أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال عبيدي - حروف














المزيد.....

حروف


هلال عبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 12:59
المحور: الادب والفن
    


حينها سأودع كل شيء بلحظة احتضار الأمنيات .. مكتبتي ورسائل عشقنا وشرفتي والحديقة وفنجان قهوتي .. أغمض عينيّ واجلب نفساً عميقاً .. اقرُ بخسارة العمر الطويل .. لقد فقدنا كل من حولنا .. رحلوا دون عودة .. والى الأبد .. أتذوق لوعتي عنوة باستمرار .. اصمت وعيناي تفيض دمعاً .. أبعثر أوراقي .. اسكب قبلاتي على وهمي .. أضاجع حلمي لانتقم من حقيقة فرت بعيداً .. بعيداً . سهر مكرر وسيجارة تلو الأخرى يرضعها فمي . فتضمحل رويداً .. رويداً . بعد أن تحرقها أصابعي . حتى تمسي عدم بليد . ماض مظلم . يأخذها من الأنظار .. كذكرى بعيدة من غربة لا ....... ، هكذا سيمضي كل شيء بما فيهم أنا .. سنلتقي هناك .. بعالم غير هذا . ونعاتب بعضنا البعض .. سابكي ملء جفوني .. سأصرخ بما كتم قلبي .. واقترب .

تيه أزلي في مملكة الخوف . براكين الندم تنفجر بوجه حزين . كاسحة نشوة الفرح بعد أن رقصنا على أنغام الموسيقى . والأزهار تحفنا .. طاردنا الفراشات سوية . بضحكة وعبث . لثمنا نسمة ربيعية مرت فوق العشب .. واذكر بان أناملي خطت على الأرض نهاية اللقاء غير هذه النهاية التي عصفت بعروش براءةً قلبٌ طيب . فاكتوى . ستودع نظراتنا الأشياء والمدينة . ستودع الشمس والقمر والنهر وقداسة الانتظام .

سيمضي آخر يوم . ستمضي آخر ساعة ودقيقة من عمر طغى عليه حزنٌ عميق . فيحل العدم بعد اختفاء الجسد النحيل تحت أطباق الثرى . في باطن الأرض التي تئن بالموتى .. الخطيئة .. الندم .. الأحزان .. وجرح قديم من أحرف لغة الفقدان . حينها لا أجد من يذرف دمعة على رحيلي سوى حروف لغتي . خطتها يدايَّ دهور.. أحببتها وضممتها إلى صدري الحنون . حروف أسمائنا وصفاتنا وأفعالنا ولغتنا . اشتكينا لبعضنا البعض .. تقاسمنا آهاتنا . أيقنا بأنه ستخلد ذكرى بعيدة . تتحدى آفة النسيان . هكذا تمر الأقدام فوق القبور . فنسمع وقعها .. تموت نباتات ويحيا ُأخر . تتراكم السنين . والنهر خالد بجريانه . يسيح فوق قشرة الأرض . نشوة الغرام تتلبد في الخفي . دموع الثكالى . امتزاج ألوان لوحاتي .. بمرسمي .

نعود لنعاتب أيامنا : لما كل هذا التوغل في الخسارة ..؟ لماذا لا نحيد عن أهوائنا فتركلنا أقدام الضياع مرة أخرى ..؟ طريق الشجن والبكاء والحسرة والصمت والوحدة . لا مفر . قلب مسكين . ذكرى بعيدة . اصطفاك حديد المعاول بالتراب لحظة الدفن . النهار القائظ المهدد برحيل لا منتهي . ُقبلٌ خالدة . مرسم يئن بلوحات لوجوه عاجزة عن النطق . يستحيل أن ننسى . آلامنا مادمنا نتنفس . رحيق العمر تلاشى . وذاب . سرى من الأقدام الحافية . تسرب ممتزجا بحبات التراب . اختفى .

كلامنا مع حواء . عشقنا لرقتها وجمالها . خصامنا معها . الأماكن حبلى بأسرارنا . شاهدة على كل شيء فعلناه . وعلى ألوان الفساتين والزهور التي نتبادلها . كلمات من فم حواء . مفعمة بحنان أنثى جريئة . تثور . صدى الكلمات يضمحل . يتلاشى في الأفق . نغرق بصمتنا . نودع كل شيء بلحظة احتظار الأمنيات .. الشمس والقمر والنهر وحروف أسمائنا وصفاتنا وأفعالنا ومرسم يئن بلوحات لوجوه عاجزة عن النطق .. وحيد أنا . غريب بعالم مزدحم . سأغيب من غربتي إلى غربة أخرى . ساترك ذكرى عقيمة وامضي دون أن التفت ورائي . سأرحل مع حروفي بعيداً حتى اختفي رويداً رويداً ..







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أماكن
- الهجرة ببلاد النهرين
- -بغداد لم تسقط وانما اسقطت-
- رفقآ بالزعيم العربي
- وهل سيكون العراق موحدآ..؟؟
- متى سيكون الرجل الماسب في المكان المناسب في العراق
- الطيور المتحجرة
- ضياع شفق
- اعياد ارض اشور
- غربة الامنيات السعيدة
- ارض الرافدين
- المكونات الحية فى النظام البيئى لرواية دابادا دراسة لبيان ال ...
- فناء منديل/نص ادبى رمزى


المزيد.....




- رواية -حارة الصوفي-.. التأريخ بين قبعة الاستعمار وطربوش الهُ ...
- الفنان شامان يمثل روسيا في مسابقة -إنترفيجن- الموسيقية الدول ...
- شاب متعدّد اللغات يحصد الملايين من المعجبين عبر الإنترنت.. م ...
- إطلالات متميّزة لنجمات المملكة العربية السعودية في مهرجان كا ...
- الجالية الفلسطينية في اليونان تنظم أمسية ثقافية في ذكرى النك ...
- الشاعر حسين جلعاد يوقّع كتابه الجديد -شرفة آدم- في معرض الدو ...
- العراق ضيف الشرف.. ما أسباب تراجع المشاركة العربية في معرض ط ...
- العراق حاضر بقوة في مهرجان كان السينمائي
- رئيس الوزراء الإسباني يتهم -يوروفيجن- بـ-ازدواجية المعايير- ...
- بنزرت ترتدي عباءة التاريخ.. الفينيقيون يعودون من البحر


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال عبيدي - حروف