أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلطان الرفاعي - لاهوت التحرير--3--لاهوت التحرير في أفريقيا















المزيد.....

لاهوت التحرير--3--لاهوت التحرير في أفريقيا


سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1947 - 2007 / 6 / 15 - 13:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ولد هذا اللاهوت -أكثر من أي لاهوت آخر- في حضن آلام الإنسان وقلقه ؛ ولقد رأى هذا اللاهوت النور لأن الشعب صرخ : (يا إلهي حتام؟ ) ----- (لماذا يا رب ؟ ) ((الحديث عن الله )) . وبتعبير آخر ، فإنلاهوت التحرير هو نوع من الحديث عن الله . فهو يحاول أن يبرر الله وطرقه في عيون شعوب مسحوقة ومغلوبة على أمرها ، لكنه يدفع هذه الشعوب الى العمل والى تحسين أحوالهم . إن الذين يعانون آلاماً شديدة ، لا يشكون -بوحه عام- في وجود الله ، فهم يعتقدون أن الله هو إله حي ، وإلهقوي ، وإله عدالة وخير . وهذا الإيمان عينه هو الذي يبلبلهم ويقلقهم ، فلو كانوا غير مؤمنين ، لما بحثوا عن الله ، ولما رأووا فيه أنه صالح ومُحب وقوي ، ولوفروا على أنفسهم أسئلة كثيرة ، ولكان ألمهم عنصرا عاديا في وسط سائر عناصر واقع صعب ولكن غير قابل للتغيير .
إن أي (لاهوت تحرير ) يولد من محاولة لفهم الآلام التي يعانيها من هم ضحايا القهر والاستغلال المنظم ، ومن يُفرض عليه العيش في غربة ، ومن يُعاملون معاملة الأشياء لا معاملة البشر المخلوقين على صورة الله والمعذبين مع المسيح والمقدسين بفعل الروح القدس .
هكذا ظهر الى الوجود ((اللاهوت الأسود ) ، وينمو هذا اللاهوت خصوصا في جنوب افريقبا حيث نزعت العنصرية إنسانية السود ، حتى إنها حولتهم إلى مخلوقات لا تمت الى البشر بصلة ؛ فشكّوا في أنفسهم وصدقوا مقولات قاهريهم البيض .
إن اللاهوت الأسود -بوصفه لاهوت تحرير- يُعتبر من الآن جزأً لا يتجزأ من معركتنا في سبيل خلاص الشعب ؛ ولهذا السبب ، حرّمت الدولة تداول هذا اللاهوت الذي يستلهم الإنجيل والذي يريد أن يوقظ عند الإنسان الأسود معنى كرامته الإنسانية الفردية كإبن لله .
وهناك عاملان أساسيان وراء تطور اللاهوت الأسود في جنوب أفريقيا . أما العامل الأول فهو اللاهوت الأسود القادم من أمريكا الشمالية ، المتضمن كتابات السود وترانيمهم الروحية التي شجعت الكثيرين ؛ ثم تبلور صراحة في أيام عبوديتهم العصيبة في الحملة المُطالبة بالحقوق المدنية .
وأما العامل الثاني فهو الاستقلال الذي حصلت عليه البلاد الأفريقية من نير الاستعمار والذي دفع تطور هذا اللاهوت دفعة قوية .
ويأخذ لاهوت التحرير بعين الاعتبار مظاهر الواقع الاجتماعية المختلفة ؛ وهو لا يُحدد نوعية الحياة الزمنية فحسب بل نوعية الحياة الدينية أيضاً .

كان العبرانيون المنفيون الى بابل مكتئبين وهامدين ، لأن إلههم بدا لهم أضعف من الألهة البابلية . وكانت خيبة أملهم عظيمة ؛ فبحسب عقلية هذا الزمن ، كانت الهزيمة ، التي تلحق بشعب ، تعني إلحاق الهزيمة بإلههم الوطني أمام آلهة الأعداء ؛ إذ كانت التماثيل والمعابد المكرسة للآلهة البابلية المنتصرة تُحيط بالمسبيين من اليهود في بابل . ولم يكن لليهود من سبب للافتخار ب (يهوه) .
وفي هذه اللحظة المأساوية التاريخية التي كان يعيشها الشعب اليهودي ، قامت مجموعة صغيرة من المدرسة الكهنوتية اليهودية بتأليف قصيدة شعرية رائعة في تسبيح الخالق ؛ تك1
-------
ويُعبر هذا المثل تعبيرا مذهلا عن الطريقة التي يصيغ بها الكتاب المقدس النماذج اللاهوتية . فهو يصيغ اللاهوت -في أغلب الأحيان - ليُجيب عن معضلات نشأت في مكان معين وزمان معين . ولا ينشا أبدا لاهوت الكتاب المقدس من فراغ ، كما أنه ليس وليد تأملات شخص يعيش في (عزلة عقلية ) داخل برح أو غار . ويمكن التدليل على ذلك من خلال نصوص كثيرة ؛ فعلى سبيل المثال ، حين يتمسك اليهود الذين تنصروا بضرورة الختان لكل من يريد الدخول الى المسيحية ، يُواجههم بولس الرسول في رسالته الى أهل غلاطية . إن أغلب نصوص الكتاب المقدس يمكن اعتبارها (نصوص مناسبات) ، لأنها نبعت من ظروف محددة كانت تتطلب حلولا محددة . إن اللاهوت الذي نجده في الكتاب المقدس هو لاهوت (ملتزم) وبالتالي وجودي ( أي أنه يختص بوجودة جماعة خاصة ومعينة من المؤمنين )

ويتمسك لاهوت التحرير -أمينا- بهذه الأمثلة الكتابية ، إذ يتحدث لاهوت التحرير عن واقع مُعين هو واقع القهر السياسي والظلم الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي ، واقع يجثم بثقله على جماعة مسيحية معينة ، ويبغي هذا اللاهوت أن يأخذ في الاعتبار آلام هؤلاء الناس ، رابطاً هذه الآلام بمالا فعله الله وما يفعله وما سيفعله . إن مرجعية هذا اللاهوت الأساسية هي (((إنسان يسوع ))) : كلمة الله الوحيد ، وهو يبحث في الإله الذي نقصده . وعما لإذا كان من الممكن أن نظل على الإيمان به دون أن نخون ضميرنا . إن ما يميز لاهوت التحرير عن غيره هو اعترافه بأنه لا يوجد حديث لاهوتي من دون أن يتغير مع الزمن ؛ فكل حديث لاهوتي هو مؤقت ، ولا يصلح لجميع المواقف ؛ وعلى كل حديث لاهوتي أن يسعى ليحظى بقيبوله أولاً كونه مجدوداً مكانياً وزمانياً .
لا بد من أن تتعدد الصيغ اللاهوتية ، لأن البشر يدركون الله والأمور الإلهية إدراكاى يختلف من جماعة الى أخرى .
إن فهمنا للإنجيل والوحي الإلهي في تغير دائم ودؤوب ، ومن صيغ هذا المنطلق تنشأ الصياغات اللاهوتية الجديدة

أوليست النصوص التي تتناسب مع موقف دولة مثل ايرلندة الممزقة بسبب الحقد هي تلك التي تحض على المصالحة ؟ أما ضحايا القهر والظلم ، فمن المهم أن يعوا أن إله إيمانهم هو الإله المحرر ، إله الخروج ، الذي قاد شعبه المستعبد من الرق الى الحرية المجيدة ,
إن الله يساعد المضطهد دائماً هذا هو الاعلان الكتابي الذي على الشعوب المقهورة أن تُعيد اكتشافه وإذ يمنحهم الله هذه النعمة ، فليس ذلك لأنهم أكثر فضيلة من قاهريهم ، بل لأنهم مقهورون فحسب . هذا هو الله ، ولهذا فعن صرخة التساؤل المضطربة التي تصرخها شعوبنا : ((مع من يقف الله ى)) نجيب بكل ثقة : (( إن الله يقف الى جانبكم )) ، لا كما يقف إله محلي ، مستعد دائما لتبرير شعبه ، بل بصفته إلها مخلصا محررا ، وفي الوقت ذاته على استعداد لأن يقاضي ذاك الشعب الي بخلصه . ٍإن الله محب وكله رحمة وحنان ، ولكنه في الوقت نفسه القدوس الذي يُطالب بالقداسة من يخلصهم .
وأخيرا ، يحرر الله المقهورين لحبه لقاهريهم أيضا ، وقد قيل الكثير في أن القهر والظلم يُجردان من الانسانية بقدر ما يُجرد ضحاياه منها . ويستهدف أيضا تحرير القاهرين بقدر ما يستهدف تحرير المقهورين
.
دمشق
14-6-2007





#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاهوت التحرير 2- الألم الذي يعانيه الانسان الأسود
- قراءة في فكر ديزموند توتو -1--لاهوت التحرير---لاهوت السود
- طبول المنافقين تغطي على همس المتآمرين
- برسم بعض الكتاب السوريين؛ مع الود
- رسالة الى النظام السوري عبر موقع الحوار المتمدن
- من بسيئ الى المعارضة السورية اليوم ؟؟؟
- المغرر بهم والضالين آمين !!
- قراءة في فكر هانس كينغ34 مقاييس وانحرافت في الاديان
- قراءة في فكر هانس كينغ3ديانات للسلام وللحرب
- قراءة في فكر هانس كينغ2 معضلة الدين في الأخلاق!
- قراءة في فكر هانس كينغ2 الديانات تناقضات قواسم أخلاقيات
- قراءة في فكر هانس كينغ 1-أخلاق بلا دين؟
- انخفاض في نسبة الشعور القومي
- اليكم كيف كان الوضع ؟
- ملحق فتاوى الارضاع ع ع
- حرام يا لبنان‍‍‍‍‍‍‍
- رضا الله من وطء رسول الله وغضب الله من احتقان رسول الله
- الأمة التي فقدت أعز ما تملك للمرة الألف
- يعتزمون بناء كنيسة دون ترخيص ، يا لوقاحة هؤلاء المسيحيين
- الهي الهي لماذا تركتني صرخة شعب


المزيد.....




- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
- خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ...
- الأرجنتين: القضاء يعتزم محاكمة مسؤولين إيرانيين سابقين غيابي ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلطان الرفاعي - لاهوت التحرير--3--لاهوت التحرير في أفريقيا