أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هند عباس الحمادي - ازقة اللغة














المزيد.....

ازقة اللغة


هند عباس الحمادي
أستاذة جامعية

(Hind Abbas Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8566 - 2025 / 12 / 24 - 23:12
المحور: الادب والفن
    


حين نسيرُ في أزقة مـُدنـنا نسمعُ أصواتاً عالية تارة، ومترامية الأطراف تارة أخرى؛ لتـُصدر كلمات منطوقة من أُناس اعتادوا الحديث بها، وفهم الغاية المراد منها.
عند سماعنا تلك الكلمات سنكون بين أمرين أوله أنها مفهومة لدينا، معلومة المعنى، وذات الصيغة الصحيحة، والتركيب الواضح، والنسق المألوف. أما الأمر الثاني فنسمع كلمات لا نفهم معناها؛ لأنها تعود لبيئة ناطقها، فنحاول قدر الإمكان ربط الكلمة المسموعة مع نسقها؛ لكي نستطيع أن ندرك فحوى المعنى المـَطـْلوق منهم.
وعلى الوهلة الأخرى نسمع كلمات طوعت لتؤدي معنى جديداً غير معناها الذي شُكلت لأجله، وفهمت به.
نعم ... اللفظة تُشكل بمعناها الذي تؤديه بشرط أصلية حروفها وصحتها. فالألفاظ هي مجرد أصوات تتآلف من صوت صامت طويل، وصوت صائت قصير. ولكن ما أن تقترن تلك الأصوات بالمفهوم الذهني للمعنى المراد تنشأ القدرة على التواصل والفهم.
فالمعنى لا يكتمل ولا يُـفهم إلا بوجود اللفظ، واللفظ بلا معنى هو مجرد أصوات لا قيمة له . وهما متلازمان لتحقيق التواصل الإنساني.
وهنا نفهم جليا ً مقصد قول عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ) في كتابه دلائل الاعجاز: " إن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم تُوضع لتُـعرف معانيها في أنفسها، ولكن لأن يضمّ بعضها إلى بعض فيـُعرف فيما بينهما من فوائدٍ “.
أي أن الألفاظ تكون حياتها في النسق الذي تأتي منه، ولا يمكن أن تعطي دلالتها لوحدها منفردة، فالألفاظ تــُعطي دلالة مقصدها حين تندرج في سياق يـُفهم المقصد من حلّه وترحاله.
لذلك قال الجاحظ (ت577 هـ) في كتابه (الحيوان): " المعاني مطروحة في الطريق "، يعرفها ويؤديها الناطق بها، حين تمتاز لغته باختيار اللفظة وإقامة وزنها ، وسهولة مخرجها ، وصحة طبعها ، وجودة السبك فيها .
تلك القوانين والأحكام لا تنطبق على ناطقي اللغة العربية فحسب، بل على ناطقي العالم للغاتهم.
فتظهر في زقاق اللغات، اللهجة واللغة. إذ تباين علماء اللغة في قبول اللهجات التي تطفح على الواقع الفصيح للغة، وانبرت أصواتٌ بين مؤيد ورافض لوجود اللهجة الدارجة، واللهجة العامية بين شعوب العالم واقوامها.
فذهب مستعملي اللغة إلى استعمال اللهجة الدراجة، واللهجة المـُحدقة في العامية في النتاجات الأدبية، وفي الحديث العلمي وربما حتى الإعلامي ،بل وفي صفحات التواصل الاجتماعي.
وهنا نثير سؤالاً غاية في الأهمية هل اللهجة العامية وجودها واستعمالها ضرورة أم تراجع؟
سنكون أكثر دقة في معرض اجابتنا فنقول: إن رفضنا اللهجة العامية سنرفض فطرة وعُرفاً موجوداً عند الإنسان حينما يستعمل لغته الأم، ونكون قد خالفنا ما هو مألوف لدى البشر.
وإن وافقنا على استعمالها، عندئذ ستؤول اللغة الفصيحة ذات القواعد والموازين إلى النسيان والضعف على الرغم من كونها اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لكتابه الكريم ، وتتبدل إلى لغة غير اللغة التي عـُرفت بها، وبما امتازت به من جرس حروفها ،و بـِنـَى ألفاظها ، وتراكيب جملها ، ودلالة معانيها.
لذلك.. ولكي نكون أكثر علمية وإنصافاً للرد على السؤال نقول: إن فطرة الإنسان تميل إلى السهولة واليسر، واستعمال الألفاظ في غير معناها التي شُكلت من أجله، وتميل كل لهجة إلى الكسر أو الفتح أو الضم في نطق مفرداتها بحسب ناطقيها ، وإن خالفت القياس المطرد . فعلى سبيل المثال لا الحصر لهجة أهل البصرة تميل إلى الكسر في أغلب مفرداتها في حين يكون الضم صفة عند لهجة أهل الموصل، وتميل لهجة بغداد إلى الفتح.
ولكن لا يعني أننا مع استعمال اللهجة العامية أو الدارجة بل أننا نحرص على استعمال اللغة العربية الفصيحة ولكن برعاية تأتي من أعلى السلطات في الدولة، وتفعيل القوانين التي تحكم بشكل صارم استعمال اللغة وبرعاية المجمع العلمي العراقي.
فلا يخفى أن مجمعنا العلمي هو الوحيد مع مجمعيّ المجمع العلمي المصري والمجمع السوري من دون المجامع العربية الأخرى له القدرة على اصدار الأحكام اللغوية وقوانينها، وتعريب المفردات التي نستعملها في مجمل اتساع الحياة العلمية، والثقافية والاجتماعية والبيئة.
إن تعاملنا مع اللغة على أنها هوية أمة، ورابط حياة ، وإرث مجيد ، وجعلنا هذه المفاهيم هي من نسير عليها في كل مفاصل استعمالنا ، ونربي ألستنا نحن ، ومن هم بمعيتنا ، ونحرص على إجادة الاستعمال والنطق الصحيح بها ، في عناوين كل ما تقع عليه العين ، وسمة في كل ما تكتب به الأصابع ، ولغة ناطقة لطبقات المجتمع ضمن فئاته المختلفة ، سنصل في هذه الحالة لمبتغانا ، وهو أن تكون اللغة العربية الفصيحة هي السائدة واللهجة الدارجة أو العامية هي القليلة والنادرة .
علينا أن نعي من أهم أزقة اللغة أنها روحٌ تعيش بين دواخلنا فهي الوحيدة التي تعبر عما نشعر به ، وما نريد إيصاله للغير سلباً أم أيجاباً ، فإن ماتت الروح فينا .. فلا حياة مضيئة من دونها .. ولا سطور تبقى ، ولا أقلام تفنى .. يقول الإمام الشافعي : فما من كاتبٍ إلا سيفنى .. ويبقى الدهر ما كتبت يداه .. تحياتي .



#هند_عباس_الحمادي (هاشتاغ)       Hind_Abbas_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضاءاتُ أبي
- ضفافُ جنرالٍ وتجلياته
- زيارةُ اليومِ رسمية ٌ
- الحياةُ ةالجائحة
- الغَرْبَلَةُ
- زيارةٌ رسميةٌ
- جنرال بين ضفاف وتجليات
- الحياة والجائحة


المزيد.....




- وفاة الممثل الفلسطيني المعروف محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- قرار ترامب باستدعاء سفراء واشنطن يفاقم أزمة التمثيل الدبلوما ...
- عرض فيلم وثائقي يكشف تفاصيل 11 يوما من معركة تحرير سوريا
- وفاة الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عاما ...
- رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحق ...
- اللغة البرتغالية.. أداة لتنظيم الأداء الكروي في كأس أمم أفري ...
- بعد توقف قلبه أكثر من مرة.. وفاة الفنان المصري طارق الأمير ع ...
- نجوم يدعمون الممثل الأميركي تايلور تشيس بعد انتشار مقاطع فيد ...
- إقبال متزايد على تعلم اللغة التركية بموريتانيا يعكس متانة ال ...
- غزة غراد للجزيرة الوثائقية يفوز بجائزة أفضل فيلم حقوقي


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هند عباس الحمادي - ازقة اللغة