لماذا يجب المطالبة بدولة ديمقراطية واحدة ؟؟!


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 6433 - 2019 / 12 / 9 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

قبل البدء في الأطروحة، يجب الانتباه إلى مدى خطورة الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني من حيث الشرذمة الجغرافية والضعف السياسي، ذلك أن الدولة الواحدة قائمة فعلياً على أرض الواقع، من رفح جنوبا وحتى رأس الناقورة شمالا ومن جنين شمالا وحتى خليج العقبة جنوبا .. كل شبر من فلسطين التاريخية هو من الناحية العملية تحت سيطرة فعلية كاملة للجيش الإسرائيلي، كما أن ثمة وحدة في النظام الاقتصادي من حيث استخدام نفس العملة وهي الشاقل الكنعاني أصلا والإسرائيلي زورا !
ما يجب فهمه هو أن دولة الاحتلال تختفي خلف أبارتهايد " فصل عنصري " قبيح وبشع جدا، لكن ثمة ديكورات زائفة تمنح هذا الكيان القدرة على التخفي والتمظهر الحضاري الزائف، فأين هي مظاهر الأبارتهايد ؟؟!
تعرف دولة الأبارتهايد سياسياً بأنها دولة تعيش بأكثر من نظام واكثر من قانون، فاليهود داخل الخط الأخضر لهم قانون، وفلسطينيو 48 لهم قانون ثان، وأهل الضفة قانون عسكري ثالث فيما يتم التعامل مع جيتو غزة بقانون رابع مختلف جذريا عن باقي القوانين.
على الأقل نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا كان بنظامين فقط، واحد للبيض والآخر للسود، أما إسرائيل فهي نظام عنصري شديد التعقيد بأربع قوانين مختلفة !

حسناً .. هذا ما لا يعرفه الفلسطينيون أنفسهم، الذين ما زالوا يحلمون بتفكيك مستوطنات الضفة التي ابتعلت بقوة الدعم الإنجيلي الصهيوني أكثر من 70 % من أراضي الضفة الخصبة ومواردها المائية.


هامش:
في 1947 رفضنا 46 % من فلسطين وفي مدريد 1991 بكينا على 22 % من فلسطين وفي 2019 يحلم البعض بإمارة في غزة وحدها على 1.3 % من فلسطين !!!
---------------------------------------
حل الدولة الواحدة لن يتم بمجرد طرحه أو تبنيه الآن، فهو كحل الدولتين، يحتاج إلى كفاح طويل المدى ضد الفكر الصهيوني العنصري الذي يعيش أزمته الوجودية مع كتلة ديموغرافية فلسطينية قوامها 6.5 مليون نسمة موزعين في الضفة وغزة والقدس و 48 و 13 مليون فلسطيني موزعين على 160 دولة ويتحدثون 160 لغة غير العربية !
سنحتاج وقت وكفاح طويل قبل أن يتم فضح الأبارتهايد وأن سكان الضفة ممنوعون من استخدام الطرق الالتفافية .. سنحتاج وقت للبرهنة على أن جميع سكان غزة محرومون من حق السفر والتنقل والإقامة .. لكن في نهاية المطاف ستتحقق الحرية والعدالة والمساواة، وهي المباديء التي على ضوئها ستتم عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وتعويضهم وفق قرار الجمعية العامة رقم 194.
الآن لو حوكمت الثورات بالنتائج، فما هي نتيجة الانتفاضة الأولى ؟؟؟؟ حكم إداي ذاتي في المدن والمخيمات ومناطق " أ " ؟؟؟ وماذا كانت نتيجة الانتفاضة الثانية ؟؟؟ اغتيال الشهيد عرفات وبناء الجدار العازل وتهويد القدس ولاحقا الأغوار ؟؟! وماذا كانت نتيجة ثلاث حروب في غزة سوى الدمار والخراب والموت والتهجير ؟؟!
أغلب الظن أن شعبنا لم يحدد ماذا يريد، ولا كيف يحقق أهدافه بالحرية والعيش الكريم، والأدلة على ذلك كثيرة، من رفض التقسيم عام 1947 ثم تبني وإسقاط نماذج الثورات الفيتنامية والجزائرية حيث فشلنا في الأردن ولبنان، أما الانتفاضة الأولى فلم نحدد أيضا ما نريد فكانت القوى الضاربة تسحب البطاقات الممغنطة والتصاريح من العمال دون التفكير في بديل حقيقي لأكثر من 120 ألف أسرة تحولوا إلى طوابير الجوعي والمشردين !
---------------------------------
لماذا يحرم أهل غزة من زيارة سور عكا وجبل الكرمل في حيفا والعين السخنة وبانياس ورام الله وجنين واللد والرملة ؟؟؟ بأي حق تسعى حماس لفصل غزة عن فلسطين التاريخية لتتحول مخيماتها الثمانية إلى مخيمات معزولة مثلها في ذلك كمخيمات الأردن وسوريا ولبنان ؟؟؟ هل نعلم أن الخطر الحقيقي والداهم على القضية الفلسطينية برمتها هو عزل غزة وتوطين لاجئيها وسلبهم حقهم بالعودة ؟؟؟؟

صحيح أن اليمين الصهيوني الحاكم يعارض بشدة حل الدولة الواحدة لأنه النقيض التام للدولة اليهودية، وصحيح أيضا أن المسيحية الإنجيلية " الصهيونية " الحاكمة في الولايات المتحدة تؤمن بحق إسرائيل الإلهي في الوجود تمهيداً لعودة المسيح حسب اعتقادهم، وبالمناسبة، فإن معتقدات المسيحية الصهيونية لا تفرق عن المعتقدات الصهيونية ذاتها، لكن ما يحدث من ثورة ثقافية وسياسية يقودها الشباب الفلسطيني والعربي المغترب، سوف تقرب رحيل ترامب والإنجليلية الصهيونية عن مراكز القرار.
إن مواجهة العالم بالحل " المرحلي " على حدود 67، يعني تماما أن الحروب ستندلع مستقبلا على فلسطين التاريخية، ولهذا قام اليمين الصهيوني بالالتفاف على حل الدولتين بالاستيطان، وقد صدق أبو مازن عندما قال " لو رفضت إسرائيل قيام دولة فلسطينية في حدود 67 فسوف نطالب بحقوقنا كاملة " ويقصد طبعا حقوق المواطنة الكاملة.

إن المطالبة بدولة ديمقراطية واحدة تحقق مباديء الحرية والعدالة والمساواة سيبدو أكثر قبولا من حل مرحلي مفخخ !

وإذا ما فهمنا عدم وجود شيء اسمه إجماع وطني وشعبي، لا على رفض التقسيم في 1947 ولا على الاكتفاء ب 22 % في مدريد أو مناطق " أ " في أوسلو كما لم يكن ثمة إجماع على فعاليات الانتفاضة الأولى والثانية، فلنجأ للاستفتاء العام برعاية الأمم المتحدة .. أيهما سنختار ؟؟! دولة على 22 % يعود إليها اللاجئون أم دولة ديمقراطية واحدة على كامل فلسطين التاريخية مع حق العودة كاملا غير منقوص ؟؟؟ أيهما أعلى من حيث السقف الوطني وحقوق العباد ؟؟؟