أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - «النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟















المزيد.....

«النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4860 - 2015 / 7 / 8 - 16:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


«النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟

عبد الحسين شعبان
على الرغم من تأكيد وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف عشية التوقيع على الاتفاق الذي كان مقرراً في 30 يونيو/حزيران الماضي، من أنه «لا يزال أمامنا عمل شاق» إلاّ أن النتيجة كانت ترجّح الحل الدبلوماسي، حتى إن الغرب بشكل عام تهاون بشأن امتلاك إيران قوة نووية مدنية، وذلك بتخلّيها عن السلاح النووي، وهو ما عبّر عنه وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس حين وصل إلى فيينا للمشاركة في اجتماعات العدّ التنازلي.
ومثلما يرفع الغربيون من سقف مطالبهم في الساعات الأخيرة، فإن إيران هي الأخرى تحاول أن ترفع من سقف مطالبها، فقد أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن الاتفاق ممكن في حال تخلّي الطرف الآخر عن مطالبه المفرطة، وعليه أن يتقبّل الحقائق وأن يعترف بحقوق الشعب الإيراني، ولاسيّما بخصوص رفع العقوبات.
حتى الآن مرّت المفاوضات بطرق شاقة وصعبة، ولا تزال أمامها بعض الصعوبات التي لا بدّ من التوافق بشأنها لإنجاز الاتفاق، ولم يُعرف في تاريخ الدبلوماسية الدولية، مفاوضات مستمرة ومعقّدة مثلها، حيث بدأت منذ العام 2003، لكن واشنطن لم ترغب حينها بإبرام اتفاق مع «محور الشر». أما معارضو الاتفاق في إيران فقد كانوا لا يريدون إبرام اتفاق مع «الشيطان الأكبر».
ما الذي حصل عشية الموعد المحدد 30 يونيو/حزيران الماضي للاتفاق بعد إنجاز الإطار العام في إبريل/نيسان الماضي؟ لقد قررت إيران والدول الستة 5+1، تمديد المفاوضات لأسبوع واحد، أي أن الموعد الجديد سيكون يوم 7 يوليو/تموز الجاري وذلك بسبب اختلافات جوهرية، فضلاً عن اتهامات أمريكية وغربية لإيران، وتحميلها نتائج التراجع التي تضمنها مشروع الاتفاق.
وظلّت العديد من القضايا معلّقة حتى بعد اتفاق لوزان، فلكل طرف تفسيراته للاتفاق، ومن أبرز الخلافات هو آليات رفع العقوبات الاقتصادية والسياسية المفروضة على طهران، إضافة إلى إمكانية إعادتها أتوماتيكياً، إذا أخلّت طهران بالاتفاق المرتقب، لاسيّما ما يتعلّق بتفتيش مواقعها العسكرية، واستجواب علمائها النوويين، كما أن مدّة الاتفاق كانت موضع أخذ و رد، فضلاً عن مسألة البحوث في البرنامج النووي الإيراني وتطويره.
وحسبما رشّح من جهات عديدة، بما فيها وزارة الخارجية الروسية، بأنه تم تذليل العديد من العقبات، وإن الاتفاق أصبح قاب قوسين أو أدنى، وإن تقدّماً ملموساً قد حصل، وبقيت بعض الجوانب الإجرائية وليست التقنية، وهذه يمكن تسويتها، وهو ما ذهب إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي في فيينا.
وتتشدّد إيران بشأن الفقرة المتعلقة بتفتيش المنشآت العسكرية، خصوصاً بعد القرار الذي اتخذه البرلمان الإيراني، الذي رفض بشكل قاطع قبول التفتيش وهو الموقف الذي أكّده أكثر من مرّة مرشد الثورة علي خامنئي، في حين تعتبر الدول 5+1 التفتيش مسألة أساسية ولا غنى عنها لإتمام الاتفاق.
وتطالب إيران بإلغاء العقوبات المفروضة عليها فوراً لمجرد توقيع الاتفاق النهائي بشأن الملف النووي، لاسيّما الحصار الاقتصادي والمالي والمصرفي، والأمر يتعلق بقرارات الكونغرس الأمريكي أو الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ أكثر من 12 عاماً، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن بشأن فرض العقوبات الدولية على طهران، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
إن سبب إصرار الدول 5+1 على تفتيش المنشآت العسكرية، هو للتأكّد من أن طهران سوف لا تستخدم هذه المنشآت لتجارب نووية أو لمحاولة إنتاج قنبلة نووية، في حين ترفض إيران ذلك وتعتبره وسيلة للتجسس على الجيش الإيراني، وهي مسألة تدركها حسب التجارب التي سبقتها، سواء في العراق أو ليبيا أو غيرها. ولعلّ الاقتراح الذي يمكن أن يعتبر مساومة مقبولة، هو سماح إيران بزيارة المفتشين الدوليين للمواقع والمنشآت العسكرية، ولكن ليس لغرض التفتيش أو أخذ عينات، ولكن للاطلاع.
أما موضوع رفع العقوبات الفوري الذي تطالب به إيران، فإن دول 5+1 تقترح وضع خطة زمنية متدرّجة وذلك لخشيتها من احتمال خرق إيران لمواد الاتفاق. ورشحت بعض الأخبار عن احتمال التوصل إلى اتفاق من 3 مراحل، في المرحلة الأولى (قرار الاتفاق)، أما المرحلة الثانية في «تفعيل الاتفاق»، أي تسوية المشاكل الداخلية للأطراف المختلفة بخصوص إقرار الاتفاق، والعمل على تنفيذه بإزالة الاعتراضات التي قد تبديها القوى السياسية أو البرلمانية عليه. وهذا يعني مراجعة موقف الكونغرس الأمريكي بشأن الاتفاق، وهي فترة تستغرق 30 يوماً، إضافة إلى 22 يوماً للموافقة أو للرفض، ولاستعمال الرئيس الفيتو، إذا ما احتاج لذلك، وإذا فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق قبل 10 يوليو/تموز الجاري، فإن فترة المراجعة الممنوحة للكونغرس سترتفع إلى شهرين (60 يوماً).
أما المرحلة الثالثة فهي «تنفيذ بنود الاتفاق»، حسبما ورد فيه من نصوص وآليات، خصوصاً إذا ما تعزّزت الثقة بين الأطراف، وشعر كل فريق بأن الطرف الآخر جاد في تنفيذ المسؤوليات التي تقع على عاتقه.
إن الطريق المعقدة والطويلة للمفاوضات الغربية- الإيرانية، إضافة إلى المعاناة الإيرانية من نظام العقوبات القاسية قد تكون السبب في التوصل إلى اتفاق، حتى وإن سمح لإيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة لا تقل عن 5%، وهي النسبة الكافية لإيران كما تقول لاستخدامها للأغراض السلمية.
وبعد ذلك فالاتفاق يثير قلق الكثير من الأوساط، فضلاً عن «إسرائيل» التي تعارضه بشدّة، وتدعو صراحة وعلناً إلى مواجهة حاسمة مع إيران، حتى لو اقتضى الأمر عسكرياً لتدمير المفاعلات النووية، وليس مستبعداً أن تقدم على ذلك منفردة بمغامرة لتوريط الغرب بحرب قد تكون نتائجها كارثية على جميع شعوب دول المنطقة، وهو ما هدّدت به باستمرار.
إن توقيع الاتفاق سيفضي إلى تغيير جيوستراتيجي في المنطقة، من آسيا الوسطى حتى ضفاف المتوسط، دون نسيان دول جوار إيران، وسيكون أي هجوم «إسرائيلي» محتمل بمثابة عدوان على برنامج مدني بإقرار المجتمع الدولي وباتفاقية إيرانية مع دول 5+1.
هناك العديد من الأسباب التي دفعت الطرفين لقبول هذه الصفقة، فإيران عانت من نظام العقوبات، وتعرّض اقتصادها وعملتها إلى مشكلات عديدة، فضلاً عن انعكاسات الحصار اجتماعياً، وخصوصاً بارتفاع معدّلات الفقر وانتشار الجريمة المنظمة والمخدرات، وتصدّع الكثير من القيم الأخلاقية، الأمر الذي استغلته المعارضة إلى حدود غير قليلة، مع أن هناك موقفاً يكاد يكون موحّداً بخصوص الملف النووي وسياسة إيران الخارجية في مواجهة التحدّيات الغربية.
لم يكن أمام إيران طريق آخر، غير التوصل إلى اتفاق بعد جهد دبلوماسي مكثّف، لاسيّما من جانب وزير الخارجية محمد جواد ظريف، حيث كانت طهران حريصة على استمرار المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق، وحتى لو تعثر إبرامه الآن، فإن إيران ستواصل ذلك بطول نفس ودهاء كبيرين، لأنها لا تريد قطع المفاوضات، خصوصاً حاجتها إلى إبرام اتفاق لفك الحصار المفروض عليها، وهي تدرك مدى تأثيراته العميقة في مختلف شرائح المجتمع الإيراني.
أما الغرب والولايات المتحدة تحديداً، ولاسيّما بعد الفشل الذريع في العراق بعد احتلاله العام 2003 والانسحاب منه في نهاية العام 2011 كان أقرب إلى هزيمة، خصوصاً وإن سياستها وحروبها في المنطقة لم تحظَ بالتأييد، فليس هناك من حل أمامها غير الاتفاق، وقد عبّر عن ذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقوله «وحدها الدبلوماسية يمكنها أن تؤدي إلى حل دائم للتحدي الذي يمثّله البرنامج النووي الإيراني» واعتبر ما هو مطروح فرصة للتوصل إلى اتفاق شامل وسلمي، ولا شكّ أن ذلك لم يكن بمعزل عن الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة التي ضربت الولايات المتحدة منذ العام 2008، وليس بعيداً عن ذلك ما تعمل عليه واشنطن منذ ما يزيد على ثلاثة عقود ونيف من الزمان لخلخلة الوضع الداخلي الإيراني على أمد إطاحة النظام، خصوصاً وأن تأثيراته الإقليمية باتت كبيرة، وضغوطه على حلفائها أصبحت لا تحتمل.
وقد كان للعامل الروسي الدور المهم في إمكانية التوصل إلى اتفاق وهو موقف جديد لروسيا، سواء بخصوص سوريا أو إيران أو أزمات المنطقة بشكل عام، وبحدود معيّنة كان للدور الصيني أثره في مواجهة التفرد الأمريكي والأطلسي للهيمنة على العالم.
لقد أطلق توماس فريدمان على مشروع الاتفاق، وصفاً مثيراً، وذلك حين اعتبره «زلزالاً جيوسياسياً» وكتب ذلك في مقالة له في صحيفة The New York Times، وحسب هذا التحليل السياسي يتوصل الكاتب إلى أن مثل هذا الاتفاق سيكون له أثر أكبر من كامب ديفيد والثورة الإيرانية معاً، في إعادة ترتيب الشرق الأوسط!!
قد يكون لحل هذا الملف انعكاساته على الأزمة السورية والانسحاب الأمريكي من أفغانستان والوضع في العراق ولبنان واليمن وبعض دول الخليج، كما قد يكون له تأثيرات في مسألة الدروع الصاروخية في تركيا، والعلاقة الروسية - الأمريكية، وحلحلة موضوع أوكرانيا، ومسألة قواعد الصواريخ في بعض دول أوروبا الشرقية، ولكن المهم حسب تقديري هو هل يمكن للاتفاق أن يحمي دول المنطقة من نزاعات وحروب وصراعات محتملة، ويضمن عدم الصدام العسكري، بل اللجوء إلى الدبلوماسية، التي هي في مصلحة جميع الأطراف، ليس في هذه القضية فحسب، بل بشأن حقوق الشعب العربي الفلسطيني، حيث لا تزال «إسرائيل» تتغوّل على الأمة العربية؟.
لا أظن أن هناك انتصاراً أو هزيمة أو أن هناك رابحاً وخاسراً من هذا الاتفاق، فحماية السلم، هي ربح للجميع وهزيمة مشروع الحرب المحتمل هو فوز للجميع أيضاً.

نشرت في صحيفة الخليج الإماراتية ، الاربعاء 8/7/2015



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة واليسار والتبديد
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 16
- السياسة .. الوجه الآخر للحرب
- داعش وخطر تفكيك العراق
- سوراقيا مشروع خلاص مشرقي – فكر
- داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!
- متى يُهزم داعش وكيف؟
- قالوا.. نظام إقليمي عربي
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 15
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14
- هلوسات ما بعد الموت الأول
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13
- متلازمة الدّين والإنسان
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 12
- تحدّيات التنوير منظوراً إليها أكاديمياً!
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 11
- عن القوة الناعمة
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 10
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 9
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 8


المزيد.....




- عاشت مع قرود الشمبانزي قبل 60 عامًا.. العالمة جين غودال تُله ...
- إصابة أسماء الأسد باللوكيميا.. والرئاسة السورية: العلاج يتطل ...
- ما هو مرض الابيضاض النقوي الحاد الذي أصيبت به أسماء الأسد؟ و ...
- مصر.. مأساة مروعة في مياه نهر النيل
- هنغاريا تخاطب الدول الغربية: ألا تدركون أنكم فشلتم 13 مرة ! ...
- فون دير لاين تنفي وجود حرب تجارية بين الاتحاد الأوروبي والصي ...
- تأثير مكيفات الهواء على الصحة
- -منتدى الأردن للإعلام الرقمي-.. مسار جديد لمساعدة الصحافيين ...
- الحكومة المصرية ترد على أنباء عن بيع مستشفيات البلاد ووقف ال ...
- سوني تقدم روبوت جراحة مجهرية يعمل على نواة الذرة (فيديو)


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - «النووي الإيراني».. هزيمة أم انتصار؟