بين مقهى تل أبيب وملهى فلوريدا !


عبدالله أبو شرخ
الحوار المتمدن - العدد: 5192 - 2016 / 6 / 13 - 15:37
المحور: القضية الفلسطينية     

بين مقهى تل أبيب وملهى فلوريدا !

بأي منطق وأي مفردات سوف نتمكن من إقناع المرضى والمهووسين بأن قتل العزل في مقهى يختلف كلياً عن قتل الجنود في ثكناتهم ؟؟! بأي منطق سنقنع السادرون في كهوف ستالين بأن قتل الأمريكيين المدنيين في ملهى ليلي لا يمثل حرباً يسارية ضد المستعمر الأمريكي " الإمبريالي " ؟! أين عقولنا، ولماذا تاهت كل الخيوط الناظمة للإنسانية ؟؟!

الإرهاب حسب تعريف أي عاقل، وهو على أي حال بحسب تعريف الأمم المتحدة، هو قتل " غير المحاربين "، فهل كان الإسرائيليون العزل في مقهى محاربون ؟! وهل كان الأمريكان العزل في ملهى يستعمرون العالم ؟! هذا فهم ساذج وعقيم لمفهوم الاستعمار والقوى الإمبريالية !

لقد قتل السلفيون الإسلاميون بعد عودتهم " المظفرة " من أرض الجهاد في أفغانستان أكثر من 200 ألف جزائري لأنهم أرادوا تطبيق أرعن لديمقراطية الصناديق وهم أنفسهم ليسوا قوة ديمقراطية .. ثم قتل تنظيم القاعدة أكثر من مليون ونصف عراقي بالمفخخات في المساجد والأسواق، وبالأمس على قناة " فرانس 24 " كان ثمة حوار للمقارنة بين حادث ( مقهى تل أبيب ) و ( ملهى فلوريدا ) .. هل يمكن أن نمنع العالم من رؤية الإرهاب كفعل موتور أحمق لأسباب أيدلوجية ؟؟!

الإرهابي الحقير الذي اقتحم الملهى في فلوريدا، هو أفغاني مهاجر إلى الولايات المتحدة، وحاصل على الجنسية والرعاية الطبية، ويعمل في شركة حراسات أمنية براتب محترم، تماماً مثل الدواعش الذين اقتحموا صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية أيضاً لأسباب أيدلوجية وعقائدية !

كنت في الماضي قد كتبت مقالاً صريحاً عنوانه ( طعن الجنود ليس عملاً إرهابياً .. ولكن ! ) وهذا رابط المقال:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=494357

إن على الشعوب العربية والإسلامية أن تحارب الفقر لا أن تقتل الأغنياء .. ألا يتحملون جريمة أدلجة الأطفال قبل سن البلوغ ؟! ألا يتحملون مسؤولية ضياع العقل العربي في متاهة الفتاوى التافهة والساذجة ؟! ألا يتحملون مسؤولية تعليم متخلف لا ينتج سوى ببغاوات غبية ؟؟! ألا يتحلمون مسؤولية غياب الديمقراطيات وحكم الكفاءات وحرية التفكير لصالح البلطجية واللصوص والأرزقية والأفاقين والهمج ؟؟!

لماذا لا يتعلمون من تجارب اليابان وكوريا والصين ؟؟! ألا يخجلون من أنفسهم وهم يرددون صباح مساء محفوظات الدروشة والغباء ؟؟! هل الفاشل في بناء حياة سعيدة ملؤها العمل والإنتاج والتصدير والمنافسة العلمية سيدخل الجنة حقاً، أما أصحاب جوائز نوبل الذين أنقذوا البشرية من الأوبئة والأمراض سيدخلون النار ؟؟!

شعب غزة يدفع ضرائب مخيفة كخاوات وأتاوات دون أن ينتفع بفلس واحد منها. لا سفر ولا كهرباء ولا مياه ولا علاج ولا عمل ولا حقوق إنسانية .. طن الأسمنت يباع في دولة الاحتلال ب 460 شيكل بينما يباع في حكم حماس ب 1400 شيكل، فهل هذا ثمن تحرير فلسطين المزعوم ؟؟!

---------------------------------
إن المقاومة المشروعة التي كفلتها القوانين الدولية لشعب تحت الاحتلال، لا تعني قتل العزل في مقهى، بل تعني استهداف الجنود على الحواجز وفي الثكنات. المقاومة الفيتنامية لم تضع مفخخات في واشطن ونيويورك، والفرنسيين عندما احتلهم القوات النازية لم يقتلوا الألمان في برلين وهامبورغ، والجزائريون لم يفخخوا أنفسهم في باصات باريس ومقاهيها وشوارعها.

علينا كفلسطينيين أن نحسم معركة الرأي العام الدولي الذي يتجه بقوة لمقاطعة إسرائيل بوصفها دولة تمييز عنصري واضطهاد ديني وعرقي، تماماً كما ساهم هذا العالم من قبل في حصار حكومة جنوب أفريقيا في عهد المناضل الإنسان نيلسون مانديلا .. لا يكفي أن نكون أصحاب قضية عادلة بل يجب أن نكون أخلاقيين وإنسانيين، ولندع القتل والاغتيال والحصار الأمني للعصابات الصهيونية الحاكمة في تل أبيب !

دمتم بخير