الأفضل هو الأسرع

سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 12:33
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    

يُقال أن كفاءة الكومبيوتر نمت، خلال بضعة عقود، أكثر من مليون ضعف، وفي ميدان الاتصالات نتيجة ظهور الألياف البصرية ازدادت الكفاءة بمليون ضعف أيضاً، ويورد صاحب كتاب ( أفول السيادة ) مثالاً طريفاً عن قدرة التقنيات الحديثة على إرسال المعلومات فيقول أن شركة التلفون والتلغراف AT,A ترسل المعلومات بين شيكاغو والساحل الشرقي بمعدل 6,6 مليار كيكابايت ( ما يعادل ألف كتاب في الثانية )، وبهذه السرعة يمكن إرسال جميع محتويات مكتبة الكونغرس خلال أربع وعشرين ساعة، أما باستعمال أسلاك النحاس التقليدية فسنحتاج إلى ألفي عام. وإذا ما عرفنا أن الكتاب المذكور صادر في العام 1992 فيمكننا أن نتخيل مدى قدرة منظومات الاتصال الحديثة الآن، بعد خمس عشرة سنة.
من يحسم الفوز، اليوم، هو الأسرع، لا الأقوى ولا الأغنى، ويكاد يكون الأسرع هو الأقوى والأغنى في الوقت عينه، أما الخاسرون أبداً فهم من ما زالوا يحْبون أو يتقهقرون، أو يعيشون وهْمَ أنهم الأفضل على الرغم من كل شيء. ينطبق هذا على الميدان الرياضي والعسكري والاقتصادي والسياسي والفكري والعلمي، ولا سيما العلمي إذ تتضاعف معلومات البشر كل عقد من السنين وتطرأ تغيرات مذهلة في الصناعة والزراعة والطب والاتصالات والهندسة الوراثية وتقنيات الإعلام والحواسيب وفنون الإدارة والتربية والعمارة والكتابة والسينما والمسرح وهندسة المدن، وفي دنيا المال والأعمال الخ، ومعها تتغير طرق التفكير ومناهج البحث والنظر وأشكال السلطة، ولا حاجة للمرء أن يقرأ مؤلفات ألفين توفلر ليتأكد من أن امتلاك مقومات المعرفة والقدرة على إنتاجها هي الأساس في تحولات السلطة بأشكالها.. إنه عالم يتغير في كل لحظة بسرعة ويفرض على البشر أن يتغيروا أيضاً بسرعة مماثلة ليواكبوا هذه التغيرات ويكونوا جزءاً من التاريخ وصنّاعه وإلاّ عليهم أنْ يختاروا التفرج بحسرة من موقع الهامش، والركون لحقيقة الخسارة والهزيمة التي يستحقها من لا يحترم منطق التغير والتحوّل والتطور في عصرنا.
أما من هو الأسرع، فلا شك أنه الأعلم، أي الأكثر معرفة وحذاقة في استخدام واستثمار هذه المعرفة، وقد استطاعت اليابان أن تختصر المسافة بينها وبين الغرب الذي هزمها في الحرب العالمية الثانية خلال عقود، وهي التي لا تمتلك موارد طبيعية كافية، من خلال التركيز على تنمية العقل والاعتماد على رأس المال البشري، وما حصل مع اليابان ومع الدول التي عُرفت باسم الفهود الأربعة أنها صنعت معجزات في نطاق الاقتصاد مما أفضت إلى تبدلات في الفكر الاقتصادي ذاته، إذ غدا رأس المال الفكري المجسد في المعلومات هو المكون الأساسي لكلفة إنتاج السلع عالية التقنية، فتوجب على الاقتصاديين تطوير كثر من مفاهيمهم وأطروحاتهم القديمة لتتلاءم مع معطيات الواقع الجديدة.
لدينا ثروة نفطية كبيرة، نعم، وثروات طبيعية أخرى، ونهران عظيمان، وأرض خصبة، لكن لدينا في الوقت عينه ثروة بشرية هائلة، لابد من تنميتها، وخلاف هذا لن نردم الهوّة المخيفة بيننا وبين الآخر، ولن نكون من ضمن طليعة الأمم التي هي الأغنى والأقوى والأعلم، والأسرع.

#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات