أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - في الروح الوطنية العراقية














المزيد.....

في الروح الوطنية العراقية


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 10:27
المحور: المجتمع المدني
    


في لقاء مع الفنان فؤاد سالم على إحدى القنوات الفضائية، قبل أيام، قال أنه، ذات مرة، في مطار أميركي، وكان عائداً إلى أميركا التي اكتسب جنسيتها، مرّ بموقف فيه مفارقة كبيرة، إذ كان هناك مكتبان، أمامهما صفان من المسافرين، أحدهما للأجانب والآخر للأميركان، فوقف هو بشكل لا واع في الصف الأول الخاص بالأجانب، غير أن الضابط المسؤول نبهه أن يذهب إلى المكتب الآخر الخاص بالأميركان، وحين قدم جوازه الأميركي قال له الضابط؛WELL COME IN YOUR COUNTRY ( أهلاً بك في بلدك ).. يقول فؤاد سالم أنه لما سمع هذه العبارة بكى لأنه في قرارته يعرف أن بلده هو العراق الذي خرج منه منفياً. وأن ملعب صباه وأصدقاءه وذكرياته وأحلامه هناك، في العراق.
في أوقات الأزمات والمحن تتجلى الروح الوطنية وتتأكد، فهي تكون عندئذ، وفي مواجهة ما يهددها ويتحداها، على المحك، في امتحان مصيري، ليس في الخفاء وإنما أمام العالم. والروح الوطنية ببساطة شديدة هي المؤشر لدرجة العلاقة بالوطن، بكل ما يعنيه الوطن من بشر وأرض وتاريخ وفضاء ثقافي وروحي وتطلع للآتي، انتماء يسبق أي انتماء آخر ويتجاوز أي انتماء آخر. كلما سألك أحدهم من تكون قفز إلى ذهنك حالاً الكلمتان اللاهبتان؛ أنا عراقي. وحتى قبل أن تفكر باسمك وعائلتك وطائفتك وعشيرتك ومدينتك ومهنتك. تجد هويتك الحقيقية في تلكما الكلمتين، الهوية المؤطرة لهوياتك الضيقة، أو بالأحرى لعناصر هويتك العديدة. إذ الهوية هي هذا المزيج الذي يحتضنه ما نسميه بإكبار؛ الوطن. الهوية التي تتشكل يوماً بعد آخر، تتجذر وتتفرع وتثمر حباً ووعياً وعطاءً. الهوية التي ورثناها، والتي اكتسبناها في معترك الوجود معاً. إذ ليست الهوية جوهراً ثابتاً قاراً قدرياً لا نهائياً بقدر ما هي شخصيتنا التي نصوغها ونبدعها نحن بالتجربة والعيش معاً، في المكان والزمان، وبالتفاعل مع الطبيعة والبشر وبالعلاقة القوية مع الحياة. تلك هي الهوية الوطنية؛ أنْ تشارك في بناء بلدك وتقلق على مستقبله وتعاني من أجل حريته وكرامته وازدهاره، وأنْ تجهش بالبكاء لمّا ترى هذا الدم العراقي الزكي المراق، وهذه الرموز الوطنية وهي تُدمر بدءاً من المتحف الوطني وليس انتهاء بشارع المتنبي وجسر الصرافية. وهكذا، حتى حين لا تصدق أن يكون من يسعى للفتك بهذا الوطن عراقياً. كيف لك أن تصدق؟!.
هنا، لست أتكلم عن الشوفينية الوطنية، ولا أتفق مع من يقول؛ نحن بحاجة الآن إلى جرعة صغيرة من الشوفينية كي لا ينهار البلد، وأعتقد بأننا بحاجة إلى شيء من الوعي بما تعنيه الهوية الوطنية حقاً، إلى شحنة إضافية من الحب، ومن التفهم ومن روح التسامح، لا لأننا جميعاً عشنا معا، بمكوناتنا كلها، على هذه الأرض منذ مئات وآلاف السنين وحسب، وإنما لأن هذا شرط إنسانيتنا، وإنما، أيضاً، لأن مصلحتنا تقتضي أن نستظل معاً تحت هذه الشجرة الوارفة؛ العراق، وأن ندرك بأننا مثلما لا نستطيع أن نتنصل من ماضينا الذي حوّله بعضنا إلى عبء فإننا لا نستطيع أن نفرِّط بالعراق/ الحلم الذي إما أن نؤسسه مجتمعين، أو نخسره، لا سمح الله، مجتمعين.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمبراطورية العقل الأميركي: قراءة أولى
- في الاستثمار الثقافي
- نحو حوار ثقافي عراقي
- بمناسبة بلوغه الثمانين: ماركيز بين روايتين
- حين يُصادر كافكا وبوشكين؛ الإيديولوجيا والإنتاج الثقافي
- فيروسات بشرية
- جحا وابنه والحمار
- الأفضل هو الأسرع
- الإعلام العربي: سلطة الإيديولوجيا ومقتضيات العصر
- سنة موت ريكاردو ريس: المخيلة تنتهك التاريخ
- السياسة والكذب
- النخب العراقية ومعضلة تأصيل الهوية الوطنية
- عن الربيع والموسيقى والقراءة
- السياسة التي خربت نصف أعمارنا!!
- ( بورخس: مساء عادي في بوينس آيرس )
- كوميديا عراقية سوداء
- مغامرة الكتابة الروائية
- الحلم العراقي
- لماذا علينا نقد المثقف؟
- تكيف الرواية: مقتضيات عصر ما بعد الحداثة


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية: حددنا 5 وحدات إسرائيلية ارتكبت انتهاكات ...
- مصدر إسرائيلي يحذر: مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائي ...
- سبب مثير وراء اعتقال روسيا جنديا سابقا بجيش الاحتلال الإسرائ ...
- لماذا ترفض المملكة المتحدة قرار إيرلندا بإعادة طالبي اللجوء ...
- المندوبة الأمريكية: واشنطن لا تتدخل في عمل المحكمة الجنائية ...
- إسرائيل تستنفر سفاراتها تحسبا لمذكرات اعتقال بحق مسئوليها
- يديعوت أحرونوت ترجح صدور مذكرات اعتقال سرية بحق مسئولين إسرا ...
- ليبيا.. الحرب السودانية وأزمة اللاجئين
- نتنياهو ومخاوف أوامر الاعتقال الدولية
- -هيومن رايتس ووتش-: رد فعل رؤساء الجامعات الأمريكية على الاح ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - في الروح الوطنية العراقية