عبقرية تأسيس الإخوان المسلمين !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5241 - 2016 / 8 / 1 - 09:30
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

الإخوان المسلمون هم جماعة تأسست سنة 1928 لأهداف استراتيجية كبرى، ولكي نفهم أسباب تأسيس هذه الجماعة الرهيبة، يجب اللجوء لمادية التاريخ وجدليته، ذلك أن الدين وإحياء الخلافة هي ادعاءات ووسائل لاقتحام المجتمع العربي لكنها قطعاً ليست الأهداف الحقيقية.
قبل هذا التاريخ، 1928، بعشر سنوات، وتحديداً في 1917، انتصرت ثورة أكتوبر التي قام بها البلاشفة في روسيا. خلال تلك السنوات العشر، انتشرت حمى الفكر الاشتراكي في عموم أوروبا، لكن الرأسمالية الاستعمارية في بريطانيا، فكرت في إغلاق جبهة العالم العربي أمام عدوى الثقافة اليسارية القادمة، وخاصة أن العالم العربي هو مصدر 70 % من المواد الخام والطاقة للعالم بأسره، علاوة على توسط العالم العربي لكوكب الأرض من الناحية الجغرافية، وبالتالي، فقد كان حسم العالم العربي هو حسم لمعركة الحرب القادمة التي ستغير وجه التاريخ !

الإسلام هو الحل، شعار ابتكرته الحركة الاستشراقية البريطانية كوسيلة وحيدة لحصار العقل العربي ومنعه من التفكير، والحقيقة أن تبني حركة الإخوان لهذا الشعار إنما كان يعني حرفياً ( الاشتراكية ليست هي الحل )، وهو ما يوافق تماماً رغبات وأهداف القوى الغربية والاستعمارية الكبرى، علماً بأن الجماعة أول تأسيسها لم تنكر بأنها حركة ماسونية بل إن سيد قطب كان قد نشر مقالاً في جريدة " التاج " المصرية المقربة من الماسونية بعنوان ( لماذا صرت ماسونياً ؟! ).
حاشية: لمشاهدة صورة أصلية للمقال وقراءته كاملاً ابحث في غوغل عن جملة ( لماذا صرت ماسونيا لسيد قطب ) !
ولأن المخابرات البريطانية والمستشرقين الإنجليز والفرنسيين والألمان كانوا جادين في دعم وتمويل جماعة الإخوان، فقد تأسست في جميع دول الغرب المساجد والجمعيات ومراكز الأبحاث التي طبعت ملايين الكتب للتحريض ضد الفكر الاشتراكي من نوع ( السرطان الأحمر / لماذا الإسلام هو الحل ؟ )، وكل هذا حدث في بدايات نشاط الاستيطان الصهيوني في فلسطين !!!

الأهداف الاستراتيجية التي حققها الغرب من تأسيس ودعم الإخوان المسلمين:

1- تم إغلاق العقل العربي وتحصينه ضد الانفجارات الثقافية والاجتماعية والمعرفية فكانت ثقافة الإخوان الإسلاموية من أقوى وسائل التضليل الفكري والإعلامي، فتم تحريم الفلسفة، ونشر الخرافة، وتزوير مفاهيم القضاء والقدر، حتى نتجت أجيالا تعادي العلم، وتكره الثقافة، وتحقد على نتاجات التفكير، فانهارت جميع المحاولات النهضوية التي قام بها فلاسفة النهضة ومفكروها أمثال الكواكبي ومحمد عبده والأفغاني وطه حسين وسلامة موسى وقاسم أمين وغيرهم.
2- تم استغلال العاطفة الدينية لحشد شباب العالم العربي للجهاد ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، وهي معركة كانت تقودها وتدعمها وتمولها جميع أجهزة المخابرات الغربية بقيادة المخابرات البريطانية والأمريكية.
3- خلال تاريخهم الممتد طوال القرن الأخير، تحالف الإخوان مع الأنظمة العربية الرجعية الحليفة للغرب والقوى الاستعمارية ضد طموح الشعوب بالثورات النهضوية، وليس أدل على هذا من تحالف جماعة الإخوان مع نظام السادات في مصر لضرب ومطاردة القوى اليسارية والقومية والوطنية في الجامعات المصرية.
حاشية: حاول الإخوان مرتين اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر !

4- وما زال التحالف بين جماعة الإخوان والمشروع الاستعماري الغربي قائماً في وقتنا الحالي، بل بصورة أكثر وضوحاً وفجاجة، فقد قام الإخوان من خلال قناة الجزيرة التابعة لهم بالتحريض وإثارة الفتنة في العالم العربي من أجل نشر الفوضى وعدم الاستقرار بشكل يصب مباشرة في تدعيم مشروع بيريز ( الشرق الأوسط الجديد ) بقيادة إسرائيل، وهو ما حدث ويحدث في ليبيا واليمن والعراق وسوريا !
5- ومن الأهداف الاستراتيجية الخفية لمشروع الإخوان، هو تقسيم وتفتيت المجتمعات من خلال تصنيف الناس إلى " مؤمن / كافر "، " يصلي / لا يصلي "، " يدخن / لا يدخن "، " مسلم / علماني "، " مسلم / ديمقراطي "، وقد كان فكر الإخوان حاضنة خصبة لجميع الأحزاب التكفيرية التي تعادي الموسيقى والغناء والرسم والنحت والفنون.

لقد حقق الغرب والقوى الاستعمارية الكبرى جميع الأهداف السابقة، وبالتالي تم حرمان العالم العربي من النهوض والتقدم والتحضر، وعلى العكس من ذلك، ترسخت الهمجية ومطاردة الحريات وقمع المرأة وتحريم التفكير وتهديد حرية التعبير، كما تم قتل كل المفكرين الذين حاولوا كشف ملعوب جماعة الإخوان، مثل فرج فودة ومهدي عامل وحسين مروة وشكري بلعيد وغيرهم !
لقد كانت فكرة تأسيس ودعم الإخوان المسلمين وتمويل وسائلها الدعائية والإعلامية بملايين الدولارات فكرة باهرة وناجحة، وقد أثبت الغرب ومعه قيادة الإخوان أنهم متقدمون فكرياً على جميع البلاد العربية، التي تعاني بسببهم من التخلف والفقر والبطالة وانعدام تعليم حديث وافتقار لخدمات الصحة والضمان الاجتماعي ! والدليل على تقدم فكر الإخوان الاستراتيجي على الفكر الوطني، هو تمكنهم من حكم واستنزاف غزة عشر سنوات بلا تقديم أي خدمة أساسية في حياة الناس !