أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - جوانب من -الاقتصاد السياسي- للحرب الأسدية الثانية














المزيد.....

جوانب من -الاقتصاد السياسي- للحرب الأسدية الثانية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3880 - 2012 / 10 / 14 - 18:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في تقرير مهم صدر في مطلع آب الفائت ذكرت المجموعة الدولية المهتمة بالأزمات (إنترناشنال كرايزز غروب) أن تدهور سعر صرف الليرة السوري أمام الدولار الأميركي ليس بالأمر السيئ من وجهة نظر النظام السوري، بل يمكنه أن يكون خبرا طيبا لأنه ينعكس ارتفاعا في قيمة أرصدته من العملات الأجنبية بالليرة السورية، ويتيح له دفع أجور موظفيه وعسكرييه بعملة محلية مبخوسة القيمة، إلى درجة أن المجموعة الدولية التي تعتمد هذه المقالة على معلوماتها المباشرة نسبت إلى رجل أعمال سوري تقديره بأن النظام ربما يضارب على سعر صرف الليرة.
غير أن هذه الآلية النقدية مصدر واحد فحسب لتمويل الحرب التي يشنها النظام على محكوميه الثائرين منذ 19 شهرا. يضاف لها امتناع النظام ببساطة عن دفع الرواتب أو تحمل أية مسؤولية في المناطق الخارجة عن وعلى سلطته.
في المقام الثاني، تواترت معلومات عن تقديم إيران عشرة مليارات دولا أميركي دعما للتابع السوري، وهو مبلغ ضخم، يعادل نصف احتياطي المصارف السوري من العملات الصعبة عند بداية الثورة، ويقارب خُمس الناتج الوطني الإجمالي عام 2010. هذا فوق ما يرجح وصوله من أسلحه ومعدات تكنولوجيا، يستبعد أن يكون النظام السوري دفع ثمنها، بفعل نوعية العلاقة السورية الإيرانية، وما فيها من بعد عاطفي "غير عقلاني"، فوق كونها من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية استثمار استراتيجي لا يقدر بثمن. أقرب شيء إلى هذه العلاقة هي العلاقة الأميركية الإسرائيلية التي لا تشبه العلاقات بين الدول، وقلما تقدر قيمتها بالمكاسب والخسائر المادية.
وبينما كان يتداول في الشهور الأولى للثورة أن بعض رجال الأعمال المرتبطين بالنظام يمولون "الشبيحة" ويوفرون بعض مرافقهم كمراكز اعتقال، فقد طور النظام نسقا تمويل ذاتي للشبيحة وأجهزة الأمن، يتمثل في إباحة البلدات والأحياء التي يقتحمونها لهم. يجري نهب البيوت والمجال التجارية علنا، ولا يقتصر الناهبون على ما خف حمله وغلا ثمنه على طريقة اللصوص، بل يستولون على كل ما يستفاد منه، مع الاحتفال العلني بالغنيمة دوما. ويحصل أن يجري تعهيد بعض أقسام من الأحياء المفتوحة من قبل ضباط الجيش أو المخابرات للشبيحة وقادتهم مقابل مبالغ مالية متفق عليها: هذه البناية لكم، مقابل مليون ليرة مثلا. وتنقل الغنائم في مواكب علنية تتجه إلى أماكن معلومة بدورها. وقد تعقد لها أسواق تباع فيها، كان من أشهرها "سوق السُّنّة" في حمص في ربيع هذا العام، وكانت تعرض فيه وتباع المنهوبات من أحياء اقتحمتها قوات النظام وشبيحته مثل بابا عمرو وكرم الزيتون وغيرها.
وليست خطط التنظيم العمراني التي أعلن عنها مؤخرا بعيدة عن منطق الغنيمة ذاته. ففضلا عن أنها تُضفي شرعية عامة على تدمير المناطق والأحياء الثائرة، وفوق أنه يحركها نازع وضع المجتمع تحت المراقبة أو جعله مكشوفا بالكامل، فإنها تستأنف تقليد المصادرة والاستملاك الذي سار عليه النظام البعثي منذ بدايته، مسوغا إياه بـ"دواعي المصلحة العامة". في واقع الأمر آلت أراض وأملاكا ومزارع ومساكن إلى مقربين خواص من النظام، يشكلون اليوم متن البرجوازية السورية الجديدة. وفي هذا ما يفسر جانبا من حدة اعتراض بلدات مثل داريا والمعضمية والمزة وبرزة على النظام البعثي والأسدي. وليس نادرا أن يعبر ناشطون من هذه البلدات أو الأحياء عن صراعهم مع النظام بأنه يهدف إلى استرجاع "أراض مغتصبة". ويثبتهم على هذه اللغة التي لا يسمع مثلها إلا من الفلسطينيين في سياق الصراع مع إسرائيل، أن مناطق مخالفات أخرى لم تشمل يوما بالتنظيم العمراني المزعوم، لأسباب يرجح أنها طائفية.
ومن قد يمر بأوتوستراد المزة اليوم بمكاتبه وسفارته ومساكنه الفخمة، ربما لا يعلم أنه على بعد عشرات الأمتار عن هذه الواجهة البراقة اقتلعت بساتين الصبارة في المزة بالبلدوزرات معاقبة للمزاويين على احتجاجاتهم، ولمنع الثائرين من التواري فيها. ومثل ذلك جرى مؤخرا لبساتين صبارة في دُمَّر. هل بغير إسرائيل تذكر هذه الممارسات أيضا؟
وعلى كل حال لا يبدو هذا التشبيه بعيدا عن خاطر ضباط المخابرات الأسديين. ينسب تقرير المجموعة الدولية نفسه إلى أحدهم قوله: "علي أن أعمل على الأرض كأني قوة احتلال وليس قوة أمنية محلية. فلننس أن الأعداء سوريون وأنك أنت نفسك سوري. أنت في نظرهم قوة احتلال. وعليك أن تنصب حواجز متينة بينك وبينهم. يجب أن يضطروا إلى العد للعشرة قبل أن يفكروا بمهاجمتك، أي أن عليك أن تعمل بحيث يكون مكلفا جدا لهم أن يفكروا بذلك...". سيادة الضابط يعتبر أن نظرهم إليه كقوة احتلال أمر مسلم به في كل حال. والشيء الوحيد الذي يفكر به هو بناء "الحواجز المتينة" والتصرف فعلا كمحتل أجنبي، يعمل بكل الوسائل على تجريد الأهليين المتمردين من السلاح. ليس للتصرف على هذه الشاكلة أي علاقة بانطباعات خاطئة أو اختلالات إدراكية. إنه يدر سلطة مطلقة ومالا وفيرا.
وغير مصادر تمويل حربه، يجتهد النظام في تجفيف منابع تمويل الثورة. يذكر تقرير المجموعة الدولية أن بشار الأسد التقى 23 تاجرا دمشقيا في 8 أيار الماضي، ونسب إلى أحد الحاضرين التالي: "قال بشار إنه سمع أن بعضهم يدعمون الثورة، وإنه إذا كان هذا صحيحا فإنه مستعد لأن يفعل بسوقي الحميدية ومدحت باشا ما كان فعله بابا عمرو. كان يريد منهم أن يعرفوا أنه لا مشكلة لديه أبدا في القيام بمثل ذلك". في هذا الشأن دون غيره يتعين تصديق الرجل. كل الأزمنة والمكنة مناسبة للرد عل عدوان المحكومين الثائرين أو حتى تضامنهم فيما بينهم.
تندرج هذه المساعي التمويلية والسياسات المواكبة لها في خلع النظام قناع الدولة، وارتداده إلى نواته الصلبة أو الدولة الباطنة التي تتصرف كميليشيا حسب تقرير المجموعة الدولية نفسه، لا هدف لها غير البقاء في السلطة. ومن أجل البقاء طورت الطغمة منهجا اقتصاديا في الوطنية اسمه: بلاها!: حمص؟ بلاها! إدلب؟ بلاها! ولهذا النهج مكمل إقليمي، أورده التقرير على لسان ضابط أمن: "يا صديقي، نستطيع إحراق المنطقة كلها"!



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموجة الإسلامية الثالثة والثورة: بعض الأصول والدلالات والآث ...
- الثورة في خطر!
- مأزق الثورة السورية
- حوار حول كتاب -بالخلاص، يا شباب!-
- حوار حول الثورة السورية والموقف الدولي
- كتاب -العقد الأخير في تاريخ سورية...-: جدلية المنهج المنفتح ...
- نزع القداسة عن الثورة
- حوار حول الشأن السوري والطائفية والمستقبل
- ما الاعتدال وما التطرف في الشأن السوري؟
- فقدت الحياة القديمة
- ما يستقيم وما لا يستقيم في معالجة -الأزمة السورية-
- حوار حول الثورة والمثقف والسجن
- الثورة السورية إلى أين؟
- ما قصة روبرت فيسك؟ ماذا يريد؟
- -الصورة واضحة-: مؤامرة خارجية وإرهاب داخلي!
- سياستان موضوعيتان وسياسات ذاتية للثورة السورية
- المسألة السورية والنظام الدولي
- نظام الإبادة: من الإبادة السياسية والأخلاقية إلى القتل الجما ...
- بخصوص الثورة السورية والأخلاق
- في الجذور الاجتماعية والثقافية للفاشية السورية


المزيد.....




- اكتشف العجائب السرية المخفية تحت الأرض في تركيا
- -حرب صامتة- بين إيران وإسرائيل.. 800 هجوم و-القبة- تعمل بنشا ...
- شاهد: رفح على حافة كارثة صحية.. ظروف إنسانية مزرية وانتشار ل ...
- بمعدل سنوي.. التضخم في تركيا يرتفع إلى 69.8 بالمئة
- عائلة مثليّ بريطاني تتهم السلطات القطرية باستدراجه عبر تطبيق ...
- تسلحت بأحمر شفاه مسموم.. قصة أميرة مسلمة مسالمة برعت في العم ...
- جندي أوكراني يتمرد ويحتجز اثنين من زملائه وأطباء رهائن في خي ...
- فرنسا.. وقفة تضامنية مع فلسطين أمام جامعة السوربون
- الإمارات.. المركز الوطني للأرصاد يوضح حالة الطقس في البلاد
- -فاينانشال تايمز-: مجموعة الـ 7 توقفت عن مناقشة مصادرة الأصو ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - جوانب من -الاقتصاد السياسي- للحرب الأسدية الثانية