أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هند عباس الحمادي - ضفافُ جنرالٍ وتجلياته














المزيد.....

ضفافُ جنرالٍ وتجلياته


هند عباس الحمادي
أستاذة جامعية

(Hind Abbas Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8233 - 2025 / 1 / 25 - 21:23
المحور: الادب والفن
    


طرقَ البابَ جنَرالٌ، تحوط ُ بأكتافِه نجومٌ متلألئة ً.. يفرضُ بسطوتِه قوةً دارتْ في محيطِه، يسيرُ كأنه يخطفُ كلَّ مَـنْ سارَ قبلَه أو بعدَه. تراسيمُ وجهِهِ عنفوانٌ تخشى الكلامَ معه، فما سيدورُ ستكونُ الجولةُ ُ له عاجلاً أم آجلاً.
وفي دورانِ الأكوانِ دارَتْ محاورةٌ اسفرَتْ عن تجلياتِ جنرالٍ عاشَ أياماً لها تاريخُها، وأثارُها في أرضٍ طالما كانت حاضرةً فيه لا تغيبُ.
إن أبحرَنا في تلك التجلياتِ وطرقَـنا أبوابَها، سنكونُ في عالمٍ غريبٍ يجرُّ وراءَه تداعياتٍ ذهنيةٍ، يسحبُنا فيها إلى نتائجَ لم نكنْ لنُدركَها.. كتلك الأبوابِ السحريةِ القديمةِ في قِصصِ ألفِ ليلةٍ وليلةٍ التي تُفتحُ عَـقِبَ كلمةِ السّرِ، فيجرُ المرءُ بعدَها إلى عالمٍ من المدهِشاتِ والغرائبِ.
فتجلياتُ الجنرالِ وضِعَتْ في نسقٍ غيرِ مألوفٍ ودارتْ عن أشياءٍ طالما كانت مدركة ً للعيانِ، ولكن لم تكنْ معلنة ً.. فهو تاريخٌ مسجلٌ عاصرَ أحداثاً، وخاضَ معارك، ومزّقَ أياماً ، لا يمكن لأيِّ مَنا أن يصَفَها كما يصَفُها صاحبُها.
وإن أردنا الخوضَ في غمارِ تجلياتِه ستكون على نحوِ ما أسفرتْ محاورتُه:
ـ تجلياتُ النصرِ:
يظلُ الجنرالُ فارساً يتحدثُ عن بطولاتِه لمعارك خاضَها، في أرضٍ ينتمي إليها بروحِه وعقلِه وبقلبِه قبلَ ذلك كلِّه، وهو يعي تماماً أن نصرَه لم يكنْ سهلاً فقد ضحى بالنفيسِ قبل الغالي.. وفَقَدَ أعزَّ رفاقِه.. وسَالَ دمٌ طهورٌ؛ لأجلِ أرضٍ أحبَها أكثرَ من حبيبتِه التي سكنتْ في سويداءِ قلبه ِبين ضلوعِه وحناياه.
حين يتحدثُ ويتحاورُ لا يمكن أن يدانيهِ أحدٌ، فهو يطيرُ كصقرٍ تركتْ الجروحُ أثارَها على جناحيه، ومع ذلك
يتفاخرُ بنصرِه
يتباها بمعاركِه
يتعالى بانتمائِه
يخوضُ غمارَ حربٍ كأنها حِبٌّ عَشِقَ سِوارَها.
يَعرفُ يقيناً أن الحربَ معاركٌ، وكلُّ معركةٍ يخسرُ فيها قبل أن يعلِنَ انتصارَه.. ومع كلّ ذاك يخوضُ تلك المعاركِ؛ لأنه يؤمنُ أن الأرضَ هوية ٌ.
ـ تجلياتُ العروقِ:
يظلُ الجنرالُ إنساناً ينتمي لأرضٍ عَشِقَها كأنها فتاةٌ سمراءٌ ذاتِ الملاحِ السومرية، متراميةِ الأطرافِ، يعشقُ ثغرَها كأنها هي مَنْ ترويه، يتحدثُ بعنفوانِ الصبا عنها، وبلغةِ العاشقِ الولهانِ عنها، يبكي دماً حين يعرفُ أن أرضَه أُخذتْ منها قطعة ٌ.. أو مُزْقت منها ثُلّة ٌ.. فلا سوحَ الوغى، ولا الحياةَ التي عاشَها بمترفِها لم تُخْفِ ما تم حفْره في عروقِهِ وجذورِه وأصولِه.. فقد وِلِدَ وهو صاحبُ أرضٍ وقضية.
ـ تجليات الوطن:
إن طال الحديث مع الجنرالِ سيتجلى لنا رجلاً يَعْرفُ
كلَّ بشرٍ في وطنِه، من شمالِه إلى جنوبِه.. من شرقِه إلى غربِه
وكلَّ أُناسٍ أين مشربهم
وكلَّ بلدةٍ كيف أهلُها
وكلَّ جبلٍ كيف هي سفوحُه
وكلَّ نهرٍ كيف هو جريانُه
ستقف مذهولاً هل وطنه سيدةٌ جميلة ٌ لهذه الدرجة!
ليعَشْق كلَّ تفاصيلِها!
يُدركُ كلَّ مفاتنِها!
يَعْلَمُ كلّ شجونِها!
يُتقِن كلّ أساليبِها!
يبكي لبكائِها.. ويفرحُ لفرحِها.
ليكشفَ عن بخلِه أنه لا يريدُ غيرَه أن يرى مفاتنَها كما يراها هو.
ـ تجلياتُ الإنسانِ:
ظلت النفسُ تسألُ هل يُعقل أن يتجلى الجنرالُ إنساناً؟! نعم.. هو إنسانٌ يُتقن لعبةَ َ الغيابِ والاختفاءِ.. فحين يغيبُ تبدو الوجوهُ شاحبة ً مريضة ً ورائحة ُ الأماكنِ مُغبرةً، تتشابكُ الألوانُ لتبدو سوداءَ تبتلعُ كلَّ ألوانِ الحياةِ.
نعم.. هو إنسانٌ يَتقنُ فنَ النسيانِ، يَسقُـط ُ كلَّ ذكرى تَعجُ به، ويمحي كلَّ مقترح ٍ يُذَكِّرُه؛ ليغدو أنه رمى فأصاب
فطغى فأحسن طغيانه.
وفاز وجاد بفوزه.
وحدد أطوار مبتغاه.
فأن اردت مُنازَلَتَه فاعلم أنه جنرالٌ له تجليات معارك خاضَها.. فلا خسارةَ في ذهنِهِ إلا الربحَ.. ولو بعدَ حين، تحياتي.



#هند_عباس_الحمادي (هاشتاغ)       Hind_Abbas_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارةُ اليومِ رسمية ٌ
- الحياةُ ةالجائحة
- الغَرْبَلَةُ
- زيارةٌ رسميةٌ
- جنرال بين ضفاف وتجليات
- الحياة والجائحة


المزيد.....




- لم يتراجع شغفه بالكوميديا والأداء.. الممثل ديك فان دايك أتمّ ...
- سوريا تنعى وزير ثقافتها الأسبق رياض نعسان آغا
- -إعلان باكو- يعزز الصناعات الإبداعية في العالم الإسلامي
- -بين الطين والماء-.. معرض تركي بالقدس عن القرى الفلسطينية ال ...
- هل حُلت أزمة صلاح وليفربول بعد فيديو الفنان أحمد السقا؟
- من الديناصورات للتماسيح: حُماة العظام في النيجر يحافظون على ...
- انطلاق الدورة الـ36 من أيام قرطاج السينمائية بفيلم فلسطيني
- أيام قرطاج السينمائية تنطلق بعرض فيلم -فلسطين 36-
- بعد تجربة تمثيلية فاشلة بإسرائيل.. رونالدو يتأهب للمشاركة في ...
- نافذة على الواقع:200قصة حقيقية تُروى في مهرجان-سينما الحقيقة ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هند عباس الحمادي - ضفافُ جنرالٍ وتجلياته