أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجلولي - لبنان بين كماشة العدوان العسكري والابتزاز السياسي والاقتصادي















المزيد.....

لبنان بين كماشة العدوان العسكري والابتزاز السياسي والاقتصادي


علي الجلولي

الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 21:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاشك أن الوضع اللبناني يعيش تعقيدات كبرى على وقع ما تعيشه المنطقة طيلة السنتين الأخيرتين. صحيح أن لبنان كان على الدوام منطقة زوابع وساحة متحركة تتقاطع على أرضه كل خصائص الإقليم من تناقضات وتناحرات الى تحالفات واتفاقات. ان هذا الأمر يعود الى موقع لبنان وتركيبته وارتباطات مكوناته. لكن الجديد اليوم يرتبط بحجم التحولات الكبرى الحاصلة في لبنان والتي تجد ترجمتها اليوم في مالات العدوان الصهيوني الذي استمر عامين كاملين ليس على قطاع غزة فحسب بل على المنطقة ومن بينها لبنان التي يتم العدوان اليومي عليه. كما يتم العمل ليلا نهارا من قبل كل الأطراف المساندة لكيان الاحتلال من أجل فرض ترتيبات جديدة تلغي دور لبنان ومقاومته في أي معادلة من معادلات الصراع مع كيان الاحتلال.
- كيان الاحتلال وعقيدة "الفرصة التاريخية"
يعمل قادة كيان الاحتلال بمختلف مكوناتهم على الترويج الى ما بات يعرف اليوم ب"الفرصة التاريخية" وهي التي تقول أن الكيان اليوم أمام فرصة تاريخية غير مسبوقة، اذ بلغ من القوة العسكرية ومن "الاندماج" في محيطه "الشرق أوسطي" مسنودا من أهم القوى فيه من تركيا شمالا الى مختلف امارات الخليج جنوبا، فضلا عن الاسناد الكبير من الامبريالية العالمية وخاصة الامريكية. وقد كانت الحرب الأخيرة على اثر عملية "طوفان الأقصى" التي ضربت العقيدة الصهيونية في مقتل ووضعتها امام اختبار وجودي حقيقي وغير مسبوق. لقد استشعر العدو وحلفائه من كل العالم الخطر وتم بسرعة استيعاب الضربة المفاجئة وعكس الهجوم مرفوقا بإسناد غير مسبوق سياسيا وعسكريا وماليا. صحيح أن العدو لم يحقق كل أهدافه بل أن المقاومة الفلسطينية مرغت أنفه في وحل غزة، وتعرضت اليته العسكرية الى الإهانة أكثر من مرة، لكن حجم القوة وحجم الاسناد بما فيه من الأنظمة العربية التي ضغطت بكل قوة على كيان الاحتلال كي يكسر عظام المقاومة وينهي وجودها لذلك أمدته بكل أنواع المدد في الوقت الذي تعرض الشعب الفلسطيني الى حرب إبادة وتجويع لازال مستمرا حتى الان. في أثناء الحرب فتحت جبهات متعددة من أهمها الجبهة اللبنانية التي ظلت لعقود مصدر قلق وجودي لكيان الاحتلال ولمستوطناته الشمالية التي تعرضت للدك من صواريخ "حزب الله" وهو ما فرض على المؤسسة العسكرية الصهيونية فتحها على مصراعيها رغم الانكباب على جبهة الجنوب مع غزة. لقد كان تفطن قادة الاحتلال ان لا تقدم لهم وصواريخ لبنان تدكهم وهي التي وصلت "تل أبيب"، بل وصلت حتى بيت نوم نتن ياهو أصلا. لقد استنفر العدو كل عناصر قوته وقوة حلفائه العسكرية والاستخبارية لتوجيه ضربات مؤلمة لحزب الله والتي بلغت ذروتها بعمليات "البيجر" واغتيال قادة الصف الأول ومن بينهم حسن نصرالله وخليفته في الأمانة العامة للحزب. وقد تفاعلت معطيات خارجية وداخلية انتهت باتفاق اطلاق النار الذي أراده الطرفان الالتقاط الأنفاس، لكن العدو واصل عدوانه على طول لبنان وعرضه لتثبيت المعطيات الجديدة في الصراع والتي تتجه نحو تأكيد "انتصار تاريخي" يستفيد من التغيرات الحاصلة على أرض المنطقة. فالنظام السوري "الممانع" سقط وخلفته عصابات إرهابية لها ارتباطات بالكيان فضلا عن مطابخ القرار الإقليمي والدولي المتحالف مع كيان الاحتلال، وايران قد تضرر من سقوط حليفه السوري مما غذى نزعة حكامه حول "المصالح القومية لإيران ونظامها" خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقاها حليفه الرئيسي "حزب الله" وخاصة الاختراقات الاستخبارية الموجعة التي طالت الحزب وطالت ايران أيضا مما أفقدها في الساعات الأولى لحرب الاثنا عشر يوما جزء هاما من صفها القيادي العسكري.
ان هذه المعطيات متظافرة أصبحت تشكل "الفرصة التاريخية" لكيان الاحتلال كي يقضي على المقاومة في غزة ويوسّع الاستيطان في الضفة والقدس وان يدخل الى سوريا ويصل الى مشارف دمشق وهو اليوم يطالب بمنطقة امنة منزوعة السلاح داخل التراب السوري مستعينا بالنظام الجديد الذي يجري مفاوضات تسوية مع الاحتلال محتكمة الى قاعدة جديدة منسجمة كليا مع تحولات المنطقة وهي أن "سوريا لم تعد دولة حرب"، علما وأن رصاص "الجولاني" طالت كل مكونات الشعب السوري ولم تطلق رصاصة واحدة ضد الانتهاك اليومي وتدمير كل مقدرات الدولة السورية في واضحة النهار. وعلى الواجهة اللبنانية فان العدوان على الأرض واستهداف قادة المقاومة وحاضنتها الشعبية في الضاحية والجنوب لم يتوقف، والعربدة الصهيونية تطلب اليوم منطقة آمنة جنوب نهر الليطاني، منطقة منزوعة السلاح والمقصود بذلك ليس سلاح "حزب الله" فحسب بل وحتى سلاح الجيش اللبناني. ويجد كيان الاحتلال كل المساندة الدولية والإقليمية والمحلية مما ضيق الخناق على "حزب الله" الذي يوجد اليوم في كماشة فعلية.
- الابتزاز الدولي والإقليمي والمحلي للبنان
ان اخراج لبنان من دائرة الصراع العربي الصهيوني كان ولا يزال مخططا تعمل من أجله كل الأطراف ذات المصلحة. وترى هذه الأطراف اليوم أن الظروف سانحة ضمن منطق "الفرصة التاريخية" لتنفيذ ما تريد وفي المقدمة منه نزع سلاح "حزب الله". الجميع يعي أن وضعية الحزب في النسيج المجتمعي اللبناني هي وضعية شائكة ومعقدة ويتداخل صلبها الديني والطائفي مع المناطقي، وهو وضع له ارتباطات وارتدادات وتبعات إقليمية تهم المجتمعات كما تهم الدول. ان هذه المعطيات تعطي ل"حزب الله" عناصر قوة كما تصبغه بنقاط ضعف. هذا الضوع فرض على الحزب القبول بتنازلات ومنها اتفاق وقف إطلاق النار رغم انحيازه الواضح لكيان الاحتلال، وفرض عليه القبول بتسويات والدخول في مناورات لم تكن دائما في صالحه. ولقد لعب الابتزاز والضغط الخارجي والداخلي دورا كبيرا في تعبيد الطريق أمام كل أعداء المقاومة وهم يستعملون اليوم كل ورقات الضغط وخاصة الضغط السياسي والامالي/الاقتصادي الذي يقوم به المبعوث الأمريكي "بارّاك" الذي أصبح واقعيا مندوبا للأمريكان والصهاينة على لبنان، يعطي الأوامر لحكام لبنان الذين يتفانون في العمل من أجل الإيفاء بالتزام نزع سلاح المقاومة قبل موفى العام الجاري. يتساوق الضغط "الناعم" مع ضغط عسكري لم يتوقف من قبل العدو الذي تصاعدت لدى حكامه عقيدة الاجهاز الكلي والنهائي على الجبهة الشمالية، ويعتبرون الظروف سانحة لذلك. العدو لم يوقف ضرباته الموجعة للحزب باستهداف كل صفوفه القيادية وكوادره الأساسية وهو ما عزز وضعية العجز عن رد الفعل بحكم تظافر كل عناصر الضغط والتضييق الذي يصل اليوم درجة الخنق. وتلعب القوى الطائفية الرجعية التي لعبت على الدوام دور الأداة الاحتياطية لكيان الاحتلال مثل " سمير جعجع" واضرابه دورا قذرا في مضاعفة الضغط على الشعب اللبناني الذي تعرف أوضاعه المعاشية درجة عير مسبوقة في السوء والتدهور، وهذه القوى تُحمّل كل ذلك الى المقاومة والى الوجود الفلسطيني الذي يجب تصفيته وضمن هذا السياق تم امضاء اتفاقية نزع سلاح المخيمات الفلسطينية مع العميل "محمود عباس" بما يعزز دوائر توسع القوى اللاوطنية في لبنان والتي ارتبطت بكل الجرائم التي طالت لبنان والفلسطينيين.
- سلاح المقاومة ومعادلات الصراع هي المستهدفة
تبدو كل المعطيات والمؤشرات في لبنان وفي مجمل المنطقة تصب الماء في طواحين الاحتلال وحلفائه. لكن الوضع في لبنان والمنطقة مثل الوضع في العالم يحمل كل العلامات المتناقضة، فمثلما تتوسع مظاهر العدوان والتدخل، تتمدد مظاهر المقاومة والصمود. ان الوضع الفلسطيني بدوره يحمل رسائل الصمود الأسطوري رغم هول حرب الإبادة، وذات الامر في لبنان ذي التاريخ المجيد في التصدي للتآمر الدولي والإقليمي بأدوات محلية، وهاهو العام يشارف على الانصراف مع عجز على نزع سلاح المقاومة مما فرض في أكثر من مرة على رؤساء لبنان التصريح بان مقتضيات ذلك بوقف العدوان لم تتحقق. ان الجميع يعي أن المغامرة باستهداف سلاح المقاومة لي سوى اعلانا رسميا بعودة الحرب الاهلية وهو ما يدفع اليه كل أعداء لبنان وفي مقدمته كيان الاحتلال وملوك الطوائف وامارات البترودولار الذي ظل على الدوام ورقة الاستعمار لمزيد اخضاع المنطقة. ان شعب لبنان وقواه الوطنية يقفون اليوم سدا وصدا لتفويت كل ما يحاك ضد شعوبنا وكامل منطقتنا.
20 ديسمبر 2025



#علي_الجلولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحراء الغربية، طموحات الشعب وابتزاز الأنظمة
- الحشد الشعبوي في تونس، السياق والسمات (ج1)
- الحشد الشعبوي في تونس، السياق والسمات (ج2)
- النضال الوطني الفلسطيني ووهم حل الدولتين
- السودان المنسي يقف صامدا ضد جلاديه
- شكرا لبنان
- الجمهورية والحكم الفردي: أية علاقة؟
- تونس: باكلوريا 2025، قراءة في النتائج والدلالات
- تونس:ملاحظات حول نتائج الدورة الأولى للباكلوريا
- فيما تتصاعد حرب الإبادة في غزة: المهمات المباشرة لإسناد فلسط ...
- الأوضاع في غزة: تدهور مريع وصمود بطولي
- في ذكرى الانتصار على الفاشية: الفاشية تعود بقوّة هناك، وهنا
- حوار مع الرفيق -جوليانو غراناتو-، الناطق الرسمي باسم منظمة - ...
- المقاطعة الشاملة للكيان الصهيوني آلية إسناد فعّالة للشعب الف ...
- الرفيق بريان بيكر، الأمين العام لحزب التحرر والاشتراكية بالو ...
- المسألة الكردية: عدالة القضية واختلال إدارة الصراع
- الرفيق فيليب نودجينومي، الأمين العام للحزب الشيوعي بالبنين: ...
- الرفيق فتحي فضل، الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني ل ...
- الرفيق ممدوح حبشي،القيادي بالتحالف الشعبي الاشتراكي المصري ل ...
- في الذكرى 53 لحركة فيفري1972 المجيدة، أو ملحمة استقلالية ودي ...


المزيد.....




- نهاية عصر بطاقة المترو الصفراء -الأيقونية-.. نيويورك تغيِّر ...
- ليبيا في ذكرى استقلالها الـ74: واقع مثقل بالجراح وفاجعة جوية ...
- عيد الميلاد في لبنان.. كيف تحوّلت مناسبة احتفالية إلى مرآة ل ...
- -إسرائيل وطننا الثاني-.. محام مغربي: إذا تظاهر بضعة آلاف ضده ...
- كيف صمدت ملاعب المغرب أمام غزارة الأمطار؟ وما قصة التقنية ال ...
- فرنسا والجزائر.. علاقة يحكمها التوتر والأزمات المتلاحقة
- -ريد كاربت-.. جدل في مصر حول ملاحقة المصورين جنازات المشاهير ...
- البرلمان الجزائري يقر قانونا -يجرّم- الاستعمار الفرنسي ويطال ...
- زيلينسكي يكشف بنود أحدث خطة تم الاتفاق عليها مع واشنطن لإنها ...
- دمشق القديمة تحيي عيد الميلاد وسط إجراءات أمنية مشددة


المزيد.....

- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجلولي - لبنان بين كماشة العدوان العسكري والابتزاز السياسي والاقتصادي