أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني(11)















المزيد.....

الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني(11)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 4052 - 2013 / 4 / 4 - 12:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الطائفية المغامرة للنزعة العرقية الكردية

من الممكن رؤية الطبيعة المغامرة للحركات القومية الكردية فيما يتعلق بفكرة الوطنية العراقية على مثال وحجم التبدل الفعلي في سلوكها بهذا الصدد وكيفية انحدارها صوب العرقية السياسية. فالتجارب التاريخية للأمم جميعا تبرهن على أن السقوط إلى الحضيض هو الصفة الملازمة لحالة الانحطاط. ومن ثم فان كل احتمالات السقوط وأشكاله تصبح قابلة للتبرير مازال مسوغها استعداد الانحطاط على قبول كل فعل وذريعة. فالانحطاط هو ليس نفسية وذهنية وواقع، بل وقابلية، أي استعداد على قبول مختلف أصناف الرذيلة وتقديمها بالشكل الذي يلاءم "ذوق الجمهور". وهو السبب الذي يفسر سر العدوى السريعة للطائفية الآخذة في التغلغل إلى دهاليز الرؤية السياسية في العراق، بما في ذلك دهاليز الحركات القومية الكردية. وهو واقع يمكن تفسيره بمعايير الانحطاط العام الذي غرست التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية جذوره الطائفية على هيئة "منظومة" تخترق كل مكونات الوجود المادي والمعنوي للعراق، بحيث حولت الدولة إلى سلطة، والسلطة إلى أجهزة قمعية، وأجهزة القمع والقهر إلى أسلوب لوجود "المؤسسات" التي لا تتعدى وظائفها أكثر من كونها مجرد إعادة إنتاج الإرهاب الشامل. وهي حالة لم يكن بإمكانها الدوام والاستمرار دون آلية ترافقها على مستوى العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية. وشكلت الطائفية نموذجها الأكثر "حنكة"، أي الأكثر تجسيدا لنفسية المؤامرة والمغامرة، التي أدت بدورها إلى صنع مستنقع الرخويات الهائل في العراق. وهي رخويات تتراكم الآن وتنمو بنماذج مختلفة لعل أكثرها خطورة وتدميرا هو الطائفية السياسية. وإذا كان سقوط التوتاليتارية والدكتاتورية يفترض من الناحية المنطقية، أن تأخذ القوى والأحزاب السياسية العراقية، على خلفية "نضالها التاريخي"، زمام المبادرة بالشكل الذي يجفف مصادر المستنقع الطائفي للماضي، فإننا نلاحظ العكس. بمعنى إننا نلاحظ تحولها من حالة المؤامرة الخفية والمغامرة الشرسة إلى "منظومة ديمقراطية" كما تجسدت وما تزال بمبدأ وممارسة المحاصصة. وهي ظاهرة يمكن تبريرها جزئيا إلا انه لا يمكن الإقرار بها كمبدأ للدولة والحركة السياسية الداعية إلى فكرة الدولة الشرعية والحقوق المدنية.
لكن الواقع يكشف عن الانهماك الفعال في "ترتيب البيت العراقي" على أسس المحاصصة "الديمقراطية" أي المحاصصة المبنية من حيث الجوهر على طائفية سياسية مغلفة. وهي ظاهرة شكلت الحركة القومية الكردية احدى القوة الأساسية في تفعيلها وتأييدها ودعمها وتأسيسها. فقد كان الهاجس القومي الكردي بعد "الرجوع إلى العراق" تجزئته الفعلية على أسس عرقية من اجل نيل اكبر قدر ممكن من الثروة، أي أن الهاجس فيه كان نفسية الغنيمة. وهو المضمون الخفي والعلني لفكرة الفيدرالية والحقوق القومية والمحاصصة السياسية والإدارية والمالية والتمثيل الداخلي والخارجي، باختصار في كل شيء. أي ليس الاشتراك في إدارة شئون الدولة على أسس المشاركة الاجتماعية والسياسية، بل على العكس، قلب الإدارة إلى "قيادة" مبنية على أسس "حقوق المحاصصة" الإقطاعية. وهو الخطأ الذي ساهم فيه بحمية بالغة إلى جانب الحركة القومية الكردية زعماء الحركات الشيعية السياسية والدينية وغذته بصورة غير مباشرة الطائفية السياسية السّنية. وهو "المثلث" المكعب للخراب في العراق المعاصر الذي شكل "انتخاب" الطالباني رئيسا للجمهورية الرابعة احد مظاهره التعيسة.
فقد كان "انتخاب" الطالباني تكريسا للطائفية السياسية. وهو حكم لا علاقة له بأصول الطالباني الكردية، على العكس من ذلك. إذ أن منطق الديمقراطية والشرعية يفترض الكفاءة والانتماء الصادق والمصداقية الاجتماعية والإجماع الوطني المحكوم بتأييد الشعب ورغبته في انتخاب من تراه مناسبا لتمثيل وحدتها الوطنية. وهي حالة وثيقة الارتباط بمستوى التطور الاجتماعي والسياسي. وإذا كان تحقيقها في ظروف العراق الحالية قضية غاية في التعقيد، فان المهمة السياسية الكبرى لا تقوم في القبول بحالة التخلف والانحطاط، بقدر ما تفترض مواجهتها كما هي بمعايير البدائل العقلانية، أي المستقبلية. بينما كان "انتخاب" الطالباني يشكل من حيث مضمونه السياسي والاجتماعي خروجا على منطق الرؤية الديمقراطية وفكرة الرمز الوطني الجامع والأغلبية الاجتماعية والسياسية. وهو خروج يمكن تفسيره باعتباره الثمرة المرة للطائفية السياسية.
وهي طائفية تستمد مقوماتها مما ادعوه بالضعف البنيوي للحركة القومية الكردية في العراق وبقائها ضمن معايير العرقية ونفسيتها. من هنا استعدادها للتلون بكافة الألوان بما في ذلك الطائفية الدينية منها والسياسية. وهو الأمر الذي يجعل منها حركة تخريبية هائلة، بفعل تركبها من مكونات يصعب تراكمها في ظل التطور الطبيعي للحركة القومية. بعبارة أخرى أن احتواء الحركة القومية الكردية على استعداد لقبول القومية والعرقية والماركسية والطائفية والعلمانية والتدين والتعاون مع مختلف الأطراف والقوى ومناهضتها والتحول المفاجئ في الأقوال والمواقف والرؤية هو التعبير السياسي عن ضعفها البنيوي التاريخي والاجتماعي. من هنا خطورتها بوصفها حاملة لجرثومة الطائفية السياسية المركبة في العراق. ومن ثم استعدادها على تفعيل القوة التخريبية للطائفية السياسية. وبهذا المعنى أتكلم عن الخطأ التاريخي "لانتخاب" الطالباني رئيسا للعراق. "فانتخابه" لم يكن وليس بإمكانه أن يكون عاملا للتوحيد والوحدة كما يبدو للوهلة الأولى، بل على العكس من ذلك!
إن الوحدة الوطنية والوفاق الوطني والجامعة الوطنية ليست لعبة الوفاق السياسية ولا حتى المساومة السياسية بأفضل أشكالها، بل النتاج الموضوعي والضروري لتكامل الشعب والدولة والمؤسسات الحقوقية والشرعية في عملية بناء الهوية الوطنية. وبالتالي فهي النتيجة المتراكمة فيما يمكنه أن يكون أيضا نوعا من"الإجبار" الشرعي للجميع على ممارستها والوقوف أمام نتائجها وتقبلها كما هي من اجل إعادة النظر فيها واستخلاص الدروس والعبرة منها. في حين لم يكن "انتخاب" الطالباني سوى لعبة خائبة لقوى مقهورة لم تعرف قيمة المواجهة العلنية للحرية ومستلزماتها واستحقاقاتها. من هنا كان "انتخاب" الطالباني فعلا يناقض فكرة الحرية والشرعية والإجماع الوطني بمعناه الاجتماعي والسياسي وليس بمعناه الحزبي الضيق. وضمن هذه المعايير يمكن اعتبار "انتخابه" لرئاسة الدولة فعلا تخريبا أيضا بالنسبة للوحدة القومية الكردية بمعناها الاجتماعي ومضمونها الوطني (العراقي). وذلك لما فيها من إثارة لتسوسها الداخلي مع ما يترتب عليه من إثارة للجهوية والعائلية والقبلية والعرقية فيها.
إن الحركات القومية الكردية بشقيها الطالبانية والبرزانية هي حركات مستعدة لقبول أردأ أصناف الانحطاط، بما في ذلك الانحطاط الطائفي. ومن ثم يمكنها، وهو ما يجري بالفعل، أن تكون إحدى القوى الأكثر تفعيلا للنعرات الطائفية السياسية في العراق. وهو تحول يمكن ملاحظته في تزاوج وتمازج عبارات ومفاهيم وممارسات مثل "إننا حركة قومية تحررية" و"إننا حركة كردستانية" و"إننا حركات كردية عراقية" و"إننا سّنة أيضا"! "لكننا نتحالف مع الشيعة"!
إن التلازم الداخلي بين الحركة القومية الكردية والاستعداد الذاتي لقبول الفكرة الطائفية ينبع أولا وقبل كل شيء من الضعف البنيوي المميز للحركة القومية الكردية، الذي عادة ما يجعلها أكثر ميلا لنفسية وذهنية التجزئة. فهو الوسط الذي تشعر فيه بنفسها على أنها "عنصر مكونا" و"طرفا فاعلا" و"قومية متميزة" و"قوة لا يستهان بها"، أي كل المكونات التي تجعل من لعبة المحاصصة والتجزئة المفتعلة للعراق جزء من الرؤية "الإستراتيجية" للحصول على "الحقوق والمكاسب". بينما لا تتعدى هذه الممارسة من حيث مقدماتها التاريخية ونتائجها السياسية أكثر من أوهام. لكنها أوهام مدمرة. وسوف تظل هكذا ما لم تحسم الحركة القومية الكردية بصورة صميمية إشكالية القومي والوطني (الكردي والعراقي) والديني والدنيوي. ولا يمكن حسمها بصورة متجانسة وايجابية دون تذليل الضعف البنيوي للحركة القومية الكردية. وإلا فان ممارساتها سوف لن تؤدي إلا إلى توسيع الأبعاد الهمجية في مثلث أربيل – السليمانية - دهوك مع ما فيه من هشاشة وضعف وتجزئة لا يحلها إلا عراق مؤسس على مثلث الدولة الشرعية والنظام السياسي الديمقراطي والمجتمع المدني.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (10)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (9)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (8)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (7)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (6)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (4)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (3)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (2)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (1)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (6)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (5)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (4)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (3)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (2)
- في نقد الراديكالية السياسية العربية (1)
- التصنيف العقلي والثقافي للفلسفة والأديان عند الشهرستاني
- الفلسفة والكلام الإسلامي في منهج الشهرستاني
- الفلسفة وموقعها في المنهج التصنيفي والبحثي للشهرستاني
- المنهج النقدي والتدقيق العلمي للفكرة الفلسفية عند الشهرستاني


المزيد.....




- تطاير الشرر.. شاهد ما حدث لحظة تعرض خطوط الكهرباء لإعصار بال ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة حتى لو ت ...
- طبيب أمريكي يصف معاناة الأسر في شمال غزة
- بالفيديو: -اتركوهم يصلون-.. سلسلة بشرية من طلاب جامعة ولاية ...
- الدوري الألماني: شبح الهبوط يلاحق كولن وماينز بعد تعادلهما
- بايدن ونتنياهو يبحثان هاتفيا المفاوضات مع حماس والعملية العس ...
- القسام تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة وإعلام عب ...
- بعد أن نشره إيلون ماسك..الشيخ عبد الله بن زايد ينشر فيديو قد ...
- مسؤول في حماس: لا قضايا كبيرة في ملاحظات الحركة على مقترح ال ...
- خبير عسكري: المطالب بسحب قوات الاحتلال من محور نتساريم سببها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني(11)