تقدموا للجنائية الدولية بهذا الفيلم


فؤاد قنديل
الحوار المتمدن - العدد: 4718 - 2015 / 2 / 12 - 11:06
المحور: القضية الفلسطينية     




لا شك أن الوضع الفلسطيني في الأرض المحتلة في غاية التعقيد خاصة مع المشاركة الأمريكية المضادة لكل حق عربي ، والدعم غير الطبيعي للكيان الصهيوني بحيث يترسخ وجوده ويتمكن من البقاء بقوة بين الدول العربية وأن ينفذ عدوانه المستمر المعلن والسري ضد شعوب المنطقة ، وقد ساهمت تلك المواقف الإرهابية التي تهدد الحياة في الشرق الأوسط في التأثير الثقيل على مخططات التنمية والمحاولات المستمرة للخروج من النفق المعتم الذي يحرص عليه الأمريكان والصهاينة كي يحاصر أي تطلعات تقدمية نحو مستقبل عربي أفضل وليظل الكثير من العرب مكبلين بأغلال التخلف والجوع والجهل.
لقد ظهرت مؤخرا أحدث الشهادات الدامغة على فلسفة القيادة الصهيونية المدمرة والمدعومة بالوجود الأمريكي الاستعماري وتتمثل في عرض الفيلم الوثائقي الإسرائيلي " أصوات تحت الرقابة " في مهرجان صندانس السينمائي في ولاية أوتا الأمريكية والذي كشف بجلاء أن القادة الإسرائيليين طالبوا جنودهم بقتل أكبر عدد ممكن من العرب. . وأنهم نفذوا عمليات إعدام لأسرى و طرد سكان قرى عربية خلال حرب1967 بنفس الأسلوب الذي انتهجه النازيون ضد اليهود في أوروبا معتمدا على أفلام وثائقية وشهادات تعود لفترة الحرب. وأوردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على موقعها الإلكتروني منذ أسبوع أن الفيلم الوثائقي الإسرائيلي قدم تسجيلات لفترة الحرب من بينها شهادة لجندي إسرائيلي شاب عائد حديثا من الجبهة – بعد الحرب- يروى فيه بصراحة الأوامر التي صدرت إليهم من قادتهم قائلا " قالوا لنا لا تظهروا أية رحمة مع العرب موضحا إن قائد كتيبته قال :أقتلوا أكبر عدد يمكنكم قتله".
ويعرض الفيلم شهادة جندي آخر يتذكر أنه خلال مواجهة العرب فوق أسطح منازلهم. . قال في نفسه "إنهم مدنيون – هل يجب أن نقتلهم أم لا؟ ثم استطرد. . إنني حتى لم أفكر في ذلك. فقط أقتل ! أقتل كل شخص تراه عيناك". وثالث جعل الأمر شخصيا وقال: نحن لسنا قتلة. ولكن في الحرب، أصبحنا جميعا قتلة". وتابعت الصحيفة إن الأمر الموجع في الفيلم، أن الشهادات المسجلة لا تعود إلى المعركة الدامية التي دارت في غزة الصيف الماضي ولكن من حرب 1967، عندما بدأت إسرائيل القتال ضد مصر وسوريا والأردن، والتي انتهت باحتلالها الضفة الغربية وغزة وشبه جزيرة سيناء وأجزاء من مرتفعات الجولان. وأنه مع اعتزام المحكمة الجنائية الدولية النظر في التحقيق بارتكاب جرائم حرب خلال الصراع ا لأخير، فإن الفيلم الوثائقي الجديد يعرض اعترافات لم تبث من قبل حول السلوك الوحشي من قبل الجيل السابق للجيش الإسرائيلي. ويعتبر الفيلم "أصوات تحت الرقابة " الذي عرض لأول مرة في مهرجان صندانس السينمائى هو الأحدث في سلسلة الأفلام التي يقدمها اليساريون من صناع السينما الإسرائيلية الذين فازوا بجوائز في الخارج عن طريق تقديم وجهات نظر قاسية نحو مجتمعهم. وبناء على مقابلات خضعت لرقابة مشددة من الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت، فإن تلك الشهادات تشمل روايات لإسرائيليين نفذوا عمليات إعدام لسجناء بدون محاكمات وإخلاء لقرى عربية بطريقة مشابهة لمعاملة النازيين ليهود أوروبا. وقالت المخرجة مور لوشاى في حوار لها مع الصحيفة أنها كانت تحاول تجديد الرواية الإسرائيلية السائدة حول الانتصار في عام 1967 في ضوء كل ما حدث منذ ذلك الحين، وأن الفيلم "وثيق الصلة جدا بيومنا هذا". وأشارت الصحيفة إلى أنه مع محاولات إسرائيل بشكل متزايد الظهور بمظهر المدافع في الساحات الدولية، فإن الفيلم يثير مخاوف من أن يتم النظر إليه دون الأخذ في الاعتبار التهديد الوجودي الذي كانت تواجهه إسرائيل في ذلك الوقت، وفقا للصحيفة، وانه يمكن أن يكون منعشا لنقاد إسرائيل المعاصرين. ونقلت الصحيفة عن الكاتب الإسرائيلي يوسى كلاين هاليفى قوله إن "الناس في الخارج الذين لا يتذكرون الظروف التي خضنا فيها حرب الأيام الستة سوف يحولون ذلك إلى اتهام إضافي تجاه إسرائيل".. فيما قال الليفتنانت بيتر ليرنر بالجيش الإسرائيلي "أن هذا الفيلم يمكن أن يكون ممثلا للديمقراطية الإسرائيلية. . حيث يمكن أن يتم مناقشة كل شيء".
وذكرت الصحيفة أن مدة الفيلم ولم تتجاوز ميزانيته مليون دولار. .وقام بتمويله بشكل أساسي مذيعون إسرائيليون وأوروبيون والمنتج الأمريكي شركة إمباكت بارتنرز. وأضافت بأنه فيما وراء الروايات بقتل الأسرى والمدنيين خلال حرب 1967، فإنه ربما كان العنصر الأكثر لفتا في الفيلم هو أنه في غضون أسبوع أو أسبوعين من انتهاء الحرب، فإن هؤلاء الجنود- من حركة الكيبوتسات الاشتراكية إسرائيل – شككوا في الحكمة من الحرب. ونقلت الصحيفة عن أحد الإسرائيليين قوله "أعتقد أنه في الجولة القادمة فإن كراهية العرب تجاهنا سوف تكون أكثر خطورة وعمقا". فيما أعرب آخر – يعارض بالفعل احتلال الأراضي الفلسطينية- عن مخاوفه قائلا أن "هذه الحرب لم تعجز عن حل مشاكل الدولة فقط وإنما ساهمت في زيادة تعقيداتها بطريقة تجعل من الصعب جدا حلها". ووفقا للمخرجة لوشاى "هذه هي قصة رجال خرجوا إلى الحرب بشعور المضطر للدفاع عن حياته، وهم على حق في هذا الشعور، ولكنهم عادوا كغزاة.". وأضافت "لو أن تلك الأصوات نشرت في عام 1967، فربما كان واقعنا الآن مختلفا". ونقل الفيلم حوارا للسيد ليفيتان يقول انه واحد من الجنود الإسرائيليين الذين تغيرت وجهات نظرهم مع الزمن. . وأن مشاهد الأسرى بعد الحرب كسرته وجدانيا. . وقال أنه كان مقتنعا أن السلام قادم، وربما بعد حرب الأيام الستة كان يأمل أن يحدث ذلك "وأضاف "لقد كنت ساذجا جدا. فقد شاركت في خمس حروب أخرى وأنا قائد. والحقيقة هي أنه بمرور السنوات، فقدت إيماني بإمكانية الوصول إلى أي حل في المنطقة".
في الختام نقول : إن على الأجهزة الأمنية والمخابرات الحربية والعامة أن تسعى بكل الوسائل لحصول على هذا الفيلم والاحتفاظ به في ملف إسرائيل الأسود وجمعه مع غيره من المستندات لتقديمها للجنائية الدولية في وقت مناسب لها الحق أن تحدده وليس لها الحق أن تتجاهله.