|
الملك فيصل الأول : رسالة الى الحكومة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 21:35
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الملك فيصل الأول : رسالة الى الحكومة
في التاريخ الأقتصادي والسياسي للعراق الحديث "سوابق" عديدة ، و "عِبَر" كثيرة ، يمكن أن تساعد "الخبراء" و "المُستشارين"(في مختلف الاختصاصات) على عدم إعادة اكتشاف "العَجَلة" من جديد ، وتحمّل كلفة هذا الاكتشاف مرّةً بعد أخرى ، وذلك كلّما واجهَ العراق أزمةً ما . مع ادراكي التام لأختلاف السياقات و"الأنساق" والمُعطيات،في المراحل التاريخية المختلفة (تُرى هل اختلفَتْ فعلاً؟). انقلُ لكم في أدناه مقتطفات من رسالة الملك فيصل الأوّل الى الحكومة في 15 اذار 1932 . ويمكن تناول مضمون هذه الرسالة ، من خلال عدّها بمثابة توجيهات لأعداد "برنامج حكومي" ، و "منهج " واضح للعمل الأقتصادي، استناداً لمعطيات واشتراطات تلك المرحلة ،"المُلتبسة"(كما هو حالها الآن). وهذه الرسالة شهيرة جداً . ولكنّنا (وكما هي عادتنا دائما) ، بنينا شُهرتَها بيننا ، من خلال التركيز على أسوأ ما فيها ، وبالذات على"توصيفات " المَلِك لنا ، و التي تضمنّها المقطع الشهير في ذات الرسالة . ذلك المقطع الذي يُطربنا سماعهُ وترديدهُ باستمرار، ونصّه *: " وفي هذا الصدد وقلبي ملآن اسى ، انه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية ، خالية من أية فكرة وطنية ، متشبعة بتقاليد واباطيل دينية ، لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ميالون للفوضى مستعدون دائماً للانتقاص على اية حكومة كانت ، فنحن نرى ، والحالة هذه ، ان نشكل من هذه الكتل شعبــاً نهذبه ،وندربه ، ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف ، يجب ان يعلم عظيم الجهود التي يجب صرفها لاتمام هذا التكوين وهذا التشكيل . هذا هو الشعب الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي ، وهذا نظري فيه " . نعم . لقد قال المَلِك ذلك . ولكنّه وفي ذات الرسالة يقول أيضاً *: " وان خطتــي في تشكيله وتكوينه هي كما يلي : " - انني لا أطلبُ من الجيش ان يقوم بحفظ الامن الخارجي في الوقت الحاضر الذي سوف نتطلبه بعد اعلان الخدمة العامة . أمّا ما سأطلبه منه الان ، هو ان يكون مستعداً لاخماد ثورتين تقعان ( لاسمح الله ) في آن واحد ، في منطقتين بعيدتين عن بعضهما . انّني غير مطمئن الى أنّنا بعد ستة اشهر ، وبعد ان تتخلى انكلترا عن مسؤوليتها في هذه البلاد ، نتمكن من الوقوف لوحدنا ، مادامت القوة الحامية هي غير كافية . ولا يمكنني ان اوافق على تطبيق الخدمة العامة او القيام بأية اجراءات اخرى هامة ، او مُحرّكة ، او مهيّجَة ، مالم اكن واثقاً بأن الجيش يتمكن من حماية تنفيذ هذا القانون ، او أي اجراءات اخرى ، وعليه أرى من الضروري ابلاغه لحد يتمكن معه من اجابة رغبتي المار ذكرها وذلك بشكله الحاضر . - أرى من الجنون القيام بانشاءات واصلاحات عظمى في البلاد ، قبل ان نطمئن الى كفاية القوة الحامية لهذه الاعمال. امامنا حركات بارزة في الربيع القادم ، ومن الضروري ان ارى بيدنا قوة احتياطية لمجابهة أي طارىء اخر يحدث في المملكة. - على موظفي الدولة ان يكونوا الآت مطيعة ، ونافعة ، حيث هم واسطة الاجــــراءات ، ومن يحس منه انه يتداخل مع الاحزاب المعارضة ، ان يشوق ضد الدولة ، ينحى عن عمله ، وعليه ان يعلم انه موظف قبل كل شيء وخادم لاية حكومة كانت . - لم اتكلم عن الضرائب ، اذ ان قانون ضريبة الاستهلاك قطع قول كل مفسد ، وانه لاكبر عمل جرىء ولسوف نقتطف ثماره ان شاء الله . - اقول بكل اسف ان الزراعة افلست في بلادنا ، بالنظر لبعد مملكتنا عن الاسواق . لقد وضعنا الملايين لانشاءات الري ، ولكن ماذا نريد ان نعمل بالمحاصيل ؟ اننا في الوقت الحاضر عاجزون عن تصريف مابأيدينا من منتوجات اراضينا ، فكيف بنا بعد اتمام هذه المشروعات العظيمة ؟ هل القصد تشكيل اهرامات من تلك المحاصيل الخام والتفرج عليها ؟ ماذا تكون فائدتنا منها اذا لم نتمكن من اخراجها الى الاسواق الاجنبية واستهلاكها في االداخل على الاقل ؟ ماالفائدة من صرف تلك الملايين قبل ان نهيء لها اسواقاً تستهلكها ونحن مضطرون الى جلب الكثير من حاجاتنا من الخارج . - اعتقد انه من الضروري اعادة النظر من جديد في موقفنا الاقتصادي ، نرى جيراننا الاتراك والايرانيين ، باذلين اقصى جهودهم للاستغناء عن المنتوجات الاجنبية . كم هي العقبات التي وضعوها لمنع دخول المنتوجات الاجنبية ، وكم هي العقبات التي وضعوها لمنع دخول الاموال الاجنبية بلادهم وكيف لايبالون بصرف الاموال الطائلة لانشاء المعامل لسد حاجتهم . - على الحكومة ان تشكل دائرة خاصة لدرس جميع المشاريع الصناعية على اختلاف انواعها كبيرة كانت او صغيرة وتبدأ ببناء الاهم فالمهم . و ترشد الاهلين الى كيفية التشبث بالاعمال الصغرى وتقوم هي بالاعمال الكبرى اذا تعذر القيام بها من قبل الاهالي . - إنّهُ لمن المحزن والمضحك والمبكي معاً ، أن نقوم بتشييد أبنية ضخمة بمصاريف باهظة . وطرق معبّدة بملايين الروبيات ، ولا ننسى الاختلاسات ، وتُصرَفُ أموالُ هذه الأمّة المسكينة التي لم تُشاهِدُ معملاً يَصنَعُ لها شيئاً من حاجاتها . وانّي أُحِبُّ أن أرى معملاً لنسيج القطن بدَلاً من دار حكومة . وأودُّ أن أرى معملاً للزجاج بدَلاً من قصر ملكي " . المَلِك فيصل الأوّل _ مَلِك العراق _ بغداد / 15 / اذار / 1932 *(المصدر : عبد الرزاق الحسني / تاريخ العراق السياسي الحديث) .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما لا يحتاجُ البلدُ .. إلى وزير
-
فواكه .. وخُضار .. و سوق .. و نسوان
-
هذا موسمُ الخيبةِ الشاسعة
-
احذروا .. نيتشة !!!!!
-
آه يا مصفى بيجي .. أه يا سدّ الموصل
-
عن الأقنانِ المُرتبطينَ بالنفط
-
العراقيّونَ .. والنفط .. و قيادة ريال مدريد
-
غُرفةٌ موحِشةٌ .. بما يكفي للنسيان
-
دَعْ البعوضَ يعتاشُ على دمك .. وأدفَع الأتاواتَ للضفادع
-
في هذا البَرْدِ .. في هذا الخُذلان
-
كرنفال الرصاص .. في انتصاراتنا الصغيرة
-
أنا كائنٌ اقتصاديٌّ رقيقٌ جدّاً .. ولا أريدُ أن يزعلَ أحدٌ ع
...
-
الحزنُ عائلةً سعيدة
-
رجلٌ شارد الذهن .. يشبهُ الدُبَّ البُنيِّ
-
اعلان مدفوع الثمن .. من دمنا
-
مُنى .. التي تشبهُ الآلهة
-
نظرية الأمبيريّة الجديدة .. ل جاسم أبو المولدّة
-
اذا ارتفع سعر هذا .. وانخفض سعر ذاك
-
محنة الاقتصاد العراقي ، و مأزق البحث عن الحلّ المناسب
-
بعضٌ من وقائع سنوات الجَمْر .. في الاقتصاد العراقي
المزيد.....
-
بوتين: العلاقات التجارية بين روسيا والصين تبدي صمودا أمام ال
...
-
أرباح -علي بابا- الصينية تهوي 96% والسهم يتراجع
-
زيت الزيتون في تونس.. شريان مالي وسط تحديات اقتصادية كبيرة
-
جلسة بمنتدى قطر الاقتصادي.. الاستثمار بالتكنولوجيا لمواجهة ا
...
-
موريتانيا.. شكاوى من غلاء الإسمنت وحملات لكسر الاحتكار
-
البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ البرامج الاقتص
...
-
بايدن: لن نسمح للصين بغزو سوق السيارات الكهربائية الأمريكية
...
-
السعودية.. الكشف عن أبرز اشتراطات الإعفاء للأسواق الحرة في ص
...
-
بالفيديو.. احتجاجات مؤيدة لفلسطين داخل حرم كلية لندن للاقتصا
...
-
رئيس الفيدرالي الأميركي يتوقع تراجع التضخم ولكنه أقل يقينا
المزيد.....
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
المزيد.....
|