|
ابو ظفر ذكراك باقية الى الأبد
بلقيس الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 2396 - 2008 / 9 / 6 - 07:30
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في مساء هاديء من أماسي ستوكهولم الجميلة في شهر يوليو التقيتُ النصيرة ام جمال . وكعادتي حين التقي بناس يعرفون ابو ظفر ومثلما تقول اغنية ام كلثوم " لما اشوف حد يحبك يعجبني اجيب سيرتك وياه .. " فكان حديثي معها عن الغالي ابو ظفر والمواقف التي جمعتها معه في كردستان .تنهدت وقالت :
"... ابو ظفر في ذاكرتي ما حييت .من سماته الطيبة والتواضع والتفاني والإصرار و الحس الإنساني ، كما أنه يشيع جوا من المرح في احلك الظروف وهو سريع النكتة .
أستطيع أن أقول إني تعرفت على الشهيد ابو ظفر قبل أن التقيه في كردستان وذلك من خلال ما سمعته عن الطبيب المناضل ، وبعد أن التقيتكِ وظفر ويسار في دمشق وانا في طريقي الى كردستان ، كنت بصراحة معجبة بكم . وحين التقيته في كردستان كلمته عنكم ونقلتُ له تحياتكم وإعجابي بكم .لم يكتفي بذلك ، بل راح يسألني عن كل شيء وبالتفصيل ووقتها قلت له : " ام ظفر حسبما تقول بأنها شوية سمنانة ." ضحك وعلّق قائلأ : " هذا مضموم ... هذا نريده . "
كان ابو ظفر يحترم الجميع ولن يتوانى في تقديم المساعدة والمشورة الطبية للجميع ولن يتوانى عن السير ساعات ليصل الى مريض ليقدم له المساعدة . ولن انسى اهتمامه ورعايته لي اثناء حملي .
جمعتني معه مواقف عدة وكان في جميعها إنسانا رائعا .في إحدى المرات كنتُ في مفرزة الأسناد وكان ابو ظفر أحد افرادها .وفي منتصف الطريق في قرية ( حسبما اذكر ) شيخ خذر تعرضنا الى هجوم من قبل الجحوش ، فطلب منا دليل المفرزة الأنسحاب ، واثناء الأنسحاب وبسبب إطلاق النار الكثيف الذي تعرضنا له ، فقدنا دليل المفرزة وبقينا ثلاثة افراد ، الدكتور ابو ظفر وابو ظافر وانا. كان ابو ظفر يسير امامنا ، لكنا في حلكة الظلام لم نستطع أن نراه . ومن المواقف الطريفة التي حصلت اثناء إنسحابنا ، حين امسك ابو ظافر بخيط وراح يسير معه وقال لي بصوت خافت : " ام جمال يبدو انه هناك لغما مزروعا في المنطقة وها انا امسك بخيطه . "وراح يسير مع الخيط حتى اصطدم بأبي ظفر والعليجة التي كان يحملها على ظهره والتي كان بداخلها بعض الأدوية ومعداته الطبية ومنها بكرة خيوط لخياطة الجروح . يبدو ان الخيط كان يتدلى من الحقيبة دون أن ينتبه له ابو ظفر . ووقتها نسينا انفسنا والخطرالمحدق بنا ورحنا نضحك . وكعادته بدأ ابو ظفر بالتنكيت الذي ينسي المرء همومه . و واصلنا سيرنا حتى وصلنا الى إحدى القرى .استضافتنا إحدى العوائل وقدّمت لنا قليلا من الخبز والجبن . لم نمكث في القرية ، بل واصلنا السير وكان ابو ظفر يمسك بيدي كي لااتخلف و اضيع وسط الأدغال في الظلام الحالك . تعرضنا الى اضواء بروجكترات الجحوش ومن شدة خوفي فلتت يدي من يد ابو ظفر وبقيت وحدي وسط الأدغال التي تكثر فيها الخنازير البرية .ووقتها لم افقد شجاعتي وسلاحي معي . سمعت حركة بالقرب مني ولم اتردد بنطق كلمة السر وجائني الرد ، وإذا بي امام مفرزة التموين التي ساعدتني بالوصول الى الشهيد ابو ظفر . وبعد ثلاثة ايام استطعنا العثور على ابو ظافرعلى احد الجبال القريبة ، ومن حسن الحظ انه كان يحمل الجبن والخبز الذي حصلنا عليه من القرية وإستطاع ان يسد رمق جوعه منه . ابو ظفر يتسم بالإنسانية والحكمة وقراراته دائما صائبة . لن انسى يوم حصلت احداث بشت آ شان المأساوية وكنت وقتها حاملأ ولم يكن ابو جمال معي حين طلب مني الفقيد ابو عامل أن اسرع بالذهاب الى القرية ( تعرضت القرية للهجوم بعدئذ ) وكنت على وشك أن انفّذ امره وأذهب الى القرية حين التقيت بالمفرزة التي كان يقودها ابو ظفر للإنسحاب عبر جبل قنديل .وحين رآني طلب مني قائلأ : " لا تذهبي الى اي مكان بل خذي معنا طريق الإنسحاب ! " وفعلأ سرت مع المفرزة التي ( حسبما عرفت مكونة من مئة و عشرة اشخاص ) ونجوت وطفلي الذي احمله في بطني من موت محقق .
سيبقى الشهيد ابو ظفر في ذاكرة كل الطيبين . "
النصير ة : ام جمال
#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هدية الوداع .... - وعد - قصة قصيرة
-
ما حكاية المسلسلات المدبلجة ؟ !
-
ذكرى ليست خاصة
-
حين يصبح المرء وحشا كاسرا
-
اقوال مأثورة ( 3 )
-
أقوال مأثورة ( 2 )
-
أقوال مأثورة
-
أحبكِ يا بغداد
-
من رسائل شهيد بطل
-
الثامن من آذار ( مارس )
-
الدكتور ابو ظفر ..حس إنساني ..إخلاص مهني
-
زكية خليفة رائدة المسرح الريفي العراقي
-
لقاء مع سلام عبود مؤلف كتاب - نشؤ وتطور القصة القصيرة في الي
...
-
يوميات من عتق ( 2 )
-
غفوة
-
يوميات من عتق
-
من رسالة دافئة الى شهيد بطل
-
الأنتهازية
-
دور المثقف في المجتمع
-
خاطرة
المزيد.....
-
جورجيا: آلاف المحتجين في تبيليسي ضد مشروع قانون -التأثير الأ
...
-
صعود اليمين المتطرف.. لماذا يهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي؟
-
بداية -عهد جديد-.. الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتال
...
-
الانتهازية والنفاق السياسي فنون ..فشتان بين الموقف الوطني ال
...
-
استشهاد قيادي بالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بغارة صهيوني
...
-
النظام المصري يواصل اعتقال المتضامنين مع فلسطين
-
السودان: من الثورة إلى الحرب؛ مقابلة مع مُزن النيل
-
مقتل قيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بغارة إسرائيل
...
-
سياسة الاقتراض والتنمية المعاقة؛ المغرب في مصيدة الديون الخا
...
-
مسيرة وطنية كبرى بالدار البيضاء تنديدا بالإبادة الجماعية الم
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|