قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 1907 - 2007 / 5 / 6 - 13:43
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مع كل ما لديكم من تعاريف للثقافة ، فأن أصدق وصف لها أنها " سائق السلوك " . ففي داخل كل واحد منا يوجد " مركز سيطرة ثقافي " هو الذي يحدد تصرف الفرد ويوجّه سلوكه .
ويمكن تشبيه " مركز السيطرة الثقافي " هذا بالبرنامج الذي يتحكم بعمل الحاسوب . وفي سياق هذا التشبيه ، فان ما يربك عمل الحاسوب هو أن يتلوث بـ( فيروس) . ومثل هذا يمكن أن يحصل للمثقف أيضا . فقبل أربع سنوات كان فيروس الدكتاتورية قد شطر المثقفين بين من هرب خارج الوطن ، ومن انكفأ على نفسه ، ومن أمسك بـ(بشعرة معاوية ) في تعامله مع الثقافة والطاغية ، وبين من تلوث بفايروس السلطة .
ومع أن فايروس الدكتاتورية أبيد تماما ، فأن التغيير في 9/4/2003 أشاع من لحظتها ثقافة جديدة أسمها " ثقافة الضحية " . فالشيعة والأكراد أشاعوا بين ملايينهم -بسيكولوجية المظلومية- أنهم كانوا ضحية النظام الدكتاتوري السابق . والسنّة أشاعوا بين ملايينهم أنهم صاروا ضحية النظام الديمقراطي الجديد!. واصبح الكل يرى في نفسه أنه " ضحية " ويرى في الآخر أنه " جلادّه " . وأفرخت " ثقافة الضحية " هذه عن فيروس أسمه " الانتقام " ينفرد بثلاث خصائص هي : سرعة العدوى ، وشدة الفتك ، والهوس العصابي الذي يدفع صاحبه قسرا الى أن يكون قاتلا أو مقتولا !. ولم يصب هذا الفيروس فقط العامة من الناس من ذوي جهاز المناعة الثقافي الضعيف ، بل أصيب به الكثير من المثقفين ، بين ظاهر عليه وكامن فيه .
ولقد التقى هذا الفيروس الجديد " الانتقام " بفيروس قديم كامن في مخزن قهرنا . ذلك أننا ورثنا من يوم امتلك معاوية السلطة الى يوم انتهاء آخر طغاتها ، " بارانويا " مستقرة في لاشعورنا الجمعي ، من ألف وأربعمائة سنة ! هي أن " ثقافة الآخر خطر علينا " ، بوصفها هدّامة أو ملحدة أو رجعية ...وهي أوصاف تحمل ضمنا فايروس الانتقام . غير أن هذا الفيروس كان في زمن الأنظمة الأربعة ( الأموي والعباسي والعثماني والبعث ) موجها ضد من يعادي السلطة ، فيما هو الآن حالة هوسية أو جنون عام بين الناس ، يستهدف الشخص حتى على أسمه ما اذا كان " عمر " أو " علي " أو " جورج " أو " كاكا سيروان " ، في حالة الكل فيها بين قاتل وقتيل !. والمصيبة أن ما لدينا من " لقاحات " لقتل ما بنا من فيروسات ، صارت فاسدة !. وأن دفاعاتنا ضد فيروسات الثقافة الوافدة ، قد انهارت . .. إلا من ربايا يتخندق فيها مثقفون محصّنون مؤمنون عن يقين بأن صباحات الثقافة البهي حتما . ونرجو أن يكون إيمانهم كأيمان " نلسن منديلا " لا شبيها بأيمان العجائز !.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟