عن خرافة التعدد الفكري والثقافي !!!


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 6421 - 2019 / 11 / 27 - 14:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

غرب وشرق .. علماني وإسلامي !!!

إن الشمس التي تشرق علينا هنا في الشرق، هي ذاتها الشمس التي أشرقت على كوبرنيكوس وجاليليو .. والبرق الخاطف وهزيم الرعد الذي كان يؤرق الشمال الأوروبي هما نفس البرق والرعد في فلسطين والعراق ومصر والشرق الأوسط .. إن المعارف التي كان يتخيلها القدماء على صورة حكايا ساذجة وأساطير لم تختلف إلا باختلاف بيئة الصحراء العربية عن صحراء الجليد في سيبيريا .. بل إن جسم الإنسان الذي يحتوي الرئة والمعدة والبنكرياس والكبد هو نفسه في غزة وتل أبيب !!
إن من الحماقة الاعتقاد أن هناك ثقافة غربية واخرى شرقية .. الحقيقة أن هناك أمم سبقت العرب في سلم التطور وتفسير الحياة والطبيعة والكون .. إن القول بثقافة غربية وأخرى شرقية هو وهم وخداع يجب أن يتبدد !

لقد كان أجدادنا القدماء، ما قبل استئناس النار واكتشاف الطبخ .. كانوا يأكلون ما تجود به الطبيعة من لحوم وأسماك وفواكه وأعشاب .. ولهذا كان فك الإنسان القديم كما تشير الحفريات - بارز إلى الأمام وكان عدد الأسنان في الفم أكبر قليلا من عددها حاليا .. وهذا ما نسميه بضروس العقل التي لم يعد لها لزوم لمضغ اللحوم النيئة .. صار فك الإنسان أصغر ولم تعد هناك حاجة للضروس الزائدة .. لكن تلك الضروس بقيت في الجينات الوراثية للإنسان المعاصر .. ولهذا يعتقد بعض الناس أن ضروس العقل عبارة عن خطأ خلقي والأمر ليس كذلك بل له علاقة بالتطور الدارويني !

ما قبل اكتشاف الكهرباء كان أجدادنا القدماء يعتقدون أن الرعد ملك من الملائكة معه مخاريق ( كرابيج ) من نار .. لكن بعد اكتشاف الكهرباء في القرن السابق عشر تم حل اللغز تماما .. غيوم مشحونة بكهرباء موجبة تفرغ شحنتها في غيوم أخرى مشحونة بكهرباء سالبة .. وهكذا لم يعد الإنسان يخشى صوت الرعد بل إن عقيدة الرعد قد اندثرت وانتهت من الكوكب ( الشرق والغرب ) !!!

قبل مجيء كوبرنيكوس لم يكن أجدادنا قادرين على تفسير تعاقب الليل والنهار ولا كانوا قادرين على معرفة أين تذهب الشمس بعد غيابها .. وقبل لويس باستير كان أجدادنا يجهلون وجود كائنات دقيقة مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات وبالتالي كانت علوم الطبابة والعلاج منحصرة في الشعوذة والسحر ... !!

وهنا تطفو عدة أسئلة مثل: هل الشمس جزء من ثقافة غرب دون شرق ؟؟؟ هل البرق والرعد جزء من غرب دون شرق ؟؟؟ هل البكتيريا والفيروسات موجودة في الغرب وغير موجودة في الشرق ؟؟؟!

هذه كلها أوهام مزيفة .. إن التطور الهائل الذي نجم عن الثورة العلمية بعد القرون الوسطى هو موروث إنساني ملك للبشرية كلها .. مثلما كانت كيمياء جابر بن حيان ورياضيات الخوارزمي وأسطرلاب عمر الخيام وخرائط البيروني ورسومات ابن النفيس لجسم الإنسان !!!
إن الثقافة العربية لإسلامية السائدة اليوم هي ذاتها التي منعت ابن النفيس من ممارسة التشريح بدعوى أن ( إكرام الميت دفنه )، وهي ذاتها التي أحرقت مؤلفات ابن رشد عن عظمة العقل البشري وهي - أي الثقافة العربية السائدة بموروثاتها – هي المسؤولة عن تخلف العرب والمسلمين عن جوقة الأمم، ولا حل إلا بإعادة كتابة مناهج التاريخ بوصفها تاريخ للفتوحات العلمية واكتشافات الطبيعة وتفسير الظواهر وليس تاريخ الطغاة والأباطرة والجبابرة والسفلة والأوغاد !!!