|
حسين عبد اللطيف سراج الشعر الذي انطفأ مبكراً
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 13:05
المحور:
الادب والفن
حسين عبد اللطيف سراج الشعر الذي انطفأ مبكراً شاكر فريد حسن قبل أيام انطفأ وغاب عن الحياة الشاعر البصري العراقي الجميل حسين عبد اللطيف ، الذي توقف قلبه عن النبض والخفقان بعد معاناة مع مرض السكري ، وبعد أن حفر حضوراً ثقافياً مميزا في الحياة الأدبية والثقافية البصرية والعراقية . وكان حسين يدرك أن الرحيل أزف والنهاية قد اقتربت ، فيقول في قصيدة له وكأنه ينتظر موته : أسدلوا الستائر هو وحده من يمتلك وضع اليد على كل شيء ، أوصدوا الأبواب ، الوقت قارب...، العربة أوشكت ...، ليلبث حاملو الزهور ملياً ، كي يغنوا لي أغنية السلوان ويمجدوا رحيلي . حسين عبد اللطيف شاعر عراقي هادئ ، وصوت أدبي خاص ومتفرد مميز بتجربته وحضوره ، من جيل الستينات . أنه شاعر الصورة والكلمة والدهشة ، الذي لم يعرف نرجسية الشاعر التي تتجلى لدى غالبية الشعراء والمتأدبين ، ولم يتقن فن العلاقات العامة ولا التسويق الأدبي ، ولم يلهث وراء الشهرة والنجومية ، بل فضل العزلة والابتعاد عن دائرة الضوء الاستعراضية والاشتغال على قصائده . وهو من الأسماء الشعرية والنقدية الفارقة في المشهد الثقافي الأدبي العراقي ، وقد أسهم بإضاءة ورفد الشعر وحركة النقد الأدبي العراقي بجهوده ومنجزه الشعري والنقدي ، ورغم عزلته القسرية كان حاضراً بقوة في الحياة الثقافية العراقية ومؤثراً فيها . وبالرغم من أن حسين كان مقلاً في النشر لكنه أثار اهتمام الكثير من الكتاب والنقاد والدارسين ، وكان له منزلة ومكانة خاصة واحترام وتقدير خاص بين مجايليه ، فكتبوا عنه المقالات والدراسات والمداخلات ، ومن بين هؤلاء : فاضل العزاوي ، طراد الكبيسي ، أديب كمال الدين ، شوقي بزيع ، عبد الكريم الكاصد ، حيدر عبد الرضا ، مقداد مسعود وغيرهم . وإلى جانب مساهمته على مدى عقود في إثراء ورفد الحركة الشعرية العراقية والعربية بقصائده المخملية الناعمة ، كان لحسين اهتمام في النقد الأدبي ، وله في هذا المجال الكثير من الدراسات والمتابعات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات والأدبيات العراقية والعربية المختلفة ، وساهم في تشكيل وعي نقدي، ورعاية وخلق جيل مميز من الشعراء العراقيين . ولحسين عبد اللطيف خمسة دواوين شعرية شكلت إضافة نوعية للقصيدة العراقية المعاصرة ، وهي : " على الطرقات ارقب المارة " و"نار القطرب" ، و"لم يعد يجدي النظر " و"أمير من أور" ، و"بين آونة وأخرى يلقي علينا البرق بلقالق ميتة – متوالية هايكو " . حسين عبد اللطيف شاعر مجيد ومطبوع مخلص للقصيدة والهم الشعري ، لم يتأثر بالمألوف والشائع في المشهد الشعري ، وطوال أربعة عقود من الزمن عمل على تجديد أسلوبه وأدواته ولغته الشعرية والاشتغال على قصيدته المكتنزة بالمجازات والصور المبتكرة ، ولم تكن وقود شاعريته وشعره بسبب تجربته الوجدانية والإنسانية الملتهبة بفقدان ابنه فحسب ، وإنما كان مبعثه الظروف الخاصة والأحداث السياسية التي عاشها وطنه العراق ، بلد النخيل ودجلة والفرات ، فتأججت شاعريته ، والتهبت عاطفته ، وتضاعفت حساسيته ، وحملته على الشكوى والبكاء والإحساس بالحزن والألم والقلق والعذاب . وقد جاءت أشعاره ، التي سكب فيها ذوب مشاعره وعميق لواعجه وعصارة قلبه ، مشحونة بعاطفة قوية صادقة ، مليئة بشدة الإيحاء ، ومغلفة بألفاظ وتراكيب تتسم وتتصف بالقوة والجزالة . ومن يقرا قصائده يلمس أنها قصائد حزينة شفافة ونقية كقلمه ونفسه ، فيها البوح والحلم الشعري ، ومشبعة بالوجد والوجع الذاتي والوطني والشعور القومي والإنساني والوجداني . حسين عبد اللطيف بحق وحقيق شاعر مبدع قدير ومميز ترك بصمات واضحة وملموسة على حركة الإبداع الشعري العراقي ،وإذا كان غاب جسداً ، فسيظل حاضراً بروحه وأشعاره في الأذهان والذاكرة العراقية ، وفي وجدان المثقفين والمبدعين العراقيين والعرب وكل محبي شعره .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لطيف دوري والحنين إلى بغداد ..!
-
مع الكاتبة والمناضلة المصرية الراحلة فتحية العسال
-
الكاتب محمد كمال جبر نورس فلسطيني آخر يودع الدنيا
-
لتتوقف حرب الإبادة..!
-
هويتنا الوطنية ..!
-
المطلوب لجم الحرب العدوانية على غزة ..!
-
الحكومة الإسرائيلية تدفع الفلسطينيين باتجاه انتفاضة ثالثة ..
...
-
-عابرون في كلام عابر -
-
لأجل عراق موحد ..!
-
جورج حزبون .. وداعاً أيها المناضل والنقابي الفلسطيني العريق
...
-
صدور عدد حزيران من مجلة -الإصلاح- الثقافية
-
زكي الكرمي .. وجه في الذاكرة !
-
حوار مع الشاعرة الفلسطينية معالي مصاروة
-
قراءة في المشهد العراقي
-
حول تصريحات محمود عباس في جدة
-
أبو تمام في مواجهة داعش ..!
-
الأديب فتحي فوراني وسيرة -بين مدينتين-
-
عدوان احتلالي متواصل
-
المجلات الثقافية والفكرية في بلادنا : مجلة -الآداب-
-
حول انتخابات الرئاسة السورية
المزيد.....
-
-جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
-
السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين
...
-
الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا
...
-
تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر
...
-
كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
-
المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر
...
-
دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
-
شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع
...
-
مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي
...
-
وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|