أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض رمزي - صنع في الكاظمية















المزيد.....

صنع في الكاظمية


رياض رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8347 - 2025 / 5 / 19 - 14:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


طقوس تشبه كحولا رخيصا أتلف صحة سكان البلاد. رياض رمزي
مقالة تشرح وضعا في بلاد ليس الفكر بل الذكريات فيها نشطة. الأفكار ليست لديهم فتنة على الرعية التي غاب عنها معادل معتمد على براهين تستنير بها عقولهم ما دام افتتانهم المتعاظم يتركز على قناعات قدسية تركزت فيهم ولا يمكن انتزاعها من رؤوسهم لأنها وهبتهم حماية لا يستطيعون العيش بدونها ولا يمكن انتزاعها من عقولهم.
مقالة كتبها شخص غادر مدينة الكاظمية ، وعاد إليها وهو يسير بخطوات من ترك المدينة قبل خمسين عاما، يتأملها بصمت ودهشة، وجدها تخلت عن ضمورها السابق ولكنها ترهلت، وجوه أهلها أشد هزالا مما كانت عليه، البشر كما كانوا سابقا في الدهور القديمة يتوجهون نحو مرقد مركزي ويعودون منه. هذا الرجل كان يسير، وفيما هو يفتح صندوق ذكرياته دخل شارعا ملئت جوانبه بصور لشباب ملتحين عادوا من حروب فقدوا فيها حياتهم وتحت صورهم عبارات يقال أنهم لفظوها قبل موتهم جوهرها إنهم أتخذوا القرار الصائب بالتخلي عن العيش الحي والذهاب نحو عيش يتخذون فيه مكانا قرب من سيمنحهم حياة خالدة. ربما من كثرة الموت وقدرة الأرض على توفير مساكن آمنة لهم بات السادة القادة يشبهون قائدا من كثرة توافر أعداد أتباعه غدا قادرا على تبذير حيواتهم.
الكاتب رجل تشبه حياته ورقة متعلقة بشجرة منخورة يعرف أن الرياح قريبا ستسقطها وتسفيها. كذلك هو يعرف أن أمل دوام هذه الحالة ضعيف، وأن الوضع ما كان ليدوم لأنها لن تظل ممسكة بشجرة تمنّي نفسها أن الرياح ستهدأ وأن الليل الطويل الذي غمرها سينجاب عنها. لكن الانعتاق بعيد عن مناله كما بلاد أشبه ببراعم أزهار تخلفت عن موعد تفتحها منذ عقود بسبب عسف الرياح والشمس، ما هو أشد سوء أنها تشعر أن الطبيعة ترفع كتفيها لا مبالية. هي ملاحظات عن طيور حكم سمائها صقرٌ هرم مر وفنى. بعد آخر هجمة له وبعد موته، وجد كاتب المقالة أن الطيور ما زالت غافية في أبراج تشبه عربات نقل أسماك مغطاة بثلج منشور، ومقدس ومغنّى ومحتفل به وهي تتوجه نحو البيع، في سوق نثرها عليها باعة، وكلاء محليون تمهيدا لبيعها في موطن قريب يقوم على بضع خطوات وراء الحدود بعيدا عن أنهار ولدوا فيها، وهي محاطة باغنيات تودّعها إلى أماكن تُسلخ، تؤكل فيها ثم تُرمى في مكب الخردة . الأسماك تسير تحت وقع موسيقى لغة مبكية هي أبلغ من مضامينها.
طقوس وقوة اللغة واللحن المرافق لتلك الأسماك خلقت وعيا جمعيا لدى أسماك تعاني من اضطرابات ذهنية جعلت التباعد بين المكونات آخذ بالاتساع بسبب ما أصاب ناقل ردود فعل تلك المكونات على ما يحدث في العالم المحيط من عطل بسبب حماسة شديدة مغلّفة بالمتعة المترافقة مع انعدام المعرفة مع إدخال التباعد بين المكونات خالقا مشاحنات لا توفر المجال لا لحلول ولا لتوافق. كيف لا يفهم هؤلاء أن الطقوس تشبه تدخين السيجائر التي هي متعة لكنها تورث سرطان الرئة. ببساطة الطقوس مرآة يشاهد فيها المشاركون العالم، وهم مفرغون فكريا، يصرخون وينادون أشباحا غير مرئية "عليكم اتكالنا" وهم يسيرون بموثوقية كاملة خلف صيادي وبائعي وسالخي السمك.
ما جعل الحياة تسير و تتحرك في ظل قانون واحد لا غير هي الطقوس التي جعلت للحياة ملمحا وحيدا جوهره عزاء مسل بطريقة دنيوية، بات إيقاعا وحيدا لنوع الحياة المتمنّاة أن يموت مدافعا عن إمامه، لأن الطقوس منحت حياته إيقاعا تراجيديا مثل خيول لامرئية تسحب بقوة راكبيها وهم يستمعون لأصوات مدربين من ذوي الدراية الذين جعلوا الحسين وأهل بيته من العائلة يجرون ورائهم وهم يشاهدونهم ينزفونون قطرات من دمائهم مرات في العام كي يتشبع صدر هؤلاء الأنصاربجرعات عظيمة من هواء صحراء موتالإمام رافضين أن يتركوه لمصير ما زال مستمرا لأكثر من ألف عام لا تشهد حياته غروبا يمنعهم من المجيئئ في العام المقبل، حيث الميتة أزهى لونا تعكس جمالها طاولات ولائم تنقل رسائل سرية عن عطش وجوع عائلة النبي والشيعة جالسون يبكون بطريقة مؤثرة في النفس.إن نَزَف الحسين كامل دمه لن يشهد شيعته تلك المآدب ثانية لأن موته المحتوم له مقصد خفي أن لا يأتي حفيد من طيف آخر في آخر الدنيا ليملأها عدلا . سردية باتت تشكل الوعي الجمعي وستظل لأمد بعيد حتى قيام الساعة، تفسر ماضي الجنس البشري واستشراف مستقبله، ما جعل لتلك المقتلة فتنة لديهم تحفل بكثير من الإثارة الحسية ومضمونها من مات لم يمت ولنا الساعة التي نحن فيها، وأي حياة لا يقتل فيها السبط ليست جذابة ولا تشكل حزنا حلوا على حياة يرغبون بتجديدها. منحهم إيقاع الطقوس فكرا يناسبه مثل راقصين يندمجون في الموسيقى ويسعون لتحدي قوانين الجاذبية فيصبح الاندماج باللحن المحتوى الحقيقي لكينونتهم . يعيشون العشرة أيام ينتظرون حدوث الشيء العظيم حتى يصبح اللحن أشبه بمعطف ثقيل يتحمل برودة ليالي الشتاء ما يجعلهم شهداء مرموقين مثل طيور تندفع نحو اللهيب ...
كثرة تكرار حضور الطقوس أسبغت على عقولهم قدرات فوق بشرية بعد أن اقتنعوا بما سيكون عليه حال الدنيا هناك مع إمامهم من شدة انشغالهم بألحان تموج في رؤوسهم.
في أحد الشوارع رأيت صورا لشهداء تكاثرت عليها هجمات من غبار بددت أشكالهم وجعل من يشاهد رؤوسهم الحاسرة وجباههم المتغضنة أنهم بعيدون عن أبهة الشهادة مثل مجموعة عمال يعودون إلى بيوتهم بعد يوم عمل شاق.. لا تحمل صور من حظي بامتياز الشهادة، تجعلنا نسترجع ما قيل عن يوم الطف العظيم الذي ما زال مضاء من شدة وهج موت ما تزال تسمع حشرجة الشهيد الأعظم وأفراد أهل بيته منذ أكثر من ألف عام ما يفسر عدم انصراف الناس عن سماعه، جارا خلفه إرثا صنعه استشهاد فرض أشكالا فنية ...جاعلا الموت في سبيله ترفا تسعى إليه الأرواح، لأن التعبير الفني عنه توطّنهم وظل يلاحقهم حين وضعت اللغة والأشكال الفنية المعبر عنها ديْنا يتطلب تسديده من موتى جدد وجدد يتطلب منهم أفعالا مدوية. ففي دوامة الالحان الجيدة يصبح الفتيان رجالا بالغين حين يجدون في تلك السردية السند الروحي لمعنى حياتهم الذي منحهم القدرة على العيش.
الحسين لم يمت لدى السادة بل سيظل موته حيا يحظون بواسطته على امتيازات وسبب للعيش في حياة شاغلهم الوحيد فيها تخليد شكل موته بطريقة الطقوس وهو فعل يعيدون بواسطته لأنفسهم دفئ الحياة والمغانم السعيدة بحيث يصبح دوام هذا الحال هو جل مرام السادة. التخلي عن السردية سيحدد ساعة فنائهم ودق عنق امتيازاتهم.
التخلي عن احتفالات الطقوس ستحول شيعة الإمام إلى عاطلين منبوذين ، الانغمار وحده في المد العظيم لبهجة الحواس يصيّرهم قراء يجدون المتعة في رواية يعرفون نهايتها السعيدة كل عام ويستعدون لها. حين يغادر الشيعة مهرجانات الطقوس يتحولون لما يشبه رقاص يعمل وفق زمن طقوس يتحركون وفقا لتكتكات ساعتها كزمن يهبهم القدرة على التصارع والهلاك ما قبل الرحيل الأخير نحو رحاب السيد الإمام ابن الإمام. العيش بعيدا عن زمن ذلك التوقيت يجعلهم يعيشون في زمن مفرّغ طويل لا يمكنهم تدارك مآل لا يستمتعون فيه بعيش مسقطين من اعتبارهم جمال موت يعيشون وفق زمن نحتته لهم مهرجانات الطقوس . زمن أعمى سيستفيد منه السادة، أي تغيير فيه لن يفعل فيهم أكثر مما يحدثه خدش في صخر الجبال لأن سلالتهم وقتت زمنها وفقا له، ثم ورّثته لأبنائهم وأبناء أبنائهم... بحيث يوفر، توقيت زمنهم برمته، تبعا له نعيما للروح، المغانم عميقة الغور فيه. السادة الكبار ينظرون لتلك اللوحة التي بسطوا على جنبات شوارعها وليمة باذخة فيها افراط لحواس مشاركين أفردوا آذانهم وعقولهم وراحوا يتغذون عليها. وليمة مبذولة على بسط، مفروشة تؤجج رغبة مدارية للحواس في المطالبة بإشباع ذلك النهم الذي يعز عليهم الشبع منه والنهل من كوثره وهم يردّون "يا بني أمية أنتم تلعبون بنار لن تنطفئ، أنها قتلة سماوية لن ندع أوار نارها يخمد". لكن السادة الذين رموا خيوط صيدهم وعلّقوا بها طعم تلك السردية مموهين محتواها، ما زالوا ممسكين بخيوط تتلاعب فيها أسماك شُكّت الصنانير في أفواهها وهي تعوم في بحار أنوار المجلسي... متلذذة بسردية سوء حظ تلك العائلة التي هي واجبٌ إلهي أغرق عائلة النبي في أتون ظلم استُنزل عليهم وفق فائدة تُرتجى، يروم السادة عن طريقها الوصول لوضع تمليه مآرب ومصالح. أليس هذا هو الشأن دوما لدى مراجع عظام جعلوا شيعتهم مثل أطفال يطلون من نوافذ تلك الخيمة، أوصاهم ولي أمرهم بتجنب الاختلاط مع الآخرين؟. من هم سكنة تلك الخيم؟. أفراد سريعو العطب تغمرهم الهشاشة، لاصقين آذانهم خلف بيبان خيم الطقوس لا يستمعون إلا للحن تلك السردية دون أن ترمش عيونهم كأصنام من حجر، أو كبشر أتلف صحتهم كحول رخيص. الحياة لدى سادة الرعية هنا تشبه ذلك الفيلسوف الأغريقي الذي عاش في برميل يزجي نصائحه حتى للأسكندر العظيم.



#رياض_رمزي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صنع في النجف رقم 6
- صنع في العراق رقم 5
- صنع فيي النجف رقم 4
- صنع في النجف رقم 3
- صنع في بغداد رقم 2
- صنع في بغداد
- عن الخوف
- تقترب الأشياء رغم ابتعادها
- دمشق جبهة المجد
- الاشراقي الأعظم السيد حفيد السادة
- رسائل شهيرة لقادة مسلمين
- مغضلة تسطيح العلاقة بين العرب وإيرا
- مع المحمدين
- مع المحمدين
- دعنا نغني وراء شعبان عبد الرحيم
- إلى وائل الدحدوح
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السابع
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السادس
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء الخامس
- لم يهتم بأمرهما أحد الجزء الرابع


المزيد.....




- قصف وقتل وتجويع واغتيال في غزة
- قمة -اختر فرنسا-.. ماكرون يراهن على الاستثمارات الأجنبية
- المئات من عشّاق -حرب النجوم- يحتشدون في شوارع سانتياغو للاحت ...
- وزير الدفاع السوري يمنح الجماعات المسلحة مهلة 10 أيام للاندم ...
- إيران تلوح بفشل التفاوض إذا أصرت واشنطن على وقف كلّي للتخصيب ...
- للحوامل.. كيف تساعد الأفوكادو في صحة الجنين ؟
- احتجاجات سائقي سيارات الأجرة تعيق حركة المرور في مختلف المدن ...
- ستارمر وفون دير لاين يعلنان توقيع عقد شراكة بين الاتحاد الأو ...
- كوريا الشمالية تزيل كلمة -التوحيد- من اسم مبنى في قرية الهدن ...
- مقتل 4 أشخاص وإصابة 20 آخرين بانفجار في جنوب غرب باكستان


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض رمزي - صنع في الكاظمية