|
انحني تقديساً لأم أحمد جرار
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5780 - 2018 / 2 / 7 - 19:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنحني تقديساً لأم أحمد جرار شوقية عروق منصور عندما يُقتل يستشهد يموت يمرض يختفي أحد الأبناء أول ما يخطر على بالي والدته ، أمه ، كيف سيكون ردة فعلها ، كيف ستستقبل الخبر القاسي ؟ وكيف ستجتاز قضبان الحزن التي طوقتها وتكسر حديد الوجع ؟ أضع أمومتها تحت المجهر وأفتش بالثقوب السوداء التي انبثقت من جوف القلب وأخذت تتناسخ في الروح وباقي أعضاء الجسم ، حتى تتحول مرايا الأمومة الى غموض يتحرك في الحياة دون أن يعرف المحيطين به قراءة عذابه . متاهة من الجليد اليومي تحل محل حدائق الامل التي كانت مزروعة بأشجار سنوات حياة الأبن . لكن أمام الأم "ختام جرار" والدة الشهيد المقاوم أحمد جرار – تنسب اليه قيادة المجموعة التي نفذت عملية اطلاق النار قرب البؤرة الاستيطانية حفات غلعاد وقتل فيها أحد المستوطنين - ، شعرت أنني أمام الأم الخارقة ، لقد عرفنا وعشنا وسمعنا عن أمهات الأبطال والشهداء اللواتي زغردن عند تشييع جثامين أبنائهن ، وكنت أعلم أن الزغرودة تخفي تحتها جمرات الفراق والدموع الحارقة ، لكن وقفة أم أحمد جرار أمام وسائل الاعلام بصوتها وصورتها أدخلتني في ظل الأمومة المقدس الذي يحمل مشروعاً وطنياً لا يتزحزح ، الظل الذي يقدم أسراراً لا يعرفها الساسة والسياسيين ، فحين ضجر رجال السياسة من هموم القضية وقدموا أوراق اعتمادهم للتنازل والمصافحة والجلوس على طاولات المفاوضات ، كانت هناك الأمهات يحرسن القضية ويعلمن الأبناء لغة الرفض والمقاومة . في قرية اليامون قضاء جنين ، كان موعد استشهاد الأبن أحمد جرار ، على مدار الأسابيع والحملات العسكرية المتواصلة تبحث وتفتش ، حتى استطاعت معرفة مكانه وبعد معركة بينه وبينهم تم اغتياله . ومن خلال وسائل الاعلام خرجت صورة والده " نصر جرار " الذي استشهد عام 2002 ، بعد عدة محاولات باغتياله ، وأيضاً هدم بيت عائلة أحمد ، وبين استشهاد الزوج واستشهاد الأبن كانت الأم " ختام " تقف سداً فلسطينياً شامخاً ، بعد أن وصلنا الى قناعة أن عصر السدود قد تحول الى سواتر ترابية آيلة للذوبان في كل لحظة . أم أحمد أو المرأة الشامخة "ختام جرار" ، تلك المرأة جميلة الخَلق والخُلق ، تقف بكامل اناقة أمومتها وكامل شموخ ايمانها ، وتؤكد عند استشهاد ابنها بقولها " الحمد لله " وتردد بقوة وصبر " الحمد لله " دون نزول دمعة يعتبرها الأعداء ضعفاً ، هذا العطر النازل من صفحات موسوعات الأمومة ، من يستطيع شمه إلا الأمهات الصابرات ، من يستطيع حمله الا الأمهات اللواتي منحن ارحامهن واحضانهن لقضية الوطن . أي أسلحة دمار شامل تحمله تلك الأم ختام جرار للعدو حين تقول عند استشهاد أبنها " الحمد لله " استشهد بالعز والكرامة علشان وطنه ..! ما قول الذين يزاحمون في المطارات لبيع الوطن ، والذين تطل صورهم وهم يرسمون ابتسامتهم حسب فصول الطبيعة الامريكية والأوروبية والسعودية والقطرية والمصرية ... وآخر العصابات الرئاسية والدبلوماسية ، عليهم الخشوع الآن أمام أم أحمد ، عليهم أن يأخذوا دورات في كيفية الشموخ الخالي من المناصب والرواتب والمراتب . أم أحمد – ختام جرار – أعلنك رئيسة فلسطين الحقيقية ، اعلنك الحكومة والوزرات ، لأنك أنت الأم الأرض والهواء والشمس والقمر ، لأنك أنت وباقي الأمهات اللواتي رددن مثلك " الحمد لله " هن كل شيء ، لذلك انحني لك واشكرك على جرعة الكبرياء التي قمت بتقديمها أمام العالم ، قدمت أقصر رسالة صنعت من ورق العطاء .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خمس دقائق تلخص وجع وعد بلفور
-
عهد التميمي ليست فلسطينية
-
أموت في أمك يا تميم
-
الموت وقبعات السحرة
-
شادية وشوقية والجد حسن
-
زمن ياسمين زهران
-
رؤساء برائحة النفتالين
-
تقبيل اليد التي ضربت الخد الأيمن
-
ام كلثوم تصافح المرأة السعودية
-
ابن الحارة الذي أصبح مخرجاً سينمائياً في هوليوود
-
شرشف الشرف المنشور على حبال المجتمع
-
الميدالية المزيفة وانتحار مهند
-
الحديقة في روما والفزع من ياسر عرفات
-
أطفال الكواكب وأطفال المفارق
-
نقسم بشرف الأمة أنك مظلومة ولكن
-
عند البطون تضيع الذهون
-
مغارة 5 حزيران
-
قالت ايفانكا ترامب : نحن لا نزرع الشوك
-
كل يوم هناك نكبة
-
فطوم وعصر الحيص بيص
المزيد.....
-
وزير خارجية أمريكا يغني ويعزف الغيتار في حانة بكييف
-
تظاهرات كبيرة في جورجيا بعد إقرار البرلمان قانون -التأثير ال
...
-
?? مباشر- الولايات المتحدة: الخارجية تخطر الكونغرس بصفقة أسل
...
-
مصدران يكشفان لـCNN تفاصيل صفقة أسلحة لإسرائيل تطلب إدارة با
...
-
-سجال- بين سيناتور أمريكي وخارجية إيران بشأن -القنبلة النووي
...
-
مفتي سلطنة عمان يوجه رسالة بخصوص الحرب على غزة و-تحرير أرض
...
-
اشتباكات مع مهربين قرب الحدود الليبية الجزائرية ومقتل 3 مسلح
...
-
البنتاغون: بدء تشغيل المنصة البحرية لنقل المساعدات إلى غزة خ
...
-
صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما في حفرة
...
-
حوار بين خامنئي ومسؤول حوثي بمعرض الكتاب في طهران يثير تفاعل
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|