أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وهيب أيوب - بين المعرّي والشريف المرتضى، وطه حسين وشيخ أزهري














المزيد.....

بين المعرّي والشريف المرتضى، وطه حسين وشيخ أزهري


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 7004 - 2021 / 8 / 30 - 13:56
المحور: الادب والفن
    


وما أشبه اليوم بالأمس ...!
إن من سمات تكوين الشخصية العربية الإسلامية منذ نشوء الإسلام وحتى اليوم؛ الاستبداد بالرأي وعدم قبول الآخر المُختلف، وأن الخلاف بالرأي؛ لا يُفسد للودِّ قضية وحسب بل يخلق عداوة وقطيعة. وهذا ما أثبتته البرامج الحوارية على الفضائيات بين ما يُسمى المثقفين النُخبة، بحيث تنتهي معظم تلك اللقاءات بالشتائم وتراشق المسبّات والاتهامات بالكفر والعمالة، والاشتباك بالأيدي في أحيانٍ كثيرة.
إن تلك الثقافة الإقصائية عبر التاريخ العربي الإسلامي وحتى اليوم؛ كانت من الأسباب الجوهرية في إضاعة أي فرصة للتقدّم والنهوض، ودفنت في المهد كل فكر تنويري حاول التساؤل والتجديد والتحديث.
في الثلاثينيات من عمره غادر المعرّي بلدته معرّة النعمان قاصداً بغداد التي وصفها طه حسين بأنها كانت كباريس، من حيث ما كانت تزخر بأعداد كثيرة من العلماء والشعراء والفلاسفة، لكن المعرّي حاز بوجوده في بغداد لأكثر من سنتين على لقب "زوبعة الدهور" أي فريد عصره. لكن المعرّي وما عُرف عنه من التميّز بفكره وفلسفته وجرأته واطلاعه الواسع على الأديان والفلسفات وعبقريته كشاعر، جعلته موضع حسد وضغينة الآخرين عليه. ثم وقعت المأساة التي غيّرت كل حياة المعرّي بخلافه مع مُتنفّذ بغداد "الشريف المرتضى" حيث أدّت المناكفة والجدل والخلاف بالرأي بينه وبين المعرّي بأن يأمر أتباعه بقوله لهم؛ اسّحلوا هذا الأعمى، وبالفعل تمّ جرّ المعرّي من على المنصّة وسحله في الشارع، على أثر تلك الواقعة المأساوية الأليمة لزوبعة الدهور وفريد عصره، غادر المعرّي بغداد عائداً إلى بلدته معرّة النعمان في سوريا واعتكف بيته لم يخرج منه لمدة نصف قرن حتى وفاته عام 1057م.
في بداية القرن العشرين تلقّى الطالب الضرير طه حسين حين دخوله إلى الامتحان في الأزهر الصدمة المريعة الأولى من شيخ أزهري أراد امتحانه، فناداه؛ أقبِل أيّها الأعمى، هذا الأعمى الذي أصبح فيما بعد عميد الأدب العربي ومُدرّساً في الجامعة، لكن طه حسين يقول أنه كانت لتلك الكلمة التي دعاه فيها الشيخ بالغ الأثر على نفسيته. وقد حفرت أخدوداً غائراً في نفس هذا الضرير الفاقد البصر النافذ البصيرة، لكنها ربما خلقت لديه التحدّي أيضاً.
وحين غادر طه حسين مصر متوجّهاً للدراسة في بلد الأنوار فرنسا، كان قد تلقّى الصدمة الثانية، حين قرأ ما كتب المستشرقون عن عبقرية أبو العلاء المعرّي والتي تُرجمت مؤلفاته لأكثر من عشر لغات أجنبية ، وأن بعض المثقفين كتبوا عن المعرّي بعد اطلاعهم على كتابات المستشرقين عنه، فقرّر طه حسين بأن تكون رسالته الدكتوراة عن أبي العلاء، لكنه استدرك قائلاً: أحتاج الآن إلى عشر سنوات للتخلّص من غسيل الدماغ الذي جرى عليّ في الأزهر تجاه المعرّي! وطبعاً كان شيوخ الأزهر ينعتون المعري في دروسهم بشتى النعوت القبيحة، من قبيل؛ الكافر الملحد الزنديق المتطاول على الدين، إلى آخر تلك الأوصاف....
وخلال دراسة طه حسين في باريس واطلاعه على الفلسفات الأوروبية وخاصة كتب الفيلسوف الفرنسي ديكارت، المؤسّس الحقيقي للبحث المتجرّد من الأهواء في دراسة وبحث أي موضوع، ومن هنا نشأ المذهب الديكارتي المعروف في نزاهة وحياد البحث والتفكير في أي شأن.
وهنا قام طه حسين بعد اقتناعه واعتناقه هذا المذهب الديكارتي بتأليف كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي" والذي وصل إلى نتيجة مفادها بأن الشعر الجاهلي هذا معظمه إن لم يكن كلّه منحول، أي أنه لم يؤلّف قبل الإسلام في "الجاهلية" بل بعده، ربما بالعصر الأموي والعباسي، لأن البنية اللغوية التي كُتب فيها هذا الشعر لم تكن قائمة قبل الإسلام، وأن تلك القصائد لا تُحاكي تلك المرحلة إطلاقاً.
ثم يُضيف في كتابه بعض الاستنتاجات الخطيرة التي أحدثت بركاناً في مصر والأزهر والعديد من البلدان، بحيث يقول طه حسين في كتابه : ( للتوراة أن تحدّثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدّثنا عنهما أيضا، ولكن ورود هذين الإسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي).
وكان هذا بالنسبة للأزهر وشيوخ الإسلام؛ طعناً في الدين والقرآن ونكراناً للأنبياء.
وهنا يتلقّى الأديب طه حسين الصدمة والضربة الثالثة، بحيث شُنّت عليه حملة شعواء في التكفير والارتداد وازدراء الدين ونكران الأنبياء، واستُدعي للتحقيق والمحاكمة وأُجبر على تغيير ما ورد في كتابه والاعتذار، وأصدر طه حسين نسخة جديدة مُعدّلة تحت عنوان "في الأدب الجاهلي".
وكانت تلك المحاكمة لعميد الأدب، نذير خطرٍ وشؤم لأي كاتب أو مُفكّر يحاول أو تسوّل له نفسه البحث على ذاك النهج الديكارتي الكافر!



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهزلة ومأساة العقل المسلم !
- خدعوك فقالوا -الحضارة العربية الإسلامية-
- لا تزدني من الشعرِ بيتاً !
- حكاية إبريق الزيت!
- الخالق العبقري ...!!!
- عندَ الامتحان يُكرم المرءُ أو يُهان
- الحروب المتعدّدة للإلَه الواحد!
- جرائم بلا شرف !
- الثقافات الكارثية
- جذور الاستبداد وأزمة النُخب
- مَن أطفأ النور - مَن سدَّ الطريق ؟!
- عن المرأة في قرى الجولان المحتل - القمر بدراً
- من يجرؤ على التفكير ...؟؟!!
- المرأةُ هي البوصَلة
- الطائفيّون في سوريا حلفاء غير مُعلنين لعصابة الأسد وخطر داهم ...
- مَن يعمل على إجهاض -الثورات- العربيّة؟
- الربيع العربي – كثير الشوك قليل الورد!
- العالم ينتظر حتى يُنهي الأسد مهمته - وإسرائيل لاعب رئيسي
- بشار الأسد ونموذج -فرانكشتاين- الفاشل
- إسقاطُ الهَيبة وسحق العنجهيّة


المزيد.....




- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...
- مصر.. تأييد الحكم بالسجن 3 سنوات للمتسبب في مصرع الفنان أشرف ...
- بعد مسرحية عن -روسيات ودواعش-.. مخرجة وكاتبة تواجهان السجن ف ...
- بقضية الممثلة الإباحية.. -تفاصيل فنية- قد تنهي محاكمة ترامب ...
- مصر.. القبض على فنان شهير بالشيخ زايد بتهمة دهس سيدتين
- صلاح الدين 25 .. متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 25 م ...
- غزة تحت النار.. الشعراء الشهداء إذ ينثرون إبداعاتهم


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وهيب أيوب - بين المعرّي والشريف المرتضى، وطه حسين وشيخ أزهري