإعدام البوليساريو















المزيد.....

بعد أن مسكت أمريكا بملف الصحراء واشنطن بدأت تخطط لإعدام البوليساريو


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1980 - 2007 / 7 / 18 - 11:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


انطلقت المفاوضات بين طرفي النزاع في قضية الصحراء، وعليها أن تتوصل إلى حل يفضي إلى طي ملف القضية نهائيا، وأي نتائج سلبية لن تكون فشلا لطرفي النزاع فحسب، بل فشلا للمجتمع الدولي، وهو الشيء الذي لم ولن تسمح به الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، إذن لا يمكن للمفاوضات أن تخفق مهما كان الأمر، وهنا بالضبط تكمن عقدة هذه المفاوضات الجوهرية، فلا خيار إلا التوصل لحل يطوي الملف نهائيا وبدون رجعة.

الأميرة سلمى تدشن مرحلة التطبيع المغربي – الجزائري

إن حضور الأميرة سلمى في احتفال رسمي جزائري على التراب المغربي في الظرف الحالي يتجاوز مجرد اللياقة والعرف الدبلوماسيين، وإنما هو مدخل لإعادة النظر في جملة من الأمور البينية التي تهم البلدين وساهمت في تسميم العلاقات بينهما على امتداد عقود، وذلك باعتماد المسلك الاقتصادي ما دامت المجالات السياسية والدبلوماسية والعسكرية قد ظلت موسومة بتراكمات من الصعب تناولها مباشرة في الظرفية الحالية. وقد يحقق التقارب والتلاقح الاقتصادي والثقافي ما لم تقو كل من السياسة والدبلوماسية على إنجازه.
يرى المحللون في هذه الخطوة فرصة ثمينة لطي ملف التناحر بين الجارتين، لاسيما وأن واشنطن عازمة على طي ملف الصحراء قبل نهاية سنة 2008 كيف ما كان مآل المفاوضات بين المغرب والبوليساريو.
وللحقيقة والتاريخ، لم تكن معالم التقارب ممكنة لولا مجهودات السفارة الجزائرية بالمغرب والسفارة المغربية بالجزائر، علما أن الملك محمد السادس كلف سفيره في الجزائر بالاهتمام الخاص بالبحث عن السبل الكفيلة لإنهاء تشنج العلاقات بين البلدين وهذا بالضبط ما كلف به أيضا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سفير بلاده بالرباط.
إن حضور عقيلة الملك محمد السادس وشقيقته حفل عشاء رسمي منظم من طرف السفير الجزائري بالرباط، وبمعية وجوه وزارية وازنة لها دورها في مفاوضات الصحراء يوحي باقتراب تحول بخصوص تموقع الجزائر فيما يتعلق بقضية راهن عليها كثيرا، مرحليا واستراتيجيا، الحكام الجزائريون، رغبة في استغلالها كورقة في تنافسهم، الانتحاري أحيانا، مع المغرب على مختلف المستويات، سياسيا وإيديولوجيا واقتصاديا، وبحثا عن الريادة في المنطقة، وهو تنافس ضيع الفرص على البلدين الجارين معا بخصوص الاهتمام بالمعضلات الداخلية التي ظلت تستفحل إلى أن آلت إلى ما هو عليه الأوضاع في البدلين الآن، أزمة سياسية مستدامة بالجزائر وأزمة اقتصادية اجتماعية مستدامة بالمغرب.
رغم أن المناسبة ثقافية – تجارية، إلا أن عمقها أوسع من ذلك، لأنها في واقع الأمر مدخل لبداية مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين المغرب والجزائر، لاسيما وأن المغرب العربي الذي تعول عليه كل من أوروبا والولايات المتحدة لن يستقيم دون علاقة "صحية" بين هذين البلدين المهمين في المنطقة.
إن ثقل الوفد الذي رافق الأميرتين، عقيلة الملك وشقيقته، يعتبر بمثابة رسالة سياسية تنبئ بتغييرات بخصوص تطبيع العلاقات بين الجارتين، وهو أمر ينظر إليه جنرالات الجزائر بنوع من الاستياء والكثير من القلق حسب مصدر قريب من سفارة المغرب بالجزائر، علما أن مرافقي الأميرتين هم من ذوي الرأي المسموع في صناعة القرار، وهم الوزير الأول إدريس جطو، ومستشاري الملك، أندري أزولاي وزليخة نصري، والوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري والمستشار الملكي السابق محمد القباج والي الدار البيضاء الكبرى.
وقد أجمع المحللون على اقتراب وشيك لانفراج العلاقات بين المغرب والجزائر.

أين تكمن صعوبة المفاوضات؟

إن صعوبة المفاوضات لا تكمن بالأساس في قابلية الحلول المقترحة للتطبيق أو عدم قابليتها، وإنما تكمن في كون البوليساريو، مع الأسف الشديد، لا تمتلك سلطة القرار والتقرير في قضية تهم الصحراويين، وإنما مازال من المفروض عليها الخضوع لما يريده جنرالات الجزائر.
مهما قيل بخصوص صعوبات المفاوضات، سواء في جولتها الأولى أو بخصوص جولتها الثانية المنتظرة في منتصف الصيف، فإن السكة التي ستؤدي إلى المآل، مرسومة مسبقا، لا يمكن الانحراف عنها قيد أنملة، ومآلها الأكيد، مهما كانت الظروف، هو: نهاية البوليساريو واعتماد مقترح البيت الأبيض إذا اتفق الطرفان أن لا يتفقا.

حرب التصريحات

بعد نهاية الجولة الأولى من المفاوضات انطلقت مباشرة حرب التصريحات.
إن تصريحات قادة البوليساريو لا تخرج عن نطاق مفهوم المشروعية الدولية ومبدأ حق تقرير المصير ورفض الاحتلال وإعطاء الكلمة "للشعب الصحراوي" للاختيار، في حين تركز تصريحات المسؤولين المغاربة على فحوى مقترح الحكم الذاتي كأنجع سبيل وأضمن مخرج لطي ملف الصحراء نهائيا، وذلك باعتباره عرضا شاملا غير قابل للانتقاء، وهو الإطار الوحيد الممكن للمفاوضات ونقطة الوصول الحتمية لمسلسل تلك المفاوضات.
لم يكشف الطرفان، المغربي وقادة البوليساريو، على أي معطى بخصوص التحضيرات للجولة الثانية. هذا في وقت يعطي فيه مجلس الأمن الأسبقية للمقترح المغربي مع محاولة توليفه جزئيا بموقف البوليساريو، إذ وصف المبادرة المغربية بالمنطقة بالجدية القابلة للإغناء في إطار التفاوض التوافقي، علما أنها تنص على طرح الحكم الذاتي على السكان المعنيين خلال استشارة استفتائية حرة وفقا للشرعية الدولية ومبدأ الحق في تقرير المصير، كسبيل للم شمل كل الصحراويين وإنهاء المأساة الإنسانية التي دامت أكثر من ثلاثة عقود.

وأخيرا اهتمت واشنطن بملف الصحراء

إن المتتبع لموقف البيت الأبيض من قضية الصحراء، يلاحظ أنه كان يعتمد في البداية عدم الاهتمام واللامبالاة بالأمر، إلا أنه مع اعتبار "التصدي للإرهاب" من الأوليات، اتجه اهتمام العم سام بالمنطقة، إلى أن وصل به الأمر إلى الإقرار بضرورة فض ملف الصحراء قبل حلول نهاية سنة 2008 مهما كان مآل المفاوضات.
على العموم لم تعترف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء سنة 1991، واستثنت المياه الإقليمية الصحراوية من إطار اتفاق الصيد البحري في المناطق الحرة، كما أنها لم تعترف بالجمهورية الصحراوية، والآن تقترح حلا للقضية انطلاقا من المقترح المغربي.
أكد أكثر من مصدر أمريكي وازن أن واشنطن عازمة على طي ملف الصحراء قبل حلول 2008 مهما كانت الظروف، ولو تطلب ذلك تدخلا مباشرا من طرفها وفرض حلا على جميع الأطراف المعنية.
وحسب آخر التطورات، إذا لم تنجح المفاوضات بين الطرفين كما هو منتظر من طرف البيت الأبيض، من المحتمل جدا أن تفرض الولايات المتحدة حلها الرامي إلى حكم ذاتي فيدرالي شبيه بالنمط الأمريكي مع صلاحيات تفوق الحد الذي رسمه مقترح الحكم الذاتي بالتصور المغربي، لكن دون أن يتجاوز حدود السيادة؛ وكل المؤشرات البارزة إلى حد الآن تفيد أن هذا هو الحل الذي سيفرض في نهاية المطاف على الطرفين حتى لا يبدو أحد الأطراف قد انتصر على الطرف الآخر، علما أن حل الاستفتاء أمر غير ممكن اعتبارا للصعوبات الجمة المرتبطة بتطبيقه بعد تراكم مشاكل 32 سنة من عمر إشكالية الصحراء، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لا أحد الآن، سواء على الصعيد الإقليمي أو القاري أو الدولي، يقبل إحداث دويلة ضعيفة بالمنطقة تكون بؤرة للإرهاب أو لقمة سائغة له، ومن جهة ثالثة، وهذا أمر إيجابي بالنظر إلى تموقع المغرب، تبين بجلاء حاليا بأن الجزائر طرف معني حتى النخاع في قضية الصحراء، لاسيما الحكام العسكريين (الجنرالات) الذين لازالوا يكنون حقدا عميقا للمغرب. وهناك أكثر من حادثة تبين حقد الجنرالات الجزائريين الدفين على المغرب، ولعل أبرز المواقف التي كشفت هذا الحقد موقفهم بمناسبة حادثة جزيرة ليلى، باعتبار أن الهدف الذي ظل يحركهم هو إضعاف المغرب ولو دعا ذلك إلى التحالف مع الشيطان، ومن جهة أخرى، وهذا ما أحرج الحكام العسكريين الجزائريين، أن الاقتراح الذي تقدم به المغرب، شكل أول اقتراح واقعي برغماتي قابل للتطبيق حالا، وجاء المقترح الأمريكي لتقوية الاقتراح المغربي، في حين أضعف، إلى حد اللفظ، مقترح البوليساريو والموقف الجزائري المتستر.
لقد حكم بوش بالإعدام على جبهة البوليساريو، إن هي لم تعدم نفسها بنفسها بالاتفاق على حل نهائي لقضية الصحراء، بعيدا عن الإقرار بالجمهورية الصحراوية قبل متم سنة 2008 على أبعد تقدير، فإن الولايات المتحدة ستتكلف بذلك لأن العم سام أضحى يرى أن استمرار نزاع الصحراء يعرقل حربه "المقدسة" على الإرهاب، وهذا أمر لن يتساهل بصدده مهما كانت نتائج المفاوضات، أحب من أحب وكره من كره ومهما كان موقعه أو ثقله في المنطقة أو في العالم. إذن منطوق الحكم الأمريكي قد صدر، وبذلك يكون معطى أساسيا في التأثير على مآل بقية المفاوضات بين المغرب والبوليساريو، أي عدم الخروج على الهامش الذي حدده مسبقا البيت الأبيض والبانتاغون، هذا ما يجب فهمه الآن.
إن واشنطن تسعى إلى طي ملف الصحراء نهائيا وبسرعة للمزيد من تفعيل التعاون بين دول شمال إفريقيا لمساعدتها في محاربة الإرهاب في المناطق الحدودية المتاخمة للصحراء، ذلك أحد المحددات الأساسية للموقف الأمريكي في الظرف الراهن.
بالرغم من كل شيء تظل إشكالية الطاقة، لاسيما البترول، كامنة وراء التغيير الذي حدث على موقف واشنطن بخصوص قضية الصحراء، وذلك باعتبار أن الولايات المتحدة تسعى إلى التحكم في مصادر البترول بإفريقيا، ولن يتأتى لها ذلك إلا بضمان الاستقرار بمنطقة شمال إفريقيا، وهذا بدوره يستوجب طي ملف الصحراء نهائيا وفي أسرع وقت، لهذا أضحى الأمر مستعجلا في نظر واشنطن، فإما التوصل إلى حل نهائي متوافق عليه، وإما أن الولايات المتحدة ستتولى الأمر بنفسها حسب ما تراه.

ماذا عن البوليساريو؟


مازال موقف البوليساريو رهينا بتحكم جنرالات الجزائر في استمرار وجودها، لذا فإن المواقف المعلن عنها بخصوص الرأي المنطلق منه في المفاوضات، مازال فضفاضا ومتأثرا بمنظور الجنرالات، حيث تحوم حوله تخريجات تبدو صحيحة في شكلها لكنها غير قابلة التطبيق على أرض الواقع بفعل التطورات.
فلا زالت مواقف محمد عبد العزيز، المعلن عنها إلى حد الآن، تسبح بعيدا عن الواقع وتتجول في عالم "جمهورية أفلاطون" ولا تخرج على القول بأن "الجبهة مستعدة للموافقة على أي خيار للشعب الصحراوي، بما في ذلك المقترح المغربي في إطار استفتاء حر وديمقراطي تحت إشراف الأمم المتحدة".
وبجانب هذا الموقف، هناك موقف التهديد بالعودة إلى الكفاح المسلح والذي لم يعد يعيره أحد أي اهتمام باعتباره مجرد كلام ليس إلا في الظرف الحالي. وعندما يشتد الخناق على قادة الجبهة يصبح الموقف هو: "الصحراويون ليست لديهم عقدة من الحكم الذاتي شريطة أن يكون ذلك خاضعا لاستفتاء شعبي".
يرى أغلب المحللين أن موقف قادة البوليساريو لم يتغير حتى الآن، ولم يظهر أدنى مؤشر على استغلال المفاوضات كفرصة سانحة لوجود مخرج، رغم أنهم أصبحوا في وضعية يصعب معها سلك زمام الأمور في مخيمات الحمادة، إذ لم يعد أمامهم إلا التفكير بجدية في تنازلات تضمن دم وجوههم وإلا سيكونوا قد فرطوا في موعد مع التاريخ لن يصادفوه ثانية بعد الآن.
كما يؤكد هؤلاء المحللين أن بشارات التقارب بين المغرب والجزائر من جهة، ووضوح الموقف الأمريكي بخصوص قضية الصحراء، بطريقة لم يسبق لها مثيل، تفيد أن وجود جبهة البوليساريو دخل مرحلة العد العكسي وأن أيامها أضحت معدودة لن تتجاوز سنة ونصف على أبعد تقدير، حيث أضحى من شبه المؤكد أنه لن نسمع بالحديث عن البوليساريو مع حلول نهاية 2008 على أبعد تقدير.
منذ 1975 لم تتمكن جبهة البوليساريو من اقتراح أي حل "واقعي"، قابل للتطبيق حالا، على سكان مخيمات الحمادة، وهذا ما جعل شعبيتها بينهم تتضاءل بفعل استفحال مشاكل الحياة اليومية وصراعات المصالح بين قادتها تحسبا لكل طارئ مفاجئ، وقد تزامن هذا الوضع مع سيرورة سحب اعتراف جملة من الدول للجمهورية الصحراوية؛ في هذا الوقت بالذات هددت البوليساريو بالعودة إلى تفعيل السلاح بالمنطقة، وهو موقف لا يتلاءم بالمرة مع التطورات التي انساقت فيها المنطقة، الشيء الذي يجعل قادة البوليساريو مطوقين من كل جانب، لا خيار أمامهم إلا محاولة تفعيل سيرورة التوصل إلى حل توافقي.
تعيش جبهة البوليساريو حاليا أضعف فترات وجودها بفعل زواجها الكاثوليكي مع جنرالات الجزائر المسكونين بهاجس تكبيل المغرب بالمشاكل حتى لا يتفرغ لتنميته الداخلية، ولولا بعض المساعدات الأمريكية لما تمكن سكان مخيمات الحمادة من الحصول على لقمة عيش يسدون بها رمقهم، فمن المعلوم أن وزارة اللاجئين والهجرة الأمريكية قدمت مؤخرا مساعدة بلغت 4.7 مليون دولار (ما يناهز 48 مليون درهما) في إطار برنامج الغذاء العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة المخصص لإفريقيا.

لكن، ماذا عن الجزائر؟

رغم عدم مساهمتها في المفاوضات كطرف، إلا أن الجزائر ظلت دائما معنية بقضية الصحراء، وأضحت على يقين الآن بأن المغرب لن يتخلى عن الصحراء مهما كان الأمر. وبالرغم من أنها قطعت أشواطا في مجال إعادة تسليح جيشها، لا يمكنها بأي وجه من الوجوه الدخول في حرب مع المغرب، لأن واشنطن بكل بساطة لن تسمح بذلك، وتلك من أسباب اهتمام العم سام بالصحراء حاليا أكثر من أي وقت مضى، علاوة طبعا، على حضور إفريقيا ضمن الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بالطاقة، لأنه بحلول سنة 2020 ستجلب 25 في المائة من حاجياتها للبترول من إفريقيا، هذا دون نسيان ضرورة ضمان أمن نقل المواد الأولية، وفي هذا المضمار يفضل البيت الأبيض التعامل مع المغرب العربي، وليس مع كل بلد مغاربي على حدة.

.. وما موقع جنرالات الجزائر؟

إن الهاجس الذي ظل يسكن جنرالات الجيش ليس هو قضية الصحراء و"شعبها" ومبدأ تقرير المصير كما يحاولون إظهار ذلك، ولكن ما يهمهم هو عدم تمكين المغرب من الاستقرار للتفرغ للتنمية الداخلية، باعتبار أن سيادة الاستقرار بالمنطقة وانطلاق سيرورة التنمية بدون عرقلة آلياتها سيجعل المغرب يتموقع بقوة في المنطقة وهذا أمر لا يقبلون به إطلاقا، علاوة على أن سيادة الاستقرار السياسي والاقتصادي للمنطقة سيهدد مواقعهم في السلطة بالجزائر، وهو ما يرهبهم أكثر من أي شيء آخر، لذا سيظلوا متشبثين بورقة البوليساريو "كقشة" تطفو على الماء، إلى آخر رمق، لإنقاذهم من طوفان سيادة الاستقرار بالمنطقة الذي يخشون انعكاساته على مواقعهم فوق خريطة السلطة بالجزائر، لذا سبق لأحد المحللين السياسيين أن صرح قائلا، إنه لن يستقيم الأمر بالمنطقة إلا بتنحية العسكريين من سدة الحكم بالجزائر، باعتبار أن مصلحتهم الآنية والبعيدة، تستوجب بالضرورة عدم الاستقرار بالمنطقة، وكلما شعروا بتفعيل الاتجاه نحو ترسيخ دعائم الاستقرار عملوا على افتعال مشاكل لإبطال هذا المنحى، وهذا مسار أضحى يضرب بقوة، في الصميم، حتى المصالح الضيقة لقادة البوليساريو المتحركين تحت رحمة جنرالات الجزائر.
هؤلاء الجنرالات يعلمون، علم اليقين، أن الاستقرار والسلم بشمال إفريقيا مرهونان بإنهاء عاجل لمشكلة الصحراء، وهنا مكمن خوفهم، ولا خيار أمامهم إلا العمل، بكل ما أتوا من قوة ومكر، لكي يستمر الوضع على ما هو عليه، إذا لم يتمكنوا من تصعيد وتيرة التوتر من خلال إجبار قادة البوليساريو على التمسك بخيار الاستقلال كاستراتيجية غير قابلة للنقاش حتى آخر رمق، رغم أنه بمثابة انتحار أكيد، بجميع المقاييس، ولا يخدم مصالحهم، لذلك تظل لازمة محمد عبد العزيز هي: "إذا تعذر الخيار السلمي سنستعمل حقنا المشروع والمتمثل في الكفاح المسلح، ولنا تجربة في هذا المجال"، علما أن هذا الكلام في مثل هذه الظروف السائدة عالميا وإقليميا، مجرد هراء، ولن تتمكن البوليساريو من إطلاق ولو رصاصة واحدة، لأن الرياح تهب في اتجاه ليس في صالح الجنرالات الجزائريين.
إن ما يخيف هؤلاء أيضا، الإقرار بأن الجزائر طرف في قضية الصحراء، لذا ظل قادة جبهة البوليساريو يسلكون طريق محاولة إظهار أن المغرب "يدعي" تورط الجزائر في هذا الملف، وقد كلفهم الجنرالات بالعزف على وتر إبعاد الجزائر كطرف فاعل في الملف، على اعتبار أن الإقرار بذلك سيكشف موقفهم الحقيقي من الصراع الإقليمي والجهوي والأهداف الحقيقية التي تحركهم لاستدامة وضع "لا استقرار" بالمنطقة.
فكل المؤشرات تفيد أن العم سام قرر حل قضية الصحراء وطي ملفها نهائيا قبل نهاية 2008 على أكبر تقدير. وتدعم كل من إسبانيا وفرنسا الموقف الأمريكي، وهو حل يستوجب نهاية جبهة البوليساريو في إطار حكم ذاتي واسع النطاق.

مطرودون من الجزائر بدأوا يتحركون..

في خضم إجراء المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو طالبت جمعية المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975 تعويضات من الحكومة الجزائرية على الأضرار التي لحقتهم جراء الطرد التعسفي المناهض لكل الأعراف الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.
من المعلوم أن الجزائر طردت سنة 1975 ما يناهز 45 ألف مغربي من التراب الجزائري بعد إعلان الملك الراحل الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء التي أربكت حسابات كل الأطراف المعنية بالصحراء، وتمت عملية الطرد يوم 8 دجنبر 1975 الذي صادف عيد الأضحى وحجز أملاكهم وأموالهم وتفريق العائلات.

على سبيل الختم
استنادا إلى كل ما ذكر أعلاه، يتبين أن ملف الصحراء يجب أن يطوى نهائيا وبسرعة، ما دام اتحاد المغرب العربي والجامعة العربية والأمم المتحدة قد فشلوا في طيه، فإن واشنطن عازمة لا محالة على طيه بجميع الوسائل الممكنة قبل نهاية 2008.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتمنى أن يتعامل القضاء مع دعوتنا بشكل نزيه
- المحنة التي تمر بها أمتنا هي التي صنعت ظاهرة الظواهري وابن ل ...
- ضرورة محاكمة الجنرال حميدو العنيكري لأنه ورط الملك
- السمة المميزة للسياسة الأمنية المغربية هي الخروج عن القانون
- الإفلات من العقاب هو الذي سمح بظهور جلادين جدد
- النظام السياسي المغربي لم يغير من طبيعته الاستبدادية
- العنيكري أعاد السجل الحقوقي المغربي إلى درجة الصفر
- برافو للحكومة ..-الزلاط-.. الشوكة اخترقت العظم.. والحصيلة إي ...
- في حصيلة الحكومة
- ترويج -إغناء الفقير دون تفقير الغني-وتكريس -إغناء الغني عبر ...
- فضائح الماجيدي حارس أموال الملك
- الماجيدي تجاوز الحدود وأساء لسمعة البلاد
- الماجيدي حلقة من حلقات نهب الملك العمومي
- ترامي الماجيدي على أملاك الشعب استمرار لسلطة -المافيا- المخز ...
- هكذا ننتج المعارضين الجذريين عندنا
- -أفريكوم- وسيلة لمحاربة -الإرهاب- وتأمين الموارد النفطية لأم ...
- البصري يسلم أسراره لابنه لحمايته
- حوار مع الباحث محمد الحنفي
- هل القاعدة أضحت تهدد الملك محمد السادس؟
- دركي مغربي يعلن اكتشاف أكبر حقل للبترول في العالم بالمغرب


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - بعد أن مسكت أمريكا بملف الصحراء واشنطن بدأت تخطط لإعدام البوليساريو