أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - غالب المسعودي - الحاضرية الوجودية ومبدأ عدم اليقين















المزيد.....

الحاضرية الوجودية ومبدأ عدم اليقين


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7982 - 2024 / 5 / 19 - 02:58
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هناك بعض المحاولات لتطبيق مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج في سياق الفلسفة الحاضرية الوجودية. هذه المحاولات تحاول ربط مبدأ عدم اليقين بالطبيعة اللاحتمية للوجود الإنساني والحرية الوجودية. فكرة أن عدم اليقين الكمي تعكس طبيعة الوجود الإنساني اللاحتمية والحرة، ويعتبر محاولة لربط مبدأ عدم اليقين بمفاهيم الاختيار والتحرر في الفلسفة الوجودية ويشكل تفسيرا للقلق الوجودي في ضوء مبدأ عدم اليقين. الربط بين عدم اليقين الكمي وشعور الإنسان بعدم اليقين والقلق تجاه مستقبله يعكس محاولات بناء نظرية معرفة وجودية تستند إلى مبدأ عدم اليقين الكمي لكن فكرة عدم اليقين هو سمة أساسية للوجود والمعرفة الإنسانية. كما أن مبدأ عدم اليقين يفرض على الإنسان مسؤولية أخلاقية في اتخاذ القرارات وربط مبدأ عدم اليقين بمفاهيم الحرية والمسؤولية في الفلسفة الوجودية. بالطبع، هذه المحاولات لا تزال في مرحلة البحث والنقاش الفلسفي، ولكن تظهر محاولات مثيرة للاهتمام لربط مبدأ عدم اليقين بالأفكار الوجودية والحاضرية.
إن تطبيق مبدأ عدم اليقين في الحاضرية الوجودية قد ينتج عنه عدة نتائج متوقعة مبدأ عدم اليقين يشير إلى اللاحتمية الميتافيزيقية في الوجود، مما يعزز فكرة الحرية الإنسانية والقدرة على الاختيار قد يُفسر هذا الربط بين عدم اليقين والحرية الوجودية كأساس لتأكيد دور الإنسان في صناعة مصيره. يعزز هذا الربط الفهم للوجود الإنساني كمشروع مفتوح وغير محدد سلفًا تفسير القلق الوجودي. مبدأ عدم اليقين يفسر الشعور بالقلق والضيق الوجودي الذي يعاني منه الإنسان. هذا يرتبط بفكرة أن الحقيقة ليست مطلقة وأن المعرفة الإنسانية محدودة ومشروطة. مبدأ عدم اليقين يؤكد على أهمية المسؤولية الأخلاقية في ظل طبيعة الوجود اللاحتمية,لذا فان الإنسان قد يتحمل مسؤولية أكبر في اتخاذ قراراته وفعله في ظل غياب اليقين المطلق، بالطبع، هذه النتائج المتوقعة تبقى في إطار النقاش والتحليل الفلسفي، ويمكن أن تكون مجالات خصبة للمزيد من البحث والتأمل في الربط بين مبدأ عدم اليقين والحاضرية الوجودية.
يمكن استخدام مبدأ عدم اليقين في الحاضرية الوجودية لتفسير بعض الظواهر الاجتماعية، هناك بعض الطرق التي يمكن من خلالها ربط هذا المبدأ الفيزيائي بعالم الاجتماع والثقافة، يمكن تطبيق هذا المفهوم على الظواهر الاجتماعية، حيث إن المجتمعات والثقافات لا تخضع لقوانين حتمية، بل تتسم بالديناميكية والتغير المستمر. هذا يمكن أن يفسر التحولات الاجتماعية والثقافية التي لا يمكن التنبؤ بها بشكل كامل. عدم اليقين يؤكد على محدودية المعرفة الإنسانية وعدم القدرة على التنبؤ بكل شيء بدقة. يمكن تطبيق هذا المفهوم على المعرفة الاجتماعية والثقافية، حيث إنها لا تتسم بالتحديد المطلق والقوانين الثابتة. هذا يُوضح تعدد التفسيرات والنظريات الاجتماعية وعدم قدرتها على إعطاء صورة كاملة للظواهر الاجتماعية. عدم اليقين يؤكد على دور الفاعل في تحديد النتائج وعدم خضوعها لقوانين جبرية يمكن تطبيق هذا على الفاعل الاجتماعي، حيث إن له دور فاعل في صناعة الواقع الاجتماعي والثقافي. هذا يُفسر التنوع في الممارسات الاجتماعية والثقافية وعدم إمكانية تحديدها مسبقًا.
بالطبع، هذه التطبيقات تحتاج إلى مزيد من التأصيل النظري والتحليلي، ولكن بشكل عام، يمكن القول إن مبدأ عدم اليقين في الفيزياء له إمكانات للمساهمة في فهم بعض الظواهر الاجتماعية والثقافية هذا يُفسر التغيرات الثقافية المفاجئة والتحولات في القيم والممارسات الثقافية ينطبق على المعرفة الثقافية، حيث إنها تتسم بتعدد التفسيرات والقراءات للظواهر الثقافية، وتعدد النظريات الثقافية والانتشار المتزايد للتعددية الثقافية في العالم المعاصر. مبدأ عدم اليقين يؤكد على دور الفاعل في تحديد النتائج وعدم خضوعه لقوانين محتومة. هذا ينطبق على الفاعل الثقافي، حيث إن له دور فاعل في إنتاج وإعادة إنتاج الظواهر والممارسات الثقافية. وهذا يُوضح التنوع في إبداعات الفنون والآداب والتعبيرات الثقافية المختلفة. بالطبع، هناك حاجة لمزيد من التفصيل والتأصيل النظري لربط مبدأ عدم اليقين بالظواهر الثقافية.
يمكن استخدام مبدأ عدم اليقين لفهم التغيرات الثقافية في المجتمعات المختلفة. هناك عدة وجوه لكيفية تطبيق هذا المبدأ على فهم التحولات الثقافية:
عدم القدرة على التنبؤ بالتغيرات الثقافية:
مبدأ عدم اليقين يؤكد على أننا لا نستطيع التنبؤ بدقة بمسار التطورات المستقبلية هذا ينطبق على التحولات الثقافية، فليس من الممكن التنبؤ بشكل دقيق بالتغيرات القادمة في القيم والممارسات الثقافية. يفسر هذا المبدأ الطبيعة المفاجئة والغير متوقعة للكثير من التحولات الثقافية في المجتمعات.
الحتمية والإمكانية في التغيير الثقافي:
مبدأ عدم اليقين يؤكد على أن النتائج لا تخضع لحتمية كاملة، بل هناك مجال للإمكانيات المتعددة. هذا ينطبق على التغيرات الثقافية، فليس هناك مسار محتوم للتحولات الثقافية، بل هناك إمكانات متعددة متاحة.
دور السياق والفاعل في التغيير الثقافي:
مبدأ عدم اليقين يؤكد على دور السياق والفاعل في تحديد النتائج، هذا ينطبق على التحولات الثقافية، فهي لا تنشأ في فراغ، بل تتأثر بالسياقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. كما أن للفاعلين الاجتماعيين والثقافيين دور محوري في صياغة وإحداث التغيير الثقافي.
بشكل عام، يساعد مبدأ عدم اليقين في فهم التغيرات الثقافية كظواهر غير محتومة ولا قابلة للتنبؤ الدقيق، بل تتأثر بالكثير من العوامل السياقية والفاعلية. وهذا يفتح آفاقًا للتحليل والتفسير المتعمق للتحولات الثقافية المختلفة، وينفي مفهوم القضاء والقدر، لذا يرى الشكوكيون أن هناك عدة حدود وقيود تحد من إمكانية تحقيق اليقين التام في المعرفة البشرية، يشككون في موثوقية المعلومات التي نحصل عليها عبر حواسنا، فهي محدودة وقد تكون خادعة أو منحرفة عن الحقيقة. يرى الشكوكيون أن العقل البشري يعاني من العديد من التحيزات والانحرافات التي تؤثر على طريقة إدراكنا للواقع وتفسيرنا له. صعوبة إثبات الحقائق بشكل قاطع، يرون أن الأدلة والبراهين المتاحة دائمًا قابلة للنقد والطعن، مما يجعل من الصعب إثبات الحقائق بشكل نهائي وقاطع. اختلاف وتناقض المعارف والآراء، يلاحظ الشكوكيون تنوع وتباين المعارف والآراء الفلسفية والعلمية والدينية حول الكثير من القضايا، مما يعكس عدم اليقين وكذلك دور السياق والتأثيرات الثقافية, يرى الشكوكيون أن معرفتنا ومعتقداتنا تتأثر بالسياق والبيئة الثقافية والاجتماعية التي نعيش فيها، مما يحد من إمكانية الوصول إلى الحقيقة المطلقة.
هذه الحدود والقيود التي يراها الشكوكيون تجعلهم يرفضون إمكانية تحقيق اليقين التام في المعرفة الإنسانية، ويدعون إلى التوقف عن الجزم والحكم المطلق على الأمور. هناك مفهوم آخر للحكم اليقيني يمكن اعتباره بديلاً للبحث عن اليقين التام الذي يرفضه الشكوكيون. هذا المفهوم هو "اليقين المحدود" أو "اليقين المشروط يعني الوصول إلى حكم أو معرفة يُعتبر قريبًا من الحقيقة، لكنه ليس نهائيًا وقاطعًا، هذا النوع من اليقين يأخذ في الاعتبار القيود والحدود التي يشير إليها الشكوكيون، ولا يدّعي الوصول إلى الحقيقة المطلقة. يقبل تعديل الحكم أو المعرفة في ضوء معلومات جديدة أو أدلة إضافية,وهواليقين المشروط والذي يعني الوصول إلى حكم أو معرفة في ظل افتراضات وشروط معينة، لا يدّعي هذا النوع من اليقين الصدق المطلق، بل يربطه بالسياق والافتراضات التي تم البناء عليها، يقر بإمكانية تعديل الحكم أو المعرفة إذا تغيرت الافتراضات أو الشروط، هذا النوع من اليقين المحدود والمشروط قد يكون بديلاً مقبولاً لدى الشكوكيين، لأنه لا يتعارض مع وجهة نظرهم حول استحالة الوصول إلى اليقين التام. بدلاً من ذلك، يقبل هذا المفهوم حدود المعرفة البشرية ويبني عليها.
بشكل موجز، مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج ينص على أنه لا يمكن قياس موقع وزخم (كمية الحركة) جسيم في نفس اللحظة بدقة مطلقة فيما يتعلق في الفيزياء الكمومية. أي هناك حد أدنى للدقة في قياس هذه الكميات الفيزيائية معًا. وهذا يعني أن المعرفة الفيزيائية عن حالة الجسيم في الفيزياء الكمية لا يمكن أن تكون مطلقة أو كاملة، بل محدودة بحدود دقة القياس. فكلما زادت دقة قياس إحدى الكميتين (الموقع أو الزخم)، قلت دقة القياس للكمية الأخرى. هذا المبدأ له تأثيرات مهمة على فهم السلوك الكمي للجسيمات الدقيقة وبالتالي المبدأ الحاضري الوجودي. فهو يؤكد أن الوصف الكامل لحالة الجسيم ليس ممكنًا، والمعرفة العلمية عنه تكون مشروطة بحدود القياس التجريبي. وبالتالي، فإن نظرية الفيزياء الكمية تعترف بحدود المعرفة وتتعامل مع اليقين المحدود بدلاً من السعي وراء اليقين المطلق أو التفسير الحتمي الكامل للظواهر. وهذا مثال واضح على أهمية مفهوم اليقين المشروط في العلوم. أن سيادة نظام اليقين المشروط يزيد من شعور الإنسان بالإحباط واليأس في مواجهة الواقع الفيزيائي لكن من ناحية معرفية يتجاوز اللامعنى والعبثية الوجودية بتأكيد المعنى الحاضري الوجودي، ويمكن أن يزيد الرغبة في البحث عن معنى الحياة والتفكير الفلسفي.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة الحاضرية الوجودية الشاملةوالدين
- انزياحات العولمة والحاضرية الوجودية
- الحاضرية الوجودية والنظرة الكونية لستيفن هاوكنك
- العمل الصالح في الحاضرية الوجودية الشاملة
- الحاضرية الوجودية وتصديق الوهم
- الحاضرية الوجودية الشاملة ومفهوم الزمن والموت
- التاريخ والتحولات في الحاضرية الوجودية الشاملة
- الحاضرية الوجودية الشاملة و تحقيق السعادة والرضا
- الحاضرية الوجودية وما بعد البراكماتية
- تأثير الحاضرية الوجودية الشاملة فلسفيا
- الحاضرية الوجودية والبحث عن المعنى Presentism Existentialism
- الأيديولوجيات والديموقراطية
- العالم من الفاشية الى الفاشنستية
- المادية والمثالية وقضية الوجود والتطرف
- الانسان من تطورية العقل الى انسحاب بدائي
- اللعب المخادع ومظهرية الاداء سمة الجبناء
- جبهة دولية لتغذية الاعلام المنحاز
- الاعلام المنحاز وأدلجة الحقيقة
- فلسفة الوحدة
- جينالوجيا الطاعة في الشرق الاوسط


المزيد.....




- شاهد.. شجار على متن طائرة ركاب أمريكية يتسبب في تحويل مسارها ...
- عضو اللجنة العليا للحج والعمرة المصرية يكشف لـ RT آخر موعد ل ...
- -بايدن يريد السلام، لكن إسرائيل تريد الحرب- - هآرتس
- بعد اتهامها بتجنيد -عصابات إجرامية لمهاجمة إسرائيل-.. إيران ...
- وضع كارثي ـ فيضانات وأمطار متواصلة في جنوب ألمانيا
- انهيار مبنى سكني من 4 طوابق في اسطنبول (فيديو)
- مشاهد توثق لحظة انهيار المبنى السكني في اسطنبول (فيديو)
- في غيبوبة وبنصف جسد.. هكذا أفرجت إسرائيل عن الفلسطينية وفاء ...
- عبد القادر المظفر.. عالم القدس ومفتي الجيش العثماني الرابع
- أحمدي نجاد يسجل ترشحه للرئاسة الإيرانية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - غالب المسعودي - الحاضرية الوجودية ومبدأ عدم اليقين