|
الموقف الروسى من الصحوة العربية
جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 3551 - 2011 / 11 / 19 - 00:00
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الموقف الروسى من ثورات الربيع العربى ، يدعو الى الأستغراب و التساؤل ، فقد و قفت روسيا دائما ، منذ العهد السوفييتى البائد ، كما تقف اليوم مع الأنظمة العربية الشمولية و تدافع عن الحكام العرب الطغاة و تنظر بأستعلاء قيصرى الى المسلمين عموما و العرب خصوصا و تجند وسائل اعلامها – وهو اعلام سائر فى ركاب السلطة عموما ما عدا بعض الأصوات الحرة التى يقمعها نظام بوتين بضراوة لا تقل عن ضراوة الحكام العرب - لتجميل الوجه القبيح للأنظمة العربية البوليسية الفاسدة . نظام بوتين لا يحسب حسابا للشعوب العربية الثائرة و يحاول تصوير الثوار كأنهم مجاميع من الرعاع السلفيين و أن الشعوب العربية ان هى الا قبائل بدوية و طوائف متناحرة ، تحركها أحزاب و تنظيمات جهادية - أرهابية، تحاول أنتزاع السلطة من( أنظمة شرعية ) بالعنف و الأرهاب و الأستعانة بالأجنبى . وسائل الأعلام الروسية أمتدحت طوال الشهور الماضية نظام القذافى قبل و بعد سقوطه و تعد دكتاتور ليبيا الراحل بطلا ، عاش و قاتل بشرف و أباء و شجاعة نادرة حتى آخر لحظة فى حياته كالفرسان النبلاء . و تعيد هذه الوسائل ، المرة تلو المرة ، نشر المقابلات التى تجريها مع ( ممرضات ) القذافى اللواتى يذرفن الدموع على الدولارات الضائعة نتيجة لأضطرارهن العودة الى بلادهن و حرمانهن من هدايا بابا قذافى الثمينة .. ! فعلى سبيل المثال لا الحصر ، تقول يلينا سابونينا - و هى محللة سياسية روسية ، درست اللغة العربية و تعمل فى وكالة أنباء ( فريميا نوفستى ) و تحمل لقب بروفيسورة فى معهد الأستشراق و تعتبر نفسها خبيرة بالشؤون العربية ، حيث تستضيفها أحيانا قناة ( روسيا اليوم ) و بعض القنوات الفضائية العربية - ان نظام القذافى كان نظاما (ديمقراطيا و شعبيا ) حيث كانت القرارات المصيرية تتخذ من قبل اللجان الشعبية و كذلك المصادقة على خطط التنمية و الموازنة العامة و تضيف دون ان يرف لها جفن " ان القذافى وفر للشعب الليبى كل شىء بالمجان تقريبا او لقاء اجور رمزية ( السكن و وسائط النقل و الماء و الكهرباء و التعليم و الخدمات الصحية .و تتساءل : أين يستطيع المرء أن يشترى سبعة ألتار من البنزين بدولار واحد فى غير ليبيا القذافى ؟ . أما السياسى ، غريب الأطوار ، زيرينوفسكى ، رئيس الحزب الديمقراطى الليبرالى الروسى و نائب رئيس مجلس الدوما ( النواب ) الروسى ، فقد أعتبرنظام القذافى مثاليا و أفضل نظام فى العالم ! ورغم خصوصية كل ثورة عربية و اختلاف ظروفها و أسبابها من بلد عربى الى آخر ، الا أن الموقف الروسى الرسمى من ثورات الربيع العربى ظل موقف المتشكك بنوايا الثوار و الباحث عن القوى الأجنبية ( الغربية ) التى تقف وراء التظاهرات العارمة . و يعتبرالناشطين الشباب ، من أصحاب المدونات و الصفحات الألكترونية و بخاصة فى مواقع التواصل الأجتماعى طابورا خامسا يعمل لحساب الأجنبى..
و ويرتكب نظام بوتين بهذا الموقف الشاذ عن الأجماع العربى و الأقليمى و الدولى ، أثما لا يغتفر فى حق الشعوب العربية و خطئا فادحا فى حق روسيا و مصالحها الحيوية ، لأن الحكام زائلون و الشعوب باقية . و من مصلحة روسيا تدارك هذا الخطأ بأسرع ما يمكن . و لكن كل الدلائل تشير الى ان نظام بوتين متمسك بموقفه من الصحوة العربية و سوف يدفع ثمنا غاليا لهذا التعنت .
مشروع قرار أممى جديد و تفيد الأنباء الواردة من نيويورك بأن مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المحدة قد شرع هذا اليوم بمناقشة مشروع قرار جديد – حظى بموافقة الدول الغربية وتركيا و معظم الدول العربية - يدين بشدة نظام بشار الأسد و سلطته القمعية التى تستخدم القوة المفرطة ضد شعبه المطالب بتنحيه عن السلطة تمهيدا لأقامة نظام ديمقراطى حقيقى . وفى حالة أعتراض روسيا و الصين على صيغة القرار و عدم التوصل بسرعة الى صيغة مقبولة لوقف نزيف الدم فى سوريا ، سيقوم المجتمع الدولى من دون روسيا و الصين ، بتشديد العقوبات على النظام السورى و عزله و خنقه تماما . حيث لا يستبعد قيام تركيا بالتدخل لأنقاذ المدنيين السوريين من بطش النظام و ذلك بخلق منطقة عازلة بين تركيا و المناطق الخاضعة لسلطة بشار، و قد رحب أكبر تنظيم سياسى سورى معارض و هو تنظيم الأخوان المسلمين بهذه الفكرة و أعتبرها مقبولة أكثر من التدخل الغربى المباشر . و حسب وسائل الأعلام الروسية ، فأن موسكو تنتقد الولايات المتحدة و الدول الأوروبية و تركيا و الدول العربية ، بأنها تعد العدة لتغيير النظام فى سوريا ، و أن هذا التغيير لن يؤدى الا الى أثارة الحرب الأهلية فى هذا البلد . و ترى روسيا ان المجتمع الدولى ينبغى ان يضغط أيضا على المعارضة السورية للجلوس وراء مائدة المفاوضات للتوصل الى حل يرضى الطرفين ، أى بعبارة أخرى يضمن بقاء بشار الأسد فى السلطة . و بذلك فأن روسيا تضع علامة مساواة بين القاتل ( نظام بشار ) و الضحية ( الشعب السورى و ممثلها الشرعى ، المجلس الوطنى السورى ) . و تحاول أنقاذ نظام بشارالآيل للسقوط .
و لا شك أن الدعوة الروسية للحوار جاءت متأخرة جدا ،فقد فات أوان الدعوات ، لأن النظام استخدم الحوار لكسب الوقت و أراقة مزيد من الدماء أملا فى قمع الثورة الشعبية ، لذا فأن المجلس الوطنى السورى الذى يضم معظم القوى المعارضة لنظام الأسد ، قد رفض رفضا قاطعا أى حوار مع النظام القائم و طالبت بتنحى بشار عن السلطة فورا . و كالعادة لن يطرأ تغيير على الموقف الروسى الا عندما تتيقن موسكو بأن مصير بشار قد صار قاب قوسين او أدنى من مصير القذافى . نظام بشار فقد شرعيته و أصبح نظاما منبوذا و محاصرا من قبل المجتمع الدولى و سوف يسقط ان عاجلا أم آجلا , و لا أمل له بالبقاء ، مهما حاول و أستنجد بنظام الملالى فى طهران و ذيله ، حكومة المالكى التى تلعب - بناءا على أوامر طهران - فى الوقت الضائع . نظام الملالى فى طهران قدم خمسة مليارات دولار و أسلحة الى نظام بشار ، و كذلك فعلت حكومة المالكى التى منحت النظام السورى خمسة مليارات دولار أيضا و أرسلت آلوف العناصر المسلحة الى سوريا لقتل شباب الثورة السورية و تكفلت بتلبية أحتياجات سوريا الى النفط و مشتقاته . و قد رصدت و صورت المخابرات الغربية بواسطة الأقمار الصناعية و طائرات التجسس قوافل الأسلحة و المرتزقة التى تتدفق عل سوريا عبر الحدود العراقية – السورية . و بطبيعة الحال فأن المالكى و الناطق بأسمه على الدباغ ، حاولا من دون جدوى نفى هذه الأنباء . كيف يمكن نفى ما و ثقته و أثبتته وسائل الأتصالات و الرصد الحديثة ؟ . الأشرطة الموثقة دليل دامغ و يمكن للدول الغربية ان تعرضها على الرأى العام العراقى و العربى و الدولى متى ما شاءت ذلك . يا لبؤس نظام بشار ! لم يتبقى له من نصير فى هذا العالم الواسع ، سوى نظام الملالى فى طهران و تابعه المطيع فى بغداد .
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تولستوى و جائزة نوبل للآداب
-
واحة الأمن و الأمان فى العراق المعذب -2
-
واحة الأمن و الأمان فى العراق المعذب -1
-
عودة الوعى الى المثقفين العراقيين
-
صواريخ المالكى و أقماره الصناعية
-
الأساطير الكوردية في الأدب العالمي
-
أساس الأزدهار الثقافى الكردى
-
روائع التراث الكردى بين رودينكو و وزارة الثقافة الكردستانية
...
-
المالكى ... نفاق لا ينتهى
-
قوة الضعفاء
-
احتفال أمام نصب الحرية ببغداد
-
نحو مفهوم جديد للرسالة الأعلامية
-
من المآثر البطولية لكرد الاكز ( alagiz)
-
سوبرمان العصر الرقمى
-
اسطورة حب فرهاد و شيرين فى آداب شعوب الشرق
-
الترجمة فى عصرالعولمة
-
السياسة فى العراق : مهنة من لا مهنة له !
-
نظرية أوروبية الجذور، يعشقها العرب
-
بحثا- عن قيادة ديمقراطية حقيقية للعراق
-
الحلم الضائع في بحر إيجة
المزيد.....
-
في إسبانيا.. إجراءات صارمة على الحفلات في جزر العطل الشهيرة.
...
-
أمطروهم بالرصاص.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة هجوم دام ببنادق كل
...
-
إسرائيل تأمر بعمليات تهجير جديدة في رفح استعدادًا لتوسيع نطا
...
-
بعد تسجيل إصابات بالسعودية.. هل تدعو -متلازمة الشرق الأوسط-
...
-
واشنطن تتحقق من مدى انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في غزة
-
زيلينسكي يطالب الحلفاء بالأفعال لا الأقوال
-
ماسك يوضح تأثير العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى على أق
...
-
بالصور.. جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا لمكافحة الفصل العنصري ال
...
-
أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟
-
محور نتساريم.. مفرق الشهداء في قطاع غزة
المزيد.....
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
-
الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل
...
/ بشير النجاب
المزيد.....
|