|
رغم ما يقال .. سيبقى النظام الاشتراكي هو الافضل .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3040 - 2010 / 6 / 21 - 23:37
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
من خلال عدة حالات جرى خلالها التطرق لموضوع الاشتراكية عموما ، أدلى بعض الكتاب من المؤمنين بالنهج العلماني حصرا ، بآرائهم ، محاولين الخوض في غمار كون ان الاشتراكية العلمية كسبيل لبناء الحياة هل هي الافضل من بين بقية المناهج ، ام أنها غير ذلك .. وكان لابد أن تؤخذ تجربة الاتحاد السوفيتي كمثل ( تنتهي ) عنده كافة مراحل الحوار ، ليتم من خلال النتائج التي بلغتها تلكم التجربه ، كدليل دامغ ، برأي أعداء تلك التجربه ، يثبت ان الاشتراكية العلمية بكل ما حملته من نصوص متطوره ، ما هي إلا محض اكتشافات بائسه ، سرعان ما ماتت بموت منظريها . وكجزء من إحترام الذات ، والوقوف عند الحدود الطبيعية للمعرفه ، وعدم الخوض فيما لا أمتلك فيه ذات الباع الذي يمتلكه غيري ممن تفرغوا لدراسة المنهج الاشتراكي العلمي وبتعمق وسعة ، فإنني اكتفي هنا بالتذكير بالحقائق التاليه : أولا - إن الفكر الماركسي ، شأنه شأن أي فكر يرتكز على أسس بعيدة الاعماق ، ولا يقتصر على المرور المتطفل والسريع على حقائق ومرتكزات الحياة ، لا يمكن لمن يخاطر بأمر نقده والغوص في لجة بحوره ، إلا أن يكون حائزا على القدرة بالقيام بهذا الفعل ، وبجدارة مقبولة على الأقل . ثانيا – إن الاتخاذ الدائم لفشل التجربة السوفيتية ، كحجة وحيدة لمحاولة إثبات عدم جدوى الايمان بالمفهوم الاشتراكي العلمي ، لا يرقى ، بنظري ، الى درجة الموضوعية في إبداء وجهات النظر بهذا الخصوص ، وإلا فإن ذات التوجه لو قيست به تجارب العالم الفكرية والسياسية برمتها ، لاصبحنا ، مجبرين ، على الوقوف أمام ظواهر لا تبلغ أية واحدة منها مبلغ الاستحقاق في الدراسة والتمعن ، ولأنعدمت لدينا تماما بواعث الانتماء . وتجاوزا لما تقدم من حقيقتين ، أرى فيهما منطلقا منصفا يجب ان تتسم به جميع فعاليات التصدي لنظرية الاشتراكية العلمية ، فإنني أيضا لم أجد من خلال أغلب المحاولات الجارية للنيل من الفكر الماركسي عموما ، والاشتراكية العلمية على وجه الخصوص ، غير محاولات لبلوغ مقاصد معينه ، تهدف للنيل من السير الذاتية لرجالات هذا الفكر وحسب ، دون التوغل في رصد مكامنه والسباحة في بحوره وتفنيد بواعثه ومرتكزاته بحياد ، ودون إيغال في ابداء الشماتة غير المبرره بتوقف تجربة واحدة من التجارب المعتمدة على هذا النهج ، في حين يتم التنكر لبقية التجارب المتبنية له ، والتي تخطت الحواجز ، فبلغت مبلغا جعلها قوة لا يستهان بها في معادلة احتساب القوى في العالم . إنني أشك في توفر عنصر حسن النية ، عندما اتطلع الى نشر مبتذل لصور تحاول ان تعكس مدى التدني الذي بلغه المجتمع الروسي في الوقت الحاضر ، ويوصف ما يظهر في تلك الصور على أنه واحد من نتائج البناء السوفيتي ، في حين ما تعكسه من واقع مرير ، هو دليل لا يقبل الاختلاف ، على أن ما بلغه هذا المجتمع من حال بعد غياب النظام الاشتراكي ، يعتبر برهان قاطع على أفضلية الظروف التي كانت تعيشها الشعوب في ظل ذلك النظام .. ومن المؤسف جدا ، هو أن البعض ممن يروجون لهذه الدعاية الضعيفة ، هم ممن اكملوا تعليمهم ونالوا شهاداتهم من جامعات ومعاهد الاتحاد السوفيتي سابقا وعلى حساب لم تساهم دولهم فيه بمليم واحد . وبسؤال مجرد من تأثير أي انتماء مسبق ، أسأل من قدر له التواجد في إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي ولأي سبب كان ، شرط ان تكون مدة ذلك التواجد كافية لبناء رأي حصيف حول طبيعة المجتمعات هناك ، كيف كانت حال المرأة السوفيتية مثلا في تلك الفتره ؟ .. هل شاهد أحد مظهرا واضحا من مظاهر التجني على كرامة النساء سواء من خلال تعرضهن للاهانة بسبب المعيشة ، أو بعرضهن ضمن برامج التسلية العابرة في ملاهي الليل وحانات الشوارع الساهرة ؟ هل شاهد أو أحس أحد ، بأن شريحة اجتماعية معينه من شرائح المجتمع السوفيتي ، يعوزها السكن أو العمل ، أو يهرس في احشائها الهيروين كما يبدو الان واضح للعيان وفي كل مكان ؟ .. هل شاهد أحد ممن تلقوا علومهم في بلدان الاتحاد السوفيتي ، واقصد بهم اخواني العرب ، باعتبارهم أكثر من غيرهم استعدادا للذم ، أي مظهر من مظاهر التشرد والضياع في تلك المجتمعات كما هو حاصل الان ؟ .. ألم يكن آلاف النساء والرجال تقذف بهم قطارات الفجر، وهم يملئون ارصفة محطاتها متوجهين الى مصانعهم كل يوم ، ولم تكن هناك أية واحدة من ملامح الشعور بالفراغ والبطاله ؟ .. هل حقا ما تلقفته مجتمعاتنا العربية ( الراقيه ) من صبايا روسيات امتهن الدعاره ، هو من نتائج البناء السوفيتي ، وبالتالي فان هذه الظاهرة ، كما يقول أحدهم ، هي مدعاة للنيل من عدالة الاسس التي ارتكزت عليها دعائم ذلك البناء ؟ .. إن من يقترب الى شخصية الفرد الروسي ، حتى اولئك الذين انقطعت جذورهم بالعهد السوفيتي بحكم السن ، يجد وبشكل واضح جدا تجلي صفات الدعة والاخلاص في العمل ، وترتسم أمامه شخصية لا تحكمها معالم التكبر ، ولا تسيرها بواعث الاحتيال حتى بابسط صوره ، فتبدو وكأنها تتصرف باخلاق القريه ، وتتحرك بدون أدنى تكلف مريب . لقد عبر احد الكتاب المصريين عن هذه الشخصية ، حينما وصف الخبراء السوفيت ، قبل ان يستأسد انور السادات ، فيصدر امرا بضربهم بالشلوت خارج مصر كما قال ، وصفهم بانهم يقشرون اللب ، وهم يتجولون على ضفاف النيل ، يرتدون ابسط الملابس ، ويتصرفون بكل عفوية رغم انهم خبراء لا يمتلك السادات في بلاده ربع ما يختزن في رؤوسهم من علوم . هؤلاء الصنف من البشر هم نتاج طبيعي لمجتمع كان السلام يعم نفوس ابنائه ، ولا يعرقل حياتهم أي منغص سوى ذلك التنين القميء ، والذي كان يعرض على بسطائه صور بناطيل الجينز وهياكل السيارات الفخمه كي يخرب تلك النفوس ، ويوجهها للانصياع الى دواعي الانحلال في بوتقة التمدن غير المسيطر عليه ، ضمن فصول حرب شرسه كانت تجري بين الغرب والشرق . حتى جاء العرب ، متحمسين لتوفير أسباب هد هذه التجربة من أساسها بحجة الدفاع عن مقدرات الاسلام ، ومن أجل إرساء راياته العادله ، وكان من العدل بمكان أن يضرب الذنب قمة الرأس ، وتبدأ دائرة الخراب تحيط بمضارب أبناء قحطان وعدنان ، وتجعلهم فرجة تطاردهم فلول من جندوهم للحرب على قلعة الكفر . لست هنا منتصرا لغير الحقيقه .. ولا ادعو لغير الانصاف في تقدير الامور ، فالشعب السوفيتي كان افضل حالا مما هو عليه الان بآلاف المرات ، ولا يصح أبدا أن يتخيل المرء ، بما يحمله من اتزان في التفكير ، عقد مقارنة متوازنه بين الحالين دون ان يقر بهذا الواقع .. وسيمر وقت طويل حتى يتأقلم الروس خاصة مع حيثيات ما يفرضه عليهم النظام الجديد ، بما يحمله من موبقات المخدرات والسطو المسلح وعمليات الخطف وحركة عصابات الاتجار بالعمله .. لقد كنا ، ونحن نتجول في اطراف الساحة الحمراء ، نتندر على ما يعيشه الروس من ظروف توحي لنا احيانا ، بأن إحداث اية اطلاقة وهمية من لعبة للاطفال ، من شأنها أن توقع العشرات في عرض الشارع ، لعدم تعود الناس على ضجيج يزعج حياتهم الآمنه . يقينا بأن وراء سقوط تجربة الاتحاد السوفيتي ، ما ورائه من أسباب تتعلق باخطاء في التطبيق من قبل قيادات لم تحسن العمل بحكمة لادارة عجلة السياسة .. وكان واحد من أهم العوامل التي أدت لهدم ذلك الصرح الشامخ ، هو الانشغال بدعم العرب ، وتربية واعداد الكثير من ابنائهم ، والانتصار لقضاياهم ، وتحفيز شعوبهم المقهورة للتحرك بوجه ما يعانونه من قهر .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجهة نظر من واقع الحال
-
من قاع الحياة
-
خطاب مفتوح لمؤسسة الحوار المتمدن
-
لماذا يلاحقنا إخواننا في الكويت ، بديونهم في هذا الزمن الصعب
...
-
ألقطة سيسيليا ...
-
المرأة في بلادنا .. بين التمييز والتميز .
-
من هو المسؤول عن مأساة ( منتهى ) ؟؟ .
-
أنا والمجانين
-
واحد من مشاريع التمرد ، إسمه ستار أكاديمي
-
تشضي الشخصية العربية ، وفقدان وسيلة التخاطب .
-
ألنفط وصراخ الكفار
-
يوم في مستشفى عمومي
-
أين نحن من توقعات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجي
...
-
ألفرات وقربان المدينه .. ( قصة قصيره )
-
مشاوير شخصيه ، في ثنايا الماضي .
-
حينما تصر الجماهير على رفض مسببات خلاصها .. أين الحل ؟ .
-
أعمارنا ليست عزيزة علينا ، وحربنا معها مستمره .
-
لماذا هذا الإهمال المتعمد للكفاءات العراقية المهاجره ؟؟ .
-
ألواقع الاجتماعي العربي .. بين ثورة الجسد والعقل ، وعبثية رد
...
-
أفكار مهشمه !
المزيد.....
-
-أعلى مراحل الرأسمالية-.. من الإمبريالية والاستيطان إلى الثو
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 مايو 2024
-
بيان الحزب الشيوعي العراقي: إجحاف آخر بحق ثورة 14 تموز 1958
...
-
تجاهلت الحشود سؤالها.. عجوز بريطاني بين متظاهرين دعما لفلسطي
...
-
بوتين يضع الورود على نصب تذكاري لجنود سوفييت قضوا دفاعا عن ا
...
-
رئيس المكسيك ينصح بقراءة دوستويفسكي وتولستوي ولينين
-
للمطالبة بالتثبيت.. احتجاج موظفي تحصيل “مياه الشرب” بأسيوط
-
طلاب الجامعة الأمريكية يتظاهرون لمطالبة الإدارة بمقاطعة الشر
...
-
عزالدين اباسيدي// حتى لا تدمر التضحيات
-
76 سنة بعد النكبة، لنعمل لبناء حركة دولية من أجل فلسطين!
المزيد.....
-
كيف درس لينين هيغل
/ حميد علي زاده
-
كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رؤية يسارية للأقتصاد المخطط .
/ حازم كويي
-
تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا
...
/ جيلاني الهمامي
-
كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع
...
/ شادي الشماوي
-
حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
/ مالك ابوعليا
المزيد.....
|