يحيى السماوي
الحوار المتمدن-العدد: 1871 - 2007 / 3 / 31 - 11:32
المحور:
الادب والفن
سمراءُ مثل خبز ِ الفلاحين
وديعة ٌ مثل جداول حقول النعناع
هادئة ٌ كالنعاس...
لكنها حين تغضب : تهطل كالنيازك !
تحبّ القرنفل َ والعصافير والأطفال...
وبالمجان : تخيط ثياب فقراء الحارة ...
تحمل في قلبها كتاب الله
وتغفو تحت عباءتها قنبلة ً مهيّأة ً للإستيقاظ...
تحفظ عن ظهر عشق ٍ أسماءَ الشهداء...
لم تتبرّج " مريم الناعم " يوما حتى وهي
على مقربة ٍ من الهودج ...
تأتينا كلّ صباح ٍ بالبيض المسلوق
فقد أقسمتْ أنْ توزّع " خبز الذرة " و" شاي الزهرة "
على كل حامل بندقية ...
وأنْ تجعل من " فستان عرسها" أشرطة ضماد ٍ
لجرحى الإنتفاضة ...
ومثل أختي :
كانت " مريم الناعم "تحلم أنْ ترزق طفلا ً
فتسمّيه " عراق "...
لكنّ " مريم " لا تخبز الآن ...
وأطفال فقراء الحارة لن يعرفوا ثياب العيد ...
والجرحى لن يشربوا ماء صلواتها ...
فقد مزّقتها " السناكي " في " صوب القشلة "
حين أيقظتْ قنبلتها من النوم
منقضّة على دبابة تحمل ستة كلاب بوليسية
من تلك الكلاب التي ترتدي البدلات الزيتونية
متسخة الصدور ب" أنواط الشجاعة "...
***
منذ غفت " مريم " إغفاءتها الأخيرة
وأنا أرجو الله أن يرزقني طفلة ناعمة
فأسمّيها مريم
لتسجر التنور ، وتوزع الخبز و" شاي الزهرة "
على حاملي البنادق ذودا ً عن الوطن ...
وتخيط بالمجان ثياب العيد لأطفال فقراء الحيّ...
تحمل في قلبها كتاب الله ...
وتحمل على رأسها " سلة الخوص "
الممتلئة خبزا ً وبيضا ً مسلوقا ً
وأشرطة ضماد من فستان عرسها
تلفّ بها جراح الأرض
***
" * " : مريم الناعم : فتاة من مدينة السماوة ، أسهمت في الانتفاضة الشعبية ، قتلت
عدة أوغاد من جنود الطاغية ، قبل استشهادها في منطقة " صوب القشلة يوم 28 آذار
عام 1991
#يحيى_السماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟