أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عبد الإله بوحمالة - خيمياء التراكم: البطالة.. حل(!)















المزيد.....

خيمياء التراكم: البطالة.. حل(!)


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 1643 - 2006 / 8 / 15 - 08:35
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


حينما نعرف البطالة، كظاهرة اجتماعية، عادة ما نربطها بمظاهرها السلبية الخطيرة كالإقصاء الاجتماعي والفقر والتهميش وهدر الطاقات والكفاءات، أو نركز على علاقاتها السببية بالجريمة والعنف والتطرف والإرهاب والانحرافات الشاذة وكل المظاهر الاجتماعية غير السليمة التي يمكن أن تحدث لو استفحلت الظاهرة ووصلت إلى الباب المسدود.
لكن حينما نتأمل، في المقابل، التعامل الرسمي بكل مستوياته مع هذه المعضلة، سواء سلمنا بصعوبة معالجتها جذريا أو أرجعنا السبب في استفحالها لتراكمات طويلة المدى كان خلفها تعفن حكومي مستتب تلاه تخبط حكومي فاضح، سيصدمنا واقع الصمت والانتظارية، الشيء الذي يدعو إلى إمعان النظر في هذا النمط من التعامل "النعامي" وإلى إعادة التفكير والبحث عن مقاربة أخرى تبحث "جديا" في فرضية "عبثية" قد تكون وراء تحول التعاطي مع البطالة في المغرب من كونها مشكلة إلى كونها حلا، أي بعبارة أخرى استسلام الحكومات المتوالية إلى التعايش مع الظاهرة بالنظر إلى إيجابياتها من باب "رب ضارة نافعة"، وهي فرضية لا يضاهيها في العبثية والسخرية إلا تلك الحلول التي تجترح بين الفينة والأخرى على سبيل الترقيع والتجريب و"تعلم الحجامة في ريوس ليتامى" بالتعبير العامي.
إن العاطل شخص لا ينفع الدولة ولا المجتمع سواء كان متعلما أو غير متعلم. والدولة من جهتها، في ظل هذا الوضع الراهن والاقتصاد الراكد المهلهل، أصبحت لا تبحث عن نفعه حتى ولو كان خبيرا في اختصاصه متفردا في علمه ومهاراته. لكنه أيضا وفي المقابل لا يضرها ولا ينبغي له أن يسعى لذلك بموجب الواجب والقانون والأنظمة.
فهو إذن شخص لا يكلف الدولة ولا يثقل كاهلها ماديا لأنها لا تعوضه عن عطالته من خزينتها ولا تصرف له ضمانا اجتماعيا ولا تضمن له تأمينا أو تغطية صحية.. إنه بهذا المعنى واحد من الشعب في الواجبات وصفر على شمالهم في الحقوق.
فماذا يساوي صفر زائد في خمياء حكومات لا تتقن إلا منطق الفرجة والتسويف واجتراح المبررات؟

ـ أولا: العطالة وسوق العمل:

في ظل الاختلال الفادح في ميزان العرض والطلب وفقدان التوازن في سوق العمل بالمغرب، أصبحت الطاقة الفائضة التي تبحث عن الشغل وتطلبه كبيرة للغاية، لا يستثنى من ذلك أي نوع من أنواع العمل بدءا من الحمالين والمياومين الذين يبيعون جهدهم العضلي البسيط وانتهاء بأصحاب المهارات والمؤهلات والخبرات الحرفية والعلمية والثقافية.
وقد كان لهذا الوضع المختل تأثير واضح على طبيعة العلاقة التي تربط بين العامل والجهة المشغلة سواء كانت قطاعا عاما أو خاصا أو ما بينهما. فاليد العاملة في ظل هذه الأزمة الخانقة وفي ظل وجود جيش عرمرم بديل ينتظر ويتربص، أصبحت رخيصة بخسة من حيث الأجرة والتعويضات، قليلة المطالب من حيث شروط العمل وظروفه وامتيازاته، منضبطة وقابلة لأن تدعن بلا حد أدنى من الحقوق، مكرهة على التنازل المسترسل عن مكتسباتها، وبالتالي لا تستطيع أن ترفع احتجاجا مطلبيا ولا أن تخوض إضرابا أو اعتصاما ولا أن تصمد فيه دون خوف من مغبة الطرد والتسريح والمضايقات بسبب الواقع الذي تفرضه الحركة التدافعية القوية وبسبب استقواء المشغلين.
هذا الواقع بالنسبة للحكومة، ووفق المنظور الانتظاري طبعا، واقع إيجابي ومريح يمكن أن يعفيها من مطالبات الكتلة النشيطة المتزايدة، أو على الأقل يجعل هذه المطالبات في حدودها الدنيا القابلة للنقاش والمساومة والتسويف والالتفاف، كما يفيدها من جهة أخرى في تكسير شوكة النقابات، حيث يهيمن جو من عدم الثقة بين النقابة وأتباعها يخفض كثيرا من درجة التماسك والتجاوب والولاء بينهما.
إذن ازدياد عدد العاطلين يؤثر إيجابيا على سوق العمل وعلى نمط العلاقات المهيمنة فيه.

ـ ثانيا: العطالة وتنظيم النسل. أقل:

كما هو معروف كلما ارتفعت نسبة البطالة في مجتمع من المجتمعات إلا وانخفضت فيه نسبة الإقبال على الزواج خصوصا إذا كان هذا المجتمع مجتمعا عربيا إسلاميا تهيمن عليه الأنساق المحافظة كما هو الحال بالنسبة للمغرب.
فالعلاقة السببية واضحة، لأن الشخص العاطل شخص ضعيف اقتصاديا، إن لم نقل معدما، وبالتالي لا يمكنه أن يتحمل مسؤولية الزواج الاقتصادية بالشكل الذي ينص عليه الدين ويشرعه القانون وتستقر عليه التقاليد والعادات الاجتماعية الجاري بها العمل.
ومع أن هذا الجانب من المشكلة يرتبط بمظاهر سلبية غاية في الخطورة كاستشراء الانحرافات الأخلاقية والفساد وارتفاع معدل العزوبية والعنوسة إلا أنه وفق المنظور الذي تحدثنا عنه سابقا يمكن أن يوجد في تلافيفه إيجابيات.
فالعاطل والعاطلة آلتين إنجابيتين موقوفتين بسبب اقتصادي. وتوقفهما عن نشاط إنتاج البشر ليس شيئا هينا، إذا كان الوضع يتجاوز حالات خاصة إلى ظاهرة اجتماعية عامة تعد بالآلاف ومئات الآلاف، إذ أن فيه خدمة كبرى لمطلب عام طالما سعت وراءه منظمات دولية ألا وهو مطلب تنظيم النسل والحد من الإنجاب والتكاثر للتقليص من النمو الديموغرافي المتصاعد.
وهكذا فتأخير مشروع الزواج أو إلغاؤه، كفعل ذي صبغة "طوعية" ذاتيا "إكراهية" موضوعيا بسبب البطالة المفروضة، يخدم هذا التوجه العام، كما أن تأثيراته تمتد إلى أبعاد أخرى، مع مرور الوقت، تشمل الانخفاض التدريجي في المطالب الاجتماعية كالسكن والصحة والتعليم..

ـ ثالثا: العطالة والهجرة والتحويلات:

اتجه الاقتصاد المغربي في السنين الأخيرة إلى الاعتماد بشكل كبير، إلى جانب عمليات الخوصصة المتتالية، وهي مقطوعة ولا يمكن تكرارها، على عائدات الجالية المغربية المقيمة بالخارج من العملة الصعبة. وأصبح انتعاش مالية الدولة رهين، في ظل الجفاف وتعثر السياحة، بمحصول السنة من تحويلات ومداخيل المهاجرين، أي أن الاقتصاد المغربي أصبح يقوم على استثمار الهجرة وعلى الاستفادة مما يمكن تسميته ب "سياحة صلة الرحم" التي تنشط في كل موسم صيف. لذلك فإن اقتصادا من هذا القبيل سيهمه ولا شك أن يزداد ويتضاعف عدد المهاجرين باضطراد. وبما أن الحكومة لا يمكنها رسميا أن تنخرط في سياسة علنية لتشجيع الهجرة الشرعية وغير الشرعية، فإنها تتطوع بتوفير الجو المناسب الذي يدفع للهجرة والتفكير فيها وذلك بخلق كل الشروط الضاغطة والطاردة داخليا وأولها بطبيعة الحال سياسة السلبية أمام ظاهرة عطالة الشباب وحرمانهم من حق العمل والعيش الكريم.
إذن فكل عاطل زائد في حسابات من يرى الأسود أبيضا ومن يرى العطالة حلا، هو مهاجر ممكن وعملة صعبة ممكنة.
وكل تحول فعلي له من عاطل إلى مهاجر هو تحول ذاتي، ( على وزن التشغيل الذاتي )، من مشكلة عويصة إلى حل سحري عجيب.. بالنسبة للعاطل نفسه.. وبالنسبة لأسرته.. وبالنسبة للحكومة أيضا.
أما وإن حدث وابتلعته أمواج البحر في مغامرة سرية للهجرة فسيكون مجرد فم أقفل عن مطالب محرجة.. وصوت كتم عن الاحتجاج والصراخ المؤرق.. وشوكة سلت من خاصرة وزارة التشغيل وكفت عن وخز "ضمائر" مسؤولين نائمين في العسل، "يخجلهم" منظر السحل وكسر الضلوع الذي يتعرض له أبناء الفقراء كل يوم بغير ذنب سوى أنهم وضعوا ثقتهم في نظام تعليمي كاسد فاسد متخلف نهلوا منه أكبر قدر وذهبوا فيه إلى أبعد ما يكون.

أخيرا، وكملاحظة عامة لاستشراف الحل، أقول إنه في اليوم الذي ستتوفر فيه الدولة على مشروع حقيقي متكامل ومعقول لقضية التشغيل يعالج المعضلة من أساسها، خاصة بالنسبة لأصحاب الشهادات، فإن الذي سيقدمه للشعب حينذاك سيكون بدون شك هو الملك شخصيا ولا أحد غيره(!).



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوسط المعتل والفعل الأجوف: عن التعددية الحزبية في المغرب
- مورفولوجية الرمز وخطاب التميمة
- كفايات التناظر التلفزيوني
- تلك الطريق.. ذلك النمو
- نواب الأمة: حفريات في ترسبات قديمة
- أكاديمية الآلهة
- الأنظمة العربية.. طبعة مزيدة ومنقحة
- الفساد.. ينزل من أعلى
- عم.. يتنافسون؟
- خطاب التشغيل في المغرب: الهروب بلغات متعددة
- من المعارضة إلى المشاركة_تحولات السلوك السياسي الحزبي في الم ...
- الأحزاب السياسية في المغرب
- تخلف جهل.. وحضارة جهالة


المزيد.....




- بعد مفاوضات ومناوشات.. المهن الطبية المساندة في الصحة ينتظرو ...
- “بزيادة 720 ألف دينار عراقي mof.gov.iq“ وزارة المالية العراق ...
- “بعد قرار التأخير” موعد صرف رواتب المتقاعدين لشهر ابريل 2024 ...
- منحة العمالة الغير منتظمة 1000 جنيه 2024 والشروط المطلوبة لل ...
- “100 ألف دينار زيادة”.. “مصرف الرافدين يُعلن موعد صرف رواتب ...
- البيان الختام للمؤتمر 22 للاتحاد الجهوي لنقابات فاس
- التجديد متاح هنا.. تجديد منحة البطالة 2024 في الجزائر والشرو ...
- استعلم هنا الآن.. كيفية الاستعلام عن وضعية منحة البطالة 2024 ...
- تغطية القناة الأولى لفعاليات مؤتمر الاتحاد الجهوي لنقابات فا ...
- WFTU solidarity statement with the National Strike in Greece ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عبد الإله بوحمالة - خيمياء التراكم: البطالة.. حل(!)