غزة عتبة ظلم !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5280 - 2016 / 9 / 9 - 00:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

طوال عمري وكلما حانت مناسبة كنت أسمع هذا المثل من أبي وأعمامي .. غزة عتبة ظلم ! الحقوق فيها ضائعة وتنعقد فيها السيادة للفوضى والاستزلام وغياب القانون .. تقول العامة في غزة مثلاً آخر هو ( غزة غزاها البين في أهلها ) .. فهل أتت هذه الأمثال من فراغ أم أن الرماد من تحته نار ؟!

الطريف أن الأصدقاء على موقع التواصل طرحوا أمثالاً أخرى تدل على صعوبة الحياة في غزة، منها مثلا ( شبابها كحات وشيبها شحات ) أي أن شبابها فقير جدا ( كحتوت ) وشيوخها يتسولون !
مشاهد من الظلم الواقع من حكام غزة ضد محكوميهم، هو ما يحدث على معبر رفح كلما فتح المعبر مرة كل شهرين أو ثلاثة. لا يوجد أحد في غزة لا يتحدث عن الرشاوى بآلاف الدولارات على المعبر من أجل بلوغ الصالة المصرية. آلاف النساء والأطفال يرتمون على الأسفلت انتظاراً لفرج لن يأتي إلا بدفع المعلوم. مرضى، شيوخ، طلاب، لدرجة أن أغلبية الناس في غزة باتت تفكر في تركها لو سمحت لهم الظروف بذلك.

ومن سخريات القدر أن حكومة حماس التي تتقدم بطعون ضد قوائم فتح بدعوى تطبيق القانون، لكي نتساءل، هل حكومة حماس تطبق القانون حقاً أم أنها خطوات تكتيكية لتخريب مبدأ الانتخابات ؟؟! طيب إذا كانت حكومة حماس مهتمة بتطبيق القانون، فلماذا لا تدفع الحكومة ثمن استهلاك وزاراتها ومساجدها ومراكزها الأمنية من الكهرباء ؟؟؟ هل توجد حكومة في الكون تسرق شعبها جهارا نهاراً كهذه الحكومة ؟!

ثم حبوب الترامال المخدرة التي ملأت القطاع منذ مجيء حماس على السلطة قبل 9 سنوات، كيف تدخل غزة إذا لم يكن الاحتمال الأكبر أنها تدخل عبر أنفاق معينة، والجميع يعرف أن النملة لا تدخل غزة دون علم الأمن الداخلي !!!
ثم ماذا نصنف ضريبة التكافل سوى أنها بلطجة وخاوة وضد القانون ؟! إنه سطو منظم على أموال الناس دون وجه حق !

وماذا نسمي أسعار الأسمنت في السوق السوداء الحمساوية ؟؟! هل هو الجنون أم الخيال السينمائي ؟! طن الأسمنت يباع في إسرائيل ب 460 شيكل، لكن يصل المستهلكين في غزة ب 1400 شيكل !!!
وبحسب دراسة بريطانية نشرت قبل فترة، فإننا نذكر بأن سعر السلة الغذائية في غزة يبلغ 86 % من متوسط راتب الموظف وهي نسبة لا يمكن أن توجد حتى في مجتمعات المافيا !!! في قطر يصل سعر السلة الغذائية 2.6 % وفي إسرائيل 12 % .. أما أن يدفع الموظفون 86 % من رواتبهم ثمناً للغذاء بسبب الضرائب المخيفة على جميع أنواع الغذاء الأساسية، فهو أمر يجب الوقوف عنده ملياً !

الناس في غزة أصبحت لا تبحث عن فلسطين والأقصى وحق العودة. أقصى أمنياتهم عمل شريف وعدالة في توزيع الثروة وكهرباء منتظمة ورخيصة، وهي الأشياء التي كانت متوفرة زمن الاحتلال المباشر وضاعت بعد ( تحرير ) غزة !!
في هذا المقال يجب أن ننتقل خطوة إلى الأمام. باسم كل المقهورين والجوعى والبؤساء ومن هم على حافة الانتحار، نناشد الرئيس محمود عباس، أن يتفاوض مع دول تحتاج إلى مهاجرين مثل كندا أو أستراليا، لكي نهاجر كلنا من غزة ولا تبقى غير الحجارة لتحكمها حماس !!!
أعتقد أن دولة مثل كندا تحتاج إلى يد عاملة مدربة ومهاجرين جدد، فلماذا لا يتم التفاوض معها رسمياً على أن تقبل وافدين من غزة ( فرادى وعائلات ) ؟؟!
الثورة ضد حماس شبه مستحيلة، فالناس أيضا تفكر مليون مرة قبل أن تقرر الموت لأجل عودة من تسببوا بانتخاب حماس انتقاماً من فسادهم. من ناحية أخرى فشعب غزة أعزل وحماس هي الجهة الوحيدة التي تحتكر السلاح، والثورة الوحيدة الممكنة هي الثورة الشعبية السلمية التي سوف تقمعها حماس كما قمعت من قبل بالهراوات محاولات الاحتجاج على انقطاع التيار الكهربائي !

الفساد ليس حمساوياً أو فتحاوياً أو حتى فلسطينياً .. الفساد ينخر عظم المجتمعات العربية الإسلامية منذ موت النبي ( ص )، ودون أن تتطور دولة عربية حديثة تتبنى دساتير علمانية ديمقراطية تحقق الحرية والعدل والمساواة وفصل السلطات، فلن يبقى أمام العرب سوى الاندثار والتلاشي في غياهب التاريخ مثلما انقرضت وبادت مئات وآلاف الأمم !

غزة عتبة ظلم، وغزة ( غزاها البين )، وفي التوراة، غزة منطقة شؤم، وغزة لن تكون صالحة للحياة عام 2020 بسبب الانفجار السكاني وتلوث المياه، دون أن نتمكن نحن جمهور البسطاء من إفراز قيادة أخلاقية ترسم خطط لإنقاذ الناس من ويلات الحروب والفقر والسرطان !