أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - الحكومة التي ننتظر














المزيد.....

الحكومة التي ننتظر


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 1869 - 2007 / 3 / 29 - 04:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المواطن العادي، الذي تسميه الأدبيات السياسية رجل الشارع، لا يهمه كثيرا لون الحزب أو الأحزاب السياسية التي ستظفر بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات المقبلة حيث يكون من حقها، مبدئيا، تشكيل الحكومة. وعدم اهتمامه هذا نابع من أن التجارب السياسية في المغرب رسخت في ذهنه أن مسألة الألوان والإيديولوجيات والشعارات مسألة ثانوية إن لم نقل شكلية وهامشية. فالحكم، أو بالأحرى تسيير دواليب الحكومة، لا يعني بالضرورة تطبيق برنامج سياسي تسطره هذه الأخيرة بعد تشكلها وتعيينها من بنات أفكارها وقناعاتها السياسية والإيديولوجية لأسباب مختلفة:
ـ أولا: لأن إشكالية الأغلبية المكونة من تحالف تجميعي لعدة أحزاب متناقضة الرؤى تحول دون أي فرصة لصياغة برنامج على أساس مرجعي واحد متناسق ومنسجم وقابل للتنفيذ، إذ لابد من التوفيق والتوافق والإضافة والحذف وجبر الخواطر، ومعلوم أن البرامج التي تؤسس على كثير من المراجعات والتنازلات والأخذ والرد تفقد كل هوية لها إلا هوية الافتعال والتوليف والهجنة.
ـ ثانيا: وعلى فرض حصول حزب ما، أو تيار ما، على أغلبية مريحة فمشاريع البرامج السياسية عادة ما تكون متحمسة وهوجاء ومجنحة يسهل على أصحابها تنزيلها على الواقع من الأعلى أكثر من أن يتجشموا عناء صياغتها بناء على قراءة الواقع وفهمه وتحليله خاصة في بلدان العالم الثالث التي تقتبس النظريات والأطروحات كما هو الحال في المغرب.
ـ ثم ثالثا: وهذا هو الأهم، لأن طبيعة الممارسة السياسية استقرت على أن تجد الحكومات المتعاقبة أمامها نواة صلبة لبرنامج حكم جاهز ومسطر من قبل الدولة وفق أهداف مرحلية وأخرى استراتيجية بحيث لا يبقى عليها إلا أن تجتهد لتكيفه، إن استطاعت، مع خطابها ومقولاتها السياسية أو أن تتكيف هي نفسها معه بكل بساطة بلا مراجعة أو شروط.
وهكذا وإذا كان هذا هو الحال فإن المواطن العادي غير المؤدلج حينما سيدلي بصوته في سبتمبر المقبل فإنه في الحقيقة سيصوت على من يتوقع منه القدرة الحقيقية على المناورة من داخل تلك النواة الصلبة ليجعلها أكثر مرونة وقابلية للتوفيق العادل بين خريطة طريق الدولة وأولوياتها والتزاماتها وبين حاجيات أفراد الشعب على مختلف فئاتهم طبقاتهم، أي أنه سيزكي من تسعفهم كفاءتهم وحنكتهم السياسية في إضافة حاشية على النص الأصلي بالمطالب والانتظارات الاجتماعية للناس البسطاء من سكن وشغل وتطبيب وتعليم..
إن رجل الشارع، إذن، لا يهمه بالدرجة الأولى أن تناط مقاليد الحكومة لليمين أو اليسار أو الوسط ليمينية الأول أو يسارية الثاني أو وسطية الثالث، كما لا يهمه إن كانت خلفية الحكومة التي ستنتخب مستقبلا إسلامية أم غير إسلامية مجلببة أم بدون ملتحية أم لا، ما دامت هذه التصنيفات اللونية تسقط عند عتبة الحكومة بسبب إكراه التحالف أو بسبب المضمون النظري الذي تغرق فيه البرامج المفصلة على قياس الإيديولوجيا والمرجعية الحزبية الجامدة. إنه يصوت لمن يصلح الإدارة وينعش الاقتصاد ويحارب الفساد ويعاقب المفسدين.. من يبني ويجهز بالمال العام لا من يسرقه وينهبه ويحوله مشاريع وأرصدة عائلية في الخارج.. من يخفف عن كاهله من ثقل الغلاء الفاحش والضرائب والقروض المتراكمة لا من يجلس في المكاتب المكيفة ويسقط القوانين القراقوشية المجحفة بالمظلات.
فماذا يفيد رجل الشارع، وهو الأغلبية الساحقة والمسحوقة في المجتمع، من ليبرالية الليبراليين إذا لم تكن تبني للوطن اقتصادا ومشاريعا وصناعات ورواجا تجاريا نشيطا ينعكس مفعوله على لقمة العيش اليومية له ولأبنائه..
وماذا يفيده من اشتراكية الاشتراكيين إذا لم تكن تمد الجسور بين الطبقات وتسد الفجوة بينها وتحفظ مصالح الفئات الأقل حظا وتستثمر ثروات البلد لصالح أبناء البلد..
ماذا تفيده إسلامية الإسلاميين ما لم تتبلور خلفياتهم الروحانية إلى مشاريع أرضية أساسها الأرقام والإحصائيات والدراسات والتخطيطات لا الآيات المنزلة وأحاديث الوعظ والإرشاد والحلال والحرام..
إن الحكومة التي ننتظر هي حكومة الإصلاح الجذري والقطيعة مع الارتجال والترقيع والفساد قولا وفعلا؛ وهي أيضا الحكومة القادرة على فتح أوراش الاقتصاد الضخمة والمتوسطة والصغيرة في الآن ذاته.. الحكومة التي تعمل على استثباب الأمن ونشر العدل وتطبيق القانون وحقوق الإنسان وطرد شبح الخوف والقهر والظلم والاحساس العام بالغبن.. الحكومة التي يؤمن جميع أفرادها بحرية الرأي والتعبير والاعتقاد وبالثقافة والإبداع والبحث العلمي كمنطلق للتنمية والتطوير ويجسدون هذا الإيمان على أرض الواقع.
بتعبير مجازي، نحن ننتظر حكومة المشرط والجراحة والاستئصال والعلاج النهائي للمعضلات لا حكومة المسكنات ومستحضرات الماكياج والعمليات التجميلية المؤقتة.



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحملة الانتخابية: فعل ديمقراطي بأدوات تواصلية
- محاربة الفساد تبدأ من أعلى
- كَمَرَادْ عبد -العالي- الليبرالي ورفاقه
- في مواطنة الخم.. للدجاج أيضا حقوق(!).
- على تغييرها قدراء
- خيمياء التراكم: البطالة.. حل(!)
- الوسط المعتل والفعل الأجوف: عن التعددية الحزبية في المغرب
- مورفولوجية الرمز وخطاب التميمة
- كفايات التناظر التلفزيوني
- تلك الطريق.. ذلك النمو
- نواب الأمة: حفريات في ترسبات قديمة
- أكاديمية الآلهة
- الأنظمة العربية.. طبعة مزيدة ومنقحة
- الفساد.. ينزل من أعلى
- عم.. يتنافسون؟
- خطاب التشغيل في المغرب: الهروب بلغات متعددة
- من المعارضة إلى المشاركة_تحولات السلوك السياسي الحزبي في الم ...
- الأحزاب السياسية في المغرب
- تخلف جهل.. وحضارة جهالة


المزيد.....




- -نفتقدك-.. كيتي بيري تغيب عن زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- في كوريا الشمالية.. من يُسمح له بالدخول إلى المنتجع الضخم ال ...
- ليلة تحييها ليدي غاغا وإلتون جون.. وتوقعات اليوم الأخير لحفل ...
- هل توجد مؤشرات حقيقية تدفع نتانياهو للتوجه نحو إقرار هدنة في ...
- -عراك بين إسرائيلي وإيراني- في أستراليا.. ما هي حقيقة الفيدي ...
- -شهيدات لقمة العيش-.. مصر تودع 18 فتاة قضين في حادث مأساوي
- خلفيات التوجه الأمريكي نحو إقرار وقف لإطلاق النار بغزة
- رواندا والكونغو الديموقراطية توقعان اتفاق سلام في واشنطن
- التداعيات المحتملة لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورو ...
- تحذيرات من موجة حر قياسية تضرب جزء من أوروبا ومخاوف من حرائق ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - الحكومة التي ننتظر