أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري المرادي - مع الأحداث 10















المزيد.....


مع الأحداث 10


نوري المرادي

الحوار المتمدن-العدد: 591 - 2003 / 9 / 14 - 04:58
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


          صورتنا بأعين الغير،، ما أهميتها؟!

 

تتسارع أحداث العالم، وفي أقل من أسبوع تتالت عدة ضربات للمقاومة الوطنية العراقية كبدت فيها العدو المحتل خسائر ثقيلة في الأرواح والمعدات، كما أعلنت القاعدة من جديد عن نفسها بشريطين بمناسبة الذكرى الثانية لضربة أيلول، وتم تسريب بعض الأنباء عن رواتب بريمر والأربعين مساعدا له، ورواتب الخمسين مساعدا وغلاما،،الخ. وكأني بحدث كبير قادم، يعلم الله حجمه!

ووقوع الأحداث وتتاليها شيء وكيفية قراءتنا لها شيء آخر. فكيف نقرأ الأحداث الأخيرة وما يرتبط بها؟

 

أولا: الاغتيال اللعبة

يبدو أن القرار السري العام المخصص لدولة السويد هو أن لا يصعد إلى سدة الحكم أو موقع التأثير على الأحداث رجل مستقل، يرى العالم كما هو، وليس يراه عبر المنظار الأنجوصهيوني. والمعروف عن وزيرة خارجية السويد السيدة البشوشة آنا ليندا، وقوفها الشديد ضد أي تدخل أمريكي بشؤون بلادها والعالم، مثلما معروف عنها وبالضد من رئيسها يوران بيرشون، أنها شجبت الحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق واعتبرتهما سرقة علنية وخروجا عن الشرعية الدولية. وفي حين تبرع يوران بيرشون فخصص مكانا وقضاة وحراسات لمحاكمة بن لادن التي طالب أن تجرى في السويد حين تقبض (!) عليه القوات الأمريكية، كانت آنا وبدعم الشعب السويدي كله تقف علنا ضد السطو الأمريكي على أفغانستان وتفند الحجج الأمريكية واحدة إثر أخرى.

كما أن الراحلة آنا لندا، وعلى خطى الراحل أولوف بالمه بدأت الاتصال مع الجاليات العربية والمسلمة عموما وتبنت قضاياها، مثلما، وهي الطامة الكبرى في السياسة السويدية والتابو الأخطر، تبنت السيدة آنا القضية الفلسطينية وإن من وجهة نظر دعم السلام بين العرب واليهود وضرورة التعايش المشترك في إسرائيل.

لكن القدر خطف آنا،، ولأسباب ربما لن يحتاج القارئ العربي الكثير لإدراكها. لن يحتاج لإدراكها مثلما لن يحتاج إلى كثير عناء ليتساءل عن طريقة الاغتيال التي تبدو كلعبة أطفال. ناهيك عن أنها منسوخة من اغتيال الراحل أولوف بالمه. لعبة، لأن المتجر الذي اغتيلت فيه، مثله مثل أي متجر في العالم ملغوم بالكاميرات والأنوار الكشافة وخيوط أشعة الليزر والمجالات المغناطيسية، هذا المتجر تدق أجراس إنذاره التي تصم الآذان وتغلق أبوابه آليا، عند سرقة قطعة شكولاتا أو أية قطعة لا تزيد قيمتها على الدولار الواحد. تغلق الأبواب وتدق أجراس الإنذار ليظهر الحرس الحناتير الذين يوجعون الجاني فيشلون حركته دون أن يظهر على جسده أي أثر. لكن وزيرة خارجية السويد، طعنت عدة مرات ومن شخص ملثم وجوده كملثم بحد ذاته كان سيثير الانتباه، والمكان الذي كانت تقف به لاشك يتناسب وحالها كمشترية محترمة أي مكان مكشوف وليس في زاوية مظلمة مثلا، طعنت وسقطت على الأرض ثم نهضت وسارت بنفسها لتصل إلى عاملة القاصة وتخبرها أن أحدا طعنها، وكل ذلك تم في وضح النهار، وخرج الجاني وذاب كفص ملح! وليس هذا فحسب وإنما لا أحد يجرؤ ويجادل دوافع الاغتيال فيما إذا كانت سياسية!

بعد كل هذا لم يبق غير القول: يبدو أن اليد التي اغتالت اولوف بالمه في شارع وسط ستوكهولم وأما أعين المارة، هذه اليد استسهلت الفعلة وأمنت العقاب فلم تعد تبالي بتغيير أسلوبها!

 

ثانيا: بول بريمر والتسعين حرامي

إن معدل دخل 80% من عوائل العراق هو 50 دولارا سنويا. وهناك عوائل دخلها دون هذا بكثير، بلها تعيش على مساعدات الجيران والمعارف وحسب.

لكن عراق الإحتلال هذا لم يحتو هذه الحالة وحدها بل نقيضها أيضا. حيث ومقابل دخل أكثرية العوائل العراقية هذا الذي يمثل المستوى الأدنى على الإطلاق في العالم، يقابله مستوى للدخل هو الأعلى على الإطلاق في العالم. فراتب بول بريمر هو 100 ألف دولار في الشهر وهو أعلى من مرتب أي رئيس دولة (ما عدى ملوك النفط طبعا) بما فيها الرئيس الأمريكي ذاته. ورواتب الأربعين مساعدا، الذين أتى بهم معه وليس فيهم أي عراقي أو عربي، رواتب هؤلاء الأربعين مساعدا هي: 60 – 80 ألف دولار شهريا. أما رواتب الخمسة والعشرين إمعة فهي 50 ألف دولار شهريا، ورواتب غلمانهم الوزراء هي 40 ألف دولار شهريا، إذا ما حسبت معها المخصصات.

ورواتب هؤلاء الغلمان والحق يقال يجب أن تضاف إلى رواتب أسيادهم المجلس، لأن كل الوزراء هم حقيقة أقارب من الدرجة الأولى لأعضاء مجلس الإمعات هذا. ولا توجد حالة استثناء واحدة. وأخيرا فرواتب العسكريين الأمريكيين ما بعد الأربعين مساعدا مجهولة، لكن دلالة واحدة تكفي لتقديرها، وهي أن مخصصات المهنة للطبيب البريطاني المرافق للجيش في جنوب العراق هي ألف جنيه (1500 دولار) يوميا. أي أن مجمل مرتبه يربو على الخمسين ألف دولار أيضا.

بعد هذا فليفترض من يشاء من أن هذه الرواتب الخيالية ليست سوى ثمن لبيع العراق إلى أمريكا!

الجميل، أن الرئيس الأبجدي لمجلس الإمعات السيد كلبي صرح يوم أمس بأن قرار قبول أو رفض وجود قوات تركية على أرض العراق هو ليس من اختصاصات مجلس الحكم(!!)

والسؤال هو: لعد لويش فاتحين مجلس حكم إذا ما يتدخل بالقرارات السيادية؟

والسؤال الثاني هو: هل حقا تعتقد أمريكا أن مصير العراق يقرره توقيع على بياض من هؤلاء الإمعات، وليس يد المقاومة الوطنية؟!

 

ثالثا: الدفان وابنه

قبل الحرب كتبت: (( من يرى الموت يرضى بالحمى، لكن رب حمى يتمنى عليلها عليها الموت ألف مرة )) وأردت مثل الدفان السيء الذي جعل سلوك ابنه الناس يترحمون عليه. وكان ذلك بمناسبة الحديث عن التيار الثالث ورؤاه عن القضية العراقية. ويبدو أن الحال الجارية في العراق قد سيطر عليها الدفان الإبن فجعل الناس تترحم على الدفان الأب وأي ترحم.

ولا أحد يشك بقوة عداء التيار الصدري للنظام السابق، ولا أحد يجادله على وطنيته. لكن قبل يومين فقط صرح ممثل السيد الصدر للصحافة أن: (( صدام كان دكتاتورا لكنه كان إداريا جيدا بحيث استطاع أن يعيد تنظيم البلاد خلال شهر من حرب الخليج الثانية )) وقول هذا السيد حتما يستند إلى مقارنة الوقائع ما بين ما بعد العدوان الثلاثيني وبين الواقع المعاش حاليا والذي يسوء يوما بعد يوم. وقول هذا السيد لا يمكن أخذه وكأنه دفاع عن النظام السابق مطلقا، رغم ما لمح به سفهاء سوق الشتيمة. والواقع المعاش هو بلاشك هوس وفوضى وانعدام الأمن والخدمات وإفلاس كامل في مؤسسات البنية التحتية، إفلاس لاشك وأغلبه متعمد إن  من حيث سرقته لأموال العراق وإفلاسه للخزانة، أو من حيث تعمد محاربة الناس بلقمة عيشهم وبالخدمات الضرورية، ليشكل ضغطا، أو هذا ما يحلم به، على المقاومة الوطنية، وكأن الشعب العراقي جاهل فتنطلي عليه هكذا خدع.

والسؤال الملح في هذا الصدد هو: إذا كان السيد نائب الصدر قد تذكر اليوم إدارية النظام السابق تحت وطأة الواقع المعاش، فماذا سيتذكر تحت وطأة الواقع المعاش غدا والذي سيكون حتما أسوأ بألف مرة مما هو عليه الآن؟!

 

رابعا: معركة السينما

قبل أيام ظهر هوش يار زيباري متربعا على كرسي ممثلية العراق في مجلس وزراء الخارجية العرب، ثم ظهر بول بريمر مع سيده رامسفليد لحظة ثم كلبي ليعلن رفع عدد الشرطة العراقية، ربما لتحميه ضد الإجراء الأردني المحتمل، فعاجلهم شريط لأسامة بن لادن والظواهري، فظهر بوش الإبن متحدثا عما حققوه في محاربته الإرهاب، فعاجله شريط للشهيد الغامدي. 

وحقيقة فلا أهمية لظهور هوش أو بول أو كلبي، بإعتبارها روتينية ولا معنى سياسي لها. مثل هذا شريط الشهيد الغامدي، بإعتباره يحكي لحظة كانت وحسب.

لكن شريط الشيخ بن لادن، لابد وأريد له أن يلغي كل التفاؤلات الأمريكية السابقة التي افترضت موته أو عجزه بإصابة. ثم إن الشيخ بن لادن لم يظهر منذ فترة ليست بالقليلة. ولابده تجنب الظهورات المتلاحقة كي لا ترخص بعد أن تصبح روتينية. الأمر الذي كما يبدو انتبه له الرئيس العراقي المختفي أيضا فأصبح يقلل جدا من أشرطته. أما توقيته ليتزامن مع ذكرى ضربة أيلول، فهذا التوقيت ليس للتذكير بالضربة وحسب، وإنما هو التكنيك الثاني الذي تعتمده الضواري في مهاجمة الفريسة. والتكنيك الأول هو المباغتة. أما هذا التكنيك ففيه يصرخ الضاري دائرا حول قطيع من الطرائد فتتشارد مرعوبة هائمة تتلمس طريقها فترة حتى يجهز على أحدها. والشيخ بن لادن، عادة ما يتبع هذا الأسلوب حيث قبل كل عملية يقوم بها ينشر شريطا ليصيب عدوه بالرعب فيجعله يشك حتى بخياله. وهذه المرة إن تأخر الشريط فتزامن مع ذكرى ضربة أيلول، فللإيحاء بأن العملية القادمة ستكون كبيرة، بحجم أيلول أو بمصافه.

طبعا هذه الأمور يفهمها الأمريكان، ولا داعي لأن يقوم الكتبة الجلاوزة بإعتبارها ذات قيمة فيشي بها إليهم أحد طمعا أو حميّة.

الأمريكان يفهموها جيدا لكنهم عاجزون عن غير التمسك بمنطق بيت الشعر القديم (وفسر الماء بعد الجهد بالماء) وهو ما يتضح من تعليقاتهم التالية لكل شريط من بن لادن. حيث لا يقولون أكثر من: (( أن خبراء وكالة المخابرات الأمريكية راجعوا الشريط وتبين لهم أنه ربما يكون صادرا حقا عن بن لادن )). وهو تعليق لا يعني شيئا، ولا يضيف جديدا لما يعرفه المواطن البسيط الذي ليس لديه أجهزة كوكالة ألـ cia التي يعمل بها 60 ألف مخبر في أمريكا وحدها. ومن هنا فهكذا تعليق يراد به الإيحاء أن الوكالة على عكس ما يبدو عليها من فشلات، هذه الوكالة لازالت بخير وتستطيع التحليل والمتابعة!!

وبعد شريط بن لادن الذي ظهر فيه صاحيا سليما معافى ويسير بصحبة أيمن الظواهري، ظهر شريط لبوش يخطب في إحدى قطعاه العسكرية في أمريكا. ومعلوم أن شريط بوش هذا صدر ليعيد للمعنيين روعهم من جانب وليخطف الأبصار عن شريط بن لادن.

لكن الجديد في الحرب الإعلامية بين أسامة وأيمن وغامدي من جهة وهوش وكلبي وبول وبوش من جهة ثانية، هو أن بوش أعلن في شريطه أن: ((العراق أصبح الآن ساحة المواجهة الأولى مع الإرهاب، وعلى العالم الحر إرسال قواته إلى العراق ،،،)) طبعا لتحمي القوات الأمريكية الذائقة الآن الأمرين في العراق فأصبحت (وهذا ما لم يقله بوش وإنما يفهمه) كما يقول المثل (( مثل بالع الموس، إن سكت قتله القهر وإن حكى جُرِح )). فلو خرج بوش من العراق انهارت دولته، ولو بقي ابتلع مثلث برمودا الجديد جبروته.

المهم أن بوش أعلن في هذا الشريط أن العراق هو ساحة مكافحة الإرهاب حاليا!! فهل هذا إقرار منه بالحقيقة القائلة أن أمريكا خسرت الحرب الأفغانية؟! هل هذا توثيق رسمي أمريكي لكون طالبان هي التي انتصرت في المعارك الأخيرة بدليل أنها تتحكم الآن بعدة أقاليم مباشرة أو من خلف الستار؟!

والسؤال الأخطر: بعد كم يوم من هذه اللحظة سيعود بوش ليعلن أن إيران الآن، وليس العراق، هي ساحة مكافحة الإرهاب الدولي؟!!

 

رابعا: ضربة أيلول

ونحن في الذكرى الثانية لضربة أيلول، ربما لازال بعضهم يتساءل عما إذا كانت هذه الضربة إرهابا في المعيار الدولي أم لا!

طبعا بمعايير أمريكا والمأخوذين بوجهة نظرها، هذه العملية إرهاب. لكنها من وجهة نظر الواقع والقانون الدولي ليست.

ذلك، أن ما بين القاعدة وأمريكا سبق وأعلنت الحرب رسميا ولم يعترض لا مجلس الأمن ولا أية جهة قضائية دولية على هذا الإعلان المتبادل وقبل خمس سنين بالتمام من ضربة أيلول. وفي حالة إعلان الحرب تكون جميع الجبهات ساخنة، الأمامية والخلفية. بدليل ما ضربته أمريكا من قنابل على المدن والقرى في العراق وأفغانستان والبلقان، وبدليل قنبلتي هيروشيما وناجازاكي اللتين ألقتهما أمريكا على سكان عزل وعلى مدن في الخطوط الخلفية.

ومن خصائص الإرهابي هي أن يضرب ويهرب، لأنه بالأساس مرتزق يعمل العملية ولابد له من التمتع بما يكسبه منها. وليس للإرهابي قضية محددة إنماه يمتهن الحرب امتهانا، لذاه يستأجر من قبل دول أو عصابات مافيا مخدرات أو دعارة أو وكالات مخابرات. وتاريخ وكالة المخابرات الأمريكية حافل بمرتزقة الحرب ومنفذي العمليات القذرة. بينما الاستشهادي صاحب عقيدة وله هدف محدد واحد فقط وهو إلحاق أكبر الضرر بالخصم عبر روحه، إذا ما تبين أن موازين القوة النارية على الأرض لصالح الخصم. ولا يظهر الإستشهاديون إلا حين يهجم عليهم. وعلى حد علمنا لم يتحدث التاريخ عن حالة استشهادية واحدة ظهرت في جيش معتدي.

أما حجم ضربة أيلول ومستوى تقنيتها، فالأوجب أن نوجه على أساسه إلى بوش أو خليفته السؤال التالي: هذه الليوث الكواسر التي نفذت أيلول، والتي بدأت تنبت على الأرض العربية الإسلامية كأعشاب الربيع، ألم تعط لكم دليلا على أن لحظة مراجعتكم للذات قد حلت؟!

 

خامسا: الصورة البعبع

صباح هذا اليوم سألتني ابنتي دُجيلة، التي لا تفهم اللغة العربية، وهي تتفرج مأخوذة على فضائية روتانا الغنائية، سألتني عن بلد ولغة هذه الفضائية، فأخبرتها أنها عربية، فعلقت قائلة: الرقص والبنات والفديوكليب في هذه المحطة أحسن من الـ mtv الشمالية.

وجلست إلى جانب ابنتي دجيلة، وكنت أجاري تعليقاتها أو أجيبها على أسئلتها، وأنا مأخوذ بجسد هذه الصبية أو تلك من راقصات الكومبارس المرافق للمغنين العرب في روتانا، وملابس هاته أو تلك التي تكشف أجمل مما تستر، والتي والحق يقال تأخذ اللب صناعة وجمالية وجمالا، بغض النظر عن المستوى الموسيقي والشعري، لتلك الأغاني، إن كان يعادل أو لا يقل عن مثيله في أغاني الـ mtv . المهم كنت أتابع وخاطر ما أخذني إلى برنامج (الرأي والرأي الآخر) الذي بثته قناة الجزيرة ليلة أمس، وإلى برامج سبقته على مدى العامين الماضيين تحدثت عن الصورة العربية والإسلامية الواجب علينا عرضها على الغرب والأمريكان حصرا ليقبلوا بنا أو ليجدوا مبررا ليتحادثوا معنا أو شيء من هذا القبيل.

وحديث ابنتي عن الفديوكلب ربما لم يكن ليثير انتباه لولا أن الفديوكلب هذا هو حصرا تلك البهرجة الفائقة التأثير على عقول الصبيان، وهو حصرا ما يصنع أذواقهم الجمالية والنفسية، وبالتالي يحدد معاييرهم الاجتماعية اللاحقة في المجتمعات الحديثة التي يقع 90% من مهمة التربية الاجتماعية والعلمية للصبية والأطفال على عاتق التلفاز والحاسوب. ومن هنا فأهمية حديث هذه الصبية عنه سأفترضه واحدا من علائم تلك الصورة الجديدة التي أزاحت الصورة التقليدية المرسومة للحالة العربية والإسلامية. أو بالأصح  تلك الصورة المشينة التي نرسمها نحن لأنفسنا ونعرضها على العالم.

فمنطقة الشرق الأوسط تحديدا هي مصدر كل المثل والقيم الثقافية والعرفية والجمالية في العالم. وعلماء الأرخيولوجيا يدركون هذا وليس لديهم أدنى شك فيه. وعلماء اللاهوت أيضا يدركون هذا وليس لديهم شك فيه، إذا ما صدقوا مع أنفسهم بمسلمة أن المثل والأعراف هي نتاج الديانات، والديانات الكبرى الكونية: اليزيدية، المندائية، اليهودية، الزرادشتية، المانوية،  المسيحية، الإسلام، هذه الديانات نشأت في الشرق الأوسط. والصورة الحقيقية للشرق الأوسط إذاً، هي تلك الجميلة المشرقة وليس غيرها. أما ما يعتبره السفهاء من فارق في المظهرية، فهو الآخر قول يرده مجرد العودة إلى مشاهد الخمسينات والأربعينات من القرن الماضي، سواء في لبنان ومصر وغيرها، المشاهد الثقافية والأدبية والسينمائية والسياحية ليعرف أن المظهرية في هذه المنطقة لا تقل عن مثيلاتها في أي مكان في العالم.

أي أن الوقائع جميعها تقول بأن الصورة الواقعية للشرق الأوسط شيء، وما يقوله الإعلام الموجه شيء آخر.

والإعلام الموجه ليس بالضرورة صادر عن إسرائيل أو أمريكا، إنما، وهو الأخطر من النظام الرسمي العربي ذاته. بدليل، هذه الاسطوانة المشروخة التي تتحدث عن صورتنا المطلوب عرضها على الغرب.

ولكن لنطرح الأسئلة التالية ونبحث الأجوبة عليها:

-         ما ضرورة أن نعكس هذه الصورة أو تلك إلى العالم؟!

-         هل غيرت المظاهر السياسات؟

-    هل من محلل سياسي أو مفكر أو فيلسوف، تجرأ يوما وقال أنه اكتشف علاقة ما بين المظهرية وأي واحد من أسباب الحروب على كثرتها؟!

-         منذ متى بدأت اسطوانة المظهرية الصورية تفعل في السياسة؟!

والأجوبة الظاهرة لهذه الأسئلة هي أن المظاهر لم تغيّر السياسات، ولا علاقة بين أسباب الحروب والمظاهر، وأن اسطوانة المظهرية الصورية بدأت تفعل منذ الخمسينات من القرن الماضي،،، وبالتزامن مع بدعة الهلاكوست! ومن هنا فضرورة أن نعكس صورة جميلة عن أنفسنا هو ليس غير بعبع مختلق نلهي أنفسنا به أو بدرء تبعاته الوهمية، تماما كبعبع أسطورتي معاداة السامية ومذابح الهلاكوست، الأسطورتان الوهميتان بحد ذاتهما والمطلوب درء التبعات الوهمية أيضا مسبقا لمن قد يتهم بهما، رغم أن أحدا لم يثبت حقيقة مذابح الهلاكوست، ولم يعرف ما معنى معاداة السامية أصلا.

ومع اسطوانة الصورة التي يجب أن نعرضها على العالم، أو مع بدعة أن ضربة أيلول شوهت صورتنا أمام العالم، تظهر أيضا بدع تقول أو توحي بأن زمن الرومانسيات الثورية والشعارات قد ولى وأن الزمان الحالي هو زمن الواقعية،،، الأمريكية. الواقعية الأمريكية الوحيد طبعا التي تستطيع أن ترى وتخطط وتحلل وما إلى ذلك من ترهات إيحاءات التخويف والتيئيس.

مختصرا، فليس أمام الوطنيين العرب سوى الإهمال المطلق لاسطوانة المظهرية هذه، والاحتقار الكامل لمن يقول بمضي زمن الرومانسيات. ليس بين الدفاع عن القضية الوطنية وبين رومانسيات من رابط. ولو لم تحتل بلادنا لما احتجنا لشعارات ثورية أصلا. أما صورتنا الحقيقية، فهي أننا لابسون ومهندمون. فمن ير لباسنا وأعرافنا وعاداتنا فليرها ولم لم يرها أو لا يريد أن يراها فالأمر يخصه! لننس كليا أهمية مظهريتنا بأعين غيرنا، على الأقل من حيث إننا لا نسير عراة حفاة، ولنا مثل ونحن من صدر الديانات وقيمها ولسنا خارجين عنها، وعلى الأقل من حيث أن أجمل مدينة في العالم لا تمثل سوى قرينة لأبوظبي وبيروت!

أما إن جرى الحديث عن الإرهاب، فالتجربة أكبر برهان! ليخرجوا من أرضنا كغزاة ويأتونا ضيوفا، ليروا!




#نوري_المرادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمعة العظيمة! خسرت الرهان يا مجلس الإمعات!
- أستشهدت أنا ليندا
- إلى مقتدى الصدر
- البائسون!!
- إلى أبطال المقاومة الوطنية العراقية!
- مع الأحداث 9
- مقتل السيد محمد باقر الحكيم،، معالجة!
- قتل السيد محمد باقر الحكيم! اللهم تغمده برحمتك!
- مع الأحداث - 8
- مقر الأمم هذه المرة!
- الضمير الحي سلطان!لا تخش أن تأتمن عدوا شريفا!
- إستغاثة أحمد النعمان!
- حادث السفارة الأردنية!- العين الحمرا
- جنودك يقتلوهم حيث يثقفموهم،، أو يهربوهم إلى خارج العراق وأفغ ...
- مع الأحداث!! - 7
- إلى متابع،، عن - عدي وقصي
- الأخ الفاضل الإمام مقتدى الصدر
- إقضها، يا مقتدى، فمثلك حاتِم!
- مجلس الإمعات الذي سجد، أغريقيا، لبريمر!
- مع الأحداث!! (4)


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نوري المرادي - مع الأحداث 10