أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض رمزي - شكوى سلمان المنكوب














المزيد.....

شكوى سلمان المنكوب


رياض رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


لم يكن ينقص العراقي من شخص يرفع شكوى ما أصابه من ظلامات غير سلمان المنكوب. رياض رمزي.
صحوت اليوم باكرا في الصباح ولم أجد ما ألوي إليه بصري غير ضلفتي الشباك المغلقتين كمن يقف أمام شاطئ البحر منتظرا أي مقذوف يجيئه من البحر. بعد ساعة من الانتظار لم أجد شيئا برغم أن الرياح كانت على أشدها والشمس توارت. استيقنت، وأنا في غمرة حيرتي، اني سأبقى في مكاني لا أبارحه ، فتحتْ عرسي الشباك وشاهدت السماء مليئة بغيوم لن تفيض بزخة مطر، فكانت تطلق تنهيدة عسى خلاصا يتردد علي. سألتني كعادتها" أبو الروض ما الذي تنوي فعله؟". لم تخطئ أن حزنا مقيما سيجرفني طوال اليوم ولن تجد مني غير صمت لا يمكن الركون إليه، بل ستظل تحت رحمة صوت شائخ سيدوم طوال اليوم، وسيتصرم النهار ولا طاقة لها عليه بسبب غياب تسليات، ستجرها معي إلى كآبة كمن ينظر إلى معين من السماء فلا يجد غير شمس غابت و غيوم على شكل مخلوقات خرافية لن تبرح المكان ولا يوجد في السماء باب مشرع لغير شمس واهنة تتعثر في المجيء. تكفلّت أم النهل بجواب فيه احتراس مبالغ فيه وهي تعرف مقدار الضلالة فيه، لأنه لا يشي حتى بتنهيدة خلاص من مأزق واصل تردده عليّ هذا الصباح وسيستمر حتى اليوم التالي حيث لا طاقة لهاعلى البحث عن مسليات ليس من سبيل مادي لا قدرة على تبنيها . باغتها خاطر يشبه ذلك الصباح حين حاولت كسر الصمت حين دفعتني لسماع أغاني قد تكسر حدة الكآبة فخلصت إلى حل يشبه ما حدث في ذلك الصباح حين دفعتني لسماع أغاني أصابني منها نفع لم يكن على غرار المألوف. استمعت حينها إلى المطرب سعدي الحلي فوجدته منقذا كما لم أسمع به من قبل، ما دفعني لكتابة كتاب عنه عنوانه" سعدي الحلي الحنجرة النازفة"، ولم يكن في نيتي أن أكتب عنه. عندما أخبرتها عن نيتي لم تجد فيه بادرة ضلالة، بل شجعتني فأصبحتُ مثل مجند سمع إيعازا بالسير. بمختصر الكلام طلبت مني سماع اغنية علّني أجد فيها مفزعا من كآبة لم تفارقني منذ أيام. اقتراح أشاع الفرح في أوصالي. انقدت طائعا لاقتراحها فذهبت لأستمع. سمعت أغنية مطرب ليس من سبيل لسماع إيقاع جنوبي بحت. جلست باستواء ورحت أستمع لأغنية هي على غرار المألوف تتكلم عن حب ينقصه الوفاء، لحبيب بلغ به القصور درجة أنه جعل الحبيب يعصف به الغيظ وبلغ به الانفعال أقصاه فراح يصرخ" بيك التعب ضاع، داده اشكثر دلّلتك..." والحبيب لا يناله الأسى على ما ألحقه به المحبوب . عندما حاولت شرح المفردات العراقية فاجأتني نوبة حيرة من الكلام، فالمطرب يناشد المحبوب بكلمة "داده وبابا " وهي مفردة مدينية تستخدمها الأخت لأخيها، للمحب، الأم نحو ابنها، كلمة تزرع العزاء في قلب المنادى، ولا يخاطب به يبيت للحبيب شرا بالهجران، لأنه أي االمحب يعرف في قرارة نفسه أن الحبيب قد قر عزمه على الغدر . المحب يشعر بكثير من الرثاء لنفسه إزاء تضحيات جوزيت بالنكران. كانت الكلمة التايه" أشكثر" أشعرتني بالغش. كأن سلمان اجتاحه عمى الغضب فراح ينتقل من اللهجة البغدادية إلى الجنوبية كمن يسعى لتقاضى ثناء من بني قومه، وكأن أوجاع الهجران لا يمكن التعبير عنها إلا بلهجة الجنوب التي هي أشد فتكا بالعواطف لدى الجنوبيين الذين يشعرون بالرثاء لأنفسهم، لأنهم ابتلوا بالتضحية وهم يشعرون بالعزاء من كثرتها كي يجلبوا السلوان لأنفسهم، لأن الاخلاص هو نوع من الحب يأتي من تحمل أوزار الهاجر. تأتي كلمة" اشكثر" مثل جديلة ثخينة أبانت شخصية ومنشأ الحبيبة من طريقة ترتيتبها لشعرها.
برغم أنه لم يكن لديه الوقت لمعرفة مستوى خزين عواطفه استوقفه تفصيل صغير: رعشة كان وطأها عليه صعبا حين شاهد يديه يقترب لونها من لون الخردل وهو حالة ستؤثر على سلامته، فأنشأ يصرخ كمن تعرض لنار التهمت دخيلته ، نارٌ تبيّت لوجوده شرا، فلم يكن لديه الوقت لغير التذلّل " ردتك إلي عون تالي طلعت فرعون تنكرني بساع، ضاع الوفا وذاك التعب بابا شكثر دللتك، تذكر لصدري بكل عطف فرشته تحتك". تضحيات لم يتقاضى عنها غير عرام يتلظى في الأحشاء، كمثل بائع زهور يتقافز حول عربة امرأة عساها تفتح الزجاج لكنها لم تشعر بشيئ من رثاء جعله يفقد رجائه فراح يصرخ" بابا شكثر دللتك". هنا أدرك سلمان أن الموت عطشا سببه ندرة الماء. تذكر سلكان تلك القصة الجنوبيةحين عم الجفاف الأرض وكثرت الصحارى فراح الفلاحون يستنجدون بالخالق "أرسلْ لنا زخات من الماء" وهو يجيب " لو فعلت ذلك لما كان هناك من سبيل لولادة سلمان". في تلك الأثناء أسرعت سيارة عربة السيدة فأطاشت ماء مخلوطا بالطين لم يبارح لحية سلمان حتى اليوم. فصرخ وهو يتطلع نحو الخيمة الزرقاء بصوت كأنما لم يسمعه أحد خرج من قلب عراقي غفر كل إساءات المحبوب برغم أنه يدرك أن الأذى كان مقصودا" تشهد إلي نجوم وشمس وكمر اشكثر دللتك.."



#رياض_رمزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خسارة اليسار في العراق من وجهة نظر اعادة الانتاج
- صوت هند رجب رياض رمزي
- صنع في الكاظمية
- صنع في النجف رقم 6
- صنع في العراق رقم 5
- صنع فيي النجف رقم 4
- صنع في النجف رقم 3
- صنع في بغداد رقم 2
- صنع في بغداد
- عن الخوف
- تقترب الأشياء رغم ابتعادها
- دمشق جبهة المجد
- الاشراقي الأعظم السيد حفيد السادة
- رسائل شهيرة لقادة مسلمين
- مغضلة تسطيح العلاقة بين العرب وإيرا
- مع المحمدين
- مع المحمدين
- دعنا نغني وراء شعبان عبد الرحيم
- إلى وائل الدحدوح
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السابع


المزيد.....




- جليل إبراهيم المندلاوي: بقايا اعتذار
- مهرجان الرياض للمسرح يقدّم «اللوحة الثالثة» ويقيم أمسية لمحم ...
- -العربية- منذ الصغر، مبادرة إماراتية ورحلة هوية وانتماء
- اللغة العربية.. هل هي في خطر أم تتطور؟
- بعد أكثر من 70 عاما.. الأوسكار يغادر التلفزيون إلى يوتيوب
- رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: بين الأمس واليوم.. عن فيلم -الس ...
- الجامعة العربية: اللغة العربية قوة ناعمة لا تشيخ وحصن يحمي ه ...
- تسليم جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والاداب في احتفالي ...
- يقدم نظرة نادرة على حياة العائلة.. فيلم وثائقي عن ميلانيا تر ...
- زهرة الصحراء.. أيقونة في قطر تلهم الفنانين للحفاظ على تراث ا ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض رمزي - شكوى سلمان المنكوب