خليل الجنابي
الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 10:17
المحور:
كتابات ساخرة
في اللغة العربية , هناك بعض الكلمات لا تستطيع أن تحركها , فهي عصيّة
ومتمردة , وبغداد إحدى هذه الكلمات , وبنفس الوقت عصيّة على الدمع ,
وعصيّة على الخنوع والاستسلام , وإن رميتها في وسط المحيط لايستطيع
أن يبتلعها الحوت !! , ومنذ غزاها هولاكو وعاث في معالمها , وجعل من
أعزة اهلها أذِلة , وإختلط الدم والحبر , ولون نهر دجلة ... جاءت طفلة
جميلة إسمها ( بغداد ) , تسأل جدتها عما سيكون عليه مصيرها !؟ ,
قالت لها كل شئ سيكون خراب إلا اسمك يابنيتي , فلا تخافي وتجزعي ,
فإن الله سبحانه وتعالى قد نفخ في صورتك وأعطاك العمر المديد .. ومنذ
ذلك الحين توالت عليها المحن والمصائب , فغزتها الامراض والاوبئة ,
وغزاها الطاعون والفيضان , والتايفوئيد والجراد , وفي كل مرة تقف
تحت الشمس وتتعافى , وهكذا دواليك , الى ان دخلتها جحافل الانكليز
بعد الحرب العالمية الاولى , فكبلتها بالمواثيق والمعاهدات , وجعلت
من اسمها عنواناً لحلف ( بغداد ) , لكنها نهضت من جديد في ثورة
14 تموز 1958 , وقبرت الحلف المشؤوم ... وفي خضم الصراعات
وفي غفلة من الزمن , قفز الى السلطة بطل الحروب , فأرسل شعبه
بالكامل الى المحرقة , وأذاقه العلقم والهوان , فمن البصرة الفيحاء
الى ذُرى جبال كردستان الشماء , مادت الارض تحت اقدام اهليها ,
و حتى الكلاب اكلت لحوم ابناءها ... واخيراً وليس آخراً ,غزتها قوات
الاحتلال , واستباحت كل الحرمات , ودنست ارضها الطاهرة , وأزالت
( عذريتها ) , وأفقدت الرجال رجولتهم , لكنها كما في كل مرة ستقف
تحت الشمس وتتعافى ,مثلها كمثل الطير الساقط في وسط الاوحال ,
يقفز الى الجرف أولاً لتضربه الشمس , وينثر عنه ما علق به من طين
وأدران , وبعدها يطير الى اعالي السماء ... وينادي ... هنا بغداد
#خليل_الجنابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟