مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1893 - 2007 / 4 / 22 - 12:07
المحور:
كتابات ساخرة
أرسل الخليفة هارون الرشيد بطلبي وعلى وجه السرعة ، وانتقلت إلى قصره فوراً كان متجهم الوجه وقد تمنطق بسيفه .. وبادرني فوراً
: أنتم الذين اخترعتم الديمقراطية ...؟
: مولاي كان ذلك نتيجة أحداث تاريخية وتجارب واقعية ، قتل فيه الكثير ونشبت حروب كونية .. حتى توصلنا إلى هذه الديمقراطية ..
: بئسكم وبئس حروبكم وتجاربكم وتلك التي تسمونها ديمقراطية ..
: عفواً مولاي .. النظرية شيء والتطبيق شيء آخر
: كيف كيف .. أليست الديمقراطية حرية .. يعني أنك حر وانتخب مرشحك بحرية ..
: مولاي .. هذا الذي تعطيه او تمنحه الحرية ، هل هو فعلاً يعي ما معنى الحرية .. ومدى أفق هذه الحرية ومدى محظورات الحرية ..
: حريه حريه ... عن أية محظورات تتكلم ..
: مولاي .. الحرية مسؤولية كبيرة وفيه من المحظورات ما يثقل كاهل الحر ، فالحر إنسان ومسؤول كبير ..
: حرّ ومسؤول ...!؟
: نعم يا مولاي .. الإنسان الحر يعرف مدى حدود حريته وألا يتعدّى تلك الحدود ، وإلا انقلبت إلى فوضى واستهتار وفرغت الحرية من مضمونها ..
: تقصد أن الحرّ مسؤول عن تصرفاته وفق حريته
: مولاي بالنتيجة الحرُّ ليس حراً ، وكما أسلفت لأن الحرية مسؤولية ، وعلى الحر أن يتقيد بحدود مسؤوليته ، وإلا انقلبت تلك الحرية إلى حرية الغاب ..
: والمقصود بكلامك أننا استعجلنا بإعطاء الحرية إلى شعبنا وهكذا دفعة واحدة ..
: نعم يا مولاي ، ان جرعة الحرية المفاجئة قد تكون قاتلة إن لم تشلّ عقله .. إنسان عاش قروناً على العبودية وفجأة تطلق سراحه وبدون مقدمات وتقول له إذهب أنت حرٌ ... والحرية بمفهومه أن يفعل ما يشاء غير عابيء بالآخرين
: الآن فهمت عن سبب الفوضى الشعبية التي عمّت البلاد وتجدد الفتن والثورات بين المرشحين للانتخابات البرلمانية ، لقد فهموا من الديمقراطية أن يتحاربوا ويتقاتلوا ، ولم يتعلموا بعد مبدأ المنافسة السلمية والديمقراطية على حقيقتها .. نعم لقد عجّلنا بجرعة الحرية .. والآن أعلن التالي
أولاً – تقطع إجازة الجلاد مبروك فوراً ويلتحق بعمله بالسرعة القصوى
ثانياً - تلغى الديمقراطية والانتخابات التشريعية
ثالثا- تعلن الأحكام العرفية فوراً وحتى إشعار آخر
ثم التفت نحوي أمراً
وأنت عليك مغادرة البلاد فوراً
وخرجت متجهاً إلى قصر الضيافة لأجمع أمتعتي لأغادر البلد وفوجئت بشاعرنا وهو في غاية الغضب ينشد التالي
صلي عا لنبي صلي وياهلا بالمـــــــــهلّي
خوفي تنصابو بالعين يامرشحين العصمنلي
تشمخون بصوركم وحقيقــــــــتكم ترللي
شورطكم بها الترشيح لمجلس فاضي بكلّي
شغلتكم رفع الإيد و(موافج ) علي اليلّي
مبروظين ومنتفخين واسم الله على هالطلّي
الحكومه تلعب بيكم مثل الطابه التعلي
وحقيقتكم ممثلين وبرنامجكم بسلي
وأهب من نومي مذعوراً على صوت جرس الباب والخبط عليه ليفاجؤني جابي الكهرباء بفاتورة تفجّر أعصابي وتخلخل ميزانيتي ....
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟