أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد راشد صالح - العلاقة الجدلية بين النبي يحيى والنبي عيسى وفق المفهوم المندائي / القسم الاول















المزيد.....

العلاقة الجدلية بين النبي يحيى والنبي عيسى وفق المفهوم المندائي / القسم الاول


أحمد راشد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 13:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القسم الاول

تختلف الرؤية المندائية عما هو دارج في المسيحية حول ماهية العلاقة بين النبي يحيى والنبي عيسى لتصل حد التقاطع، ففي الوقت الذي ترى فيه الدوائر المسيحية بان يحيى وجد ليكون مهيأً لقدوم المسيح اليهودي المنتظر،[1] فان المندائية ترى ان عيسى كان تلميذا له، الا انه انشق واتخذ طريقا آخر، من خلال تغيير الطقوس والتعاليم الدينية المندائية الأولى ومزجها بالموروثات اليهودية ، وبالحقيقة فان ما تطرحه المندائية من شواهد في هذا الشأن يجعل وجهة نظرها الاقرب الى الواقع لعدة أسباب، سنتناولها تباعا:
سبق وان تطرقنا في الحلقات السابقة الى مسألة الطوائف المندائية التي مارست سياسة التقية والتخفي هذه الطوائف وعلى الرغم من انها كانت تمارس التقية، اي تمارس نشاطها الديني بالخفاء، الا ان درجة تأثر كل منها اختلف عن الاُخرى بحسب الظروف التي كانت تعيشها، ولهذا فان تلك الطوائف وبعد زوال دولة اليهودية (المملكة الحشمونية)، فان كل منها اخذ يعبر عن افكاره وبالشكل الذي يتلاءم ودرجة تأثره، ولهذا نرى النصوص المندائية تشير الى الطائفة الناصرية نظرة دونية [2]، على اعتبار انها ابتعدت عن المندائية وسلكت طريق اليهود ، بمعنى امتزجت بالعناصر اليهودية ولم تستطع الخلاص منها، والمعلوم ان يسوع غالبا ما كان يُطِلق عليه بيسوع الناصري، وعلى الرغم من ان الاناجيل القانونية تخبرنا بان اسم الناصري دلالة على مدينة الناصرة، وانه انما تسمى باسم تلك المدينة، الا ان الدلائل الاركيولوجية تؤكد على ان مدينة الناصرة لم تبنَ الا في القرن الثاني للميلاد، وهذا ما دفع الدوائر المسيحية الكاثوليكية في ترجمتها الجديدة للعهد الجديد طبعة 1989 الى تصحيح ما نقل عن متى حول مدينة الناصرة، وبما يتماشى مع النظرة التاريخية للمدينة، والتي ترى ان مصطلح الناصرة انما يمثل اتجاه ديني، وانه دلالة على الناصورائية والتي تأتي بمعنى التبحر باللاهوت. وهذه المسألة تؤكد ان يسوع كان من الطائفة الناصرية ذات الاصول المندائية التي كانت تنتشر في الجليل. وفي ذات السياق يؤكد العالم سبنسر لويس في قوله [3]: ((ان صفة ناصري لم تكن في ذلك الوقت تعني شخصا من مدينة الناصرة، وانما شخصا ينتمي الى شيعة سرانية غير يهودية تدعى شيعة الناصريين Nazarene ومثلها أيضا شيعة النصاريتس Nazarites وشيع اخرى قريبة منها، وجميع هذه الشيع تضم غير يهود من حيث المولد ويهودا جليليين حديثي العهد باليهودية، لان اليهودية لم تفرض في الجليل الا قبل بضعة عقود فقط من مولد يسوع. وقد رفض هؤلاء اليهود المحدثون الشريعة التوراتية كليا او جزئيا وكانوا ينتظرون المسيح الكوني والذي سيقدم الخلاص لكل الناس لا لليهود وحدهم. وكان لهذه الشيع مقام ديني مقدس على جبل الكرمل، ودير هو اشبه بالمعبد الديني، الذي يلتحق به الفتيان في سن الثانية عشر، من اجل الاعداد الديني وتلقي الاسرار.
ويخلص سبنسر لويس الى القول بان يسوع كان واحدا من شيع الناصريين، وانه تلقى اسرارها منذ حداثته، وتفقه في تعاليمها، وتدرب على ايدي معلميها. ولعل القصة التي اوردها لوقا عن يسوع الفتى وهو يحاور بمعرفة وذكاء شيوخ الهيكل، لم تجري في هيكل اورشليم، وانما في دير جبل الكرمل، ويرى سبنسر لويس ان الرسامين العظام قد انتجوا روائعهم تحت تأثير نوع خاص من الوحي والالهام، ولكنهم مروا قبل ذلك بفترة تدريب طويلة، اتقنوا خلالها اصول التعبير بالخط واللون، حتى صاروا مهيئين للتعبير عن الوحي بتقنيات عالية، والشيء نفسه ينطبق على الموسيقى العظيمة، التي نشأت اولا عن الهام، انبثق في ضمير المؤلف الموسيقي، ولم يكن بمقدوره التعبير عنه الا من خلال تقنيات موسيقية عالية، اكتسبها خلال فترة التدريب. لقد كان على يسوع بصرف النظر عن كمال التواصل مع الوعي الكوني، ان يكتسب التدريب المناسب، ليستطيع التعبير عن أفكاره، بتلك الطريقة وتلك اللغة التي ميزت المعلمين الروحيين عبر التاريخ. ولا شك ان إعداد يسوع قد ابتدأ منذ سنوات طفولته الأولى، على يد ابوين غير يهوديين ينتميان الى شيعة الناصريين ((.
وبجانب آخر ففي الوقت الذي تؤكد فيه الاناجيل الى ان يسوع يهودي العرق، يعود في نسله الى سليمان ابن داود، الا ان الدلائل التاريخية وكما أسلفنا تؤكد ان سكان الجليل لم يكونوا يهودا، فعلى الرغم من تباين التيارات الدينية فيها، الا ان تلك التيارات وبمجملها كانت تحرم الختان، وليس ذلك وحسب، وانما كانت تمنع الجالية اليهودية التي تسكن الجليل من ممارسة الختان. ولهذا كان يهود اورشليم يعيبون يهود الجليل، على اعتبارهم انجاس وغير مكتملي اليهودية لعدم ممارستهم الختان. ففي العام 164 ق.م هاجم يهوذا المكابي الجليل لإنقاذ الجالية اليهودية هناك، وقام بإجلاء اليهود من الجليل الى اورشليم، وابان الدولة الحشمونية زمن ألكسندر يانايوس (103 -76 ق.م) وإثر توسع الحشمونيين، تم فرض الديانة اليهودية على سكان الجليل بالقوة، وقد استمرت فترة التهويد تلك حوالي الخمسون عاما، اي جيلين كاملين. ان مناداة يسوع بالناصري حينا وبالجليلي حينا اخر، يمثل دليلا على عدم يهوديته، خصوصا وان لفضة جليلي كانت تطلق على كل ما هو غير يهودي، ليس من قبل اليهود وحسب، وانما جرت العادة لدى الرومان ايضا، كما ويشير إنجيل متَّى أيضا الى الجليل باسم جليل الأمم [4] بمعنى جليل الوثنيين.
ننتقل الى مسألة ارجاع نسب يسوع لداود، والتي اقتصر ذكرها في انجيلي متى ولوقا، والتي اثير حولها الكثير من الشكوك، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الدوائر المسيحية عموما من ان عيسى ولد من عذراء، وبالتالي فهو ليس ابن يوسف النجار، فان متى ولوقا تنسبه جسديا الى يوسف من جهة النسب، ناهيك عن الاختلافات الواضحة بين كل من متى ولوقا عند تناولهم اسماء الاجداد واعدادهم ، فبينما نجد ان متى يذكر عدد الاجيال بـ 26 جيلا ويذكر ان والد يوسف النجار هو يعقوب، وان المسيح يرجع الى سليمان ابن داود ، نرى ان انجيل لوقا يذكر عدد الاجيال بــ41 جيلا، وان اب يوسف هو هالي، وان المسيح يرجع الى ناثان ابن داود، [5] ولهذا يرجح الكثير من علماء التأريخ من ان تلك الانساب انما اقحمت لاحقا، لربط المسيحية بالعهد اليهودي القديم، كي تتماشى والاتجاه العقائدي الذي حملته الكنيسة القانونية في ان يسوع هو ذات المسيح الذي تنبأ به سفر اشعيا، سبيلا في كسب ود عامة اليهود للانخراط في الدين الجديد، ويرجح ان فترة اقحامها تعود الى القرن الثاني الميلادي.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] على الرغم من ان المسيحية تنظر الى النبي يهيا على انه القديس الذي مهد لظهور المسيح الا انها حاولت في الوقت ذاته تقزيم دوره الى ابعد الحدود من خلال انهاء دوره بعد العماد وكذلك التقليل من شأنه عمدا ، وفي الوقت الذي تظهر تلك الاناجيل عيسى شابا وسيما سمح اللحية جميل المظهر بملابس بيضاء نظيفة لا تفارقه الابتسامة نراها تقدم النبي يحيى اشعث الشعر قصير القامة مرتديا قميصا من الوبر كأهل الكهف يقتات على الجراد عصبي المزاج
[2] علينا التفريق بين ناصورائيي الجليل كطائفة مندائية عاشت تحت الراية اليهودية وتأثرت بشكل او بآخر بها وبين الناصورائية النقية والتي هربت الى الجبال البعيدة تمارس حياتها بعيدا عن التأثيرات اليهودية والتي تمثل المندائية النقية.
[3] H. Spencer Lewis, The Mystical Life of Jesus, AMORC, SanJose California, 1982,pp.
53-72141-158.عن كتاب الوجه الاخر للمسيح ص 96 فراس السواح الطبعة الاولى 2004

[4] (متَّى 4: 15).

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع



#أحمد_راشد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسينيون خلافا لما هو سائد / سلسلة صابئة فلسطين والغنوصية ا ...
- الاسينيون خلافا لما هو سائد / سلسلة صابئة فلسطين والغنوصية ا ...
- الأسينيون خلافا لما هو سائد/ سلسلة صابئة فلسطين والغنوصية ال ...
- الاسينيون خلافا لما هو سائد سلسلة صابئة فلسطين والغنوصية ال ...
- الأسينيون خلافا لما هو سائد الجزء الثاني سلسلة صابئة فلسطي ...
- الأسينيون خلافا لما هو سائد الجزء الاول من سلسلة صابئة فلسطي ...
- تأريخ ميلاد النبي يحيى بحسب النصوص المندائية (من كتاب صابئة ...


المزيد.....




- -جزائري الأصل-.. وزير الداخلية الفرنسية يكشف معلومات حول الم ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مرابض العدو في الزاعورة و ...
- الآلاف يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى والاحتلال يعتدي عل ...
- ”على Nilesat“ اضبط تردد قناة طيور الجنة toyor al jana TV على ...
- الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا أشعل النار بكنيس يهودي في روان
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات با ...
- -تينكوف- الروسي يطلق بطاقة مصرفية إسلامية
- كيف نقرأ -الجهاد- في المصادر الإسلامية؟
- مقتل رجل على يد الشرطة حاول إضرام النار في كنيس يهودي شمال غ ...
- الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار بكنيس يهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد راشد صالح - العلاقة الجدلية بين النبي يحيى والنبي عيسى وفق المفهوم المندائي / القسم الاول