أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خليل الجنابي - حول الفرهود مرةً اُخرى















المزيد.....

حول الفرهود مرةً اُخرى


خليل الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 1904 - 2007 / 5 / 3 - 04:46
المحور: كتابات ساخرة
    


كان يقولها بألم وحسرة , من أن حظه العاثرالذي جاء به الى ( الدنيّه ) أيام

الفرهود الذي حصل في العراق عام 1948 , فما كان من اُمه التي لم تُنجب

لسنوات طويلة بعد زواجها من ابيه , إلا أن تُسميه ( فرهود ) , وذلك خوفاً

عليه من ( الحَسَد والعين ) ... اما اباه الذي كان معروفاً بالتقوى ومخافة الله ,

سُميَّ رغماً عنه ب ( أبو فرهود ) , وهو الآخر يخاف على ابنه الوحيد من

كل حاسدِِ حسود , وأطلق الناس على ( الدكان ) الذي يملكه ويعتاش عليه

هو وعائلته ب ( دكان أبو فرهود !! ) , لكنه لم يخطر على باله قط , بأن

يوصف في يوم من الأيام ب ( الفرهده ) , لذا كان مع نفسه يخطط للتخلص

من هذه الكُنيّه .

وبعد ثورة 14 تموز 1958 , نصحه بعض الأقرباء والأصدقاء بأن الوقت

مناسب لأن يغير اسم ابنه , فحمل حاله وذهب الى دائرة النفوس في المدينة

مستصحباً معه ابنه وشهادة الميلاد ( والزنامة ) - عقد الزواج - وبمساعدة

العرضحالجي - كاتب العرائض - قدم طلباً لتغيير إسم ابنه , فأحالوا أوراقه

الى المحكمة الخاصة التي تنظر في مثل هذه الامور , وواصل المتابعة متلهفاً

بأن يعود إسمه خالياً من كل ( لوله ) , وحين موعد المحاكمة سألوه عن الأسم

الجديد الذي يختاره لابنه , وهنا إحتار الرجُل , فمن ناحية يريد أن يغيره الى

اسم مناسب يتوافق مع مكانته الاجتماعية بين افراد عائلته وعشيرته واصدقائه ,

ومن ناحية اخرى لابد من أن يحافظ على إبنه من العين .

وبينما هو في حيرته , تبرع احد موظفي دائرة النفوس لمساعدته , وقال له عمي

القضية سهلة ( شنو تحب ان يكون ابنك من يكبر !؟ ) , قال له بصراحه اريد أن

يكون ( ضابط بالجيش ) , فقال له الموظف : بهذا الأسم راح ينحسد وتصير مشكلة

لأبنك , فوافق على هذه الافكار , وقال ( باصروني شنو أسميه !؟ ) , فإقترحوا عليه

تسميته ( عسكر ) , فوافق على هذا الأسم , حيث أنه سيُسمى بأبو عسكر ,

ودكانه سيطلق عليها ( دكان ابو عسكر ) , وهو ايضاً تيمناً ( بالعسكر ) الذين

اطاحوا بالنظام الملكي وحليفه الاقطاع الذي ظل جاثماً على صدور الفلاحين الذين

هربوا معه من الريف الى المدينة . وعند النطق من قبل المحكمة بالاسم الجديد ,

قالوا له , روح فرهود الْعَبْ ويّه جماعتك - عسكر وحراميّه .

وحين عودته الى داره وهو فرح , إستعان بمن يعرف القراءة والكتابة من جيرانه

لأنه كان اُمياً , وقرأوا له ماكُتب في شهادة الميلاد الجديدة ( الاسم : عسكر - فرهود

سابقاً ) . وعندما سمع كلمة ( فرهود سابقاً ) , اُصيب بالدوار والغثيان وأخذ يُرعد

ويزبد , وذهب في اليوم التالي الى المحكمة للشكوى والاحتجاج , فقالوا له هذا هو

القانون ولازم ينذكر الأسم القديم الى جانب الأسم الجديد . وعاد من حيث أتى

بخُفي حُنين , واسمه ( أبو فرهود سابقاً ) , ظل يلازمه الى أن مات رحمه الله .

أما ( فرهود ) الأبن , فبعد وفاة والده لم يستطع الحفاظ على ( الدكان ) الذي ورثه ,

فحاول بيعه الى شخص لكنه اشترط عليه ان يكون عقد البيع خالياً من كلمة ( فرهود

سابقاً ) , ورغم مراجعاته هنا وهناك , إلا أنه لم يفلح بمساعيه مما إضطره الى غلقه

وأن يتحمل الخسارة بنفسه , نادباً حظه التعيس وتاريخ ميلاده الذي تصادف مع ايام

( الفرهود ) .

دخل ( عسكر ) الجيش تلبية لرغبة أبيه الذي طالما تمنى له ذلك , وتدرج الى رُتبة

عريف , وتزوج ورزق بولد سماه ( زعلان ) , وذلك لأن والده رحمه الله كان

زعلاناً على حظه , وقبل أن يموت اوصاه بهذا الأسم . وكما يقول عسكر

حلّت عليّه ( طركاعه ) ثانية , وإسمه أصبح ذات تندُر ( عسكر - فرهود سابقاً

وأبو زعلان ) , لكنه كان قنوعاً بقسمة الأسماء , وإستمر في عمله بالجيش ,

وحدثت الحرب العراقية الايرانية المشؤومة , والتي إمتدت الى ثمان سنوات عِجاف ,

وقصف الجيش العراقي في بداية الأمر القرى والمدن الايرانية الحدودية , وغزاها

وإحتلها , وكأي جيش مُحتل عاث في الأرض الفساد , ونهب ممتلكات سكانها , وكان

قسم كبير من أفراد الجيش حين يعودون الى أهاليهم في الإجازات , يأتون محملين

بما سرقوه , وحتى القتلى من الجانبين لم يسلموا من النهب , فأخذوا منهم حتى

احذيتهم ونقودهم وساعاتهم وحلقات الزواج أو الخطوبة .

أما ( عسكر ) فكان يأتي خالي اليدَين , وحين يقول له الأصدقاء ( ها ولك عسكر

أشو إيدك فارغه ) , فكان يرد عليهم ( آني إسمي عسكر وليس فرهود لا سابقاً

ولا لاحقاً ) , رغم أن الضابط المسؤول عنه كان يقول له ( هذا يومك فرهود , روح

فرهد , وآني وياك ففتي ففتي ) , لكن عسكر لم يفهم قصد سيده , فقال له ( بروح

أبوك سيدي شلون يعني !؟ ) , فقال له الضابط ( يعني قسمة حق , نص إلك ونص

اليّه ) , فأجابه ( عسكر ) مُداعباً ( سيدي آني أخاف الله وما أبوك , لكن إذا بُكت

خروف شلون أجسمه وياك بالطول لو بالعرض !؟

وأثناء الحرب المريرة حاول ( عسكر ) مرات عديدة الأنتقال الى الوحدات العسكرية

داخل العراق , لكنه لم يفلح لأسباب عديدة , منها عدم امكانيته دفع ( الرشوة ) التي

تكسر الظهر !! , وانه لم يكن ( بعثياً ) , لذا كان شاهداً أميناً على فضاعة الحرب

ومآسيها المروعة .

وهكذا كُتبت له النجاة لأن يُشاهد باُم عينيه ( الفرهود الكبير ) الذي حدث أثناء إحتلال

الكويت الشقيق , شئ لا يوصف , مئات الشاحنات كانت تعبر يومياً الحدود الكويتية

العراقية , مُحملة بالمسروقات من البيوت والمحلات التجارية والمؤسسات والبنوك

والمستشفيات , ونهبوا مُعدات لا يعرفون طريقة إستخدامها , سرقوا آلاف السيارات

الجديدة والمستعملة , سرقوا العوائل وما تملك من خزينها من الذهب , أحرقوا آبار

النفط , ولوثوا مياه البحر , وقتلوا الثروة السمكية , وإعتدوا على الأعراض !! .

كل هذا وأكثر حدث في هذا البلد الصغير الآمن المسكين ... ومع شديد الأسف فإن

الذي حدث قام به ( الجيش العراقي ) , ذو التأريخ الناصع الشريف , الذي فجر ثورة 14

تموز , ووقف مع الشعب في كل انتفاضاته , ورغم هذا فهناك الألاف من أبناء الجيش

الغيارى من ضباط وضباط صف وجنود , وعلى غِرار ( عسكر النظيف ) , لم تمتد

أياديهم الى ( المال الحرام !! ) , وستبقى هذه نياشين شرف يحملونها على أكتافهم .



#خليل_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرهَدَ , يُفرهِدُ , فرهود !!ء
- الصّيد في الماء الخابط
- الطلبة ورود في صدور العمال / بمناسبة ذكرى 14 نيسان 1948 الخا ...
- الدخول الى الجنة من خلال قتل طلاب المدارس والجامعات العراقية ...
- قصص حقيقية في النصب والاحتيال عبر شبكة الانترنيت
- بغداد ...ممنوعة من الصرف
- مسمار أبو التسع إنجات
- قصص حقيقية في النصب والاحتيال عبر شبكة الانترنيت / الحلقة ال ...
- الذكرى الرابعة والاربعين لاستشهاد الرفيق نافع عبد الرحمن شخي ...
- قصص حقيقية في النصب والاحتيال عبرالانترنيت 1 - 5
- ليبقى إسم الحزب الشيوعي العراقي خفاقاً عالياً في المؤتمر الث ...
- لغة ( القنادر ) أحلى اللغات !! و
- !!أما آن ألأوان لإنصاف جنود وضباط صف وضباط الجيش العراقي الب ...
- هذا دواكم .. وعند الله شفاكم !!ء
- !!الحوار المتمدن .. والطيور المُغردة الجديدة
- الصحفيان الغربيان يعلنان اسلامهما !! .. يا ..يعيش ..!!ء
- !! قُل ْ .. ولا تقُلْ - .. قُلْ ..اُحبك يا عراق
- شمر بالف خير .. بس عوزها الخام والطعام !!؟
- لعبة الكراسي بين الصغار والكبار !! . مهداة الى اعضاء البرلما ...
- هل نحن سياسيون حقا إ؟


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خليل الجنابي - حول الفرهود مرةً اُخرى