لماذا المشاركة الفلسطينية في الانتخابات الإسرائيلية ؟!


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 6354 - 2019 / 9 / 18 - 21:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

سنتناول في هذه العجالة موضوع المشاركة الفلسطينية في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بعد عقود من المقاطعة والعزلة والانكفاء، وسنحاول تفكيك مزاعم أولئك الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات.
يشكل الفلسطينيون ( السكان الأصليون ) 20 % من مجمل سكان فلسطين المحتلة ( إسرائيل حالياً )، وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء يلقون معاملة عنصرية جراء تطرف المجتمع اليميني العنصري الصهيوني، فهل يواصلون الانعزال وانتظار سن قوانين برلمانية تقرر مصيرهم وتصادر أراضيهم، أم يشاركون بقوة ويضمنون وجود ممثلين عنهم في أجهزة الدولة ؟!


أمس كتب المدعو مناصرة من الخليل، بأن ( المشاركة الفلسطينية في الانتخابات لن توقف تهويد الأغوار ولن تنهي حصار غزة ولن تغير أي من مفاعيل السياسة الصهيونية تجاه الفلسطينيين، فما الجدوى إذن من المشاركة ومنح الكيان العنصري شرعية الوجود ؟؟! )
هذه الفقرة بالذات هي المسوغ الذي تمت الدعوة للمقاطعة على أساسه، فلنجرب تفكيك أجزاء هذه الدعوة لنعرضها على محكمة العقل لنرى النتيجة ! وهنا نسجل التساؤلات التالية:
1- هل من المتوقع من مشاركة 20 % من السكان في انتخابات برلمانية أن ينهي احتلال أراضي 1967 ؟! وهل المقصود من المشاركة هو الفوز بتغيير شكل ومضمون الدولة العبرية التي تحتاج ولا شك إلى نضالات وجهود كبيرة من أجل تحويلها إلى دولة علمانية ديمقراطية لجميع مواطنيها دون تمييز.


2- هل شرعية إسرائيل كدولة والمستمدة من الأمم المتحدة والدعم الغربي والأمريكي تنتظر اعتراف ال 20 % من السكان العرب ؟؟! بغض النظر عن كون إسرائيل دولة شرعية أم لا فهي أمر واقع على الأرض !!! أمر واقع يحدد لنا ترخيص البناء والزراعة والعمل ويحدد لنا شهادات الميلاد وتصاريح السفر، وباختصار فإن الكيان الإسرائيلي هو دولة مؤسسات، وفي هذا المقام لابد من جرأة الاعتراف بأن الأمة العربية حاليا تقف عاجزة أمام مفردات الحضارة والإنتاج والريادة والابتكار والعمل الديمقراطي الذي يصحح على الدوام مشاكل سوء الإدارة والفساد.


3- لقد حصلت القائمة المشتركة على 12 – 13 مقعداً وهي الكتلة الثالثة في الكنيست من حيث الترتيب بعد أزرق أبيض والليكود، وهذا يعني أن السيد أيمن عودة سيكون رئيساً للمعارضة بشكل رسمي، فلا ديمقراطية بلا معارضة – مع كل ما يتخلل هذا المنصب من امتيازات، ليس أقلها،
الفوز بكلمة تالية لكلمة افتتاح الجلسة، وبالتالي سيتمكن من الحديث عن مشاكل وهموم الأقلية المضطهدة وعن تفاقم العنصرية في المجتمع الإسرائيلي.
4- بحصول المشتركة على الترتيب الثالث فإن تحالف المشتركة مع اليسار سيكون الكتلة المعطلة لأي قانون يتم التصويت عليه، وبالتالي فإن وجود المشتركة ب 12 – 13 مقعد سوف يكون أداة قوية وسلاحا قانونيا لتعطيل قانون الحصانة الذي كان سيمرره نتنياهو، كما سيكون ممكناً تعطيل صدور قوانين أخرى مثل قانون القومية العنصري !


ومهما يكن من أمر، فإن ردات الفعل العنيفة للحالات الفردية من طعن ودهس، أو العمليات التي استهدفت المدنيين في الانتفاضة الثانية، كلها ساهمت وتساهم في زيادة اندفاع المجتمع الإسرائيلي إلى قوى اليمين والتطرف، وتتزايد دعاوى الترانسفير والقتل والتهجير. إزالة دولة نووية مدججة بالسلاح الحديث بمجرد حادثة سكين مطبخ من سيدة أو طفل هو أمر غير مستساغ ولا مقبول منطقياً.


إن أهلنا في 48، جزء من سكان الدولة، يتمتعون بخدماتها التي تحتاج إلى تطوير وعلاج من خلال نضال قانوني وديمقراطي دؤوب وشاق، وليس من خلال الانزواء والعزلة والانكفاء، وهي خطة ستعقبها خطوات من أجل تحقيق ونيل الحرية والعدالة والمساواة.
وآخر الحديث، هو التأكيد على أن مقاطعة البعض للانتخابات خدمة لأجندات تحالف مبطن مع اليمين الصهيوني مقابل الحفاظ على كراسي الحكم قد أدى إلى خسارة القائمة المشتركة ل 4 – 5 مقاعد، أو بمعنى آخر، أنه كان من الممكن تقليص مقاعد اليمين الصهيوني ب 4 – 5 مقاعد وهو أمر لا شك في صالح النضال الوطني والإنساني للشعب الفلسطيني.


دمتم بخير