أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سامية ناصر خطيب - الجدران الفاصلة مقدمة لتقسيم العراق















المزيد.....

الجدران الفاصلة مقدمة لتقسيم العراق


سامية ناصر خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العدوان على العراق
الجدران الفاصلة مقدمة لتقسيم العراق

تقوم القوات الامريكية بتقسيم المناطق السنية الى معازل (كانتونات)، محاطة باسوار. الحجة الرسمية هي حماية امن المواطنين، ولكنها في الواقع محاولة لقمع المناطق السنية المتمردة، ومن شأنها ان تؤدي الى تقسيم العراق على ارض الواقع.

سامية ناصر خطيب

يعيش العراق الجريح حالات عديدة من ردود الفعل في ظل الخطة الامريكية لاعادة الامن لبغداد، التي انطلقت قبل اكثر من شهرين ويشارك فيها 80 الفا من الجنود الامريكيين والعراقيين. من جهة، تفجيرات مدوية من جانب القاعدة، في محاولة لافشال الجهود الامريكية لايجاد مخرج مشرّف من العراق. ومن جهة اخرى، ضغط امريكي متواصل على الحكومة العراقية لمد يد المصالحة للسنة في محاولة لاحتوائهم، ولكن دون امل ان يتحقق ذلك، مما يجعل الخيار الامني الخيار الوحيد لمواجهة الوضع.

هذا الوضع جعل العقل الامريكي يتفتق عن "اختراع" قديم جديد، حسبه يتم تقسيم المناطق السنية الى معازل (كانتونات) محاطة باسوار وجدران عازلة ذات مدخل واحد للحي المقصود. بدأ المخطط في الاعظمية، الحي السني الملتهب في بغداد، وتنوي الحكومة العراقية نسخ المحاولة لاحياء اخرى. الحجة الرسمية هي حماية امن المواطنين، ولكنها في الواقع محاولة لقمع المناطق السنية المتمردة، ومن شأنها ان تؤدي الى تقسيم العراق على ارض الواقع.

يشير اللجوء الى هذا التقسيم الى فقدان الامل باي حل سياسي، ووصول الوضع الامني والاقتصادي والاجتماعي الى طريق مسدود. حالة الشعب العراقي تتدهور باستمرار، ولا تنجح في وقف التدهور خطة امن بغداد التي لم تفعل سوى انها زادت اكوام الجثث في الشوارع. الموت في كل مكان وكل يوم يحطم ارقاما قياسية.



فشل الحلول الامنية

عمليتان نوعيتان هذا الشهر تكشفان حجم الازمة، الاولى جرت في المنطقة الخضراء بتفجير البرلمان العراقي، وهي تعد اختراقا لاكثر المناطق حماية في العراق والمحصنة تحصينا شديدا وسط العاصمة بغداد، وكان في ذلك تحديا واضحا من جانب تنظيم القاعدة للخطة الامنية.

العملية الثانية وقعت في "اربعاء الدم"، الذي صادف 18 نيسان، وقتلت 217 قتيلا، تفحمت اجسادهم حتى استحال التعرف على الجثث. وكانت الحصة الاكبر من القتل لمدينة الصدر التي سقط فيها 140 قتيلا. اصابع الاتهام اتجهت الى تنظيم القاعدة الذي استفردت به الخطة الامنية، وهو بدوره يرد بكل القوة جاعلا المدنيين وقودا لمحاولاته بناء الدولة الاسلامية على ارض العراق.

رغم ان الخطة الامنية تعجز عن تحقيق اهدافها وتزيد الانقسام داخل امريكا نفسها، الا ان الادارة الامريكية تتصرف وكأنها املها الاخير لاحلال الامن ببغداد. وقد حذر قائد القيادة الامريكية الوسطى، ويليام فالون، من ان خطة امن بغداد تمثل آخر وافضل فرصة للحكومة العراقية برئاسة المالكي كي تحقق تقدما وتتحمل المسؤولية وتمارس وجودها كحكومة فعالة.

ولكن من سارع بالفعل لاقامة دولة فعالة، كان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، الذي أعلن عن انشاء دولة العراق الاسلامية في اكتوبر الماضي. كما أعلن الاسبوع الماضي في بيان نشر على الانترنت عن تشكيل مجلس وزراء، على ان يتولى زعيمه ابو حمزة المهاجر وزارة الحرب. وقد اطلق المهاجر تهديداته ضد الاحزاب السنية المشاركة قي الحكومة، ونفذ وعيده بالفعل بهدم مقرّين للحزب الاسلامي السني.

هاري ريد، زعيم الاغلبية الديمقراطية في البرلمان الامريكي قال: "ان الولايات المتحدة خسرت الحرب بالفعل في العراق". وعلق كولن باول، وزير الخارجية الامريكي السابق، عن الجيش الامريكي بالقول: "ان الجيش الفعال قد تحطم".

روبرت غيتس، وزير الدفاع الامريكي الجديد، الذي زار العراق للمرة الثالثة منذ توليه منصبه، قال للمالكي: "ان على البرلمان العراقي الاسراع في سن التشريعات الضرورية لتحقيق المصالحة السياسية الداخلية، وتقاسم عائدات النفط باسرع وقت ممكن". وأضاف غيتس انه ابلغ المالكي ان الجنود الامريكيين لن يبقوا في بغداد الى الابد.

الوحيد الذي كان، ولا يزال، يجهل قراءة الواقع هو الرئيس الامريكي نفسه، جورج بوش. فقد صرح ان الخطة الامنية التي تطبق في العراق حاليا، تسير وفق الخطوات المرسوم لها وتحقق النتائج المرجوة.

الحلول الامنية تفشل الواحدة تلو الاخرى، طالما تواصل الاغلبية الشيعية قمع الاقلية السنية وتجريدها من اي دور في العراق الجديد. وتعود جذور المشكلة الى عهد بول بريمر، الحاكم العسكري الاول للعراق منذ بداية الحرب، الذي سن قانون اجتثاث البعث. وقد تسبب هذا القانون بتجريد عشرات الآلاف من اعضاء حزب البعث من مناصبهم في الحكومة والجامعات والشركات والمدارس. وردت الاقلية السنية على حرمانها من السلطة بحركة مسلحة دامية مستعرة نيرانها حتى اليوم.

اكتشفت امريكا الخطأ بعد فوات الاوان، وهي تضغط على الحكومة العراقية لتعديل القانون على نحو يسمح بعودة مسؤولين من عهد الرئيس السابق لشغل مناصب في الجيش والدولة، بهدف تعزيز تطبيق العدالة والمساواة وحفظ الحقوق في اطار المصالحة الوطنية. وقد بدأت مناقشة مشروع القانون هذا في الخامس من الشهر الحالي، وتم عرضه على لجنة هيئة اجتثاث البعث التي يرأسها احمد الجلبي. وكان الجلبي المسؤول في فترة بريمر عن تطبيق اجتثاث البعث، الامر الذي يفسر قيامه برفض معظم بنود القانون المقترح اليوم.

ويعتبر المرجع الديني الاعلى، آية الله علي السيستاني، المسؤول عن احباط القانون بعد لقائه باحمد الجلبي، والذي اعرب فيه عن رفضه اعادة الاعتبار للبعثيين باي شكل من الاشكال. ويثبت هذا الامر مجددا عجز الحكومة الهشة عن اتخاذ اي قرار لا يرضي المرجعية الدينية، وان من يحكم العراق في الحقيقة ليس الاحزاب السياسية بل المرجعيات الدينية.

في تعقيبه على قرار السيستاني، قال سليم عبد الله، مسؤول في الكتلة السنية الاكبر في البرلمان: "برأيي ان بلدنا الآن يحكمها رجال الدين. والعملية السياسية الجديدة في العراق تسعى لتعزيز مكانة رجال الدين والاحزاب الدينية للسيطرة على العراق". احد المستشارين قال معقبا على استنجاد الجلبي بالسيستاني لاحباط التعديل: "ان السيستاني هو سلاح الخاسرين"، مشيرا الى احمد الجلبي. لكن يبدو ان اسلحة الخاسرين واسلحة القتل والتدمير والتطهير العرقي هي وحدها السلاح "الفعال" في العراق الامريكي الجديد.



المالكي يفقد شركاءه

في حين تسعى حكومة المالكي لمواجهة تبعات الانقسام الطائفي، تلقت ضربة من اهم انصارها الذين ساعدوها في الوصول الى الحكم. القصد هو استقالة ستة وزراء منتمين لكتلة مقتدى الصدر، والتي تشكل ربع الحكومة. وكانت الحجة العلنية الضغط على المالكي لوضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية، ولكن هذه الخطوة تأتي لبناء شعبية الصدر السياسية، في حين ان الحقيقة ان جماعته تواصل تأييدها الحذر للحملة الامنية التي تنفذها القوات الامريكية والعراقية في العاصمة.

جيش المهدي التابع للصدر مستمر في دعم الخطة الامنية الامريكية، كما ان العديد من افراد الجيش مشاركين اصلا في الجيش العراقي، بمعنى انهم ينفذون الخطة فعليا. من هنا يمكن تفسير عدم رده على سقوط اكثر من 200 قتيل، غالبيتهم في عقر داره، مدينة الصدر، اذ انه لا يريد ان يجلب على نفسه هجمة امريكية مجددة، وكي تبقى السنة الهدف الاساسي للتصفية.

واضح ان الصدر يرحب بعمليات الجيش الامريكي ضد السنة، والتي بدأتها ميليشياته في محاولات واضحة للتطهير العرقي والقضاء على القوات السنية. فهو يريد الوصول الى حكم العراق وقد خلت له الساحة من عناصر السنة. وتأتي استقالة كتلة الصدر من الحكومة، خطوة لتسجيل موقف والبروز بين انصاره من الفقراء الذين يدفعون ضريبة هذه الحرب العبثية كقائد معارض وحيد للاحتلال الامريكي.

الاكراد، الحليف الثاني للمالكي، هددوا هم ايضا بالانسحاب من العملية السياسية. جاء ذلك بعد ان تفاقم التوتر في شمال العراق بين الاكراد والتركمان والعرب حول مدينة كركوك. ويصر الاكراد على انها كردية، فيما تصر بقية الفئات على انها عراقية، مع العلم ان سبب الخلاف هي آبار النفط الكثيرة التي تتمتع بها هذه المدينة. الدستور العراقي الذي يكرس عناصر الازمة والانقسامات الطائفية في العراق، سعى لارضاء الاكراد في بند خاص (رقم 140) يعترف بكركوك مدينة كردية. ويطالب الاكراد اليوم بتنفيذ البند، والا فسينسحبوا من العملية السياسية.

بالمقابل، يصر اصدقاء امريكا من الحكومة نفسها، امثال المالكي ونائبه طارق الهاشمي وزعيم المجلس الاعلى للثورة عبد العزيز الحكيم، على ان "الانسحاب الامريكي لا ينصبّ في مصلحة العراق او المصالح الغربية".

ويؤكد المالكي استعداد حكومته لتسلم الامن في كل المحافظات خلال هذا العام، الا ان الاضطراب الامني المتصاعد يشل قدرات القوات المحلية التي اتهمت على اثر الاربعاء الاسود بالعجز عن سد الفراغ الذي تركه انسحاب ميليشيا جيش المهدي من الاحياء الشيعية. مسؤول في منظمة الصليب الاحمر سأل امرأة عراقية عما يتعين على المنظمة فعله لمساعدة المدنيين، فقالت: "ان العراقيين بحاجة الى من يساعدهم في جمع الجثث الملقاة في الشوارع امام منازلنا كل صباح".

المشاكل مستعصية، ويلمح الامريكان الى ان الوضع قد افلت من سيطرتهم. وفي محاولة بائسة اخرى ينوي جيران العراق، من ايران الى سورية الى تركيا، الاجتماع بالمسؤولين الامريكان في شرم الشيخ في نهاية الشهر الحالي، لبحث سبل خروج الجيش الامريكي من العراق بشكل مشرّف. ولكن المساعدة التي تُطالَب هذه الدول بتقديمها لامريكا، لها ثمنها كل طرف يريد ان يخرج رابحا من الموضوع، والسؤال هل تكون الولايات المتحدة مستعدة لدفع هذا الثمن؟ وهل يضمن احد ان ينجح هؤلاء فيما فشلت به امريكا؟



#سامية_ناصر_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتساع ظاهرة التحرش الجنسي بمصر
- اصطفاف سياسي جديد لانهاء احتلال العراق
- امريكا: فشلنا في العراق
- نتائج انتخابات 2006 الاحزاب العربية: عَشرة في العزلة
- بوش ينعزل عن الواقع
- الشعب المصري لم ينتخب
- عندما تكذب الامبراطورية
- العراق غارق في حرب اهلية
- الدستور العراقي يكرّس الطائفية
- الانتخابات العراقية تكرس عدم الاستقرار
- العراق: انتخابات على الاطلال
- انتخابات بدماء الفلوجة
- دارفور مرآة لازمة السودان
- سقوط الجندي الالف يعمق الانقسام الامريكي
- ايران: السلطة الروحية ضد سلطة الشعب
- د. نوال السعداوي: لماذا يخاف الرجال من رؤوس النساء
- الانتخابات المحلية العربية في اسرائيل: انتصرت العائلية والطا ...
- امريكا تربح في العراق وتخسر في السعودية
- الحرب تعرّي الانظمة العربية
- الاسلام السياسي من المنظور الطبقي


المزيد.....




- -عشرة أيام هزت سوريا-.. وقائع سقوط نظام بشار الأسد
- بعد سقوط بشار الأسد.. أي مستقبل لسوريا والشرق الأوسط؟
- رأي.. بشار جرار يكتب: سقط الأسد فماذا بعد؟
- أول تعليق لمقتدى الصدر بعد سقوط بشار الأسد: -نأمل بحكومة سور ...
- شاهد كيف علق جنرال أمريكي متقاعد على -خطاب النصر- الذي ألقاه ...
- الكرملين: ماحدث في سوريا فاجأ العالم كله ونحن لسنا استثناء
- فشل هجوم للجيش الأوكراني على جسر القرم بزوارق مسيرة حديثة بو ...
- تركيا.. مقتل 4 أشخاص بتحطم مروحية عسكرية جنوب البلاد (صور + ...
- تاس: الوضع هادئ في السفارة السورية بموسكو
- وزارة العدل الكورية الجنوبية تحظر سفر الرئيس يون سيوك يول


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سامية ناصر خطيب - الجدران الفاصلة مقدمة لتقسيم العراق