يوم لأرض بفلسطين وتوفيق زياد


سعيد مضيه
الحوار المتمدن - العدد: 7942 - 2024 / 4 / 9 - 11:31
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

ترجمة سعيد مضيه
يستعرض المؤرخ الهندي فيجاي براشاد إبداعات ثقافية لمبدعين من فلسطين يقدمها برهانا " الفلسطينيون باقون ..يقول التاريخ". يبدأ بلوحة طرزها نبيل عناني وينتهي بقصيدة توفيق زياد "هنا باقون على صدوركم كالجدار" . براشاد ملمً بالتاريخ الوطني والثقافي الفلسطينيين، فهو مؤرخ اممي منحاز لتحرر الشعوب، مطلع على المحن التي نزلت بشعب فلسطين." التهجير القسري للبدو الفلسطينيين عام 2011، والذي يتهدد، الآن، الفلسطينيين في غزة، يعكس المحنة التي نزلت بالفلسطينيين منذ إنشاء الدولة الإسرائيلية عام 1948". التهجير القسري للبدو الفلسطينيين عام 2011، والذي يتهدد، الآن، الفلسطينيين في غزة، يعكس المحنة التي نزلت بالفلسطينيين منذ إنشاء الدولة الإسرائيلية عام 1948. ويكشف لغز تمسك إسرائيل وأنصارها بقطاع غزة، فيقول:

انضم جاريد كوشنر إلى الجوقة التي تدعو إسرائيل لتوسيع احتلالها حتى الواجهة البحرية لغزة، كما كتب فيجاي براشاد في يوم الأرض. إذا كان التاريخ هو القاضي، فلن يحدث ذلك.
جلس جاريد كوشنر، صهر دونالد ترامب وكبير مستشاريه خلال فترة رئاسته، في محادثة طويلة مع البروفيسور طارق مسعود من جامعة هارفارد. خلال هذه المناقشة لتي جرت في 15 فبراير/شباط، تحدث كوشنر عن " ثروة الواجهة البحرية لغزة"، والتي، كما قال، يمكن أن تكون "ذات قيمة عالية جدا ".
وتابع قائلاً: "لو كنت مكان إسرائيل، لقمت بتجريف شيء ما، لا أكثر، في [صحراء] النجف، وسأحاول نقل الناس [من غزة] إلى هناك... سيكون الذهاب هناك وإنجاز المهمة هو الخطوة الصحيحة".
يثير الاهتمام اختيار كوشنر للنجف، أو النقب باللغة العربية؛ لمدة طويلة ظلت النقب، الواقعة فيما يعرف الآن بجنوب إسرائيل، مكاناً للتوتر والصراع.
في سبتمبر/أيلول 2011، أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون بشأن إعادة موضعة استيطان البدو في النقب، المعروف أيضًا باسم خطة برافر- بيغن؛ يدعو المشروع لإجلاء 70 ألف بدوي فلسطيني من 35 قرية "غير المعترف بها".
والآن، ينصح كوشنر إسرائيل بأن تنقل الى النقب حتى المزيد من الفلسطينيين، بما يناقض القانون، حيث تم دفع العديدين منهم في الأصل إلى غزة من مدن فلسطينية باتت حاليا ضمن إسرائيل. ربما يعلم كوشنر، إن نقل السكان إلى النقب والاستيلاء على غزة كلاهما مخالف للقانون طبقا للمادة 49 من اتفاقيات جنيف لعام 1949.
إن التهجير القسري للبدو الفلسطينيين عام 2011، والذي يتهدد، الآن، الفلسطينيين في غزة، يعكس المحنة التي نزلت بالفلسطينيين منذ إنشاء الدولة الإسرائيلية عام 1948.
في كل عام منذ 1976، يحتفل الفلسطينيون بيوم الأرض، في 30 مارس /آذار ، في جميع أنحاء العالم ؛ وهو ذكرى مصرع ستة فلسطينيين خلال تحرك جماهيري تصدى لمحاولة دولة إسرائيل القضاء على الفلسطينيين من منطقة الجليل وتنفيذ عملية ييهود هجليل( تهويد الجليل).
في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975، انتخب سكان الناصرة الفلسطينيون توفيق زياد من الحزب الشيوعي (راكاح) بنسبة 67 بالمئة من الأصوات. زياد (1929-1994)، شاعر ذائع الصيت، كان يُعرف باسم "الأمين" (أبو الأمين) لدوره المستمر في تشكيل جبهة موحدة بين الفلسطينيين بمنطقة الجليل ضد سياسة الإخلاء القسري الإسرائيلية.
وبسبب هذه الأنشطة، تم اعتقال زياد في مناسبات عديدة، لكنه لم يتردد قط؛ انضم زياد إلى الحزب الشيوعي عام 1948، وأصبح رئيساً للمؤتمر النقابي العمالي العربي في الناصرة عام 1952؛ قاد الحزب في مسقط رأسه الناصرة، وفاز بمقعد في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) عام ؛973، ثم أصبح عمدة مدينته عام 1976 كمرشح عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.
انتصاره، الذي فاجأ المؤسسة الإسرائيلية، أشاد به الفلسطينيون في الجليل، الذين ناضلوا ضد محاولات سرقة أراضيهم ومنازلهم منذ عام 1948.
في عام 1975، أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها ستصادر 20 ألف دونم (18 مليون متر مربع) من الأراضي العربية، معظمها في الجليل الأوسط أو "المنطقة 9"، ما يعني انقراض قرى عرابة ودير حنا وسخنين. لم تكن هذه خططًا جديدة.
فابتداءً من عام 1956، أنشأت إسرائيل مدنًا لتهجير القرى العربية حول الناصرة مثل البعنة ودير الأسد ونحف: أولاً، أنشأت نتسيرت عيليت (المعروفة باسم نوف الجليل منذ عام 2019)، ثم في عام 1964، أوجدت كرميئيل.
عندما زرت الناصرة عام 2014، تم اصطحابي في نزهة حول محيط المدينة لتجربة كيف تم تصميم المستوطنات الجديدة المخصصة لليهود فقط لخنق المدينة الفلسطينية القديمة. أخبرتني حنين زعبي، التي كانت آنذاك عضوًا في حركة بلد الفلسطينية ، كيف تعرضت الناصرة، مسقط رأسها، شأن الضفة الغربية، لتقليصات تدريجية بسبب المستوطنات غير القانونية، وجدار الفصل العنصري، ونقاط التفتيش، والهجمات المنتظمة من قبل القوات الإسرائيلية، جيش الاحتلال.
قبل الشروع بالاضراب العام في 30 مارس/آذار 1976، أرسل النظام الإسرائيلي فرقة كاملة من الجيش والشرطة المسلحين للبطش بالفلسطينيين العزل بلا رحمة، ما أدى إلى إصابة المئات وقتل ستة.
وكتب توفيق زياد، الذي قاد الإضراب، أن الإضراب كان “نقطة تحول في النضال”، لأنه “تسبب في زلزال هز الدولة من أقصاها إلى أقصاها”. كتب زياد أن النظام الإسرائيلي خطط "لتلقين العرب درسا"؛ لكن ذلك "تسبب في ردة فعل أكبر بكثير في تأثيرها من الضربة نفسها؛تجلى ذلك في جنازات الشهداء الذين سقطوا في الإضراب، والتي شارك فيها عشرات الآلاف..
أصبح ذلك اليوم هو يوم الأرض، وجزءًا من تقويم النضال من أجل تقرير المصير الوطني الفلسطيني.
لم يردع النظام الإسرائيلي أيَّ احتجاج شعبي. في 7 سبتمبر 1976، نشرت صحيفة "عالهميشمار" العبرية مذكرة كتبها يسرائيل كونيج، الذي كان يدير منطقة الشمال، بما في ذلك الناصرة.
دعت مذكرة كونيج العنصرية إلى ضم الأراضي الفلسطينية نيابة عن 58 مستوطنة يهودية جديدة، وإجبار الفلسطينيين على العمل طوال اليوم حتى لا يكون لديهم وقت للتفكير.
لم ينكر رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، إسحاق رابين، المذكرة التي تضمنت أيضًا خططًا مفصلة لتهويد الجليل. الخطط لم تتوقف أبدا.
في العام 2005، قررت الحكومة الإسرائيلية أن يتولى نائب رئيس الوزراء إدارة الجليل والنقب. قال ذلك حينها شمعون بيريز، الذي شغل هذا المنصب، "إن تطوير النقب والجليل أهم مشروع صهيوني في السنوات القادمة".
خصصت الحكومة مبلغ 450 مليون دولار لتحويل هاتين المنطقتين إلى مناطق ذات أغلبية يهودية وطرد الفلسطينيين منهما، بما في ذلك البدو، وتظل هذه هي الخطة.
من السهل رفض تصريحات جاريد كوشنر، بالنظر لكونها خيالا تنطوي على قدر من السخافة؛ ومع ذلك، فإن مجرد الرفض تضليل ً: كوشنر مهندس اتفاقيات التطبيع التي أبرمها ترامب، والتي أدت إلى تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة.
كما أن علاقته وثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ( اعتاد الإقامة في غرفة نوم كوشنر في مرحلة الطفولة في ليفينغستون، نيو جيرسي).
النقب صحراء حارة؛ مكان لا تزال كثافته السكانية منخفضة حتى بعد طرد العديد من البدو الفلسطينيين. اما غزة، فلديها إ مكانيات كمنتجع ساحلي ومركزا لاستغلال إسرائيل لاحتياطيات الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وهذا يشكل سر الاهتمام المستمر الذي حظيت به ضمن الأجندة الصهيونية، والذي تمثل في بيان كوشنر الصريح. ولكن إذا كان التاريخ هو الذي سيحكم، فمن غير المرجح أن ينتقل الفلسطينيون من غزة إلى النقب أو حتى صحراء الى سيناء. سوف يقاتلون. سوف يبقون.
لدى عودته من زيارة لموسكو في سبتمبر 1965، كتب توفيق زياد قصيدة “هنا باقون ”، نشرت في العام التالي في حيفا من مطبعة الاتحاد إلى جانب ملفه الكلاسيكي "أشد على أياديكم" التي لحنها المطرب المصري الشيخ إمام وحفظها الأطفال الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم ("كانت يدي تنزف، ومع ذلك لم أستسلم").
عززت أحداث 1976 شعبية زياد في الناصرة، حيث ظل رئيسا للبلدية حتى وفاته عام 1994. ومن المؤسف أنه صرع بحادث سيارة أثناء عودته من الضفة الغربية، حيث ذهب للترحيب بياسر عرفات في فلسطين بعد الثورة. اتفاقيات أوسلو.
عندما أفكر بيوم الأرض، وأفكر بغزة، ثم يقدم براشاد قصيدة توفيق زياد مترجمة الى الانجليزية في مقالته عن يوم الأرض الفلسطيني. توفيق زياد "هنا باقون":
في اللد، في الرملة، في الجليل،
باقون،
على صدوركم كالجدار .....