أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - النتائج المبهرة للاقتصاد الصيني















المزيد.....

النتائج المبهرة للاقتصاد الصيني


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 7155 - 2022 / 2 / 7 - 14:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


يقول الحديث الشريف (أطلب العلم ولو في الصين) فهل كان المقصود بذلك الجهد الذي يبذله الإنسان للوصول إلى الصين لبعدها؟ أم أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ببصيرته كان يعلم المكانة الكبيرة التي ستصل إليها الصين يوماً ما؟ أم للسببين معاً؟
(حقق الاقتصاد الصيني خلال العقدين الأخيرين نتائج مبهرة، خاصة في معدلات النمو الحقيقي والصادرات، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وبدأ هذا الاقتصاد يخطو بخطوات ثابتة نحو صدارة الاقتصاد العالمي، محتلا أماكن بلدان كبرى منافسة له في العديد من القطاعات الاقتصادية. وهذه المؤشرات جعلت بعض التحليلات والآراء تذهب إلى أن القرن الحالي سيصبح قرنا صينيا تتصدر فيه الصين الاقتصاد العالمي. ولكن مقابل هذه الآراء، هناك من يقلل من فرص نجاح الصين في تحقيق هذا الهدف لأسباب كثيرة، أهمها ما يتعلق بمحددات وطريقة اندماج الاقتصاد الصيني في الاقتصاد العالمي، وخاصة المحددات الداخلية النابعة من الفلسفة والأيديولوجية التي بني عليها النمو الاقتصادي الصيني، وصعوبة الحفاظ على استمرارها في ظل عضوية الصين في منظمة التجارة العالمية، يضاف إلى ذلك طبيعة هيكل الاقتصاد الصيني، وما يعانيه من تناقضات داخلية، وما يصادفه من منافسة خارجية).
كما أصبحت الصين تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، والمرتبة نفسها من حيث القدرات النووية، ووصل عدد السكان فيها إلى نحو مليار وثلاثمائة مليون نسمة. لقد توجهت الصين للانفتاح على العالم الخارجي، رافعة شعار (ليخدم ما هو عالمي كل ما هو صيني). وفي حالة استمرار تنامي معدل النمو الاقتصادي على ما هو عليه الآن، يمكن للصين أن تتحول في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين إلى أكبر قوة اقتصادية على مستوى العالم. في هذه الحالة، ستحتل الصين مكان الولايات المتحدة الأمريكية التي يعتبر اقتصادها الأكبر على مدى قرن من الزمان، وسيكون القرن الواحد والعشرون قرناً صينياً.
وتشير الإحصاءات إلى تجاوز احتياطي الصين من العملات الصعبة مبلغ تريليون دولار مع بداية عام 2007، متجاوزة بذلك ما تملكه اليابان من احتياطي بلغ حجمه 800 مليار دولار في نهاية عام 2006، وهذا الحجم من الاحتياطي جعل الصين تحتل المركز الأول بين دول العالم في هذا المجال. وقد انقسم الخبراء والمحللون الاقتصاديون حول آثار هذا الحجم الكبير من الاحتياطي على الاقتصاد الصيني. بعض المتابعين للاقتصاد الصيني المستمر في النمو بنسبة 10% سنوياً تقريباً منذ أعوام، يرون أن حيازة الصين لهذا الكمّ من العملة الصعبة ناتج عن العائدات الضخمة للحجم الهائل من صادرات منتجاتها التي أغرقت به شتى أسواق العالم. وهذا ما جعل الصين تتمتع بقدرة عالية في ميزان مدفوعاتها الذي يضمن بدوره ثقة المستثمرين الأجانب واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من جهة، ويعزز قدرتها على مواجهة الأزمات التي قد تحيط بعملتها بسبب أعمال المضاربة الخارجية من جهة أخرى. وهناك من يرى في ذلك الاحتياطي من العملات الصعبة مشكلةً ناتجةً عن عدم التوازن بين التجارة والاستثمار، ما قد يسبب خللاً في توازن الاقتصاد الصيني. فبينما بلغ حجم صادرات الصين 970 مليار دولار في عام 2006، ما زالت استثماراتها الخارجية قليلة نسبياً وما زالت هناك فجوة بين صادرات الصين ووارداتها، ما قد يتسبب في عرقلة النمو الصحي لاقتصادها.
لا تزال الصين على رأس قائمة الدول الآسيوية التي تثير الاهتمام. فمعدلات النمو الاقتصادي السنوي التي تجاوزت 10% لسنوات عديدة متلاحقة، وتحسن مستوى معيشة المواطنين، ثم النجاحات المتوالية في عمليات الاندماج بالاقتصاد العالمي. كل هذا كان لابد أن يثير في النفوس مزيجا من الإعجاب والدهشة معا.
كيف يمكن تفسير هذه النهضة الاقتصادية؟ وبخاصة إذا ما قورنت بالزمن الذي استغرقته الدول الصناعية لتحقيق هذه النهضة.
يبدو أن القيم المستمدة من الثقافة الصينية وبخاصة الكونفوشيوسية مسؤولة بشكل كبير عما تحقق للصين من إنجازات اقتصادية، وأنه ما كان لتلك الإنجازات أن تتم بهذه الصورة وبتلك السرعة لولا أن خلفية ثقافية مواتية كانت هناك لتدفع بها وتزيد من زخمها. وتجدر الإشارة إلى أهمية قيم بعينها منها:
• تفضيل الجماعة على الفرد،
• والإعلاء من شأن العمل الجاد والشاق في سبيل الجماعة،
• والحرص على البعد الإنساني في علاقات العمل،
• ارتكاز الأعمال إلى شبكات من العلاقات الاجتماعية الوطيدة التي تيسر الإنجاز وتدفعه في اتجاهات مثمرة.
هذه القيم المستمدة من تراث الكونفوشيوسية، كانت ولا تزال من وجهة نظر كثير من الباحثين عاملا رئيسيا في تفسير المعجزة الاقتصادية الصينية، وسببا رئيساً من أسباب النهضة الاقتصادية واستمرارها.
وتبدو خصوصية التجربة الصينية في النمو، عندما أفلحت في تحقيق إنجازاتها الاقتصادية بالاعتماد على طرائق وأساليب مستمدة من الواقع الصيني وأطره القيمية الخاصة، وعدم الانسياق للتجارب الغربية في النمو (والتي تقلل من دور الجماعة وتعلى من قيم الفردية المتوحشة، ثم استلهام الخصوصيات الصينية في توجيه مسار النمو الاقتصادي، هما اللذان ضمنا للدولة التمتع بمستويات مرتفعة ومطردة من هذا النمو.
كما أن قيماً صينية خاصة مثل احترام وتوقير النظام والتناغم الاجتماعي، هي التي كفلت للبلاد حتى اليوم استقراراً افتقرت إليه دول كثيرة، طبقت دون وعي النموذج الديمقراطي الغربي وهو النموذج الذي يعلي من الحريات السياسية الفردية دون اعتبار لمسائل شديدة الأهمية كالاستقرار الاجتماعي وتجنب الفوضى الاجتماعية.
(هل يمكن القول مثلاً إن النمو الاقتصادي الصيني كان مرجعه لقيم مجتمعية دفعت إلى وجوده واستمراره أم انه حدث ببساطة - وكما كان الحال في بلدان أخرى - بسبب إعمال قوانين السوق الحرة وتشجيع الظروف الملائمة لها، ومن ثم يكون التأثير على النمو هنا راجعاً وبصورة أكبر لتطبيق قاعدة عامة لا تمثل الممارسات الصينية استثناءً منها؟ ومن ناحية أخرى، هل يمكن الاطمئنان إلى القول بوجود ديمقراطية "على الطراز الصيني"، أم أن عملية التطور الديمقراطي تخضع بدورها لشروط ومراحل ما إن تتوافر في بلد من البلدان ومهما تكن خصوصياته، فإنها تفضي إلى تغيير المشهد السياسي نحو صورة تتسم بالتعدد في مراكز السلطة وبمزيد من الاحترام للحقوق الفردية وحقوق الإنسان؟ بعبارة أخرى، هل للخصوصية القيمية ذلك الدور الذي يتصوره مؤيدوها في تشكيل ظاهرتي النمو الاقتصادي والتنمية السياسية عموما وفى الصين خاصة؟).
كتب توماس فريدمان الكاتب الأميركي المعروف في جريدة الاتحاد الإماراتية حول العملاق الصيني يقول: (إنني لا أزال متمسكاً بقناعتي الراسخة، وإن لم يفرغ المؤرخون من تسجيل أحداث هذه الحقبة العصيبة من تاريخنا المعاصر، بأن الحدث الأهم والحاسم فيها، لن يكون هجمات 11 سبتمبر، ولا غزونا لكل من العراق وأفغانستان، وإنما بروز العملاقين الآسيويين؛ الصين والهند. لذلك فإن الاتجاه الواجب علينا مراقبته ورصده عن كثب، هو مدى قدرة بقية دول العالم على التكيف مع بروز هاتين القوتين، وكيف تتمكن أميركا من التعاطي مع الفرص الاقتصادية الكبيرة التي يتيحها هذا النهوض الآسيوي، وكيف ستستجيب للتحديات التي يثيرها أمامها؟).
وأضاف فريدمان: (ولهذا فإن المتوقع من الكونجرس "الديمقراطي" الجديد، أن يتجه إلى تبني سياسات اقتصادية أكثر ميلاً لحماية اقتصادنا القومي، بما في ذلك تقليص نطاق التجارة الحرة، واتخاذ سياسات اقتصادية ذات طابع عقابي إزاء الصين، خاصة على إثر الرقم الجديد الذي سجله فائضها التجاري في شهر أكتوبر 2006).
عندما كنت المدير العام لهيئة الاستثمار السورية اجتمعت خلال أسبوع واحد ثلاث مرات مع السيدة سفيرة الصين السابقة بدمشق، الاجتماع الأول: في هيئة تخطيط الدولة أثناء اجتماع ترأسه نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وحضره وزير النفط والثروة المعدنية ورئيس مجموعة C N P C النفطية الصينية التي تملك استثمارات كبيرة في هذا المجال في عدد من دول العالم منها الجزائر والسودان، كما حضر الاجتماع عدد من الخبراء والفنيين من الجانبين السوري والصيني لمناقشة استثمار جديد (مصفاة للنفط في منطقة دير الزور) تنوي الصين تمويله وإقامته، الاجتماع الثاني: عندما زارتني في هيئة الاستثمار السورية لمناقشة آخر التطورات والتحسن الكبير الذي طرأ على مناخ الاستثمار في سورية خلال السنوات القليلة الماضية وبخاصة بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 8 لتشجيع الاستثمار والمرسوم التشريعي رقم 9 القاضي بإحداث الهيئة السورية للاستثمار، ولم تنس السيدة السفيرة أن تحضر معها مجموعة من الكتب حول تطور الاقتصاد الصيني وتطور الاستثمار في الصين، والاجتماع الثالث: عندما كانت تشارك في العيد الوطني لإحدى الدول أقامته سفارة تلك الدولة بدمشق. الجميع يشهد بالنشاط المتميز لهذه الدبلوماسية للقيام بمهمتها وخدمة بلدها والعمل على تطوير العلاقات بين سورية والصين والمشاركة الفعالة في أهم الأنشطة التي تشهدها سورية بشكل عام.
السفيرة الصينية نتاج الثورة الثقافية التي أرسى قواعدها ماو تسي تونغ، ونموذج للمواطن الصيني الذي حقق النتائج المبهرة للصين. هذا يوضح لنا تخوف توماس فريدمان من نهوض العملاق الصيني.

الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق
Email: [email protected]



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن سينا الشيخ الرئيس ظاهرة فكرية عظيمة
- إستراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك
- التنمية المستدامة، تحسين ظروف معيشة جميع الناس
- برامج التصحيح وإعادة الهيكلة في الدول العربية
- تطور العلاقات الاقتصادية السورية الروسية
- الظاهرة القرآنية كتاب من تأليف مالك بن نبي
- م ع ك التقرير الاقتصادي الأسبوعي رقم 371/ 2022 M E A K -Week ...
- عرض لكتاب: إمبراطورية العار (سادة الحرب الاقتصادية – الإقطاع ...
- ‏مذكرة تفاهم ضمن إطار -مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير
- الحرب الكونية الظالمة عل سورية وخسائر الاقتصاد السوري
- تأثير الانتخابات الأمريكية على الاقتصاد والأسواق المالية
- المصارف التقليدية والإسلامية في الجمهورية العربية السورية
- م ع ك التقرير الاقتصادي الأسبوعي رقم 370/ 2022
- التحديات التي تواجه المصارف العربية في ظل عولمة الخدمات المص ...
- أزمة الأسواق المالية واتساع دائرة التعامل مع الأصول المالية
- السياسات الاستثمارية السليمة تؤدي إلى جذب المزيد من الاستثما ...
- أزمة النظام الاقتصادي العالمي أزمة أخلاقية قبل أن تكون أزمة ...
- هل تتكامل الدول العربية اقتصادياً؟
- المؤتمر الحادي عشر لرجال الأعمال والمستثمرين العرب
- النتائج الاقتصادية للسنة الأولى من إنضمام بولنده للاتحاد الأ ...


المزيد.....




- تقرير أممي يشير إلى تغير في أسعار المواد الغذائية في العالم ...
- “الاصفر رفع تاني“ سعر الذهب اليوم في العراق في محلات الصاغة. ...
- صحيفة روسية: إيران تحاول كسب ثقة أفريقيا بصادرات السلاح
- القضاء الروسي يجمد أموالا وأصولا لبنكين أمريكي وألماني
- مصر تعلن عن ميزانها التجاري الشهري
- منظمة: الهجرة دعمت النمو بالاقتصادات الكبرى
- تقديرات ترجح انكماش الاقتصاد الفلسطيني 27% بسبب الحرب
- رسالة باول المشفرة.. هل يعيد الفيدرالي حساباته تجاه الفائدة؟ ...
- أسهم أوروبا تتراجع بعد قرار الفيدرالي وتباين مكاسب الشركات
- هل تسمح العملات المشفرة بالتحايل على العقوبات الأميركية؟


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مصطفى العبد الله الكفري - النتائج المبهرة للاقتصاد الصيني