|
بوش ينعزل عن الواقع
سامية ناصر خطيب
الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 11:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العدوان على العراق بوش ينعزل عن الواقع
زادت الانتقادات الداخلية لاداء الادارة الامريكية في الحرب على العراق، وارتفعت الاصوات المنادية بالانسحاب. هبوط شعبية بوش الى 30%، جعله يطلق خطته للنصر في العراق. ولم تكن هذه سوى سلسلة من الاوهام حاكها اساتذة جامعيين تزعم ان النصر قريب وان كل شيء يسير على ما يرام. الصحف الامريكية فضحت الرئيس الامريكي، واتهمته بالانعزال عن الواقع. سامية ناصر خطيب
تهز الادارة الامريكية انتقادات داخلية حادة جدا، تتهمها بالتضليل والكذب وشن حرب بلا مبررات. وارتفعت الاصوات المنادية بالانسحاب من العراق. ولا تقتصر هذه المواقف على الخصوم السياسيين من الحزب الديمقراطي، بل تغلغلت الى مختلف شرائح الشعب الامريكي حتى تدنت نسبة دعم الرئيس جورج بوش الى 30%.
لم يكن العراق خطرا على امن امريكا كما زعم بوش عشية حربه، ولكنه بلا شك تحول الى مصدر خطر بعد الحرب. فبالاضافة الى المعارضة الداخلية الحادة التي يخلقها، تحول الاداء الامريكي في هذه الحرب الى الامتحان الاكبر للهيمنة الامريكية على العالم. وقد ادعى بوش نفسه ان امريكا قادت ثلاثة حروب تاريخية، ضد الفاشية وضد الشيوعية وضد الارهاب، واذا فشلت في "حربها على الارهاب" (ويقصد العراق)، بعد فشلها في فيتنام، فستفقد مكانتها وهيمنتها على العالم.
ولا يبدو ان هذا التصريح يغير الفكرة التي بدأت تتبلور لدى الكثيرين من صناع القرار في امريكا بالنسبة لمستقبل الحرب. جون مورثا، احد ابرز اعضاء الكونغرس الامريكي، نادى بالانسحاب الفوري من العراق، الامر الذي اعتبر ضربة قاضية لبوش وادارته. اذ يعتبر مورثا بطلا من ابطال حرب فيتنام، وهو مقرب جدا من الجنرالات الامريكيين، ويعتبر موقفه معبرا عن رأي الجيش. ويجمع المسؤولون في الحزبين الجمهوري والديمقراطي على انه لو خسر بوش مورثا، فسيعني هذا انه خسر الامة الامريكية.
توصل مورثا لاستنتاجاته على اثر زيارة قام بها للعراق قبل شهرين، واقتنع كما قال "بانه من المستحيل ان تكسب امريكا الحرب"، التي وصفها ب"الحرب الخاطئة".
خطة النصر الوهمية
في محاولة لاعادة مصداقيته امام الرأي العام الامريكي كشف بوش عن خطته للنصر في العراق. وقد استغل خطابه امام الكلية البحرية في انابوليس بولاية ميريلاند، في 30 تشرين ثان (نوفمبر)، للاعلان عن مبادئ الخطة. وتعتمد الخطة على وثيقة من 35 صفحة، اعدها مجلس الامن القومي ونشرت في موقع البيت الابيض بالانترنت، ويلاحظ ان كلمة "نصر" تكررت فيها مرات عديدة.
وقد دافع بوش في خطابه عن الوجود الامريكي في العراق، ووصف التعجيل في الانسحاب بانه انتصار للارهابيين، وزعزعة لاستقرار المنطقة، وتعريض الامن الامريكي للخطر. وادعى سعي امريكا الى عزل المتمردين واشراك من يشعرون بالتهميش في العملية السياسية، وبناء مؤسسات مستقرة وتعددية وفعلية.
ولكن رد الفعل على الخطاب جاء عكس توقعات الادارة الامريكية. صحيفة "نيويورك تايمز" (1/12) اتهمت الرئيس بالانقطاع عن الواقع والسباحة في ملكوت الاوهام الايديولوجية، وانه في حالة انكار دائم للواقع.
تزامن هذا الرد مع كشف صحيفة "لوس انجلوس تايمز" عن مكافآت مالية قدمها الجيش الامريكي سرا لصحف عراقية، مقابل نشر مقالات كتبها عسكريون امريكيون ثم ترجمت للغة العربية. وكشفت الصحيفة ايضا عن قيام الجيش بدفع مبالغ تصل الى 200 دولار لاعضاء في نادي الصحافة في بغداد، وهي منظمة اقامها ضباط امريكيون منذ اكثر من عام، لكتابة مقالات تُشيد بقوات الاحتلال. فهل بالرشاوى تطبق امريكا الديمقراطية وحرية الكلمة والتعبير؟
في هذا الصدد صدر كتاب جديد بعنوان "في قفص الاتهام، الإعلام بعد 11/9"، يؤكد حاجة الإعلام الامريكي للتغيير، بعد ان تحول الى بوق دعائي يردد روايات الحكومة الرسمية. ويشرح الكتاب كيف روّض بوش وادارته الإعلام الامريكي. ولعل من هذه الاساليب مهاجمة وزير الدفاع الامريكي، دونالد رامسفيلد، لبعض وسائل الاعلام في 5 كانون اول (ديسمبر)، بسبب التغطية الاخبارية الامريكية للحرب في العراق. واتهم رامسفيلد الصحافيين بتصيّد اخطاء الولايات المتحدة وقواتها المسلحة.
وشرح رامسفيلد في نفس المناسبة التحديات المختلفة التي تعرقل مسيرة التقدم في العراق. فذكر عمليات الاغتيال وخطف الرهائن والدعوات المتكررة للانسحاب من اطراف غير صديقة. ولكن الوزير تحاشى الحديث عن دعوات مشابهة تأتي من اطراف صديقة جدا: من داخل الحزب الجمهوري نفسه.
توتر مع اوروبا
وتتعرض الادارة الامريكية الى انتقاد من الدول الاوروبية الحليفة ايضا. جاء هذا بعد صدور التقرير الذي اعده خبراء بجامعة نيويورك عن قيام واشنطن بخطف متهمين باعمال ارهابية، ونقلهم الى اقطار اجنبية لتعذيبهم. واكد التقرير ان مجرد سماح بريطانيا للطائرات الامريكية التي تنقل المعتقلين، بالتوقف في اراضيها، امر يجيز احالة لندن الى محاكمة دولية.
كما عادت للصدارة قضية مراكز الاعتقال التي انشأتها وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) في عدد من دول اوروبا بشكل غير قانوني، لتهدد مجددا العلاقات الامريكية – الاوروبية. وكان قد بدا ان هذه العلاقات عادت لطبيعتها بعد الحملة الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها واشنطن، عقب اعادة انتخاب بوش للولاية الثانية.
وفي محاولة لتقليل الاضرار، اجرت وزيرة الخارجية، كوندوليزا رايس، محادثات مع نظرائها الاوروربيين في حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاورروبي في بروكسل. وفيما طالب الاوروبيون بمزيد من الايضاحات حول مراكز الاعتقال، قدمت رايس الموضوع على انه "خيارات صعبة" اضطرت امريكا للجوء اليها لمواجهة الارهاب. ورفضت رايس الرد بشكل محدد على اسئلة حول وجود سجون سرية امريكية في اوروبا، او حول أية رحلات جوية قامت بها وكالة الاستخبارات الامريكية في سماء اوروبا.
وفي محاولة لاصلاح الضرر الناجم عن التقارير التي تحدثت عن اساءة معاملة السجناء في العراق ومعتقلات غوانتانامو في كوبا، تبنت الادارة الامريكية اقتراحا للسيناتور الجمهوري جون مكين، الذي طلب بحظر التعذيب بشكل تام. وكان مكين اسير حرب في فيتنام، وعانى بنفسه من التعذيب.
ولا تنتهي عند هذا الحد متاعب ادارة بوش. بل جاء تقرير جديد للجنة التحقيق في هجمات 11 ايلول ليتهم الادارة بالتقصير في حماية البلاد. وقال رئيس اللجنة توماس كين ان الادارة اخفقت في تنفيذ الاصلاحات اللازمة في الاجهزة الامنية لمواجهة هجمات جديدة مشابهة لتلك التي وقعت عام 2001.
قيادة بوش التي قادت الحرب على العراق تقريبا وحدها، رغم انف حلفائها الاوروبيين والرأي العام العربي والعالمي، وبررت الحرب على العراق بعد احداث 11/9/2001 بالحرب على الارهاب رغم عدم تورط صدام حسين به، وكذبت على نفسها والعالم، واقترفت كل انواع جرائم الحرب ضد المدنيين واسرى الحرب، تدفع اليوم الثمن ليس فقط بفقدان مصداقيتها ومكانتها في العالم، بل داخل الولايات المتحدة نفسها. ويبدو ان بوش الذي يعتقد ان اوامر الهية توجّه تحركاته، يواصل نفس التوجه بكل القوة، الامر الذي ينذر بمزيد من المغامرات الدولية.
#سامية_ناصر_خطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعب المصري لم ينتخب
-
عندما تكذب الامبراطورية
-
العراق غارق في حرب اهلية
-
الدستور العراقي يكرّس الطائفية
-
الانتخابات العراقية تكرس عدم الاستقرار
-
العراق: انتخابات على الاطلال
-
انتخابات بدماء الفلوجة
-
دارفور مرآة لازمة السودان
-
سقوط الجندي الالف يعمق الانقسام الامريكي
-
ايران: السلطة الروحية ضد سلطة الشعب
-
د. نوال السعداوي: لماذا يخاف الرجال من رؤوس النساء
-
الانتخابات المحلية العربية في اسرائيل: انتصرت العائلية والطا
...
-
امريكا تربح في العراق وتخسر في السعودية
-
الحرب تعرّي الانظمة العربية
-
الاسلام السياسي من المنظور الطبقي
-
اسرائيل تفضح فساد السلطة للقضاء عليها
-
الدبابات تهمّش الاصلاحات
-
العمليات الانتحارية من استراتيجية خاطئة الى فوضى عارمة
-
عزمي بشارة يعرج الى السعودية
-
في الاشتراكية السبيل لتحرر المرأة
المزيد.....
-
هل هذا أغرب فندق في العالم؟ نظرة على “أكبر مبنى يتخذ شكل دجا
...
-
تزامنا مع سقوط الأسد.. إسرائيل تأمر جيشها بإنشاء منطقة آمنة
...
-
سقط نظام بشار الأسد.. فما الذي ينتظر سوريا بعد ذلك؟
-
مصر.. اتهام محمد رمضان بإهانة السادات والبرلمان يتحرك
-
كوريا الجنوبية تفرض حظر سفر على رئيسها على خلفية التحقيق حو
...
-
-سقط الأبد-...عهد جديد في سوريا والعالم يترقب
-
خبير: مستقبل سوريا غير واضح والفراغ السياسي سيترك مجالا لنمو
...
-
الخارجية الإندونيسية تعلن استهداف سفارتها في دمشق بإطلاق للن
...
-
ترامب يستخدم صورة جيل بايدن لبيع عطوره
-
إسرائيل تعلن إنشاء منطقة أمنية إضافية على الجانب السوري من ج
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|