خُطّة العميل كوڤيد 19


فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن - العدد: 6528 - 2020 / 4 / 4 - 16:15
المحور: حقوق الانسان     

“اعرفْ عدوّك". عبارةٌ جميلة قالها الإمامُ علي بن أبي طالب. فلن تستطيعَ هزيمة خصم، إلا حين تعرفه حقَّ المعرفة حتى تحدِّد نقاط ضعفه، ثم تضرب. "اعرفْ نفسك"، مبدأٌ خطير قاله الفيلسوف "سقراط"، لأن معرفة الكون تبدأ من معرفة الذات. والحقُّ أن معرفة النفس ومعرفة الخصم، هما السلاحُ الأول في أية معركة. دون ذلك السلاح المزدوج، مستحيلٌ أن تنتصر في معركتك. والمعركة الدائرة الآن، ليست بين إنسان وإنسان، ولا بين بلد وبلد، ولا حتى حربًا عالمية بين تحالفات دولية وأخرى، إنما هي حرب ضروس بين فيروس ضئيل لا محلَّ له من عالم الحجوم المرئية، وبين الجنس البشري بكامله. حربٌ تهدّد بفناء "الإنسان"؛ لولا رحمة من الله، ولولا علم علماء الكيمياء الحيوية والفارما، وجهد وبسالة الطواقم الطبية في أرجاء الأرض. علينا، نحن المستهدفين من قِبل هذا العدو، بالاعتزال والنظافة والرياضة. وعلينا كذلك التزوّد بمعرفة "العدو" ومعرفة "النفس"، حتى ننتصر في تلك المعركة الكونية.
وصلني ما يلي من حقائق حول طبيعة "العدو" وطبيعة "الجسد البشري"، من أحد علماء الكيمياء الحيوية.
كوفيد 19، ليس كائنًا حيًّا، بل غشاء بروتيني وكروموزومات. ينتقل، ولا يتكاثر إلا إن تشبث بخلية حية. خلايا الرئة هي المكان الوحيد الذي يستضيفه ليحيا. ينتقل عبر "الرذاذ"، من شخص لآخر، أو من يدك لأنفك، ثم للقصبة الهوائية، استعدادًا للتسلل إلى الرئة. بمجرد دخوله الحلق يُقابل بشلال من "اللعاب" يدفعه نحو "المعدة" التي تسحقه بأحماضها، فيموت فورًا. لهذا يحاول الفيروس التشبّث بجدار الحلق ( ألم الزور ) ويمتص اللعاب (جفاف الحلق)، لكي ينجرف مع هواء الشهيق نحو الرئة. هنا تأتي أهمية شرب الماء الدافئ بكثرة حتى نُجبر الفيروس على دخول المعدة. الآن ينتبه المخ إلى الغازي المتطفل فيرفع درجة حرارة الجسم (السخونة)، حتى يحشد قوى المناعة والأجسام المضادة ضد العدو الدخيل. ويحدث أحيانًا أن ينجح الفيروس ويدخل الرئة، ويبدأ باحتلال أي خلية، فيتحول فورًا إلى "كائن حي"، ويبدأ في التكاثر، محوّلاً دار السكن: “الخلية" إلى مصنع فيروسات. هنا تبدأ المعركة الحقيقية. يبدأ خط الدفاع داخل أجسامنا: "جيش كرات الدم البيضاء"، في محاولة فك شيفرة الفيروس لخلق أجسام مضادة مناسبة لهذا الفيروس تحديدًا. ضغط الدم المنضبط واللياقة الجسدية وقوة القلب هي الضمانات لضخ الدم بقوة لدحر العدو وهزيمته. هنا تتجلّى أهمية الغذاء الجيد والرياضة، مع الاستمرار في الاعتزال في البيوت. الخوف والتوتر والقلق والإنصات للشائعات السلبية، جميعها أسلحة قوية في يد الخصم، لأنها تُضعف عزيمة جيشك الرباني المدهش، وتعرقل جنوده عن استئناف في المعركة. تعود بضعة كتائب من جيشك: “كرات الدم البيضاء"، مهزومة، ولكنها تحمل معها عيّنات من الفيروس، لدواعي الدراسة. يبدأ الجهاز المناعي (معمل الكيمياء الحيوية داخل جسمك)، في دراسة العينة وفكّ شيفرتها لتصنيع أجسام مضادة AB: AntiBodies، مختصة بـ كوفيد19. ثم يعود جيشك بهذا المصل إلى أرض المعركة: “الرئة"؛ ليفتك بالعدو. لكن عملية فك الشيفرة ثم التصنيع، قد تستغرق أيامًا، ربما يتوفى المريض أثناءها لو كان ضعيف البنية أو مريضًا بأمراض أخرى، أو طاعنًا في العمر. ولكن في معظم الأحيان ينتصر الجسم البشري المعجز. ولهذا يحاول العلماءُ الآن استخراج مصل ضد كورونا من بلازما المرضى الذين تعافوا وانتصروا على الفيروس اللعين. أكثر من 80٪ من المصابين ينتصرون على الفيروس دون حتى أن يشعروا. وحوالي 15٪ يخضعون للحجر الصحي ويتعافون تلقائيًا بمجرد العزل. ثم حوالي 2٪ يدخلون العناية المركزة ويتعافون تمامًا. ويتبقى 2٪ من كبار السن وذوي المناعة الضعيفة أو الأمراض المزمنة، هم من يهزمهم الفيروس. ويقضي عليهم.
الخلاصة:
أسلحتك هي: الانعزال- النظافة- الرياضة- الغذاء الصحي- النوم الجيد- التفاؤل.
أسلحة خصمك: الاختلاط- عدم النظافة- الكسل- قلة النوم- التوتر وتصديق الشائعات.
الحكومة المصرية تبذل جهدًا أسطوريًّا وجادًّا ومحترمًا للحفاظ على أرواحنا. وعلينا أن نكون على قدر ذلك المستوى من الجدية ونحافظ على أنفسنا.
تحية احترام لجميع مؤسسات الدولة المصرية التي تضافرت جهودها من أجل حماية المواطن المصري. تحية إعلاء للجيش الأبيض النبيل: جميع العاملين في الطاقم الطبي الذين يصلون الليل بالنهار لنقل المصابين وإسعافهم ورعايتهم حتى يتعافوا. تحية إعلاء لعلماء العالم الذين لا يبرحون معاملهم من أجل ابتكار مصل نحارب به العدو المستجد. وتحية احترام لشركة Medtronic التي أسقطت حقوق الملكية الفكرية لأجهزة التنفس الصناعي لكي يُتاح تصنيعه في جميع دول العالم. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***