أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - زيارة المستشار الألماني لإسرائيل تكشف البعد الأخلاقي














المزيد.....

زيارة المستشار الألماني لإسرائيل تكشف البعد الأخلاقي


أحمد سليمان العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8557 - 2025 / 12 / 15 - 15:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بسم الله الرحمن الرحيم


دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2025، قام المستشار الألماني «فريدريش ميرتس» بزيارة رسمية إلى إسرائيل، التقى الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء لمناقشة مسائل الأمن والسياسة الثنائية. هذه الزيارة لم تكن حدث بروتوكولي مُعتاد، بل تكشف عن تقاطعات سياسية وأخلاقية دقيقة تعكس دور ألمانيا في دعم إسرائيل سياسياً واستراتيجياً وعسكرياً، وما يترتب على ذلك من آثار آنية وغير آنية على المدنيين الفلسطينيين، الذين يشكّلون الطرف الأضعف في هذه الحرب غير المنتهية.

اعتراف بدور إسرائيل كأداة للقوة

قبل أشهر، صرّح «ميرتس» بأن إسرائيل تقوم بـ «العمل القذر نيابة عنّا»، وهو تصريح يوضّح طبيعة الدور المنوط بإسرائيل في السياسات الغربية، والذي يُقرّ بالسياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، والتي تشمل عمليات القتل بالجملة، وعنفا وقمعا يستهدفان المدنيين بدعم ضمني من ألمانيا وجلّ الدول الأوروبية والعالمية.

وفي اللقاء الذي جمع المستشار الألماني بالرئيس الإسرائيلي «إسحاق هرتزوغ» هذا الشهر، قال الرئيس الإسرائيلي لميرتس: «نحن نواجه إمبراطورية طهران الشريرة، وبالتالي فنحن نحمي أوروبا»، ولقد سبقه بنيامين نتنياهو بتصريح يحمل ذات القناعة، إبّان خطابه أمام الكنغرس الأمريكي: «نحن لا نحمي أنفسنا فقط، نحن نحميكم؛ أعداؤنا هم أعداؤكم؛ معركتنا هي معركتكم، وانتصارنا سيكون انتصاركم»، لتتضح الصورة بأن إسرائيل تعمل كامتداد أمني لأوروبا وأمريكا، فيما يتحمّل الفلسطينيون العبء الدموي للحرب الوحشية.

توسّع المستوطنات

يُقدّر عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية حوالي 737 ألفا، موزعين على حوالي 170 مستوطنة رئيسية ومئات البؤر الاستيطانية الصغيرة، فيما صادقت الحكومة الإسرائيلية يوم الأربعاء الموافق 10 من الشهر الجاري على بناء 764 وحدة استيطانية جديدة بالضفة الغربية، ليصل عدد ما أقرّته حكومة بنيامين نتنياهو إلى 51،371 وحدة منذ نهاية عام 2022.

المفارقة الأخلاقية والدور العسكري الألماني

لقاء ميرتس مع نتنياهو يمثّل تأييداً ضمنياً وغطاءً لهذه الجرائم، ويشكّل جرحاً أخلاقياً كبيراً بحق الحكومة الألمانية والمبادئ التي تدعو إليها، حيث أن الدعم السياسي لرئيس وزراء دولة متهم بارتكاب جرائم حرب وصادر بحقّه مذكّرة اعتقال يُعتبر انتهاكاً للقيم الإنسانية بحد ذاتها قبل القانونية.

هذه المحادثات الثنائية تعكس واقعا عملياً، حيث أن ألمانيا تدعم شريكاً يمتلك القوة العسكرية والسياسية، في حين يخضع الفلسطينيون لقيود مستمرّة، وتتعرّض حياتهم وأمنهم للتهديد الدائم، فيما تحافظ إسرائيل على القدرة على توسيع مستوطناتها وفرض سياسات مناهضة لإقامة دولة فلسطينية مستقلّة.

من جهة أخرى، صادقت ألمانيا على تصدير أسلحة ومعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 485 مليون يورو، في الفترة من أكتوبر 2023 حتى مايو/أيّار 2025، ما يعكس استمرار الدعم العسكري الألماني الكامل لإسرائيل طوال الحرب.

يتجاوز الجانب السياسي البحت دور ألمانيا ليصل إلى البُعد العسكري والأمني، إذ قامت ألمانيا أيضاً بشراء منظومات دفاعية من إسرائيل ودول أوروبية أخرى سبق أن استُخدمت عملياً ضد المدنيين الفلسطينيين في غزّة.

الواقع الدولي

هذه العلاقة تُسلّط الضوء على التناقضات العميقة في السياسة الدولية، حيث تدعم ألمانيا شريكاً استراتيجياً من الناحية الأمنية، لكنها تصبح في الوقت نفسه شريكاً ضمنياً في حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، فاستخدام إسرائيل كأداة دفاعية لأوروبا - حسب تصريحات الطرفين - يعكس كيف يمكن للقوة السياسية والمادية إعادة تعريف الحقيقة والمعايير الأخلاقية حسب مصلحة آلة القمع العسكرية، بحيث تتحوّل الأغراض الاستراتيجية إلى غطاء لتجاوز المبادئ الإنسانية.

اللقاء الرسمي يُقدم مثالاً حياً على صعوبة الالتزام بالمعايير الأخلاقية الدولية في ظل التشابك بين استمرارية الاحتلال والأطماع الاستعمارية والاعتبارات الأمنية والسياسية، وتوضّح كيف يتم استخدام القوة لإعادة إنتاج الهيمنة على الرواية الأخلاقية والسياسية، بينما يبقى الفلسطينيون الطرف المستنزف والمُضطهد على إرضه.

نهاية الكلام

كل تصريحات فريدريش ميرتس وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، تظهر بوضوح أن ألمانيا تدعم شريكاً يقوم بتنفيذ سياسات عسكرية وأمنية ضد الفلسطينيين، من احتلال، هو الأطول في العصر الحديث، مروراً بالتهجير الطوعي والقسري في الضفة الغربية والقطاع، فضلا عن حرب غزّة الدموية، وانتهاءً بعمليات النسف خارج الخط الأصفر لبناء «المنطقة الخضراء» وعزل الغزّيين في الخيام، وتركهم يُعانون القتل بالصواريخ والجوع والعطش والبرد القارس، حتى يُصار إلى واقع يجعل القضية والدولة الفلسطينية محصورة في رقعة مترامية الأطراف، مكونة من كنتونات غير مرتبطة جغرافيا، يُستحال إقامة دولة عليها.

تصريحات «إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عنّا»، و«نحن نحمي أوروبا»، و «نحن نحميكم» بالإضافة إلى اللقاء مع نتنياهو، تؤكّد أن إسرائيل تعمل كأداة للقوة الأوروبية-الأمريكية، بينما يتحمّل الفلسطينيون التبعات الدموية والمأساوية للاحتلال الإسرائيلي والتحالفات الإسرائيلية-الغربية.

هذا اللقاء كشف عن مفارقة أخلاقية وسياسية وإنسانية صارخة، أقل ما توصف بـ «النفاق القذر»، إذ أن الدعم الاستراتيجي لألمانيا يتحوّل إلى مسؤولية عن نتائج ملموسة على المدنيين والحق الفلسطيني، ويطرح تساؤلات حول حدود الأخلاق في السياسة الدولية، وقدرة الدول الكبرى على الموازنة بين مصالحها وحماية حقوق الإنسان في فلسطين.

[email protected]



#أحمد_سليمان_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأقوى يكتب رواية الهيمنة بين الأقوياء والضعفاء
- قرار مجلس الأمن بوصاية جديدة على غزّة وملامح انتداب
- صوت ممداني يهزّ جدران واشنطن وتل أبيب
- من حكم الانتداب إلى وصاية ترامب
- خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزّة
- خرق السيادة واستهداف القيادة
- أنس الشريف: من ارتقاء مُعلّق إلى شهيد مُحقق
- الضفة: من وهم ديني إلى تصويت الكنيست
- السويداء ضمن الخرائط الإسرائيلية الجديدة
- القرآن في الأدب الغربي ومشروع القرآن الأوروبي
- قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
- النكبة ليست ذكرى بل واقع فلسطيني
- قمم عربية تحت عباءة ترامب
- ألمانيا تُبايع ميرتس والانتصار بطعم الهزيمة
- ترامب: أحبه ويُحبني وتُحب مصالحه تحالفي
- حقوق الحيوان أولا والموت لغزّة ثانيا
- التماسك السوري يفشل المخطاطات الإسرائيلية
- الديمقراطية الألمانية تُجهِض الديمقراطية
- ترامب يُهدد القضية الفلسطينية ويُوسّع الهيمنة الإسرائيلية
- ماغديبورغ: بين الصدمة والتساؤلات


المزيد.....




- فيضانات آسفي تودي بحياة العشرات وتغرق منازل ومحال تجارية
- تقدّم حذر في مفاوضات برلين.. زيلنسكي: نؤكد على أهمية الضمانا ...
- تونس.. محاكمة نشطاء ومسؤولين بتهمة تسهيل الهجرة غير النظامية ...
- غابة بكاسين اللبنانية.. أشجار الصنوبر المثمرة تحت تهديد ظاهر ...
- الضفة الغربية: إسرائيل تصدر قرار هدم 25 مبنى في مخيم بطولكرم ...
- كأس العرب: المغرب يهزم الإمارات بثلاثية نظيفة ويبلغ النهائي ...
- مصدر بغزة يكشف للجزيرة معلومات حول اغتيال المقدم بجهاز الأمن ...
- الذكاء الاصطناعي ينتج مقاطع فيديو تنتحل شخصيات أطباء وخبراء ...
- سوريا تواجه أخطاراً خارجية
- فاجعة آسفي.. المنصات ترفض -شماعة القضاء والقدر- وتطالب بالمح ...


المزيد.....

- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان العمري - زيارة المستشار الألماني لإسرائيل تكشف البعد الأخلاقي