أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسن زهور - دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي. (الحلقة الأولى)















المزيد.....

دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي. (الحلقة الأولى)


الحسن زهور
كاتب

(Zaheur Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 15:34
المحور: الادب والفن
    


دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي.
(الحلقة الأولى)


يعد الأدب الحكائي الأمازيغي من أغزر وأغنى الآداب الحكائية العالمية، أدب قال عنه العلامة ابن خلدون: " وكثير من أمثال هذه الأخبار لو انصرفت اليها عناية الناقلين لملأت الدواوين" (1)، لكن مع الاسف ضاع الكثير منها بسبب عوادي الزمن.
أدب حكائي يمس أغلب جوانب الحياة الانسان الأمازيغي ويعبرعن رؤاه الى الحياة والى الوجود.
و للتعريف بهذا الأدب الحكائي أرتأيت تقديم سلسلة من الدراسات التعريفية بهذا الأدب الحكائي.

1- الدراسة الأولى:

يزخر الأدب الحكائي الأمازيغي بالكثير من الحكايات التعليمية والتربوية الموجهة للطفل في سن معينة (بحكم أن بعض الحكايات تروى لمتلقيها حسب أعمارهم، إذ توجد مثلا بعض الحكايات التي لا تروى الا للبالغين مثل حكاية " حماد أحرام" أي أحمد الحرامي).
حكايات تعليمية تروم تعليم الطفل المغربي كفايات وتعلمات مرتبطة إما بواقعه الطبيعي (كأن تعلمه بعض القوانين الطبيعية على شكل احداث سردية حكائية) أو مرتبطة بواقعه الاجتماعي (كأن تعلمه مبادئ العلاقات الاجتماعية .. )، أو مرتبطة بطرق واساليب التعلم نفسها ( كأن تعتمد الحكاية على هدف أساسي هو تمرين الطفل على عملية التذكر كما في حكاية " الذئب و الرعاة" المدونة في كتاب " عيشة مي ييغد" الصادر سنة 2010 من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية)...
ولكل حكاية هدفها التعليمي والتربوي الخاص بها، وهذا النوع من الحكايات التعليمية الخاصة بالطفل دون السابعة او الثامنة من عمره، تبنى وفق انساق محددة معروفة.
من بين هذه الأنساق ما يتم الربط بين عناصره أو متتالياته الحكائية برباط محدد وفق الهدف التعليمي المرتجى، حيث يشترك فيه كل عنصر مع العنصر الذي يليه بخاصية محددة، كأن ينبني الرابط على خاصية سبب ونتيجة، أو على خاصية التضاد الطبيعي (مثل: الفأر/ القط. الماء/ النار...)، أو على خاصية علاقة طبيعية اي ربط نوع طبيعي بنوع آخر مرتبط به كأن نربط البرسيم بالماء، أو ربط عنصرين بعلاقة وظيفية(مثل: الكلب والراعي)... أو ربط كل مناسبة اجتماعية بما يناسبها( تحية أو تهنئة أو تعزية...).
ويزخر الأدب الحكائي الأمازيغي بهذا النوع السردي الحكائي الذي يسير فيه الحكي على نسق حكائي محدد يعتمد على متتاليات حكائية تعتمد على تقابلات خاصية من هذه الخاصيات السابقة ( الشيء وضده، السبب والنتيجة، قل ولا تقل في المناسبات ... )
وغالبا ما يرد هذا النمط السردي في الحكايات الأمازيغية الموجهة للأطفال بالنسبة لأطفال ما دون السابعة أو التامنة.
فمن النماذج التي يربط فيها الحكي العناصر الحكائية برابط الضدية، نجد حكاية " أزان للي يوگين ئمنسي" اي الطفل الذي رفض تناول عشاءه. هذه الحكاية هي حكاية امازيغية من منطقة القبايل الأمازيغية بالجزائر، دونها جوزيف غيڤيير Josephe Riviere سنة 1882 بعنوان " le petit enfant" في كتابه: " contes populaires kabylie de djarjoura " (2)، كما انها تحكى في بعض المناطق بالمغرب (مع تغيير في بعض شخصسياتها)، وتم جعلها نصا للتدريس في مقررات التلاوة المدرسية سلسلة "اقرأ" مستوى الابتدائي الأول في التعليم الابتدائي بالمغرب في الستينات والسبعينات من القرن الماضي بعنوان " أكلة البطاطس".
النسق الحكائي لهذه الحكاية الأمازيغية بني وفق التضاد الموجود في الطبيعة، لأن هدف الحكاية هو تعليم الطفل ضمنيا :
- إن الطبيعة تعتمد على قانون التوازن المبني على الاضداد أي أن لكل شيء ضده.
- سيرورة الطبيعة تعتمد على هذا القانون، وكل خلل في هذا القانون يؤدي إلى التفكك.
فهذه الحكاية جاءت وفق النسق الحكائي التالي، وهو أحد الأنساق الحكائية التي تبنى عليه بعض الحكايات الامازيغية الموجهة للطفل:
الأم تطلب من ولدها:
- كل عشاءك.
فيجيبها طفلها:
- أنا لن آكل العشاء.
فتتجه الأم صوب العصا:
- اضربي الولد.
وتجيبها العصا:
- أنا لن أضرب الولد.
وتتجه الام الى النار.
- احرقي العصا.
وتجيبها النار:
- أنا لن احرق العصا.
وتتجه الأم الى الماء.
- إطفئ النار.
ويجيبها الماء:
- أنا لن أطفئ النار.
وتتجه الأم الى البقرة:
- اشربي الماء.
فتجيبها البقرة:
- أنا لن أشرب الماء.
وتتجه الأم الى السكين.
- اذبح البقرة.
فيجيبها السكين:
- أنا لن أذبح البقرة.
وتتجه الأم الى الحداد:
- كسر السكين.
فيجيبها الحداد:
- أنا لن أكسر السكين.
وتتجه الأم الى الحبل:
- اشنق الحداد.
فيجبها الحبل:
- أنا لن أشنق الحداد.
وتتجه الأم الى الفأر:
- اقرض الحبل.
فيجبها الفأر:
- أنا لن أقرض الحبل.
وتتجه الأم الى القط:
- كل الفأر.
فيجيبها القط:
- نعم سآكل الفأر.
وعندما سمع الفأر جواب القط، قال للأم: أنا سأقرض الحبل، وقال الحبل. أنا سأشنق الحداد، وقال الحداد: أنا سأكسر السكين، وقال السكين: أنا سأذبح البقرة، وقالت البقرة: أنا سأشرب الماء، وفال الماء: أنا سأطفئ النار، وقالت النار: أنا سأحرق العصا، وقالت العصا: أنا سأضرب الولد، وقال الولد: أنا سآكل العشاء.
فأكل الولد عشاءه، ونام.

( الحكاية بهذا الشكل لن تنتهي، لذلك عليها أن تتوقف عند شخصية تكن العداء الطبيعي لشخصية أخرى، وهنا في الحكاية توقف الحكي عند القط العدو الطبيعي للفأر، أي يجب العودة إلى قانون الطبيعة المبني على التوازن والتضاد)ن لأن الطبيعة تسير وفق ناموسها الازلي، فالتضاد بين الشيئين هو قانونها السرمدي، وعبرت عنه الحكاية الأمازيغية بطريقتها الحكائية الفنية، الشيء الذي يعكس غنى الادب الحكائي االأمازيغي.
كثيرة هي الحكايات الأمازيغية التي حيكت وفق هذا النسق الحكائي الذي صيغت وفقه الحكاية الذي ذكرنا، منها مثلا حكاية: " تافقيرت د ئكرو نس" اي "العجوز وجديها" وهي مشهورة في الأدب الحكائي الأمازيغي المغربي، وهي نفس حكاية السابقة مغ تغيير في بعض شخصياتها.
(في الحلقة الثانية سأتناول: لماذا انتهى الحكي الى القط ليرجع الأحداث إلى مسارها وفق القانون الطبيعي؟).

الهوامش:
1- تاريخ ابن خلدون، دار الكتاب النلباني، 1999، المجلد السادس، ص175.
2- Josephe Riviere , Recueil de contes populaires de la Kabylie du Djurdjura, Ernest Leroux, Editeur, Paris, 1882.



#الحسن_زهور (هاشتاغ)       Zaheur_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإلهام الشعري عند كل من العرب و الامازيغ
- العروبة و الأمازيغية و الإسلام
- التيارات الاسلامية و العنف
- الناقد السوري الكبير -خلدون الشمعة- يبهر المثقفين المغاربة
- عودة المغرب الى هويته الافريقية
- جبهة البوليزاريو و القوات المسلحة الثورية الكولومبية: سلام ا ...
- المفكر المغربي بن سالم حميش ينتقد التبعية للمشارقة ليعود الى ...
- غزة بعد العدوان: بين صوت العقل و تهييج العواطف.
- غزة بعد العدوان: صوت العقل و تهييج العواطف.
- نحو مفهوم جديد للأدب المغربي الحديث
- الى الكاتبة حميدة نعنع : قليل من الحياء فأنت الآن في المغرب
- -الموريسكي - رواية للمفكر المغربي حسن أوريد ...
- فضائح الاسلامويين و القوميين المغاربة
- تهديدات التيار السلفي بالمغرب للمفكر العلماني أحمد عصيد
- فلسطينيوا الثورة و فلسطينيوا الثرثرة


المزيد.....




- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- الحلقة 23 من مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة الثالثة والعشرو ...
- أسرار الحرف العربي.. عبيدة البنكي خطاط مصحف قطر
- هل ترغب بتبادل أطراف الحديث مع فنان مبدع.. وراحِل.. كيف ذلك؟ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحسن زهور - دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي. (الحلقة الأولى)