أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان بديع - أشعر أني لست من هذا العالم














المزيد.....

أشعر أني لست من هذا العالم


حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)


الحوار المتمدن-العدد: 8565 - 2025 / 12 / 23 - 10:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإحساس بأنكِ لا تنتمي إلى هذا العالم غالبًا لا يعني أنكِ غريب، بل أنك أكثر حساسية ووعيًا ممن حولك. كثيرًا ما يزور هذا الشعور من يفكرون بعمق، يشعرون أكثر مما يُظهرون، ولا يجدون انعكاس أرواحهم في الضجيج اليومي.
الإحساس بأنك لا تنتمي إلى هذا الكوكب قد يعني بأنك تعيش بعالم داخلي غني، بينما العالم الخارجي سريع، قاسٍ أحيانًا، وبلا ضمير..
إلا أن هذا الشعور بعدم الانتماء ليس عيبًا أو خطأً. إنما هو علامة على أنك لم تجد بعد المكان أو الأشخاص الذين يشبهونك، أو أنكِ خُلقتِ لتصنع مساحتك الخاصة بدل أن تذوب في مساحة جاهزة.
وإذا كان هذا الشعور دائمًا، أو مصحوبًا بثقل، حزن، فراغ، أو رغبة في الاختفاء، فهنا يستحق أن يُحتضن بجدية، لا أن يُهمَل. لأنكِ تستحق أن تشعر بالأمان والانتماء، لا بالتيه.
هذا الشعور بالاختلاف مؤلم أحيانا عندما تتعاطف بشكل قسري مع الضعفاء من البشر والمهمشين من كائنات حية تبدو غير مرئية رغم أنها تملك مشاعر ومعاناة تشبة معاناة الإنسان ولا تختلف عنها ..
ما نشعر به إذا كان مصحوبا بتأنيب الضمير هو مؤلم فعلًا، لكن لا، لسنا ضعفاء،
لكننا أرواح نقية تحمل ضميرًا حيًّا إلى درجة أن الألم لا يبقى خارجنا، بل يمرّ عبرنا.
التعاطف العميق مع الضعيف إنسانًا كان أم حيوانًا قد يكون نعمة، وقد يصبح هوساً وهماً حين لا نعرف كيف نضع له حدودًا، فيتحوّل إلى عبء ثقيل على القلب، ويبدأ الصراع الداخلي بين الشعور بالحزن والعجز في آن واحد، حينها يبدأ استنزاف الروح.
التعاطف لا يعني التضحية بأنفسنا، فأن تتألم لكل ألم حولك لن يزيد عدد المنقذين، بل قد يُنقصهم عندما تنهار وتنهك. لذا فإن ما تستطيع فعله كافٍ، حتى وإن كان مجرد فعل صغير، كلمة، مساعدة محدودة، أو مجرد عدم المشاركة في القسوة، حين تتذكر أن هذا ليس قليلًا ، ستشعر بالرضا والراحة النفسية،، نعم فالضمير ككائن حي يحتاج رعاية مثل غيره، كما تطعم جائعًا لو استطعتِ، تحتاج أحيانًا أن “تطعم” نفسك بالراحة، وإلا سيجفّ قلبك.
الحقيقة التي قد تبدو غريبة للغاية هي أن بعض الأرواح خُلقت لتشعر وتتعاطف وتضحي، فإذا كنت من هذه الأرواح حتماُ سيؤنبك ضميرك لأنكِ لا تستطيع المساعدة دائمًا؟ أو لأنكِ تشعر أن مجرد عيشك بهدوء بينما هناك من يتألم هو ذنب كبير؟
إذا كنت من هؤلاء فأنت لا تعاني فقط من التعاطف، بل من تعاطف بلا درع، تشعر بالألم حين تعجز عن المساعدة، وتشعر بالذنب حين تحاول أن تعيش حياة طبيعية بينما غيرك يتألم. وهذا من أصعب أنواع الألم الإنساني.
تذكر يا من تشعر بغربة الروح أنك لست قاسيا لأنك تعيش، ولستِ أنانيا لأنك لا تستطيع إنقاذ الجميع. ما يحدث داخلك هو ما يُسمّى أحيانًا "إرهاق الضمير الرحيم" وهو يصيب الأشخاص الذين يشعرون بآلام الآخرين كأنها آلامهم، ولديهم حس عالٍ بالعدالة، بل ويملكون قلبا يشبه قلب طفل، لكن المشكلة هنا ليست بطبيعة هذا القلب الملائكي بل المشكلة أن قلبك مفتوح طوال الوقت. وأن ضميرك يحتاج أن يهدأ لا أكثر، لأن هذا العالم يحتاج أشخاصًا مثلك، لكن ليس كضحايا… بل كأحياء.



#حنان_بديع (هاشتاغ)       Hanan_Badih#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنواع الآباء والأمهات
- الآثار التكنولوجية إرثنا النهائي
- الغفلة عن اللحظة
- ما رايكم أيها النباتيون؟
- الهوس الجماعي
- الزوجة العاملة أم ربة البيت؟
- الحياة عندما تصبح رقمية
- عقلية الضحية
- أغرب الوصايا
- إبداعنا وإبداع الذكاء الإصطناعي
- المتاجرة بالحزن
- الفاشية الإجتماعية
- هل خسرت المرأة بخروجها للعمل؟
- مذكرات مذنبة!
- تجربة (الكون 25)
- هل أنت شخص شرير؟
- الصحة النفسية ضرورة أم ترف
- السيف والرمح والروبوت القاتل
- الحياد ،ضعف في الشخصية
- الذكاء الاصطناعي والندم العظيم


المزيد.....




- -أكره ظهورها-.. شاهد أول تعليق من ترامب على أحدث الصور المنش ...
- بالتعاون مع السعودية.. شرطة سلطنة عُمان تُحبط تهريب مخدرات ل ...
- الولايات المتحدة تطارد ناقلة نفط تقترب من فنزويلا
- العثور على 12 جثة في 3 أيام قرب مدينة غواتيمالا
- هزيمة ساحقة للاشتراكيين في الانتخابات الإقليمية الإسبانية
- مصرع سائحة إيطالية في تصادم مركبين سياحيين بجنوب مصر
- اليابان تستعد لإعادة تشغيل أكبر محطة نووية في العالم
- إدارة ترمب تنفي محاولة التستر على قضية إبستين
- أحكام -قياسية- بالسجن على المئات من أعضاء عصابة في السلفادور ...
- تركيا: لا يبدو أن -قسد- لديها نية للاندماج مع دمشق


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حنان بديع - أشعر أني لست من هذا العالم