أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - أفكار كيسنجر بين المفاوضات والتصعيد!















المزيد.....

أفكار كيسنجر بين المفاوضات والتصعيد!


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7505 - 2023 / 1 / 28 - 10:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعود الحديث حول أوكرانيا بقوة بعد جملة من التصريحات والأحداث، ويبدو واضحا أن هذه الحرب ورغم الثبات النسبي في خطوط تماسها مؤخرًا، إلا أنها أكثر الملفات العالمية نشاطا، لا لأن مصير بلد كأوكرانيا بات معلقا بمسمار هذه «العملية الخاصة»، بل لكون مستقبل العالم الذي نعيش فيه يرسم هناك، في أوروبا وفي كل ساحات الاشتباك الأخرى. هذا ما يراه الكاتب المستنير علاء ابوفراج، والذي طرح سؤالا بالغ الأهمية وهو هل نحن أمام موجة جديدة من التصعيد، أم أمام فرصة لعقد مفاوضات؟ وفي محاولة الإجابة عن هذا السؤال، يعتقد بعد أن تبين في الأسابيع الماضية أن الأحداث المتداولة عن إمكانية عقد مفاوضات لم تتسم بالجدية الكافية، خصوصا بعد ان ظهرت الشروط الأمريكية لهذه المفاوضات، التي تفرض في جوهرها أن تتصرف روسيا كما لو أنها المهزومة في هذه الحرب، وتتخلى طواعية عن كل التقدم العسكري الذي أحرزته منذ شهر فبراير الماضي. بعد كل هذا، عادت مجددًا الأصوات التي تتحدث عن ضرورة الذهاب إلى مفاوضات، لكنها تتزامن هذه المرة مع خطط تصعيدية خطيرة يروج لها فريق ٱخر. نشر الدبلوماسي ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق هنري كيسنجر مقالًا مقتضبًا في مجلة «The Spectator» البريطانية، اعاد فيه طرح فكرته حول ضرورة الذهاب إلى مفاوضات، وقدم مبادرة جديدة تتقاطع إلى حد كبير مع تلك التي روج لها رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك منذ فترة وجيزة. كيسنجر استنكر وقائع الحرب العالمية الأولى، وكيف كلف «مماطلة» الرئيس الأمريكي - وودرو ويلسون - أوروبا سنوات إضافية من الحرب والدمار، وأكثر من مليوني قتيل، ويلسون حسب الوثائق التي يشير إليها كيسنجر فضل الانتظار، وعدم الدخول في وساطة بين المتحاربين، في الوقت الذي كان عقد اتفاق ممكنا، بسبب قناعة جميع الأطراف بضرورة وقف الاستنزاف الكبير الحاصل في الأرواح والموارد. يقارب كيسنجر بين هذا الحدث التاريخي وما يجري اليوم في أوكرانيا، ويرى أن الوقت حان «للبناء على التغييرات الإستراتيجية التي تم تحقيقها» والانطلاق باتجاه المفاوضات والسلام في سبيل درء احتمالات الصدام الحالي إلى حرب عالمية جديدة. مضيفا: أن روسيا قدمت مساهمات حاسمة في توازن القوى العالمي لأكثر من 500 سنة، ولذلك «لا ينبغي التقليل من دورها التاريخي» حسب تعبيره. وحذر في الوقت نفسه من خطر الدفع الغربي المستمر لتقسيمها وتفتيتها، خصوصا أنها تضم 11 منطقة زمنية. فبحسب كيسنجر ستتحول هذه المساحة الشاسعة إلى «فراغ متنازع عليه» وقد تنشأ نزعات بين أقسامها، وتتحول لاحقًا إلى صراعات مسلحة تستخدم فيها الترسانة النووية الروسية الحالية، ما يشكل تهديدًا عالميًا حقيقيًا. وخلال مداخلة عبر الفيديو في «منتدى دافوس» الاقتصادي، قال كيسنجر إن الحرب الجارية في أوكرانيا «أظهرت أن روسيا على الأرجح ليس لديها القدرة على غزو أوروبا من خلال الوسائل التقليدية». واعتبر أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أظهرت أنه لم يعد هناك مبرر لبقاء أوكرانيا خارج حلف شمال الأطلسي «الناتو»، رغم أنه كان في السابق من المعارضين، لإنضمام كييف إلى الحلف.

كلام كيسنجر المتناقض قد يكون أكثر مناورة أمريكية جديدة، تخفي خلفها محاولة لردع روسيا استراتيجيا، فيما يقترحه فعليا هو حصول روسيا على القرم، وأن تعيد الأمم المتحدة الاستفتاءات - في الأقاليم والمناطق الأربع - التي جرت ضمها مؤخرًا، تحت بند تقرير المصير، والفكرة الأخيرة والأهم هو أن تنضم أوكرانيا إلى الناتو، وهو ما يعني أن تقبل موسكو وجود الحلف وتوسعاته العدوانية على حدودها، في مقابل «أجزاء مغرية» من خريطة أوكرانيا. هذه المبادرة لا تعتبر «مبادرة سلام» رسمية بعد، لكنها لا تعبر عن أفكار كيسنجر أو حتى ماسك من قبله! بل تعكس استشعارا عالميا للخطر لدى صناع القرار الأمريكي، فهؤلاء يدركون أن استمرار المعركة لن يؤدي إلا لاقتراب روسيا من أهدافها الاستراتيجية المعلنة، ولهذا يصرون على ضرورة وقف عملية تفكيك النظام العالمي وأدواته، التي تقودها موسكو إلى جانب حلفائها، محاولين في طروحات كهذه مغازلة التيار الليبرالي داخل روسيا، والذي ارتبطت مصالحه مع مصالح الغرب، وتناقض في الوقت نفسه مع تفكيك «النظام القائم على القواعد» الذي فرضته واشنطن. الرد الروسي على أفكار كهذه جاء على لسان مدير دائرة امريكا الشمالية في الخارجية الروسية ألكسندر دارتشييف، والذي نسف الأسس المقترحة لهذه المفاوضات، ووضع موضوعا جديدا لها. ففي تصريحاته إلى وكالة تاس الروسية، قال المسؤول في وزارة الخارجية: إن المحادثات ستكون سابقة لأوانها «قبل توقف تدفق الأسلحة والتمويل لنظام زيلينسكي، وانسحاب الجنود المرتزقة المدربين من أمريكا وحلف شمال الأطلسي»، مؤكدا ضرورة «الأعتراف بالحقائق التي حددتها روسيا على الأرض» كشرط ضروري لأية مفاوضات، والتي ستناقش حسب دارتشييف كافة «الضمانات الأمنية فيما يتعلق بأوكرانيا والمنطقة الأوروبية الأطلسية»، في إشارة إلى المبادرة الروسية في هذا الخصوص.

لا شك أن مبادرة كهذه تتعارض مع أجندة التصعيد التي يتمسك بها التيار المهيمن في واشنطن، والذي يضع القوميين الأكورانيين في الواجهة، كما لو أنهم أصحاب الكلمة الفصل! فقد شنت مواقع إعلامية أوكرانية حملة جديدة ضد كيسنجر. واكتملت أركان هذه الحملة مع وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن، ليعلن أجندة مختلفة وبعيدة كل البعد عن المفاوضات. زيلينسكي وفي كلمة أمام الكونغرس الأمريكي، استخدم جملا خطابية رنانة، مؤكدا ضرورة الدعم الأمريكي لبلاده، معتبرا أن ما تقدمه واشنطن لا يعتبر «صدقة» بل بمثابة «استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية» معلنا، أن كل حزمة أو شحنة جديدة من المساعدات سيتبعها طلبا أوكرانيا بتقديم المزيد! شاكرا إعلان الرئيس جو بايدن عن حزمة مساعدات جديدة، تتضمن منظومة باتريوت الأمريكية. ففي حوار أجرته الإيكونومست البريطانية مع القائد العام للقوات المسلحة لأوكرانيا الجنرال فاليري زالوجني أشار إلى صورة قاتمة لحال الجيش الأوكراني، الذي يستطيع الصمود، حسب اعتقاده، لكنه لن يستطيع القتال في المعارك المتوقعة في بداية الربيع القادم. ولذلك أعلن قائمة الطلبات المستعجلة التي ينبغي تأمينها، وهي دبابات ومدافع هاوتزر، بالإضافة إلى الذخائر الضروية. الجنرال الأوكراني أعلن بوضوح أن هذا العتاد هو الطريق الوحيد لاستعادة كل الأراضي التي يسيطر عليها الجيش الروسي، بما في ذلك القرم، ما يشير إلى أن صقور واشنطن لا يزالون مصريين على تحديد الهدف النهائي من هذه الحرب، وذلك بحرق ٱخر جندي أوكراني في معركة خاسرة، أملا في تحقيق أكبر كم من الاستنزاف لروسيا، وبقية الدول الأوروبية المنخرطة في هذا الصراع. فوضع أهداف غير قابلة للتطبيق يعني الإصرار على استمرار الصدام الدموي إلى حدوده القصوى. تصريحات دارتشييف تقول: إن روسيا لن تدخل مفاوضات إلا إذا كانت حول الضمانات الأمنية التي تقدمت فيها موسكو سابقًا، والتي تضمن في حدها الأدنى حياد أوكرانيا، وتخلي الناتو عن الأراضي التي توسع فيها باتجاه الشرق، بالإضافة إلى سحب الأسلحة النووية الأمريكية من القواعد الأوروبية. وإذا كان هذا الخيار مايزال بعيدًا عن طاولة المفاوضات، فما ينتظرنا سيكون مزيدًا من التصعيد، وهو ما يبدو أن روسيا تتحضر له بشكل واسع، فالزيارة الأخيرة للرئيس الروسي إلى بيلاروسيا لا يمكن قراءتها إلا بوصفها تدعيم جهود التعاون الاقتصادي والعسكري والذي وصل حد الإعلان عن إنشاء مجال دفاعي موحد بين البلدين. من جهة أخرى تفرض المهام الكبرى الموضوعة على طاولة التنفيذ، تعاونًا واسعًا في كافة المجالات، بين روسيا وكل أصحاب المصلحة في تفكيك الهيمنة الغربية في دول البريكس والقوى الأخرى المؤثرة.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان وثورة يوليو
- لماذا التوجه الأمريكي نحو أفريقيا؟
- طالبان مستمرة في انتهاك حقوق المرأة
- القمم الصينية الخليجية - العربية أنموذجًا للتحول نحو تعددية ...
- في الساحة العالمية ليس لدى أمريكا ما تنافس به الصين
- حديث عن الديمقراطية والنخبة
- الانتخابات النصفية الأمريكية مرة أخرى
- محمود أمين العالم
- المواطن الأوروبي والبحث عن هوية أوروبية مستقلة
- أزمة المناخ وضرورة الالتزام بالتعهدات الدولية
- عادلة بيهم الجزائري.. ميرة الرائدات العربيات في القرن العشري ...
- الديمقراطية الأمريكية
- عن البرلمانات العربية
- الأمية في العالم العربي
- دول الاتحاد الأوروبي تدفع فاتورة باهظة
- الوطن العربي وحالة «الإنهاك»
- حول السياسة التعليمية وفضاء الحرية
- عن الليبرالية الاقتصادية
- التمييز العنصري في أمريكا
- الجامعات العربية والحريات الأكاديمية


المزيد.....




- الدبلوماسية الأمريكية هالة هاريت توضح لـCNN دوافعها للاستقال ...
- الصحة السعودية تصدر بيانا بشأن آخر مستجدات واقعة التسمم في ا ...
- وثائقي مرتقب يدفع كيفين سبيسي للظهور ونفي -اعتداءات جنسية مز ...
- القوات الإسرائيلية تقتل فلسطينيا وتهدم منزلا في بلدة دير الغ ...
- الاتحاد الأوربي يدين -بشدة- اعتداء مستوطنين على قافلة أردنية ...
- -كلما طال الانتظار كبرت وصمة العار-.. الملكة رانيا تستذكر نص ...
- فوتشيتش يصف شي جين بينغ بالشريك الأفضل لصربيا
- لماذا تستعجل قيادة الجيش السوداني تحديد مرحلة ما بعد الحرب؟ ...
- شهيد في عملية مستمرة للاحتلال ضد مقاومين بطولكرم
- سحبت الميكروفون من يدها.. جامعة أميركية تفتح تحقيقا بعد مواج ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فهد المضحكي - أفكار كيسنجر بين المفاوضات والتصعيد!