أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - اللغة بنت قومها... المستشرق الكبير بلاشيير لا يدرك بعض مجازات العربية















المزيد.....

اللغة بنت قومها... المستشرق الكبير بلاشيير لا يدرك بعض مجازات العربية


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017 / 5 / 28 - 22:53
المحور: الادب والفن
    


قلت أكثر من مرة, إن أهل الاستشراق مهما أوتوا من حذاقة ومهارة, فإنهم لا يستطيعون فك مغاليق الموضوعات, وما التبس من شؤون, مثل أبناء اللغة ذاتها, لأن أهل مكة – كما يقول المثل – أدرى بشعابها, لذا رأينا الغلط والخطأ والتخليط الذي وقع فيه بعض المستشرقين, مع أنهم أهل جد ومثابرة وإخلاص, قدموا لتراثنا العربي الإسلامي الشيء الكثير . من ذلك ما وَهم فيه المستشرق الاسباني الأب آسين بلاسيوس (1871-1944) والمستشرق الانكليزي الكبير (ر.أ.نيكولوس) (1868-1945) إذ درس الأب بلاسيوس في تحقيق الصلة بين الكوميديا الإلهية لدانتي ورسالة الغفران للمعري, فضلاً عما قام به نيكلسون في نشر أجزاء من رسالة الغفران في مجلة (الجمعية الآسيوية الملكية) (1900-1902) . وعلى الرغم من أن نيكلسون أول من صرح بوجود مخطوطة رسالة الغفران عام 1889, فإنهما على الرغم من علميتهما والمعيتهما فقد وَهَما, ووقعا في الخطأ, وهو ما أشارت إليه الباحثة الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) (1912-1998) المختصة بالأدب العلائي, وتحقيقها لرسالة الغفران من أفضل التحقيقات المنشورة, فنيكلسون لا يكاد يفرق بين الهزال بمعنى الضعف البدني, فيفسرها بـ (الهَزْل) أي المرح, كما لا يفقه المقصود بـ (أبي حسن) فيترجمها The father of Hassan ولا يعرف ان المقصود بذلك هو الإمام علي بن أبي طالب, كما لا يعرف الفرق بين (الخُطَبُ) من الخطابة فظنها من الخَطْب بمعنى المصيبة, إلى غير ذلك مما أشارت إليه الباحثة العراقية الرصينة الدكتورة نادية غازي العزاوي في مبحثها الرصين المعنون بـ - موروثنا وإشكالات القراء الاستشراقية (رسالة الغفران أنموذجاً)- من كتابها (المغيب والمعلن.قراءات معاصرة في نصوص تراثية) الذي أصدرته دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد عام 2002, وأدرت عنه حديثاً نقدياً نشرته جريدة (الزمان) طبعة لندن بحلقتين الأولى في 29/5/2005 والثانية في 19/6/2005 وأعدت نشره في كتابي ( أحاديث تراثية. حين يكون التراث مرجعاً وملهماً) الذي نشرته دار الحقائق في مدينة حمص سنة 1424هـ -2007م مما يؤكد ما ذهبت إليه من أن النشأة الأولى وثقافة البلد, تؤثران تأثيراً بينا في فهم المراد واكتناه منغلقاته, وسبر أغواره.
لقد تأكد لي ما ذهبت إليه وأنا أبحر في عباب الكتاب المهم الذي أنتجه عقل علّامة اللغة الأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي (1923-2001) والموسوم بـ (حديث السنين – سيرة ذاتية) والذي يتحدث فيه عن أستاذه المستشرق الفرنسي المعروف (ريجس بلاشيير) (1318-1393هـ 1900-1973م) فإنه على الرغم من ترجمته الدقيقة للقرآن الكريم, وترتيبه ترتيباً تاريخياً غير الذي نعرفه في المصحف, وتعرُّفه إلى دقائق اللغة العربية ومن ذلك فهمه, وتفسيره لكلمة (بَشَرْ) التي وردت في القرآن بمعنى (الهالك) أو (الفاني) لأنها تأتي دائماً في مقابل (الباقي) أو (الخالد) أو (الأزلي) وهو (الله) ومع هذه الإمكانات الباهرة التي حُبي بها (بلاشيير) فانه لم يستطع فهم قوله تعالى (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)28/الرعد.
لقد فهم منها أنها استفهام إنكاري وهذا لا يؤدي ما أريد بالآية من معنى إيجابي وهو: إن بذكر الله تطمئن القلوب.
كما لم يفهم مترجمون انكليز, معنى (انشق القمر) المجازي في قوله تعالى ( اقتربت الساعةُ وانشق القمر). لا بل ان أستاذه بلاشيير, يصارحه التعبير قائلاً لتلميذه إبراهيم السامرائي, إن كثيراً مما يرد في كتابتكم انتم العرب, في قديم الزمان وحاضره, لا نفهمه نحن الغربيين, وقد يغيم علينا الوجه المراد في الجملة العربية, ألا ترى أني لا أدرك الوجه البلاغي في الآية: (واشتعل الرأس شيباً) (11) مريم , تراجع –ص162-164.
والأمر ذاته ينطبق على العرب الذين ذهبوا للدراسة في البلدان الأجنبية والكتابة بلغتها, أو الذين ذهبوا للعيش والإقامة الدائمة في تلك البلدان, فإنهم مهما حاولوا فهم مدلولات اللغة الثانية, فأنهم لا يستطيعون فهمها إلا بعد وقت طويل, ومن هذا ما فصله الشاعر والباحث العراقي المغترب الدكتور صلاح نيازي الذي غادر العراق خريف سنة1963, نحو أرض الله الواسعة, وانتهت الرحلة للإقامة في أفياء لندن وما زال, فإنه يتحدث عن صعوبة فهمه لمجازات اللغة الانكليزية, والوصول إلى المقصود من حديثهم وهو ما فصله في كتابه الجميل (غصنٌ مُطَعَّم في شجرة غريبة- سيرة ذاتية) يقول: .. وقعت بإشكال جديد. حين أتحدث, أعطي انطباعاً أنني أعرف اللغة الانكليزية إلى حد ما. لكن من يستمع لي سيكتشف أنني استعمل نفس الكلمات والصيغ (...) الأدهى أنني لا أفهم ما يقال, لا لأنه يقال بسرعة (...) ولكن لأن التركيب غامض (...) دعتني سيدة البيت [الذي كان ينزل فيه] مرةً للقاء بعض أقاربها. كنت أراقب كل حركة (...) دار الحديث على موضوعات شتى. تعبت من ملاحقة الجمل وشعرت بإنهاك. أدوزن أذني على صوت رجل وعلى إيقاع جملة, فما ان يدخل صوت نسائي حتى تتغير الدوزنة الأولى فلا الحق بالمعنى. سمعت سيدة البيت (...) تقول It is not my cup of tea والتفت إلي قائلة: أليس كذلك ياصلاح ؟ (...) قلت بثقة (...) لا ..لا إنه كوب شايك, أقسم إنني لم أمسسه. حين قلت لم أمسسه, ضحكوا تعجباً, لكن حين الححتُ على براءتي, أكتشفوا عدم فهمي للجملة التي تعني بالانكليزية: هذا الشيء لا يروق لي. تراجع ص54.ص55, كما يسرد لنا في كتابه هذا وقائع عديدة من هذا الأمر, هذا الرجل, الذي هذا شأنه مع لغة الانكليز, سيغدو بعد سنوات طويلة من الإقامة في تلك الربوع, أحد كبار مترجمينا, وسيجرب حظه في ترجمة نص روائي عسير على القراءة وسبر أغواره بله ترجمته للغة العرب, وأعني بها رواية (يوليسيس) للروائي الشهير جيمس جويس (1882-1941) وكان حظه عالياً وموفقاً. هذه الرواية التي أدرت حديثاً نقدياً عنها عنوانه (هل حقاً كتب جيمس جويس ملحمة القرن العشرين؟ رواية قائمة على التهكم والارتياب والكراهية) نشرتها مجلة (الأديب العراقي) التي يصدرها الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق, العدد الخامس الصادر في شتاء عام 2011, وكانت أحد فصول كتابي (السرد في مشغل النقد. الإبداع ناظراً.. الإبداع منظوراً) الذي أصدرته دار فضاءات بالأردن سنة 2014, وهذا الرجل سيحصل على الدكتوراه من جامعة لندن وبرسالة علمية مكتوبة بالانكليزية عن أبي المقرب العيوني.
ومن دلائل البون في فهم اللغات, بين الأقوام المختلفة, نصيحة يزجيها الأستاذ بلاشيير إلى طلابه العرب: ان لا تحرروا بالفرنسية, وفي أذهانكم ما يقال في مثل هذا في اللغة العربية, لأن ذلك قد يؤدي بكم إلى ان تعطوا القارئ الفرنسي شيئاً لا يقبله, وإنْ فَهِمَ المراد, لقد جاءت هذه النصيحة المزجاة مكتنزة بالعلم والمعرفة, إزاء أحد الطلبة المصريين الذي كان يحضر درس الأستاذ بلاشيير في مدرسة الدراسات العليا, في السوربون كان يكتب رسالته عن كتاب (الفرج بعد الشدة) للقاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي تـ 384هـ كان يقرأ ما حرره باللغة الفرنسية, وكان الأستاذ بلاشيير يستمع له , ويستوضحه عما يريد بين حين وآخر مما أثبته في الفرنسية,وكان الأستاذ كثيراً ما يصحح له القول منبهاً له ولنا, وهو ما نقله إلينا العلامة السامرائي في كتابه آنف الذكر. تراجع ص182-ص183.
ومن دلائل اختلاف الشعوب في فهم لغة الآخر وكنايته ومجازه وتوريته ما ذكره الناقد والباحث والمترجم المصري لويس (حنا خليل) عوض (21/12/1914-1990) في كتاب ممتع له عنوانه ( رحلة الشرق والغرب) الصادر في ضمن سلسلة (اقرأ) في حزيران /يونيو/1972, وفيه يسرد عوض وقائع زيارات بوصفه باحثاً ومندوباً لجريدة (الأهرام) المصرية ليوغسلافيا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسة وايطالية, مما يمكن عد الكتاب في ضمن أدب الرحلات والسياحة, فهو يتحدث عن لغة الشعب الأمريكي كاتباً: (وللقوم هناك عادات في التعبير تحتاج إلى معرفة خاصة, لأنها وليدة تمرس حضاري معقد عبر مئات السنين, فهم إذا أرادوا مثلاً أن يرفضوا لك طلب استخدام بطريقة مهذبة ,فربما قالوا : إن مؤهلاتك أعلى من الوظيفة المطلوبة, والمقصود في بطن المتكلم إنك ستكون – لو استخدمناك- موظفاً قلقاً متذمراً ساخطاً مشاغباً لا يشتغل بأداء عمله بقدر ما يشتغل بالمطالبة بتصحيح وضعه و(المَرْيَسَة) على أقرانه, فتفهم من الكلام أنهم يعظمونك, وهم في حقيقة الأمر يغلقون الباب في وجهك ص140.
وهذا ما المسه لدى تدقيقي قي حوار شخوص الأفلام الغربية التي أشاهدها وعلى وجه التحديد, الأفلام الأمريكية فأجد البون شاسعاً بين لغتنا ولغتهم, والأمر ينسحب على المزحة والفكاهة, التي هي قائمة أساساً على فكرة التضاد, والمفارقة التي قد لا يفهمها الآخر لتباين الثقافات, لذا يكون التفاعل معها متأخراً أو بارداً, لعدم معرفة مغزاها على وجه الدقة.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من إستلهم الآخر إبن شُهَيد أم المعري؟.. نظرات جديدة في غفران ...
- آخاب في رواية موبي ديك...حين يتحول طلب الثأر إلى عمى للبصر و ...
- عزيز السيد جاسم عقل باهر وفكر زاخر.. جَوْسٌ خَلَلَ بواكير كت ...
- حياة شرارة في روايتها (إذا الأيام أغسقت)...صور غدافية قاتمة ...
- وديع فلسطين يرسم صور أعلام عصره...غوص في المتون واستظهار الم ...
- أناييس نن في مختارات من يومياتها... حيث الحياة بإمتلاء وإيثا ...
- البرتو مانغويل شغوف بالكتب..هل تعرضت مكتبة الإسكندرية لعملية ...
- إدوارد سعيد..الكتابة لديمومة الذكرى ومواجهة الفناء...مفكر يح ...
- هاني فحص نخلة عراقية سامقة.. رجل الوسطية والحوار وإطلاق الأس ...
- الزانية .. رواية البرازيلي الصوفي باولو كويلو...تصوير رائع ل ...
- العفيف الأخضر في هذيانه... حين تلوى النصوص وتُكسر أعناقُها
- رسائل انسي الحاج الى غادة السمان ..ليس من حقنا أن نصادر رغبت ...
- من حديث أبي‮ ‬الندى للفهامة إبراهيم السامرائي ...
- سيرة ذاتية ولمحات حياتية.. عالم اللغة إبراهيم السامرائي في ( ...
- محسن حسين في أوراقه الصحفية .. سياحة استذكارية لعقود ستة من ...
- انور عبد العزيز ذاكرة المدينة الصاحية ومبدعها الكبير
- من أوزار الثقافة في العراق وأرزائها.. هل كان طه باقر مقتنعا ...
- فدوى طوقان في رحلتها الجبلية الصعبة
- قبس من سيرة صلاح نيازي‮ الذاتية
- الباحث الكبير الدكتور صفاء خلوصي القائل بعروبة شكسبير


المزيد.....




- -أنتم أحصنة طروادة للفساد الاجتماعي-.. أردوغان يهاجم مسابقة ...
- آخر مرافعة لترامب في قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز الأ ...
- طريقة تنزيل تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 نايل سات لمتابعة ...
- نتنياهو عن إصدار مذكرة اعتقال ضده من الجنائية الدولية: مسرحي ...
- كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال ...
- ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
- رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي ...
- شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا ...
- مصر.. تأييد الحكم بالسجن 3 سنوات للمتسبب في مصرع الفنان أشرف ...
- بعد مسرحية عن -روسيات ودواعش-.. مخرجة وكاتبة تواجهان السجن ف ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - اللغة بنت قومها... المستشرق الكبير بلاشيير لا يدرك بعض مجازات العربية