أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - فواكه .. وخُضار .. و سوق .. و نسوان














المزيد.....

فواكه .. وخُضار .. و سوق .. و نسوان


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 5066 - 2016 / 2 / 5 - 20:24
المحور: كتابات ساخرة
    


فواكه .. وخُضار .. و سوق .. و نسوان

كلّما ذهبتْ سيّدةُ البيتِ إلى السوق ، اختارَتْ أفضلَ الخضارِ والفاكهةِ ، وعادتْ الينا بسيّارة "سايبا"، وأكياس النايلون الثقيلة ، بما لذّ وطاب ، تكادُ تطفرُ من أبوابها الفارهة.
كلُّ من في البيت كان يستقبلها بحفاوةٍ ، ويحملُ معها اكياس النايلون من باب الدار الى المطبخ ، ويصيحُ مُشجّعاً : كان اللهُ في عونكِ . أنتِ الخير والبركة .
أمّي كانتْ الوحيدة التي لم تعجبها هذه "الفعاليّة" الاقتصاديّة . كانت توبّخني قائلةً : إنته مو رجّال . وفوكَاها "اقتصادي" ؟ ليش متتسوّك إنته ؟ . (طبعاً لم أقلْ لها أنّني تسوّقتُ مرّةً واحدةً فقط ،وكانت العواقب ،غير الاقتصادية، وخيمة جدّاً).
لم تكنْ أمّي لتكتفي بذلك ، بل كانت تدمدم :هذه بضاعة "بايتة" وعتيقة ، وفوكَاها غاليّة كُلّش . وتضيف : يابه والله ، آني من جِنِتْ اروح لـ (سوق حمادة) ،بالكرخ القديمة ، قبل 60 سنة .. أجيب خضروات وفواكه ، و نص كيلو لحم غنم (خاصرة) و أطبخ كيلوين بامية ، بربع السعر . واذا متصدّك روح اسأل أبوك اللي مات من 50 سنة ، وعافني للضيم .
وأخيراً تقترب من أذني ، وتهمسُ بصوتٍ نصفِ مسموع : هذنّي نسوان مال "مولات" ، مو مال "سواكَة" .
بعد اسبوع من هذه "الواقعة" نفدتْ الفواكه والخضار من البيت . تذمّرَ الشباب قائلين: شنو السالفة ؟ هذا تقشّف ، لو مجاعة ؟ بعدين أبونا بعد شهر يطلع تقاعد ، وإحنه من هسّة متنا من الجوع !!!.
نظرتُ إلى سيّدة البيت .. فخزرَتني هي بدورها ، و دمدمتْ : أُخُذْ أُمّك ، وروحوا تسَوْكَوا .. من سوق حمادة .
قلتُ لنفسي : هذا وقتها . قُم باستغلال هذه الأزمة "الدوريّة" ، وضعْ أمَك في موقفٍ لن تعترض بعدهُ ابداً على "ميكانزمات" العرض والطلب ، وقوى السوق الحرّة .
كَومي يام . أمّي رجعتْ شابّة . أقل شي 60 سنة للوراء . الشباب صعدوهه بالسيارة . صعدتْ مثل "صلّ" الأفعى ، وأحتلّتْ "الصَدِر" ، وآني وراها .. ولسوق المأمون (أعزّهُ الله) ..عَدِلْ .
وصلنا الى حيث دكاكين الخضار والفواكه المترامية الأطراف . وقفتْ أمّي ، مثل نسر ، في منتصف الرصيف الواصل بين ساحة الأردن ، وساحة "سيّد الحليب" (البكر سابقاً).
تجاهلتْ كلّ الدكاكين الكبيرة ، واختارتْ "بسطيّة" صغيرة جداً ، تنكمش هي وصاحبها في زاويةٍ من الرصيف لا يكاد يراها أحد . سارتْ أمّي بثبات عجيبٍ نحو البائع ، وداهمتهُ بسؤال تهكّمي ، وبلكنة كرخيّة هجوميّة : هذنَي إبّيش ؟ أجاب المسكين : أُخذي حجيّة اللي تريديه ، وادفعي بكيفج . آني من الصُبُح مبايِعْ نص كيلو خيار .. وبضاعتي لم يمسسها إنسٌ ولا جان .. وبعدني ممستَفْتِحْ .
صاحتْ أمّي : كُلهن إبّيشْ ؟ . بهَتَ البائع ، لكنّهُ أجاب : 100 ألف . أُمّي صاحتْ : شوف يوَلْ . آني اكبر بقّال بسوق حمادة ما كَدَر عليّه . يجي واحد لحيمي مثلك ، فارش بسطيّة بسوق المأمون (نصرهُ الله) ، وعباله يقشمرني . واستطردتْ : هاي 25 ألف . تبيعْ .. لو أوَلّي ؟؟ .
ردّ البائع : اشتري يُمّة ، اشتري . هيّة بُقَتْ عليج . ثمّ رفعَ رأسهُ الى السماء ، وصرخَ بصوتٍ سمعهُ حتّى باعة الجُملة في (سوق جميلة ) : آني ما اعتِبْ على أحّدْ . آني أعتِبْ بس عليك.
وعُدنا ، انا وأمّي ، الى البيت .. بـ "بيكاب" فواكه وخُضَر .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا موسمُ الخيبةِ الشاسعة
- احذروا .. نيتشة !!!!!
- آه يا مصفى بيجي .. أه يا سدّ الموصل
- عن الأقنانِ المُرتبطينَ بالنفط
- العراقيّونَ .. والنفط .. و قيادة ريال مدريد
- غُرفةٌ موحِشةٌ .. بما يكفي للنسيان
- دَعْ البعوضَ يعتاشُ على دمك .. وأدفَع الأتاواتَ للضفادع
- في هذا البَرْدِ .. في هذا الخُذلان
- كرنفال الرصاص .. في انتصاراتنا الصغيرة
- أنا كائنٌ اقتصاديٌّ رقيقٌ جدّاً .. ولا أريدُ أن يزعلَ أحدٌ ع ...
- الحزنُ عائلةً سعيدة
- رجلٌ شارد الذهن .. يشبهُ الدُبَّ البُنيِّ
- اعلان مدفوع الثمن .. من دمنا
- مُنى .. التي تشبهُ الآلهة
- نظرية الأمبيريّة الجديدة .. ل جاسم أبو المولدّة
- اذا ارتفع سعر هذا .. وانخفض سعر ذاك
- محنة الاقتصاد العراقي ، و مأزق البحث عن الحلّ المناسب
- بعضٌ من وقائع سنوات الجَمْر .. في الاقتصاد العراقي
- جمهورية ريال مدريد
- كلّنا موتى في الأجل الطويل .. و في الأجل القصيرِ أيضاً


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - فواكه .. وخُضار .. و سوق .. و نسوان