أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - الأنظمة العربية.. طبعة مزيدة ومنقحة















المزيد.....

الأنظمة العربية.. طبعة مزيدة ومنقحة


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 1503 - 2006 / 3 / 28 - 09:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سنوات الحرب الباردة، كان سؤال البقاء المطروح على أنظمة الحكم العربية يجد أجوبته في الارتماء في أحضان أحد القطبين الكبيرين المتصارعين آنذاك، من خلال تبعية سياسية واقتصادية وإيديولوجية مطلقة لهذا القطب أو ذاك، أو من خلال المناورة واللعب على الحبلين كنوع من الوجود البهلواني.
لكن لما آلت الحرب الباردة إلى نهايتها بالواقع التاريخي المعروف، أصبحت الإجابة على هذا السؤال أكثر صعوبة، إذ صار لزاما على مثل هذه الأنظمة أن تخرج من واقع التبعية الظلية، التي أورثتها هشاشة العظام وارتخاء المفاصل، إلى واقع آخر مظلة التبعية فيه لها فاتورتها المكلفة ماديا وأخلاقيا، وخيارات البحث فيه عن سبل بديلة للوجود والاستمرار محفوفة بشتى أنواع المخاطر والمغامرات.
وبما أن جل الأنظمة العربية لم تراهن على ضمان بقائها من بوابة الشرعية الديمقراطية وحب شعوبها وإرادة الاختيار الانتخابي الحر لدى هاته الشعوب. بل انساقت وراء هذا الهم من خلال تشديد القبضة الحديدية ودكتاتورية دولة البوليس والمخابرات، فإن النظام في كل دولة من هاته الدول كان يعيش على صفيح ساخن، تلهبه التوترات السياسية، والاختناقات الاجتماعية، وموجات السخط العارم والقلاقل التي يتم التعاطي معها على مستويين:
ـ مستوى أمني: وهو الحل السهل المألوف، عن طريق المواجهة العنيفة والقمع الممنهج والاعتقالات والمحاكمات والطرد إلى المنافي..
ـ ومستوى سياسي: عن طريق الاستقطاب والاسترضاء والمصالحة والعفو والغفران وطي صفحات الماضي المرير والدعوة إلى النسيان والتصالح..
وهو التكتيك الذي أصبح مهيمنا، لمن فطن للمتغيرات مبكرا، بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين. ولمن لم يفطن، عقب أحداث سبتمبر وما تلاها من غزو أفغانستان والعراق. أي حينما أصبحت المعارضات المشردة في أوربا تأتي على ظهر ذبابات المحتل فتقلب النظام بقوة السلاح والعتاد والدعاية والإعلام.
إن كثيرا من السلوكات السياسية وغير السياسية التي كانت تنهجها الأنظمة العربية المستبدة ضد شعوبها في أوقات الأمن والاستقرار كما في أوقات الخطر والفتن، ضمانا لبقائها الجبري، لم يعد في الإمكان تكرارها والتمادي فيها بسهولة في ظل الواقع الجديد الذي باتت تتحكم فيه تربصات القطب الأمريكي المهيمن وأطماعه في المنطقة. خصوصا وأنه ينتحل لتنفيذ هذه الأطماع شعارات من قبيل حماية الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والدفاع عن الأقليات، ويعتمدها كمبررات لتهديد الحكام وتأديب الأنظمة والتدخل في شؤون الدول أو غزوها واحتلالها.
فمثلا، لم يعد ممكنا أن يعمد أي نظام من الأنظمة العربية المتغطرسة إلى اقتراف مجازر جماعية في جنح الظلام ينتهك فيها حرمات الشعوب أو يستحل فيها دماء أقلية من الأقليات أو جماعة من الجماعات تحت يافطة وأد الفتنة أو تصفية الخونة والخوارج والرافضين والعملاء... دون مغبة الوقوع، عاجلا أو آجلا، تحت طائلة قانون الإجرام ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية، الذي تتحرك مسطرة المتابعة فيه من دهاليز البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية قبل أن تتحرك من محكمة العدل الدولية أو من الأمم المتحدة.
كما لم يعد مقبولا الادعاء بوجود إجماع مطلق حول أي نظام من الأنظمة ولو كان ملكيا.. فطريقة تجييش الجماهير أمام الكاميرات، وفبركة الاستفتاءات على شخص المرشح الأوحد، ونسبة الكمال المطلق في أرقامها، صارت لا تحيل بتسعاتها الأربع إلا على التزوير في أبأس حالاته المتخلفة، وعلى غياب النزاهة والشفافية وحرية الرأي والحق في التعبير عنه عمليا.
ولم يعد مستساغا أن يتم توريث الحكم في أنظمة رئاسية جمهورية (!) وفق نمط الوصية والبيعة وولاية العهد، اعتمادا على الاستقواء العسكري أو الحزبي أو المخابراتي أو من خلال التحايل على الدساتير والمؤسسات والدعاية والنصب والتدليس على الشعوب والتاريخ.
ثم لم يعد بمقدور هذه الأنظمة الإدعاء بأن قادتها زعماء ملهمون وأنبياء معصومون كلامهم منزل ونطقهم مقدس ورأيهم الأوحد يمسك بناصية الحقيقة الخالصة بحيث لا يتسرب إليه الشك والخطأ، وبالتالي فإنه يحرم الطعن فيه ويمنع رده أو الرد عليه. لأن هزائم هؤلاء الحكام المتوالية وتخادلهم الشنيع أثبت بالملموس أنهم مجرد بشر مثل سائر البشر، يصيبون ويخطئون، ويعرفون شيئا وتغيب عنهم أشياء. وإن كانت لهم أية قوة في الإلهام أو أي سداد في الرأي وبعد في النظر فيجب أن يكون من خلال الرجوع إلى الشعوب ومن خلال احترام المؤسسات والدساتير، أي من خلال الديمقراطية.
ثم بدرجة أقل، لم يعد في مستطاع هذه الأنظمة مصادرة حرية الرأي والتعبير وتكميم الأفواه والتعتيم على الأصوات المعارضة والتنكيل بأصحابها وزجهم في السجون والمعتقلات السرية. مع الإشارة إلى أن الحالة الوحيدة المتبقية حاليا هي تلك التي يتم التغطية لها بتهمة الإرهاب أو تهمة الترويج له. بحكم "شرعية" هذه التهمة المستمدة من الأجندة الأمريكية في هذا المجال.
إن هذا السياق الجديد الذي باتت تتحكم في خيوطه الولايات المتحدة وأتباعها، رغم بوادر التراجع والانحسار المبكر لمشاريعه بسبب المأزق في العراق، وضع الأنظمة العربية الموالية والأخرى التي عدلت عن نشازها في "بيت الطاعة" الأمريكي، وذلك كشرط للإبقاء عليها ومساندتها ضد شعوبها الساخطة. كما أجبرها على بدل قصارى الجهد في التجمل والإصلاح من صورتها القديمة ومحاولة إخفاء الوجه الدكتاتوري الاستبدادي بعمليات تجميلية سطحية تجدد مظهرها بمستلزمات طلاء الواجهة وبمساحيق الليبرالية التي تلبي أطماع السياسيين وتدغدغ أحلام النخبة والمثقفين.
وهكذا فبالرغم من أن هذه الأنظمة جاءت في المجمل من أصول عسكرية نطت من الثكنة إلى السلطة عبر انقلابات، ثم مارست كل أنواع القهر والعسف والجبروت، وتميز أسلوبها وآداؤها ببوهيمية سلطوية مفرطة يشهد عليها تاريخ الألم والعذاب الموشوم على ظهور الضحايا، وتشهد عليها جغرافية السجون والمعتقلات السرية، إلا أنها في النهاية وتحت ضغط غريزة حب البقاء والاستماتة في التشبث بكراسي الحكم نجحت في أن تقلب جلدها مؤقتا على سمته الناعم، وأفلحت في مداراة أنيابها ومخالبها، واستطاعت لأجل خاطر أمريكا أن تتعلم وتتكلم لغة المهادنة والتملق والنفاق.. والاستجداء.
إنها نفس الأنظمة القديمة بنفس المحتوى ونفس المضمون ونفس السياسة، ولكن أن إكراهات التبعية لأمريكا جعلتها تجتهد لإعادة إنتاج نفسه حربائيا في نسخ مزيدة.. ومنقحة.. وأنيقة..
تمشيا مع مستجدات الوضع الراهن.. لتبيع أكثر!..



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد.. ينزل من أعلى
- عم.. يتنافسون؟
- خطاب التشغيل في المغرب: الهروب بلغات متعددة
- من المعارضة إلى المشاركة_تحولات السلوك السياسي الحزبي في الم ...
- الأحزاب السياسية في المغرب
- تخلف جهل.. وحضارة جهالة


المزيد.....




- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - الأنظمة العربية.. طبعة مزيدة ومنقحة