مسار التطبيع الصهيوني العربي بين زيارتي كوشنر وبومبيو..


علي عباس خفيف
الحوار المتمدن - العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 18:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مسار التطبيع الصهيوني العربي بين زيارتي كوشنر وبومبيو..
الزيارتان تداخلتا في موعدهما في الفترة من 25/8 الى 30/8 من هذا العام
وهما زيارتان ستراتيجيتان لمصلحة العدو الصهيوني والمرشح الرئاسي الامريكي.
في واشنطن هناك سياسة عامة اسمها (الباب الدوار) وهي ان الذي يخرج من البيت الابيض فهو لا يذهب بعيداً انما يذهب الى انتخابات الكونغرس او يعود تحت جناح الادارة الجديدة، أو يؤسس شركة خاصة او ينتمي الى مؤسسة بحثية بانتظار عودته الى البيت الابيض. الجميع هناك يضع عينه على الباب الدوار اثناء العمل..
هل يحظى كوشنر صهر ترامب بهذه الفرصة؟
التقارير تقول انه لايتمتع باللباقة اللازمة التي تؤهله للعودة للبيت الابيض "الاّ مع ترامب".والحوادث كثيرة مثل وقوفه بتشدد ضد قطر في الخلاف القطري السعودي، بينما اعاد البيت الابيض العلاقات مع قطر على عجل، واستضاف ترامب امير قطر في البيت الابيض.وكوشنر مشهور بتخبطه في الاجابات الصحفية وخلطه بين الامور.
وفي الجواب عن مقتل خاشقجي اجاب "ان امريكا تحافظ على التوازنات في علاقاتها وفقا لما تتطلبه مصلحة امريكا" وهو جواب ساذج ويدل على تورط.
وبكاد مصير بومبيو ان يرتبط بترامب فهو معه في البيت الابيض وان خرج يخرج معه، لكنه اكثر لباقة وأشد مراس من كوشنر، وفي الصلافة لايختلف عن رعونة ترامب، ومع ان عينه على الباب الدوار لكنه لا يأمل بنصيب من غير دعم ترامب.
المهم أن كوشنر وبومبيو جاءا الى المنطقة العربية في نفس الفترة يفصل بينهما يومان فقط ،وكلٌ منهما لديه مهمة. وقد بدءا زيارتيهما من الكيان الصهيوني، وبات كل منهما ليلته هناك ثم انطلقا في غزوتهما التطبيعية كل بموعده المحدد يفصل بينهما يومان.
القضية الرئيسية لزيارتيهما هي مسار التطبيع.
كوشنر يضغط على امراء الخليج وملوكها من اجل حضور التوقيع على اتفاقية التطبيع (بين الكيانين الهزيلين) في واشنطن. وخلق هيبة مصطنعة للاحتفال الفارغ.
أما بومبيو فهو يضغط على هؤلاء الامراء ايضاً من اجل اللحاق بالامارات في عملية اتطبيع. ويبدو ان البعض يبارك صامتاً والبعض يتحدث عن ضرورة السلام.. (وكأن العرب احتلوا بلاد الصهاينة وطردوهم من ارضهم وهم الآن بالشتات. وما زال العرب يتسلحون بالسلاح النووي ويهددون بلدان الجوار ويصنعون مشاكل لشعب الصهاينة الذين يريدون العودة الى ديارهم في فلسطين. لكن الفلسطينيين لايسمحون لهم، لأنهم عرب ومحتلين لأرض الغير..!!)
هذه السخرية لكي يرى من له عيون ويسمع من له آذان..
وحجة المبعوثين هو الخطر الايراني.. التخويف من ايران.
كوشنر يتحدث بشكل مباشر عن مصالح مشتركة مع دولة الصهاينة وتطوير اقتصاديات بلدان التطبيع وضمان مصالح الامراء وأمنهم. وقد انصب اهتمامه على اقناع محمد بن سلمان وملك البحرين لحضور حفل التوقيع. لانه مقتنع ان حضور السعودية والبحرين سيكسر الحواجز.
بينما بومبيو يضغط وفق برنامج التخويف نفسه بصيغة التهديد، ويتحدث بصلافة عن قدرة اسرائيل في الردع. اي ان الأمن لن يكون مضمونا إن لم يلتحق جرابيع الخليج بالامارات، لأن العدو مشترك(كما يؤكد بومبيو. والامر لايتحمل التأجيل او التأخير.
وهذه بالنتيجة اشارة واضحة تقول ( ان لم تطبعوا ايها الجرابيع فإننا في امريكا لن نحمي كراسيكم)
وذهب بومبيو الى عُمان والسودان ايضا وهو يحاول ان يتلمس المناطق الهشة التي يمكن ان يخرقها بيسر.
السودان افهمته ان الحكومة الحالية مؤقتة وليس بيدها قرار التطبيع.. (وهذه اشارة إلى انه من الممكن التطبيع.)
وحاكم مسقط الهيثم آل سعيد قال نحن ملتزمون بالقرار220 الدولي الذي يضمن قيام دولة فلسطين على حدود 1967.
فلماذا اختار بومبيو السودان وعُمان؟ لابد ان هناك ترتيبات مسبقة وقبول مؤجل للتطبيع، فهو لم يزر غيرهما اضافة الى زيارته الامارات والسعودية.
والجولتان ليس إلا محاولة لاقتطاف الثمرة لصالح ترامب في انتخابات 2021. حين يضم هذه القضية الى سجل فضائل سياسة الكاوبوي التي انتهجها وهو يكرس العنصرية في امريكا وفي العالم كله. وليضمن اصوات اللوبي الصهيوني في امريكا الذي يشكل عديده حوالي 6 مليون نسمة.
القضية في اعتبارنا هو:
ما الذي يقوله الرؤساء العرب بعد السيسي الذي بارك الخطوة وقال انها ترسخ السلام في المنطقة و"تضمن أمن" اسرائيل""
لم نشهد اي موقف من أي بلد عربي، وهناك صمت يمكن وصفه بانه صمت تآمري يجري وفق سياسة قبول للتطبيع على نار هادئة.
السؤال الذي يحتاج اجابة:-
لماذا يزور وزير الخارجية السعودي يوم 27/8 بغداد في نفس يوم وجود بومبيو في السعودية؟ بينما مهمته البروتوكولية هي ان يكون مع بومبيو بوصفهما وزيري خارجية لبلدين صديقين جداً؟
هل بدأت عربة التطبيع برائحتها العفنة تسير على عجل والجميع يركضون لإتمام المهمة الموكلة إليه؟
لماذا لا تقول حكومة اللعنة في بغداد شيئاً عن هذه الزيارة التعيسة، أليست ضالعة في الجريمة خصوصا بعد اللقاء الثلاثي في عمان؟